أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن دارا سليمان - الديمقراطية والمدنية في العراق الجديد














المزيد.....


الديمقراطية والمدنية في العراق الجديد


عبد الرحمن دارا سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 2819 - 2009 / 11 / 3 - 22:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس هنالك أدنى شك لدى الباحثين في مجال علم الاجتماع السياسي، في العلاقة الوثيقة بين التمدّن والخيار الديمقراطي، حيث كلّما إزدهرت المدنّية في المجتمعات، إزداد تمسك الأفراد بحقوقهم في إختيار السلطة العمومية وزادت مطالبتهم ومشاركتهم في صنع القرار المتعلق بمصيرهم المشترك . وبالعكس كلمّا إنحسرت قيم الحداثة والعقلانية وتفككت البنى والمؤسسات الإجتماعية والسياسية، وساد الفوضى في أنماط العمل والإنتاج والتفكير والسلوك نتيجة إنحلال منظومة القيم الإجتماعية الضابطة والحامية والموّجهة للأفراد والجماعات معا ، تنتكس مسيرة التحولات الديمقراطية إن وُجدت، أو تكون تلك الظواهر تعبيرا حقيقيا عن غيابها الذي سيؤدي لا محالة، إلى عرقلة التحوّل الإجتماعي ووقف التغيير المنشود وحبس التقدّم ومن ثم الشروع في التدهور السياسي والإنهيار .

حينها، لن يكون تعميم وإستفحال ظواهر الفساد المالي والإداري والسياسي والإستهتار بالمصالح العامّة وتفرّغ العديد من النخب السياسية إلى الإثراء الفاحش على حساب المعاناة اليومية للجمهور العام، سوى القاعدة التي لا إستثناء لها على الإطلاق .

ومن الملفت للنظر، أن معيار التمدّن في العراق للفترة الواقعة ما بين 1960 إلى 1985 ، كان الأعلى بين الدول العربية دون أن يعني الأمر، أن تلك المرحلة التاريخية الحديثة ، كانت تمتاز بالتحوّلات الديمقراطية وتشكّل تناقضا صارخا مع المعطيات النظرية أعلاه ، بل تعني توّفر الأرضية والقاعدة الإجتماعية الضرورية والممهدة التي كان ممكنا أن تفضي لتلك التحوّلات المطلوبة، إن أُحسنت إدارتها سياسيا .

فكما يمكن للنخبة السياسية أن ترتبط بشعبها وتتحسس مشكلاته وقضاياه وتشاركه آلامه وآماله وتهجر العقائد الجامدة والمسبقات الفكرية والسياسية التي تمنع وتحجب عن رؤية الواقع الإجتماعي المعاش، وتدمّر أسس الإحتكار والاستبداد، وتحوّل الشعار الديمقراطي إلى دليل عمل وممارسة سياسية يومية، وإلى منطلق للتفكير والفكر السياسي الجديد، وبالتالي تعمل فكريا وسياسيا على التعاون الجماعي في قيادة المرحلة والإيفاء بإلتزاماتها الكثيرة والمتنوعة على الوجه الأمثل ، يمكن أيضا للنخبة السياسية أن تحوّل الديمقراطية من قيمة عليا ، إلى مجرد آليات شكلية وشعارات دعائية وتعبوية فارغة من أية قيمة ومعنى، وتصبح القيادات مقطوعة الصلة بشعبها ومعادية له عداءا عميقا ومتهرّبة تماما من مسؤولياتها أمامه ، وهو ما كان سائدا في عقود الديكتاتورية البغيضة في العراق .

