|
زمن للعنصريين والمتعصبين ..
نضال حمد
الحوار المتمدن-العدد: 857 - 2004 / 6 / 7 - 04:24
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
اننا في عالم مليء بما لا يليق به، في عالم يضمحل وتضمحل فيه الأخلاق ، عالم يندثر ويذوب كشمعة الديمقراطية الأمريكية الزائفة، فكل ما يجري من حولنا هذه الأيام لم يعد عاديا، حتى الدخول الى أية مؤسسة حكومية اصبح امراًً يثير الريبة والقلق، فالعربي لم يعد هو نفسه بعد احداث 11 ايلول، لقد تغير العالم كثيرا وعلت موجات العنصرية والعداء للعرب والمسلمين باسم الحرب على الارهاب والارهابيين. ولم تكن تلك العدوانيات واردة لولا احداث 11 ايلول وما تلاها من سياسة امريكية عنصرية استعلائية حربية، فادارة البيت الأبيض ادارة عنصرية تستمد حياتها من شعارات معادية للعرب والمسلمين ومن ايديولوجيا عنصرية عدائية تخدم الصهيونية.
منذ مجيء بوش للحكم والتعقيدات والمخالفات القانونية تزداد يوما على يوم، ويكاد معظم الأمريكيين من اصول عربية واسلامية ومشرقية يكونوا الرديف للسود في جنوب افريقيا زمن حكم البيض من الابارتهايد العنصريين. ولم يمر يوم في امريكا ما بعد 11 ايلول 2001 دونما مخالفة قانونية او اعتداء عنصري على عربي او مسلم او مشرقي. لقد ساهمت ادارة بوش في تعزيز العداء للعرب والعنصرية ضدهم ، ولازالت تخترع القوانين من اجل معاقبتهم على أشياء لا علاقة لهم بهم. فالذين قاموا بعمليات الطائرات في 11 ايلول ليسوا ممثلا شرعيا ووحيدا للأمتين العربية والاسلامية، لقد كانوا افرادا من الأمتين ، تصرفوا بمحض ارادتهم وباسمهم شخصيا لقناعتهم أن الأمة الاسلامية ومعها العربية مظلومة بسبب امريكا وسياساتها المنحازة لاسرائيل ولكل ما هو معادٍ للعرب وللمسلمين.
يوم اتضحت المخالفات القانونية والاعمال الارهابية الامريكية ضد الاسرى والاسيرات والمعتقلين والسجينات في سجن ابو غريب وفي السجون الأمريكية العراقية الأخرى ، سارع اركان ادارة بوش وعلى رأسهم الرئيس الامريكي نفسه للقول ان الذين قاموا بها لا يمثلون الشعب الامريكي ، واعتبرها اعمالا فردية. لكنه لم يتفهم ابدا ولم يقبل اعتبار ما حدث في 11 ايلول اعمالا فردية ولا تمثل الامة العربية او الشعوب الاسلامية. بل ذهب ابعد من ذلك حيث اعتبرها حربا صليبية جديدة،ثم نصب نفسه بمكانة المخلص على الأرض معتبرا انه يمثل يد العدالة الالهية.
وبوش الصغير لم يقدم اعتذارا للشعب العراقي المذبوح والمهان والمعتقل في سجن العراق الكبير، ولم يعتذر من الاسرى والاسيرات الذين دفعوا شرفهم وكرامتهم وحياتهم ثمنا لملذات الجنود الأمريكان ، وثمنا للتسليات التي كان جند ومجندات الاحتلال الامريكي يمارسونها ويقومون بها مع النسوة والرجال والأطفال المعتقلين.ولم يبدي استعداد بلاده لفتح تحقيق دولي بما جرى في سجون العراق الأمريكية. ولم يلتفت لمعاناة الاسيرات والمنتحرات من المغتصبات، وعائلاتهن التيتن تعاني الآن من نتائج تلك الاعتداءات والاغتصاب والإذلال والتعذيب، كل هذا لا يهم رئيس يعتبر ان كلبه او قطته أهم من 100 مليون عربي وأكثر من مليار مسلم في هذا العالم.
يعرف بوش أن هناك من الاسيرات والسجينات العراقيات من تم اغتصابهن بشكل جماعي من قبل وحوش امريكا المدججين بالسلاح والأساليب الوحشية الحديثة والهمجية القديمة الموروثة من زمن ابادة الهنود الحمر واستعباد السود والسمر ومرورا بحرب الشمال والجنوب وصولا لفيتنام و أفغانستان وحتى العراق. ومن البديهي ان الرئيس الامريكي قد قرأ التقارير الاعلامية عن التعذيب والاغتصاب في سجون الاحتلال الامريكي في العراق، كما أنه قرأ عبر شهادات جديدة لسجينات عراقيات وضعن في سجون مختلفة ما كان قد أخفاه في كلامه أو قد أخفي عنه من قبل جنرالاته... وقد روين (السجينات المغتصبات) تفاصيل اعتداءات جنسية تعرضن لها، مما دفع واحدة منهن للانتحار هربا من عار "الاغتصاب"، فيما لقيت أخريات حتفهن قتلا بواسطة أقاربهن بعد أن خرجن من السجن بأجنة في أرحامهن نتاج اعتداءات متكررة ، كما روت اسيرة أخرى عن تعرض زميلتها لاعتداءات من قبل الشرطة العراقية تحت بصر الأمريكيين بلغت 17 مرة في يوم واحد مما تسبب في إغمائها لمدة لمدة 48 ساعة... وفي شهادة أخرى لسيدة تقول انها ساعدت شقيقتها على الانتحار بعد ان اغتصبها جنود اميركيون مرات عدة امام زوجها في سجن ابو غريب.... وتقول هذه السيدة شقيقة الضحية "داهمت القوات الاميركية منزل شقيقتي في بغداد لالقاء القبض على زوجها وعندما لم تجده اعتقلتها فعاد صهري وسلم نفسه للاميركيين الذين ابقوهما معا قيد الاعتقال" .. وتنقل السيدة قول شقيقتها "اقتادوني الى زنزانة ورأيت زوجي مقيد الى القضبان. شد جندي اميركي شعري لأرفع راسي وانظر اليه فيما كان يخلع عني ملابسي". وتتابع السيدة فتقول : "اخبرتني كيف اغتصبها جندي اميركي مرات عدة امام زوجها الذي كان يردد بصوت بالكاد تسمعه الله اكبر الله اكبر". وتضيف "توسلت الي لاساعدها على الانتحار فكيف لها ان تواجه زوجها عندما يفرجون عنه"... وهكذا قامت السجينة العراقية ضحية يد العدالة الأمريكية العنصرية بالانتحار أواخر مايو/ أيار الفائت..
