|
ايديولوجيا العنف.. تشريح البعث-الحلقة السابعة
نبيل ياسين
الحوار المتمدن-العدد: 2812 - 2009 / 10 / 27 - 03:20
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
محاولة للعدالة والتسامح ايديولوجيا العنف.. تشريح البعث
الحلقة السابعة
نبيل ياسين
باسم هذا القدر الوهمي , والجبري الذي بتطابق مع السياسة الجبرية للدولة الاموية , تم تحطيم المجتمع العراقي ومنع من النهضة باسم الخيار القومي الذي افرغ من روحه الانسانية ومن حريته. يكفي ان نلقي نظرة على فقرة واحدة من فقرات انتهاك القانون وتغييبه: (والحالات التي يلجأ المجلس(مجلس قيادة الثورة) فيها الى اصدار قرارات لها قوة القانون كثيرة ومتنوعة بحيث يصعب ضبطها او تصنيف المواضيع التي تشملها.ولكن يمكن القول بصورة عامة وبعد استعراض قرارات المجلس انها تتناول مايلي: -تجريم افعال لم ينص عليها قانون العقوبات -تشديد العقوبة على جرائم ينص عليها القانون اضافة احكام جديدة او تعديل احكام قانون ما الحد من صلاحيات المحاكم في القضايا الجزائية العادية( العراق وسيادة القانون. اللجنة الدولية للحقوقيين.جنيف.شباط/فبراير1994) ان كل فقرة من الفقرات اعلاه تتضمن رقما يحيل الى هامش طويل يتضمن ارقام القرارات الخاصة بالاعدام مثل القرار رقم461 بتاريخ 31-3-1980 المنشور في الوقائع العراقية عدد 27690 المتضمن تطبيق احكام المادة 156 من قانون العقوبات( انزال عقوبة الاعدام) بحق منتسبي حزب الدعوة او القرار 458 القاضي بتطبيق عقوبة الاعدام ضد كل من يثبت انتماؤه الى حزب او جمعية تهدف الى تغيير النظام. وهكذا. تبدو عقوبة الاعدام كانها هدف اول واخير للحكم.وهي تصدر بدون محاكمة او دفاع. فهل الخيار القومي في النهاية هو الاعدام الذي يتحول الى قدر ومصير؟ يبدو حكم البعث وكأنه تحول الى محكمة لاصدار احكام الاعدام بحق العراقيين دون محاكمة او ادعاء او دفاع مما يضع على عاتق جميع البعثيين العراقيين ان يراجعوا بشكل واقعي هذا الفكر التطهيري الذي وصمهم بالفاشية ليتطهروا هم من آثامه وجرائمه والعودة الى مواطنيهم بقلوب راضية. لقد كان رد النظام البعثي العراقي على هذه الدراسة التي اعدتها لجنة حقوقية دولية نسخة مختصرة من النسخة التضليلية الكبرى لهذا الفكر الذي قام على الاوهام والتضليل والخديعة. وقد نشر الكتاب نفسه رد النظام العراقي في نهاية الكتاب. فاعتراض اللجنة الدولية على تضمين قانون الانتخابات فقرة تحدد الولاء للبعث شرطا للترشيح يجد التبرير التالي (ب-اما الشرط المتعلق بالايمان بمبادئ واهداف ثورة 17-30 تموز يوليو وبقادسية صدام المجيدتين فانه يقصد به شرط الولاء للوطن والدفاع عن وحدته وسلامة اقليمه)(نفس المصدر .