|
عيد الحب ومنفى البلاد العربية
احمد ثامر جهاد
الحوار المتمدن-العدد: 855 - 2004 / 6 / 5 - 04:40
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
ليس اعتباطيا أن غالبية عظمى في البلاد العربية ، قدر لها أن تولد وتشيخ وتموت من دون أن تعرف - للحظة واحدة - أن هناك عيدا للحب تحتفل به البشرية جمعاء في يوم 14 من شهر شباط في كل عام . عيد للإنسان بكل المعاني يسمى عيد القديس فالنتينو . استراحة يوم واحد جميل تمنح الذات فرصة مثلى لمغازلة شريك أو استذكار حبيب ، بقبلة تطبع على خد أو تسبح في فضاء . وإن كانت هناك أقلية تعرف هذه المناسبة ، فإنها غالبا لا تحتفل أو تحتفي بها . لماذا ؟ هل هو ذنبنا إننا مفصولون عن ملذات الحب الإنساني بمسافة قسرية خادعة قوامها قيمنا المحافظة ؟ ألسنا كذلك حقا ، لمجرد ان حياتنا أيام للموت المجاني فحسب ؟ سأعتبر نفسي محظوظا ، ليس فقط لأنني من الأقلية التي تعرف من دون ان تحتفل ، بل لان قدرا عجيبا أو مصادفة كونية جعلت يوم ميلادي في هذا التاريخ بالضبط . ربما لهذا السبب دأبت على إقناع نفسي – وكان من السهل علي ذلك – إنني عشت قصة حب فريدة ، وان حياتي – في السر – هي بيد من ينذرها ، رغما عني ، لقصص سواها . لكني اجزم ان لكل امرئ سببا معقولا لتأمل مسيرة حياته ( في قصة حب ) امتلكت حياته يوما ما ، حزنا أو سعادة . فللحب حكايات ومسرات وفصول وعبر ، كما أن له شجون ومصائر وصور . في سنوات مضت كانت المرأة الوحيدة التي أحببتها لا تفتأ تذكرني بهذا اليوم وهي تحرص على الاحتفال به ، حينا بلغة الشفاه العذبة ، وبالهمس الأنثوي حينا آخر . فاشعر أني إنسان له كيان ووجود ومعنى . إلا أن عقود المحنة اللاحقة ، قد هرست حياتنا بسخفها ومرارتها ، وأعدمت أفراحنا كلها ، بعد أن وضعت السلطة اللون الكاكي محلَّ اللون الوردي . هكذا ولأسباب عدة تعرفونها لُقنت ذاكرتنا منذ ان كانت بيضاء طرية ، تواريخ كل الأعياد الوطنية والقومية والدينية ، فحفظناها عن ظهر قلب ، قلب لا يعرف الحب . لنجد أنفسنا معزولين عن ركب العالم ليس في الأفكار فقط بل حتى في المشاعر . كيف نكون غلاظ بشعين على هذا النحو ، فيما تصرخ منابرنا بكلمات تمجد قدسية الإنسان ، افضل الخلق ؟ أصبحت صورة مألوفة للجميع أن ترى على الطرف المقابل للعالم الذي درج على الاحتفال بهذه الذكرى منذ الآلاف السنوات ، عالما آخر يغرق بالأوهام والأحزان يسمى العالم العربي . فلم تكن مذيعة نشرة الأخبار في إحدى الفضائيات العربية مبالغة ولا متجنية ، حينما ذكرت الخبر التالي : ( في الوقت الذي تحتفل كل دول العالم بمناسبة عيد الحب وسط كرنفالات وابتهاج شعبي واسع ، أوعزت السلطات السعودية إلى قوى الأمن والشرطة بمنع أية مظاهر احتفال بهذا اليوم وملاحقة أي شخص يخرق أو يتجاوز على …) ولسان حال الحاكم يقول : انه عيد بغيض وشيطاني ودخيل على ثقافتنا العربية الإسلامية . ابتسمت بهدوء عندما استمعت ذات مساء لهذا الخبر ( الطريف ) وعدت استلقي على فراشي الوحيد ، مغتبطا أنني أبارك نفسي بالحب من دون أن يعتقلني أحد ، فرحا ببعض حياة كانت تهمس لي بكلمات تذكرني بمن أحبوني وأحببتهم . الهدية الوحيدة الذي وصلتني هذه المرة ، كانت بطاقة حمراء مشفوعة بكلمات أختي الصغيرة ، التي على بساطتها ، بدت لي مثل رذاذا ابيض يعد بأمل ما : ( أخي العزيز احمد ..كل عام وأنت بخير .. من قلبي أتمنى لك أياما مليئة بالمسرات والمحبة …).
[email protected]
#احمد_ثامر_جهاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول إشكالية التلقي بين الرواية والفيلم
-
أجهزة الدولة العراقيةإإإ والولاء المزدوج
-
بوضوح شديد ..تعددت السلطات والهم واحد
-
بوضوح شديد الاعلام العربي...سلوك النعامةإإإ
-
ماذا تبقى من البعث؟سؤال عراقي
-
عن السؤال الثقافي والقراءة الواهمة إشارات في المتغيَّر العرا
...
المزيد.....
-
سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024
-
سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024
-
رهاب المثلية في الجامعة اللبنانية يمنع أطروحة ماجستير عن الم
...
-
السلاح المتفلّت يتسبب بجريمة مروعة في البترون
-
طريقة التقديم في منحة المرأة الماكثة والشروط والضوابط المطلو
...
-
-عثروا على رأسها في كيس أسود-.. تفاصيل جديدة مثيرة عن جريمة
...
-
التفاصيل الجديدة وأهم الشروط.. سن التقاعد للنساء في الجزائر
...
-
الاحتلال يهدد الصحافية اللبنانية آمال خليل بالقتل
-
رئيس إيران يتعهد بالحؤول دون تعرض النساء إلى -المضايقة- من ش
...
-
“شهري 800 د.ج ” شروط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت
...
المزيد.....
-
الجندر والجنسانية - جوديث بتلر
/ حسين القطان
-
بول ريكور: الجنس والمقدّس
/ فتحي المسكيني
-
المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم
/ رشيد جرموني
-
الحب والزواج..
/ ايما جولدمان
-
جدلية الجنس - (الفصل الأوّل)
/ شولاميث فايرستون
-
حول الاجهاض
/ منصور حكمت
-
حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية
/ صفاء طميش
-
ملوك الدعارة
/ إدريس ولد القابلة
-
الجنس الحضاري
/ المنصور جعفر
المزيد.....
|