|
فوضى أمنية
ساطع راجي
الحوار المتمدن-العدد: 2818 - 2009 / 11 / 2 - 18:03
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
مع كل إنفجار كبير تكشف الاجهزة الامنية عن وجود فوضى كبيرة في إدارتها، سواء في انعدام تنظيم علاقة الاجهزة بعضها ببعض أو في إنعدام القدرة على تنظيم الجهود في مواجهة أي حادث كبير لتكون الاتهامات هي سيدة الموقف في التعامل بين الاجهزة الامنية، وتحاول كل جهة التبرؤ من المسؤولية وتحميلها لجهة أخرى وكأن هذه المؤسسات تمثل دول أو حكومات مختلفة وليست مؤسسات في داخل دولة واحدة تديرها حكومة واحدة. بعد تفجيرات الاربعاء والاحد الداميين وصل الشقاق والتنافر بين الجهات الامنية حدا يدفع الى التساؤل عن حقيقة وجود جهد امني عراقي منسق ومهني بعيدا عن الشخصنة والتحزب وتبدو الاجابة قريبة وجاهزة وتتمثل في نفي وحدة الجهد والتنظيم واذا كانت السنوات الاولى من تشكيل النظام السياسي حملت معها شكوك الفئوية والطائفية والاختراق للاجهزة الامنية فإن اداء كبار القيادات الامنية في الايام الاخيرة بعثت برسالة يقينية تؤكد إن الساسة والمقربون منهم جعلوا من الاداء الامني قضية شخصية وان لا احد يهتم بوقوع الخروقات الكبيرة ولا باستهداف مؤسسات الدولة ولا بسقوط مئات المواطنين جرحى وقتلى بل ان الاهتمام الاساس عند القيادات ينصب على تخليص نفسها من اية مسؤولية سواء بتوزيع الاتهامات العشوائية أو الاداء بمعلومات مفبركة والتكتم على معلومات أخرى ومهاجمة الاعلام والقوى السياسية وتوجيه اللوم الى الضحايا والمتعاطفين معهم. لقد تعطل تشكيل الحكومة العراقية الحالية زمنا طويلا نتيجة الخلاف على تسمية الوزراء الأمنيين وبقيت وزاراتهم شاغرة مدة من الزمن قبل أن يتم طرح أسماء الوزراء الحاليين كشخصيات مستقلة ثم تبين بعد ذلك إن عددا كبيرا حتى من القيادات الثانوية قد دخل العمل السياسي وصار للأحزاب المتنافسة قيادات تمثلها في الوزارات الامنية، وهذه القيادات تسرب ما تشاء من معلومات وتخفي ما تشاء وفقا لمصالح حزبية، فذهب الزمن الذي إنفق في البحث عن المستقلين هباء منثورا. كما إن النصوص الدستورية التي شددت على تنظيم العمل الامني في العراق لم تنفع في منع تشكيل هياكل أمنية غير دستورية وبلا أي غطاء قانوني وانتجت أشخاصا بصلاحيات ضخمة وبلا حدود واضحة، أشخاصا يمتلكون الحق في الاستحواذ على كل الايجابيات والصلاحيات والقدرة على فرض الاجراءات بمزاجية والتملص في نفس الوقت من أية مسؤولية، ولا مهارة لهم إلا في توجيه الاتهامات وزرع البلبلة وتصنيع الخلافات من موقع قوة خفي لا يدرك احد مصدر شرعيته. الاجهزة الامنية اليوم تمتلك برنامجا واحدا تتعامل به مع كل الخروقات والكوارث مهما كان حجمها يتمثل أولا في توجيه اللوم الى وسائل الاعلام، ثم توجه الاجهزة الامنية اللوم الى بعضها البعض، ثم توجه اللوم الى القوى السياسية ودول الجوار والصداميين والقاعدة، ولاحقا تكثف السيطرات وتشدد اجراءات التفتيش في الشوارع الرئيسة وتخلق زحامات مرورية خانقة لبضعة أيام لتقول بعد ذلك إنها ألقت القبض على المتورطين وتعتقل عددا من الضباط والمنتسبين لأنهم سمحوا للارهابيين بتنفيذ فعلتهم ولا أحد يعرف بعد ذلك مصير المتورطين ولا الضباط هذا على فرض إن الاعتقالات قد حصلت فعلا، ثم تنخفض حالة التأهب بعد ذلك فمن المستحيل على اية قوة أمنية البقاء في حالة تأهب دائمة، وعند الاسترخاء يستيقظ شبح الارهاب مجددا ويضرب في عمق الدولة ومؤسساتها، هذا هو السيناريو المعتاد الذي تعتمده الاجهزة الامنية وهو سيناريو قد يدفع الى اطالة استراحة الارهابيين بين ضربة وأخرى وقد يدفعهم الى تغيير اهدافهم لكنه لن ينفع أبدا في القضاء عليهم لأنه يبقى سيناريو لردود الافعال ولا يجروء على المبادرة. الاجهزة الامنية تعددت وتضاربت صلاحياتها وتصريحاتها واخترقتها السياسة التي فشلت في ادارة الامن ومراقبة مؤسساته وتحول الاداء الامني الى جزء من الحملات الانتخابية وهو أمر يهدد باضعاف ثقة المواطن بالمؤسسة الامنية خاصة بعد حملات التشكيك المتبادلة بين القوى السياسية بإختراق الاجهزة الامنية، وبعدما كان الانجاز الامني هو الانجاز الوحيد في عمر الحكومة الحالية ها هو أصبح مهددا بالضياع أيضا علما إن ضياعه لا يؤثر على موقع طرف أو تنظيم دون آخر بل إنه يهدد وجود النظام السياسي برمته، المثير في الامر إن هذه الفوضى بدأت تظهر للعلن منذ انسحاب القوات الامريكية من المدن العراقية وتسليم الملف الامني للعراقيين.
#ساطع_راجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لغز العبوات اللاصقة
-
هدية خاطئة
-
الاجندات الخارجية
-
ماذا بعد الاستجوابات؟
-
السلطة من أجل السلطة
-
ويسألون عن المهجرين!!
-
موازنة 2010
-
الدولة وخطابها المفكك
-
أحكام بالفشل
-
مرحلة المكاشفة
-
إستنفار دبلوماسي
-
الموصل..أزمة نموذجية
-
ما بعد الاربعاء الدامي
-
رغم إنها متوقعة وبائسة
-
مشهد سوداوي
-
جيش المعتقلين المرعب
-
العنف العبثي..رسائل أوباما
-
أطراف خارجية..أطراف داخلية
-
نداءات بلا صدى
-
عداء لافت
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|