|
مجزرة الطائف وحنين وما تبعهما إلى يوم الدين ....! المقالة الثانية ... قراءةٌ في حدث إسلاميٍ
كامل السعدون
الحوار المتمدن-العدد: 857 - 2004 / 6 / 7 - 04:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ما قصصناه من مشهد ذلك الذي جرى في ذلك المساء في وادي ( أوطاس ) من بلاد الحجاز على مسافةٍ ليست بالبعيدة عن مكة ، يعكس لا شك الصورة الحقيقية لهذا الذي تكرر في كل بلدٍ من بلاد الجزيرة قبل أن يتحول أهل الإسلام من بلادهم الأم إلى بلدان الجوار بأهلها وأقوامها من غير العرب . هذا الذي قلناه وسعينا إلى تصويره من وحي الحدث ذاته ، لم ينقله لنا المؤرخون إلا مقتضباً مبتسراً وبما يناسب توجههم الديني وقناعاتهم أو …مخاوفهم من غضب أهل الدين وأتباعه . الغريب أن أحد كتّاب اليوم وهو صحفيٌ في الشرق الأوسط وفي مقالةٍ له في صفحة الرأي من عدد ما قبل يومين ، يشيح الطرف كلياً عن الحدث وتفاصيله ويلتفت لذيله حسب ، نعني رد الرسول القاسي على اعتراض الأعرابي على الظلم في توزيع الغنائم ، فيقول : إن تلك من معجزات الرسول الكريم محمد ، إذ هو يتنبأ باكراً بهذا الذي سيحدث لاحقاً ، نعني حركة الخوارج التي نشطت منذ عهد عليٍ وامتدت لسنين وسنين عديدة أخرى وتمخض عنها أو على هامشها ظهور تياراتٍ وفرق عديدة في الإسلام ، استمرت في الصراع مع الإسلام الرسمي طوال عهود الأمويين والعباسيين . لقد رددت على الكاتب ( ولم ينشر الرّد طبعاً ) …! قلت له لا أرى أيها السيد أي جانب قداسة أو نبوءة أو أعجاز في أن يختلف الناس مع زعيمهم على توزيع أسلاب القتلى والجرحى والأسرى ، وإن يردعهم القائد بغليظ القول وببعض الإشارات التي تتجاوز البعد الزمني للحدث لتعطي مهابة وقداسة لهذا الزعيم ولتردع الآخرين ممن قد يفكروا لاحقاً بالاعتراض . وأعيد قولي هذا في يومي هذا فأقول : 1- كان رد الرسول بهذه الإشارة التي تتجاوز الحدث وزمنه وتؤشر لأزمان أخرى في علم الغيب ، هو ضرورة تكتيكية لمحمد لإقصاء المعترضين بالجملة ( وسلفاً ) ، حتى لو جاء الاعتراض من فردٍ من الأعراب وكان قبيح الخلقة ، سيئ الخلق ، كصاحبنا الوقح ( أبا الخويصرة ) ، والذي قد يكون اعتراضه نابعٌ عن هوى في النفس أو غضبةٍ عاطفية أو شعورية آنية قابلة للإرضاء بسهولة . بلا … ضرورة إستراتيجية وتكتيكية بذات الآن ، تهدف لخلق تيار مدجنّ بالكامل وراضٍ عن أي قسمة يقسمها الرسول ، لكي ما يتسنى لهم الإفلات من عار الخروج على رأي الجماعة ومصداقية الإيمان القائم على القبول التام بما يقسمه الرسول . 2- في هذا الرّد الأيديولوجي الإستراتيجي ، يؤدلج الرسول صفة الإيمان الصادق إذ يقصره على القبول التام ( ولو نفاقاً ) بما يراه محمد ، وبالتالي فهو يضمن شق وحدة الجماعة وتمييز الجيدين منهم بالطاعة ، وتأسيساً عليه يحرضهم على إقصاء المناوئين وقمعهم بمنتهى القسوة ، لأنهم سيكونون لا شك من ذات جرثومة أو طينة هذا المعارض الوقح ( أبا الخويصرة ) . 3- حيث يكون هناك فعلٌ يكون له ردّ فعل ، وحيث أن العملية برمتها عملية نهب وغزو وتقسيم أسلاب في وقتٍ لما تزل الجثث فيه تنهشها الغربان والذباب ، فإن من الطبيعي لفعل اللاعدل أن يكون له ردٌ من صنفه ولو همسةٌ من رجلٍ واحد ، وحيث يتوقع المرء أن يستمر اللاعدل في التوزيع تأسياً بالزعيم الذي وزع الأسلاب بين أبناء عمومته وترك الآخرين ، حيث يستمر هذا فإن بذرة الرفض والخروج على طاعة الزعيم أو خليفته تتكرر ولا شك ، طالما أمتلك الناسُ عقولاً وإرادات متباينة ومصالح متناقضة ومتصارعة وبالتالي فإن مثل هذا القول الذي يبدو إعجازاً للسيد زين العابين الركابي ، ليس إلا توقعاً طبيعياً لحالة عمومية جداً ، وواردة في كل مكان وزمان ولا تحتاج لعبقرية خاصة لإطلاقها ، بل إنها تخلو حتى من الحدس وفيها قسط كبير من العمدية في القول ولأسباب إستراتيجية سياسية ردعية …! حسناً … هذا موقفٌ أو حدثٌ من آلاف المواقف والأحداث التي جرت في كامل الشرق القديم ، منذ فتح مكة ولغاية يوم الله هذا ، فما ضرورة أستذكاره الآن وتسليط الضوء عليه . الحقيقة أن ما هدفت له من تلك الواقعة التي قرأتها في سن العاشرة وأعدت قراءتها مجدداً في الخمسين ، هو الآتي : 1- لو تعيد قراءة المشهد مجدداً للحظت أن من وقع عليهم فعل الذبح وانتهاك الأعراض وتوزيع النسوان والأطفال والجواري والخيول والبقر بين المنتصرين ، هم في واقع الحال عربٌ من ذات أمة الرسول وليسوا أعاجم أو أقباط أو ترك …! طيب كيف تتوقع السلوك القادم للمنتصرين حين يتفرغوا للآخرين بعد أن يكملوا ذبح بعضهم ….؟ 