ص187). اذن اختصر القانون الوطن بصدام وحربه وحزب البعث. اي ان كل ارهاب وتغييب للحقوق السياسية والاجتماعية وحرمان من حق العمل السياسي والتعبير الفكري يهدف الى التعبير عن الولاء للوطن. وكان رد النظام البعثي على اعتراض اللجنة الدولية وطعنها باللجنة المشرفة على الانتخابات لتبعيتها للحزب الحاكم هكذا(ج-ان عدم حيادية الهيئة العليا المشرفة على الانتخابت بالنظر من تشكيلها برئاسة احد اعضاء مجلس قيادة الثورة وعضوية وزير الحكم المحلي ووزير العدل وممثل عن حزب البعث العربي الاشتراكي وممثل عن كل حزب من الاحزاب المشاركة في الانتخابات فانه لايقصد به الا ان تكون هناك ضمانة قوية ومؤثرة لحرية وحيادية الانتخابات) (نفس المصدر. ص 187). ويمكن ان نسأل العراقيين الان عن حريتهم في تلك الانتخابات وعن الحيادية التي اصبحت جزء من مهازل التاريخ السياسي لذلك النظام الرهيب.، خاصة وان امامهم الان فرصة لمحاكمة عهد الرعب ذاك وعدم تكراره وتكرار اكاذيبه وتضليله باي شكل من الاشكال. لقد كان صدام حسين مثل كريتياس زعيم دكتاتورية الثلاثين التي قضت على الديمقراطية في اثينا عام 409 قبل الميلاد. كان كريتياس( تلميذ سقراط!) يبرر الارهاب العام الذي اطلقه ضد مواطني اثينا بقوله مخاطبا المجلس( اذا كان فيكم من يظن ان عدد الذين تم اعدامهم كان اكثر من العدد المناسب، فعليه ان يفكر في ان هذه الاشياء تحدث دائما حين يتغير نظام الحكم)(محاكمة سقراط.اي. اف. ستون. ترجمة نسيم مجلي.ص 193 . المشروع القومي للترجمة. المجلس الاعلى للثقافة.القاهرة 2002) لقد مضت تبريرات كريتياس الى ابعد مدى استبدادي لايعترف بالعقل او قدرة الطرف الاخر على المحاججة ، اذ يبرر العدد الهائل من الاعدامات بان اثينا مدينة مزدحمة بالسكان، وان اعداء الدكتاتورية كان عددهم كبيرا وان الناس في اثينا تربوا في اجواء الحرية لاطول وقت ممكن)(نفس المصدر. نفس المعطيات)انها نفس فكرة حازم جواد في بغداد عام 1963.اليست هذه التبريرات هي نفس مايردده كثير من البعثيين اليوم مبررين الاعدامات والمقابر الجماعية. كان كريتياس، الذي قلب ديمقراطية اثينا، يؤكد ان مصادرة الحريات تتطلب تصفيات دون رحمة،حتى وصل الامر الى اقدامه على اعدام زميله المعتدل ثيرامين في سياق تعزيز نظام شمولي استبدادي قمعي يخضع فيه المواطنون لا لحريتهم ، وانما لاوامر الدكتاتور. وبما ان هذه الاوامر ليست بالضرورة مطاعة من الجميع فان التصفيات الجسدية هي السبيل الوحيد لتنفيذ الاوامر عبر اخافة الاخرين، وبالتالي تكريس الدكتاتورية حتى عبر انشاء مجالس تمثيلية تسعى لاقرار الدكتاتورية باعتبارها ديمقراطية ارقى من الديمقراطيات المجربة ، وهو الشكل الذي ظهر في حكم البعث مبررا بطريقة روتينية مارستها الانظمة الشمولية باسم غسل الادمغة، ساهم فيه على سبيل المثال كاتب تضليلي، يحاول، مقابل ثمن ان يبرره بالطريقة التالية:(في 21 حزيران 1980 جاء الى الوجود جسم سياسي شرعي جديد كان اعضاؤه 250 عراقيا وعراقية. في الوقت الحاضر يقوده نعيم حداد، احد قادة البعث...ان المجلس الوطني ليس برلمانا بعثيا بقدر ماهو برلمان البعث في تصور الرئيس صدام حسين اثناء نقاشي معه حيث قال» انا اؤومن ان الاغلبية الواسعة من العراقيين هم الان البعثيون سواء كانوا اعضاء في الحزب ام لا.