أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لؤي عجيب - ملح من نوع آخر














المزيد.....

ملح من نوع آخر


لؤي عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 2820 - 2009 / 11 / 5 - 15:43
المحور: الادب والفن
    


صرخ أحدهم " لا تكثر الملح على قطع الدجاج "...
وكان الآخر يهم بوضعها على منقل الجمر الجاهز للشواء ... وانطلقت الضحكات والقهقهات ... أذكر بأنني ضحكت كثيراً ....
سنين طويلة مرت من خلف الذاكرة ، وما زلت أحتفظ بكثير من المشاهد الحية في ذاكرتي . لا أعلم لماذا ضحكنا جميعاً وبقوة .. كان هناك سبب للضحك لكن ربما سقط سهواً من الذاكرة. تراجعت قليلاً للخلف وأسندت ظهري على شجرة سنديان تسلقت الطحالب جذعها وأغصانها وشكلت مع أوراقها القليلة المبعثرة منظراً جميلاً جداً لم يغب عن كاميرتي التي كانت رفيقة دربي الدائم في تلك الأيام. ومع جلسة الرفاق التي كانت تحمل الكثير من المزاح والضحك والقليل جداً من الجد ، قضيت يوماً رائعاً أذكر نسماته كلما أغمضت عيني ، أو ربما أضافت إليه الذاكرة شيئاً آخر من الجمال.. لأن عيني لا تبصر الآن إلا مساحات الرمال الشاسعة.
"بتنّفخ معاي بالأركيلة " ....
" لا شكراً "....
" اسمع مني والله بيطول عمرك " ....
وانطلقت الضحكات من جديد .... وضحكت كثيراً ...
وكالعادة التي رافقتني منذ الطفولة ... أحب أن أتجول وحيداً في الأماكن الجديدة حتى أتمكن من إلتقاط الصور الجيدة كما كنت أراها ... نزلت من فوق التلة واتجهت نحو السفح وامتدت أما ناظري سلسلة الجبال التي تموجت بالإرتفاع والإنخفاض حتى صارت سهلاً أمام البحر الذي يمتد للأفق بمنظره الرائع ... " كم هو نقي هذا اليوم .... ياه ما أروع هذا المنظر ... وكم هو سعيد الذي يستطيع أن يستمتع بهذا الجمال بشكل دائم ... بالرغم من كل الصعاب التي تحملها بين طياتها هذه الضيع النائية وسط الجبال "... هذا ما جال بذهني وأنا في طريق العودة إلى الرفاق الذين بدأت أصواتهم تعلو مع انتشار رائحة الشواء ...
لم نكن الوحيدين في هذا المكان ... كان لدينا الكثير من الرفقة.. حيث انتشر المتنزهون في كل مكان ... وأصوات الغناء ودقات الطبلة و العزف على الناي والصيحات التي تعلو مع الدبكة.... صعدت التلة وكان بعضهم يرش الماء على الآخرين وتعلو الضحكات والشتائم ....
" فيه واحد ناقص "...
" راح يجيب عرق من الضيعة " ....
" معنا عرق وبيرة "....
" ليش بيعرف حدا بالضيعة "...
" لسا ما بتعرف صاحبك قديش حشري .... ما فيه ختيار بالضيع إلا بيعرفه "
وعلت الضحكات من جديد...
" اذكر القط .. بيجيك نط "...
" جبتلكون أطيب عرق في العالم " قالها وهو يهم بالجلوس " اعطونا كاسات " ....
" ليش اشتريت عرق وجايبين معانا "....
" دوق هالعرقات ولحالك بتعرف ، هي شغل أيد من هالضيعة ".....
" بصحة الشباب " وشرب الجميع نخب هذا اليوم الجميل .... الذي بقي في ذاكرتي حتى الآن وضعنا الشواء والسلطات والعرق أمامنا .... ولم تتوقف الضحكات ولا المزاح الذي يتخلله الشتائم التي تثير عاصفة من الضحكات الهستيرية ....
" مالح الأكل " وعلت الضحكات من جديد ... لم أعد أذكر لماذا كانت تثير ضحكاتنا هذه العبارة ... لها مدلول ... لكن ذهب وولى مع الزمن ولم أجده في أي مكان من ذاكرتي ...
" ليش قمت " ....
" شوف هالبنت الصغيرة عم تتفرج علينا ونحنا عم ناكل .. رايح أعطيها جاج " ...
" خد شوية سلطة معاك " ....
" جايبين كولا معاكون " ....
" خود هي علبة كولا اعطيها للصغيرة " ....
كانت تقف قرب الشجرة وترمقنا بنظرات غريبة ... وهي تبتسم ... وتمسك بيدها عود يابس ، ويبدو عليها أنها فتاة مسكينة ... تعيش على عطايا أهل الضيعة هذا ما بدا لي من خلال منظرها المثير للشفقة وثوبها الطويل الذي تلون بألوان الأرض والحشائش ... "أية حياة تعيش هذه الطفلة وسط هذه الجبال الباردة " هذا ما كان يدور ببالي وانا أنظر اليها ....
وضع على الأرض صحن ورقي وفيه رغيف خبز وعليه ثلاث قطع دجاج وصحن السلطة وعلبة الكولا وطلب منها أن تجلس على العشب كي تأكل ... جلست قليلاً ... وأمسكت قطعة دجاج واحدها ووضعتها على الأرض ورشت عليها قليلاً من التراب ....
" ما عاد تتاكل " أخذها من يدها وأعطاها قطعة أخرى واتجه نحونا ... وأنظار الجميع تتجه نحوها ... حاملةً معها الألم والشفقة ... وضعت القطعة الثانية على الأرض ورشت عليها التراب وقضت منها سريعاً .. وبدأت تأكل وتتبسم لنا... منظر كهذا أيقظ الألم النائم بداخلنا منذ أمد طويل ...
" بالظاهر ما فيها تاكل بدون ملح " قالها ونظر إلينا يرجوا أن تعلو الضحكات ...
" هه.. هه.. هه.. هه ... سخيفة متلك " قالها آخر " إذا اشتهيت التراب بحطلك رشة " وعلت الضحكات والقهقهات من جديد .... وبدأت النكت التي لا تُسمع جيداً من أصوات الضحكات العالية .....
وقفت واستدارت هي حاملة معها قطعة دجاج واحدة مملحة على طريقتها دون الكولا وصحن السلطة...




#لؤي_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظلالٌ تفنى .. بحثاً عن الخلود
- عربة القدر
- أوغاريت
- نخبٌ ... لأجل الحياة
- أحلام النهار
- حفلة سمر
- أمسية بحرية
- حالة حب 2
- رياح الشمال
- حالة حب
- نجمة تتكئ على غيمة
- قدرٌ سكران
- عليا
- فراغ
- نثريات
- وطني
- حبيبتي .....
- لؤي عجيب
- مساواة
- محاولات


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لؤي عجيب - ملح من نوع آخر