أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - بهيجة حسين - إنهم يقتلون الحياة














المزيد.....

إنهم يقتلون الحياة


بهيجة حسين

الحوار المتمدن-العدد: 855 - 2004 / 6 / 5 - 04:42
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


أمسكت الصغري بيد والوسطي باليد الأخري والكبري سبقتهم بخطوات0

كل واحدة منهن كانت لها طلب فقد وعدهن الأب أن يأخذهن إلي الدكان ليشتري لهن الحلوي، أكل لقمة وشرب كوب شاي وهن متحلقات حوله0 ربما خطر في ذهنه سؤال حرق قلبه، وأربك عقله، ربما أعمي السؤال الحارق قلبه وقتل في روحه الرحمة0

ربما اقتربن منه مؤكدات له إنهن ينتظرن الإجابة عن السؤال الحارق لثلاث طفلات الكبري عمرها ثماني سنوات، والوسطي عمرها خمس سنوات، والصغري عمرها أربع سنوات0

ثلاثة أفواه مفتوحة تطلب الثلاث وجبات، وأجساد تطلب كسوة الشتاء والصيف، وسنوات أمامهن تتطلب الرعاية والتربية - لن نقول والتعليم0 لأنه ترف، ولا ضرورة له في بيوت الجوعي الفقراء0

كل هذا فجر بالسؤال الحارق: من أين سيطعم هذه الأفواه المفتوحة، ويشد الأجساد، ويواصل اللهاث خلف السنوات الطويلة الممتدة أمامه وأمامهن ، وهو واحد من الملايين الذين يعيشون تحت خط الفقر في بلادنا، واحد من يدفعون يوميا فاتورة سياسات الحكومة التي قضت علي الأخضر واليابس في هذا البلد، وقضت علي كل حلم أو أمل في غد أكثر إنسانية0

وبقية الحكاية نعرفها، فقد نشرتها الصحف في صفحات حوادثها ذاكرة أن أبا من إحدي مدن صعيد مصر تجرد من مشاعر الأبوه واصطحب بناته الثلاث لشراء حلوي لهن، وقام بإغراقهن في الترعة وهرب0

وذكرت الصحف أن الأب تخلص من بناته بسبب الخلافات الدائمة بينه وبين زوجته بسبب نفقات العيال والبيت0 فهو لا ينفق لأنه لا يملك ما ينفقه، والبيت والعيال والحياة كلها لا تنقضي ولا تستمر بدون نفقات0

فتجرد من مشاعر الأبوة وأغرقهن 0

قبله بعدة أشهر أي في عامنا هذا، تجرد أب من المسئولية وشنق نفسه، وفي عامنا هذا تجرد أب آخر من «الصبر» وشنق نفسه، وثالث ورابع وخامس تجردوا من كل ما يربطهم بالحياة، وبالرغبة فيها فأنهوها0

هل نسأل لماذا ينتحر المصريون الآن، ولماذا يقتلون أولادهم ، ولماذا يهربون ويتركون كل شيء خلفهم، إن كانت زوجة أو أولاد أو أباء وأمهات، يهربون من العيون التي تطالبهم باللقمة والهدمة وقرص الدواء؟

لماذا؟ ليس لأنهم فقراء فحسب، فنحن جميعا في هذا البلد أصبحنا فقراء0 ولكن لأنهم معدمون بلا حد أدني للدخول، وإن تحقق حد الكفاف فهو لا يكفي لصون الكرامة أمام العيون التي تطلب، ولا لسد البطون التي تعوي من الجوع0

لماذا؟ لأننا محكومون بسياسات فاشلة أغرقت البلاد في الديون، ودمرت اقتصادها0 دمرت المصانع وباعتها بتراب الفلوس، وبورت الأراضي الزراعية لتبني عليها الحوائط الخرسانية، وأهدرت الطاقة والمال والماء بدعوي زراعة الصحراء، أطلقت يد الفساد لتغرف من المال العام وتقطع من لحمنا الحي ولا تشبع0

بدون أرقام أو فزاعات من السادة المسئولين فحال الفقراء أبلغ من كل الأرقام، وأقوي من كل فزاعات الذين خربوها وجلسوا علي تلها0



#بهيجة_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة أخيرة
- طريق الآلام إلى بغداد
- مصر الطاردة لاهلها


المزيد.....




- آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد ...
- الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي ...
- فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
- آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
- حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن ...
- مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
- رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار ...
- وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع ...
- -أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - بهيجة حسين - إنهم يقتلون الحياة