(The Biography of Saddam Hussein .Fouad Matar.p130, 1990) ويستطرد الكاتب هذا بوصف عقلية صدام حسين وتضليلاته بشأن الديمقراطية والانتخابات مروجا لها باعتبارها فلسفة سياسية جديدة فوق الديمقراطية والقانون(في افتتاح اول مجلس وطني بتاريخ30 تموز1980 خاطب الرئيس صدام حسين اعضاء المجلس قائلا( البعض يقول اننا دخلنا الان الى الديمقراطية. هذا خطأ كبير. لاننا طورنا اسلوب العمل الذي كنا فيه ووجدنا انفسنا فيه خلال السنوات العشر قبل الان حيث اننا نقوم الان بتوسيع الديمقراطية.» ويعلق الكاتب: هذه الكلمات تعني ان صدام حسين يعتبر المجلس الوطني خطوة فقط من عدة خطوات تحقق المجلس الشرعي اكثر منه خطوة (ديمقراطية )جامدة.ان صدام يقول( بهذا المجلس الجديد نواصل الديمقراطية باسلوب عمل جديد لتحقيق مبادئ الثورة)( نفس المصدر . نفس الصفحة) ويواصل الكاتب تمجيد فكرة الديمقراطية لدى صدام فيؤكد ان صدام حسين يثير نقطة مهمة حين يقول: ان المجلس الوطني لم يتشكل تحت وطأة ظروف او ضغوطات او صعوبات، وانما جاء بسبب قوة الحزب ونفوذه وسماع صوته (نفس المصدر. ص 191) يمكن للعراقيين ان يشملوا عربا واجانب في المطالبة بان يمارسوا عملية تطهير لاثامهم التي ارتكبوها ضد العراقيين بمساهمتهم في حملة مضللة مدفوعة الثمن بسعر باهض كانت تسعى الى تضليل الرأي العام العراقي والعربي والعالمي بان مايحدث في العراق من مجازر وحروب واعدامات ومقابر جماعية هي شكل من اشكال الديمقراطية والتنمية والتحرر الذي منت به السماء على العراقيين من خلال اختيارهها لصدام ليكون حاكما على العراق. من الواضح ان العقل الحزبي البعثي الذي يشكل نخبته من المحيطين بصدام حسين يعتبر الحقيقة كامنة في اللفظة التي يطلقها صدام بغض النظر عن صدقها او مطابقتها للواقع او الحدث. فالتجليات التي تظهر من اللفظ هي التي تقرر الحقيقة والصدق والواقع والحدث، ليس بشكل تصديق واقرار له فحسب بل باعتبار اللفظة تنزيها لتلك الحقيقة(المفترضة) وتحويلها الى شعار جديد يعمم الوله الجماعي بها, ويحولها في سياق استخدامها الى رادع للحقيقة الواقعة .فالشعار الذي روجه صحفي مثل حسن العلوي, وهو صحفي من جوقة الدعاية لصدام حيث كان المروج الرئيسي له بادئا بتحقيقه الصحفي( مائة ساعة مع القائد الضرورة )في الاهوار عام 1979 وداعية للتعاون بين المثقف والاجهزة الامنية في نهاية السبعينات, وكان يرأس تحرير مجلة اسبوعية هي الف باء, باسم(مضاعفات الاشتراكية) غطى حقيقة النهب المنظم من قبل الحزب الحاكم للثروة وموارد النفط، واستخدام هذه الثروة في توسيع وتقوية اجهزة الامن والمخابرات والاعلام المرتزق والسلاح والدعاية العنصرية القومية، والدعاية السياسية الايديولوجية ضد دول الجوار وتوتير الاجواء والعلاقات لشن الحرب والتصادم العسكري ، في حين كانت الازمات الاجتماعية والمعاشية تضرب المجتمع العراقي بدء من ازمة السكن المستفحلة وازمة مواد البناء وازمة الخبز وازمة الحصول على الفواكه وازمة النقل والموصلات وازمة الهاتف وازمة الغاز وازمة الحليب وازمة اللحوم وازمة البيرة! وازمة المشروبات