ومما ساهم في إنهيار أسس المدنّية في العراق جنبا إلى جنب السياسات الهوجاء لنظام الطاغية العراقي ، هي الهجرات المليونية للفئات الإجتماعية الوسطى منذ نهاية عقد التسعينات وخلال الحرب العراقية الإيرانية وكذلك بعد عام 2003 نتيجة تدهور الحالة الأمنية ، بالإضافة إلى سوء الإدارة والتخطيط والتوزيع وعدم التوازن بين المركز والأطراف والحملة الإيمانية المزعومة، وما صاحب فترة الحصار الإقتصادي من تدهور وإنحطاط وتفكك في القيم المدّنية على كل الأصعدة والمستويات ، أدّت نتائجها إلى الترييف المتزايد للمدينة وزحف المناطق النائية عليها وسيادة العقليات المحافظة بقوة، والعودة شيئا فشيئا إلى مجتمع العشيرة الذي بات متماهيا مع دولة العشيرة الصدّامية كما أُريد له أن يكون .

لم يكن للمظاهر المدّنية على هشاشتها أن تتوارى كليا، ويتبدد تراكمها التاريخي بتلك السهولة والسرعة ، لو أنها تحوّلت من مجرد مظاهر إلى مؤسسات مستقلة وثابتة تحميها القوانين وتحافظ عليها وتدافع عنها، وهو ما يفسّر أن الكثير من المجتمعات ظلّت محافظة على مدنيتها رغم إنهيار دولها خلال التاريخ الحديث . فالقيّم الحضارية والتقاليد والأعراف المدنية التي تتوارثها وتتناقلها الشعوب، لا علاقة لها من قريب ولا من بعيد بالجيوش والدبابات والقصور الرئاسية .





#عبد_الرحمن_دارا_سليمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمات المستعصية القديمة في العراق الجديد
- ساسة وأحزاب في عراق العجائب
- ديمقراطية مقابل الدماء
- العراق الجديد يجرب كل الحلول الخاطئة قبل الحل الصحيح
- العلمانية والديمقراطية ومأزق العراق الجديد
- في الدين والدولة والعلمانية
- في اشكالية الدين والعلمانية
- التعصب الديني والعلماني وجهان لعملة واحدة
- العلمانيون القدامى والمتعلمنين الجدد
- علمانيون ضد العلمانية
- العراق الجديد الى أين ؟
- العراق الجديد : يعود البعث..لا يعود البعث
- محنة العراق الجديد وسط الذئاب الاقليمية الهرمة
- ماالمطلوب بالضبط من التحالف الكردستاني ؟
- مصير العراق الجديد يتوقف على الانتخابات المقبلة
- نحو جبهة مدنية واسعة لخوض الانتخابات التشريعية
- العراق الجديد : هل الدولة فضاء للسياسة أم فضاء للغنيمة ؟
- هل ينحسر الاسلام السياسي أم ينكشف على حقيقته ؟
- العراق الجديد : مصالحة وطنية أم تصالح مع الذات ؟
- العراق الجديد : معوقات بناء الدولة الوطنية


المزيد.....




- حرب ترامب التجارية: لاغارد تحذر من الانزلاق إلى صراع تجاري ش ...
- -ارتكبوا جرائم من شأنها المساس بأمن الدولة-.. قرار قضائي جدي ...
- مدفيديف يرفض دعوة وزير الخارجية البريطاني لـ-هدنة غير مشروطة ...
- ترامب: تلقينا ردودا جيدة جدا من روسيا وأوكرانيا بشأن وقف إطل ...
- ظاهرة نقص العمالة الماهرة في أوروبا.. كيف يمكن الاستجابة لهذ ...
- الشيباني في العراق.. دعوة لفتح الحدود وتشكيل مجلس مشترك
- -الحياة لا الحرب-.. رسالة نشطاء المناخ من على مدخنة لشركة تص ...
- الإعلان الدستوري.. دستور مصغر للمراحل الانتقالية
- مرشح للرئاسة في الغابون يطالب بمحاكمة -عادلة- لعائلة بونغو
- مصطفى طلاس.. قصة وزير دفاع الأسد الذي أرعب السوريين


المزيد.....

- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن دارا سليمان - الديمقراطية والمدنية في العراق الجديد