2- ما تلحظه من تلك الواقعة وغيرها ، أن محمد لم يغير من قيم قريش وأهل الجاهلية عامةٍ الكثير ، بل إنه استعار منهم أسوأ ما كان لديهم وهو الغزو واستباحة الآخر واغتصاب ماله وحرماته ، وبذات الآن ضيع عليهم هويتهم القبلية إذ مكن أهل فارس والأحباش والترك وغيرهم لاحقاً من أن يغتصبوا من العربي ذاته ماله وعرضه وكرامته تحت ذريعة التكفير ، وكلنا يذكر ما حلّ بالحلاج وبن حنبل والمئات من أحرار العرب من مفكرين ومبدعين على يد عمال الولايات الإسلامية من الترك والفرس وغيرهم . 3- من محاسن أهل الجاهلية التي استعارها محمد ، شرعة عدم الغزو في الأشهر الحرم ، وهذا ما يؤكد ما سلف أن قلناه في مقالبٍ سابق من أن أهل الجاهلية كانوا موحدين ويعرفون الله ولكن بنمطٍ من التوحيد أكثر ليبراليةٍ وشفافية ويسراً من شرعة محمد ، بدليل أن أشهرهم التي لا يتقاتلون فيها ألتزم بها محمد بالكامل ، وهنا نرى أن الدعوة المحمدية لم تكن كاملة الاستقلالية عن عبادات قريش وطقوسهم وتقاليدهم وثقافتهم ، مضافاً إلى أنه عمد إلى إرضاء أسيادهم إذ آثرهم بالنصيب الأكبر من الغنائم ، مما يؤكد ما نذهب إليه من إن الدعوة سياسية في المقام الأول . ونتابع القول في مقالٍ لاحق …!
#كامل_السعدون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف تقرأ النصّ بشكلٍ سليم ...قراءة في مقال السيد شاكر النابل
...
-
أجندتي وأجنداتى الآخرين ...ردّ على الأستاذ حمدي هرملاني ...!
-
عيد ميلاد صاحبي ...الخمسيني ...!
-
بعض فضائل الإسلام على أهله ...قيم العبيد ...!
-
بلا ... لقد فشلت الأغلبية الشيعية في أختبار التصدي لمهمة قيا
...
-
قصة قصيرة - المقابر
-
الزرقاوي ... السيستاني ... وما بينهما ...!!
-
المرجعية الشيعية في العراق وخطوطها الحمراء التي اخترقت
-
قبسٌ من الرّب ... أطفاه السياسي ... محمد ...!!
-
خرافات بيت النبوة وصبيانها المشعوذين …!!
-
جنة الأيديولوجيا …. وجحيمها…!
-
بنات الفلّوجة الشقراوات
-
بذاءات جريدة الوفد المصرية بحق العراق والعراقيات…!
-
وزنك ذهب …!عن ذهب الإمارات وصدام و…بن لادن …!
-
المحظوظون الذين لسعتهم السياط الأمريكية
-
أنا أحلم … شيوخنا وروحانيو الآخرون …!
-
خيارات صدام التي لما تزل نافذةْ..! أما البعث أو الإسلام أو …
...
-
فزّاعة خظرة ْ- بزيٍ زيتونيْ….!
-
كبعيرنا العربي نحن إذ نجترّ الفاسد الرطب من العشب الثقافي …!
-
تلاميذ حوزة فارس يعلنون الإضراب … ويغلقوا الكرّاس والكتاب …!
المزيد.....
-
غني مع البيبات الصغار.. تردد قناة طيور الجنة بيبي على قمر ال
...
-
قائد بحرية حرس الثورة الاسلامية: أعددنا أنفسنا لجميع الظروف
...
-
المرصد الأورومتوسطي: تم استهداف 17 مركزا و62 آلية تابعة للهي
...
-
المرصد الأورومتوسطي: استهدفت -اسرائيل- 15 مركزا طبيا تابعا ل
...
-
حسام بدران: الفلسطينيون هم خط الدفاع الاول عن الامة العربية
...
-
عراقجي: حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية مستمرة بعلاقاتها
...
-
ايران تدعو إلى تكثيف التحركات للدول الإسلامية ضد كيان الاحتل
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تقصف هدفين بصواريخ الأرقب الاول
...
-
أحدث تردد قناة طيور الجنة للأطفال 2024 “متاح على جميع الأقما
...
-
الأوقاف الفلسطينية تكشف عدد المساجد المدمرة في قطاع غزة
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|