الغازية وغيرها مما يتذكره العراقيون وعاشوه وعانوه وهم يحملون القناني الفارغة للحليب والمشروبات الغازية شرطا لاستبدالها بقنان مملوءة في حال توفرها يوما في الاسبوع في هذه المنطقة او تلك من مناطق المحافظات، فضلا عن ازمات الحرية والتعبير والعمل السياسي التي وصمت الحياة في العراق تحت سيطرة نظام البعث. وقد تعمم الوله بالوهم باعتباره حقيقة فاصبح شعار التنمية ستارا لتغطية كل تلك الازمات التي عاناها البشر يوميا، حتى ان حليب الاطفال المجفف كان نادرا واستخدم لاذلال العائلة وتهديدها نفسيا وواقعيا، بحيث ان الكرامة العراقية تحولت الى مكرمة يمن بها صدام على العراقيين. لقد الغيت الكرامة البشرية تماما وهذا وحده كاف لوضع جميع البعثيين في محاكمة اخلاقية وثقافية لمساهمتهم في انتهاك كرامة العراقيين. في كتابها اسس التوتاليتارية ، تقول حنا ارندت( تتميز تشكيلات النخبة عن اعضاء الحزب العاديين في انها لاتحتاج الى تبيانات مماثلة، وليست معنية بتصديق الحقيقة الحرفية الكامنة في الشعارات الايديولوجية. على ان هذه الشعارات الاخيرة مصنوعة حتى تستجيب لبحث الجماهير الدؤوب عن الحقيقة.. على ان النخبة لاتتكون من ايديولوجيين، بل ان كل تربية اعضائها انما تهدف الى الى القضاء على طاقتهم في التمييز بين الحقيقة والتزييف، وبين الواقع والتوهم)( اسس التوليتارية. ص135) ان نخبة البعث في العراق ربما اختلفت عن هذا التوصيف العام الواقعي. ذلك ان الطابع الثقافي العام للنخبة في العالم العربي انها تصدق الشعارات وتؤمن بها كحقيقة. فهي معدة سلفا، في مناخ ثقافي عام، للايمان بهذه الشعارات باعتبارها جزء من بحثها عن الحقيقة. وتأتي تربية النخبة في الاجتماعات الحزبية والرسمية لتوسيع تصديقها الكاذب بالشعارات وتحويله الى يقين مطلق يحمل قدرة العدوى السريعة التأثير عن طريق تعميق انعدام طاقتهم على التمييز بين الحقيقة والتزييف، وبين الواقع والتوهم. ويلعب الخوف واشاعة الخوف في تحويل انعدام القدرة على التمييز والتصديق الكاذب للشعارات دورا في شحن نشاطهم بنفحة روحية عنيفة متعصبة ، تحول النشاط الايديولوجي والسياس يللنخبة الى وله عنيف. في هذا المناخ ، كانت النخبة البعثية تعمم حجب الواقع، وتستره بالوله المنظم باقوال القيادة وخطاباتها والفاظها عن الحرية والتنمية ومضاعفات الاشتراكية.لذلك فان استخدام صدام حسين للديمقراطية باعتبارها حقيقة في النظام البعثي وجد له ولها يعممها كحقيقة مطلقة لايمكن التفكير سرا بانها ليست كذلك.ومثل ما فعلت النازية حين احاطت هتلر بطبقة من المريدين،فعل البعث فاحاط صدام بطبقة من المريدين الذين لايكتفون بحماية نظامه وحمايته امنيا وعسكريا ، وانما يذهبون ابعد ،فيقومون بحمايته من الاتصاف بالخطأ من قبل الاخرين.ان هذه البطانة لاتختلق حقائق حول الزعيم والقائد ولاتزعم انه خارق ومقدس، بل ان منظومتها العقلية والفكرية ونسقها الايماني بالشخص يحولان تصوراتها الى عمل. الى وظيفة تشبه وظيفة خادم المعبد الذي يحضر القرابين ويطلي بدمها الجدران لتعميم العبودية والقربنة لبقاء الاله -القائد.