هذه الجرائم الكبيرة والخطيرة يتحمل مسئوليتها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية شخصيا ومعه أركان إدارته وفي مقدمتهم وزير الدفاع رامسفيلد، فاستقالة تينت لن تحل المشكلة لان الفضيحة مدوية ومزلزلة و اكبر منه ومن جهازه سيئ الصيت والسمعة. كما يجب ان توثق وتسجل كافة تلك الوقائع والجرائم حتى تكون شاهدا ودليلا جنائيا وقضائيا ضد هؤلاء بحال في يوم من الأيام تم جلبهم للقضاء الدولي ومحاكم جرائم الحرب الدولية. فمن يدري ان الزمن كما يقولون دوار مثل الدولاب، والمثل يقول "ما من طير علا إلا ووقع"، وهنا يجب التأكيد على عدم وجود فرق بين هؤلاء المجرمين وبين مجرمي الحرب الدوليين الذين حوكموا لأسباب وأعمال وجرائم مشابهة. أما أعضاء الشرطة العراقية الذين ساهموا في الاعتداء على العراقيات السجينات فأقل ما يمكن فعله معهم هو خصيّهم أولا ومن ثم تنفيذ حكم العدالة والقانون بهم.
هذا في العراق المحتل من قبل الأمريكان الغزاة وأعوانهم من الدول الخفيفة وأذنابهم من العراقيين، أما وبالعودة لأمريكا الحديثة فان الاعتداءات هناك على المسلمات والعربيات وبخاصة المحجبات بدأت تتكرر بشكل علني ولا يوجد ما يساعد على منعها لأن القانون يتعامل مع الأمريكية أو الأمريكي من أصول إسلامية وعربية معاملة عنصرية واضحة ومكشوفة. فقد قامت مؤخرا شركة "والت ديزني" بطرد موظفة مسلمة من العمل بسبب حجابها. وكانت الموظفة عائشة بهاء 32 عاما تعمل في الشركة المذكورة منذ عام 1997 ثم تحجبت في سنة 2002 بعد عودتها من إجازة فكان رد الادراة نقلها من قسم المبيعات فهبط دخلها من 700 دولار إلى 40 دولار أسبوعيا. وفي النهاية تم طرد عائشة من العمل لأنها ترتدي الحجاب ، لكن لو ان عائشة نفسها جاءت الى العمل نصف عارية أو شبه عارية كما تظهر مادونا والمتشبهات بها وبلباسها أو بلباس غيرها من العاريات او "اللابسات بلا ملابس" كما قال يوما عادل امام، لكان الترحيب بها سيكون أمرا مؤكدا، أو لو أنها جاءت ترتدي "القلنسوة اليهودية" أو " لفة السيخ" أو أي شيء غير إسلامي لكان الأمر فعلا سيتغير تماما.
نحن في عالم يندثر وفي زمن يتحكم فيه أمثال بوش وشارون بحياة الناس وحرية معتقداتهم وطريقة لبسهم وحياتهم، هذا الزمن لا بد انه سيذهب مع الريح حاملا معه هؤلاء العنصريين والمغالين في غبائهم ووقاحتهم.
انتهى
#نضال_حمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بمناسبة و بدون مناسبة
-
أطفال فلسطين ضحايا الخريطة
-
باص 18-6-2002
-
ارهاب باسم الدين
-
رفح بسمة حزن ودمعة فرح
-
خذوا العبرة من لص هيومانيتاس
-
بداية صهيونية لحملة بوش الانتخابية
-
مؤتمر العودة في برلين
-
مواجهة الارهاب بالارهاب !
-
اشلاء الجنود في حي الزيتون
-
شركة -توب- اسرائيلية وليست اسبانية ؟
-
حاخام فيينا وحاخام البيت الابيض
-
حلقة تضامن مع الاسرى في اوسلو
-
الى المناضل القدوة الاسير العربي سمير القنطار
-
بصراحة بمناسبة اغتيال العراق
-
مسمار اسباني في نعش الاحتلال الأمريكي
-
يوم الأسير ، يوم لكل فلسطين
-
للأرض يومها وللشعب أيامه
-
العالم لا يشفق على المذبوحين ولكنه يحترم المحاربين!
-
الشيخ احمد ياسين يستشهد شامخا
المزيد.....
-
الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على
...
-
روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر
...
-
هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
-
الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو
...
-
دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
-
الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل
...
-
عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية
...
-
إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج
...
-
ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر
...
-
خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|