حامد المالكي
الحوار المتمدن-العدد: 2812 - 2009 / 10 / 27 - 11:43
المحور:
الادب والفن
خلال جلسة ملتقى الخميس الابداعي الذي تشرفت بها والتي عقدت في اتحاد الادباء، سألني احدهم، لماذا كان الحرب والسلام، العمل الجدلي الذي ظهر من على قناة السومرية في رمضان الاخير كان من اخراج السوري تامر اسحاق؟ اجبت بانفعال وبسرعة، لاننا لا نمتلك مخرجين كبار.
الان، هل يمكن ان اراجع جوابي الانفعالي هذا واعتذر عنه؟ الجواب لا، لازلت على قولي هذا والذي اكرره في كل مكان وفي كل صحيفة او محطة اعلامية تلتقي معي، زعل احد الزملاء من المخرجين فاتصل بي وهو يلومني، هذا المخرج يدخل الى موقع التصوير وهو سكران ولم ينم ليلته لانه كان في جلسة سمر ولم يحضّر مشاهده التي سيصورها اليوم فيسال مساعده، ماذا لدينا اليوم؟ ماذا اقول له؟ صمتّ.
لدينا اسماء في التجربة الاخراجية العراقية محط تقدير واجلال لابدعهم الذي حجمته السلطة السابقة بتفاهاتها الرقابية او الميزانيات الضعيفة التي تعطى لهم، اكثر هؤلاء المخرجين اليوم يجلسون على التل وينظرون الى التنافس الدرامي العراقي من موقع المراقب لا المشارك ربما بسبب الاحباطات التي حصلت لهم، من هؤلاء الاستاذ فيصل الياسري والاستاذ صلاح كرم والشيخ محمد شكري جميل ، والمبدع هادي الرواي، وبعض المخرجين العاملين اليوم والذين لا اذكر اسمائهم منعا لاحراج البقية، هؤلاء لا علاقة لهم بمقالتي هذه واعتقد ان من واجبنا ان نكرمهم في النهاية لما تركوه من اثر في تجارب مختلفة.
اعود الى موضوعي الاساسي، ازمة المخرجين العراقيين، في عقد وقعته من المنتج العربي الكبير صادق الصباح وضعت فيه شرط يقول (على ان لا يكلف مخرج عراقي باخراج اعمالي) موضع العقد، الرجل وافق واعطى الحب والسلام الى مخرج سوري شاب في اول تجربة اخراجية له، تصوروا وافقت على مخرج شاب في اول تجاربه ولم اوافق على مخرج عراقي!! لماذا؟
المخرج العراقي تخرج من المؤسسة العامة للاذاعة والتلفزيون والمؤسسة العامة للسينما والمسرح، والتي كنا نطبل فيهما جميعنا وبلا استثناء الا من رحم ربي الى القائد الضرورة، وكان وزراء اعلام القائد الضرورة يهتمون بالمخرج المطبل جيدا ويهملون المخرج صاحب الرؤية، الرؤية يجب ان تكون معدومة في حسابات الانظمة الشمولية، وهذا من المسلمات، هرب كل من كان له حلم ودفن نفسه في مخيمات اللجوء، هشام خالد وفادي اكوب وعدي رشيد نماذج لما اقصد، لا زال عدي يكافح من اجل حلمه السينمائي.
عندما تكون مخرج مؤسسة فعلى هذه المؤسسة ان تكلفك على الاقل في السنة الواحدة باخراج عمل واحد، بهذه الطريقة شاهدنا اسماء العديد من مخرجينا على تايتلات المسلسلات او الافلام السينمائية حتى تحت يافطة مخرج، اكثر هؤلاء بعثيين بامتياز، او متملقون للسيد الوزير وللسيد (العام)، يعني المدير العام، هؤلاء للاسف لازالوا في ساحة الدراما العراقية.
اريد ان اسال من يلومني من المخرجين الذين اعترضوا على كلامي، من منكم لديه هم فكري وابداعي معين يريد طرحه في اعماله الدرامية مثل تلك الهموم التي نراها عند المخرجين الكبار في هوليوود ومصر على الاقل وسوريا اليوم؟ من منكم كلف كاتبا وقال له يا فلان لدي رؤية في الموضوع الفلاني واريدك ان تكتب عنه كما يفعل المخرجون الكبار؟ من منكم اكتشف مشكلة او تابع موضوعا وكلف كاتبا بتناولها؟ يبدو اني اسأل اسئلة كبيرة، سابسط الاسئلة فاننا لسنا في هوليوود، اقول: من منكم شاهد فلما سينمائيا في دار عرض؟ منذ متى؟ ماهو الفلم الاخير الذي شاهدته؟ من فاز هذه السنة في جائزة الاخراج في مهرجان ايمي التلفزيوني ولماذا؟ ومن فاز في اوسكار افضل مخرج وهل شاهدت عمله؟ سابسط اكثر، من منكم يقرأ الجريدة يوميا؟ ماهي اخر رواية قرأتها؟ هل تتوقعون اجوبة لهذه الاسئلة؟ مخرجينا للاسف لا يشاهدون... لا يقرأون... لا يتابعون... لايسمعون... لا يتكلمون... أدعو الصحفيين ان يسألوهم هذه الاسئلة وسوف نرى الحقيقة
هل تصدقون انه منذ اكثر من خمسة عشر سنة لم يولد في العراق مخرجا تلفزيونيا واحدا، كان اخر من ولدوا زميلنا فارس طعمة ، لماذا؟ وما السبب؟ لا ادري، هذا هو الذي دفعني ويدفعني الى اعطاء اعمالي الى مخرجين عرب حتى وان كانت تجاربهم الاولى لاني اعرف انهم حتى وصلوا الى هذه التجربة (الاولى) قطعوا طريقا شاقا من تجارب مختلفة مع مخرجين كبار ولم يكونوا موظفين في مؤسسة تملقية مليئة بالمؤامرات والدسائس وكتاب التقارير السرية التي لا علاقة لها بابداع الاخراج.
#حامد_المالكي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