ان مفهوم الملك -الاله ، السومري القديم اخلى مكانه في الايديولوجيا التوتاليتارية الى الحاكم الذي يعمم العبودية له باعتباره معجزة سماوية ، قادرة على التماثل، من خلال خطبها والفاظها، مع الكتب السماوية المقدسة. ومقابل ما اعتبرته النازية مؤامرة عالمية من قبل اليهود لتبرير ابادتهم في اوربا، اعتبر البعث ان المؤامرة مستمرة ومتحولة من (الرجعية العربية )الى (الفرس المجوس) الى سكان الجنوب الى الاكراد الى السامرائيين الى الجبور الى الدليم الى (النفط العربي الخليجي) الى (اميركا) دون ادنى شعور بخطأ اي من جوانب هذه الفكرة او شعور بان المعالجة لهذه المؤامرة يمكن ان تكون بتجنبها، فكانت فكرة اعداد الشعب العراقي(الامة العربية) للحرب ضد ايران مبررا لوأد هذه المؤامرة في مهدها.كان البحث عن حرب، ايديولوجيا عميقة الجذور في الفكر البعثي. انها في الواقع الايديولوجيا التي نهضت مع نهوض الحرس القومي والجيش الشعبي ومختلف الفصائل ذات الطابع العسكري في سلطة البعث.انها حرب مستمرة ، اذا لم تجد تنفيسا خارجيا ارتدت الى الداخل لتنفس عن انكماشها فتقوم بحملات التبعيث القسري والاعتقالات وكتابة التقارير الامنية وتشريع التعذيب وعسكرة اطفال رياض الاطفال وتحفيظهم الاناشيد الحربية والباس التلاميذ البزات الخاكية.ان تنظيم المواطنين على اختلاف اعمارهم في تشكيلات شبه عسكرية (الطلائع، الجيش الشعبي، فدائيو صدام، جيش القدس، الخ) لم يكن يتوخى الاشتراك الفعلي في القتال بالدرجة الاولى بقدر مايتوخى تأطير هذه النخب في اطار ارهابي باعتبارها فوق الجميع. ليس باعتبارها جزء من الشعب ، او باعتبار افرادها مواطنين يختلطون بافراد الشعب ، وانما كقوى ضاربة تخويفية تشرف على الجميع باعتبارها ملائكة شريرة مستفيدة من التنظيم شبه العسكري للتفوق على الاخرين من افراد الشعب. وكان حزب البعث قد اقتفى خطى النازية في جوهر هذه التشكيلات مع الاضافة البعثية عليه((وكان النازيون سرعان ما ادركوا وجود صلة وثيقة بين النزعة الى العسكرة التامة وبين الانفصال الكلي عن الناس)( حنا ارندت. اسس التوليتارية. الطبعة الاولى 1993) لكن نزعة الانفصال الكلي عن الناس لم تكن في عداد الاهداف التي توخاها صدام وفكره . انما كان اطلاقها فوق المجتمع هدفا ماثلا امام عين القيادة الحزبية والسياسية والعسكرية. فتشديد الرقابة على المواطنين الاخرين ، وارهابهم والسيطرة عليهم كان هدفا مباشرا لتشكيل هذه الفرق واعطائها صلاحيات الاعتقال والاعدام وكتابة التقارير والتدخل كونها فرق السيطرة ذات السلطة العليا الخاضعة للقائد مباشرة عبر انتمائها الروحي والمادي والمعنوي له باعتبارها تمثيلا للدفاع عنه والتضحية من اجله وسوق الاخرين الى المذبح كقرابين تفديه. ويقوم وجود هذه التشكيلات على مبدأ القائد الضرورة. اي القائد المستبد. القائد الذي يستخدم قواه الخارقة لايقاع العقوبة بالاخرين لانه اصدرها عن الهام ،وهم يستحقونها لانها صادرة منه فحسب.
ان هذه التشكيلات تطيع دون وعي. انها تبدأ كنخبة ثم كحشد ، ثم كقطيع. ومن خلال سياق القطيع تقوم باشاعة ضرورة الطاعة الجماعية للمجتمع باعتبارها واجب طقسي للشعور بالعرفان لعبقرية والهام القائد الذي يسوق القطعان الى المسلخ. كانت حروب البعث مسالخ اعدها صدام حسين لسوق هذه القطعان لتنفيذ الطاعة التي تتوخى تكريس القائد الضرورة. اما موتها فكان يعني الشعور بالعرفان والتضحية من اجل الالهام الذي ينشره القائد الضرورة على الاخرين ولذلك كان صدام يسمي الاعطيات المالية للناس بانها (اكراميات) على الرغم من حقهم بمبالغها. انها منة. منة مقابل الشعور بالعرفان والجميل للبقاء على قيد الحياة او البقاء في العمل من قبل الاخرين الذين يحصلون على هذه (الاكرامية).انها حق السيد في انزال الفرح في قلب العبد.ولذلك اثمرت هذه الاكرامية عن شعور عميق بالفضل والدونية في نفس الوقت لدى من التقيت بهم من حاصلي هذه الاكرامية. كان حديثهم عنها كحديث الحاصل على صك غفران. وتولى البعث اعداد النخبة في معهد الاعداد الحزبي الذي يستقبل كوادر الحزب للتشرب بفكر واحدي اقتلاعي لاية فكرة اخرى .. فهذا المعهد يدرس خطب صدام حسين وافكار ميشيل عفلق وتدرس فيه (الطليعة) الفكرية للبعث مثل سعدون حمادي والياس فرح وغيرهما من البعثيين القدامى الذين خاضوا صراعهم ضد الافكارالاخرى باساليب القمع والعنف. وهذه النخبة المتخرجة من هذا المعهد تولت ايصال صدام حسين الى العصمة في صفوف العراقيين من حزبيين وغيرهم. فلكي تشيع صفة العصمة لدى القائد عليها ان تتكرس في عقل النخبة التي تشيعها في صفوف الحزب المدنية والعسكرية ، ثم تتولى نقلها واشاعتها في صفوف المجتمع المختلفة، معززة بالصورة في كل مكان: الساحة، الحائط، الشارع، المنعطف، المدرسة، المصنع، المعسكر، التلفزيون، الصحيفة، الكتاب، لتنطبع في الذاكرة كفعل رادع ومقدس. حاول بعث صدام بعث الميثولوجيا الرفدينية باعتبارها متطابقة مع ميثولوجيا صدام نفسه. ولذلك وضع تمثالا لحمورابي في مدخل مبنى المجلس الوطني الذي كان يستخدمه صدام في السبعينات حين كان بمنصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة.وحين اعاد ترميم بابل بشكل مشوه وضع الحرفين الاولين من اسمه واسم ابيه على طابوق الترميم مما جعل اليونسكو تحتج واصبحت بابل جزء من عراق صدام حسين وليس جزء من التاريخ الرافديني الحضاري للعراق. هكذا اصبحت (ارادة) القائد فوق الجميع ، واختفت ارادة الامة. واصبحت ارادة القائد معصومة من الزلل، وقدره معصوما ايضا، وخطابه ديني وطقوسي. وبحصول القائد على العصمة التي تقربنت بالدماء والجثث كذلك ، يكون قرار الحرب قد حصل على عصمته. اصبحت الحرب بحد ذاتها مقدسة بغض النظر عن الانتصار. اذ وفق هذا المنطق فان كل حرب هي انتصار بحد ذاتها، ولذلك ليس غريبا ان يظل صدام يكرر انه انتصر في (ام المعارك)، لان اندلاع الحرب بحد ذاته هو الانتصار بغض النظر عن النتيجة. في المانيا، كان توماس مان يقول(كانت الحرب اكثر مايلهم الشاعر، لا النصر في ذاته)( اسس التوليتارية. ص 61). لذلك شرع الادب العراقي في كتابة ادب الحرب وتضخم خلال ثماني سنوات، وكان يصنع الانتصارات الوهمية والحوادث المتخيلة المحاطة بطقوس انسانية وروحانية غاية في الرقة والعذوبة والشفافية.وصورت ساحة الحرب وكأنها حديقة معشبة لاتزدهر فيها الجثث والقبور وانما التضحيات والرفق والرسم وقراءة الشعر وكتابة رسائل حرب لامكان للغرام فيها وانما لذكر وقائع الحرب وانتصاراتها وتضحيات مقاتليها وقدرتهم على ابادة العدو الموصوف بارذل الصفات. لقد عملت وزارة الثقافة والاعلام تحت آمرية الوزير لطيف نصيف جاسم ، الموجه من صدام حسين مباشرة، على ان تكون الحرب مصدر الهام الادب العراقي وسجلا للتاريخ والافكار والمشاعر والاحاسيس، ولكن المزيفة منها وليس الحقيقية. وتم سوق الادباء الى ساحات القتال لاداء(المعايشة)التي كان على الجميع من غير العسكريين اداءها ليكونوا مواطنين صالحين مقبولين من الحكم. وتلقى الادباء عبر معايشتهم الالهام ممزوجا بالدم والموت اللذين يتحولان الى خمرة وخلود في القصص والقصائد، فيما كان الهام القائد يخيم فوق كل الهام ادبي، فالحرب في الهام القائد هي تطهير للنفس العراقية التي لم تحقق الشعارات القومية، ولم تتمكن من الالتفاف حول القائد طوعا. فتم في سياق الحرب تحويل كل الشعارات القومية الى الهام كبير انتهى به المطاف الى صياغة عبادة الفرد واظهارها بمظهرها التام، فظهر القائد الضرورة الذي نثر على الحرب طقوسه والفاظه وبخوره المنبعثة من منخريه. وتحول مهرجان المربد الى فريسة عسكرية وبوقا عسكريا لبس فيه المدعوون من الادباء والشعراء البزات العسكرية وهم يلقون قصائدهم. ان تحويل مهرجان المربد الثقافي الى ساحة هتاف عسكري عار لم يفكر احد الخلاص منه حتى هذه اللحظة. وفي سياق الابقاء على وله العار لنفي الشعور بالذنب يصر كثيرون على احياء هذا المثوى الاخير للثقافة العراقية. وصف شاعر بعثي هو علي جعفر العلاق مهرجان المربد العسكري النزعة ، والموظف لتهييج العنصرية وصيحات الحرب بانه( مربد الابداع والاحتفال بالنصر الكبير) (الاقلام- عدد 11-12 عام 1988) وكان العلاق قد افرد الشعر البعثي باعتباره شعر الطليعة العربية في كتابه(شعراء الطليعة) في تنظير يسعى الى مسح الثقافة العراقية لصالح تفوق الادب البعثي، وهو الامر الذي لم يتورع عن تاكيده ناقد بعثي ، كان شيوعيا، مثل باسم عبد الحميد حمودي في عدد من كتاباته حيث قدم الجزء السابع من قصص قادسية صدام واصفا القصص التي كتبت لتمجيد الحرب وبطلها الوحيد صدام حسين باعتبارها تقدم(عمق الصورة الانسانية) في قلب لمفاهيم البشرية حيث تتحول الحرب الى فعل انساني وليس فعلا وحشيا. ان التماهي مع الضلال والتضليل لم يقتصر على عدد محدود من مثقفي البعث. فلطفية الدليمي ، الكاتبة الشيوعية التي تحولت الى كاتبة بعثية مثل باسم حمودي، تؤكد ادانتها لرفاقها البعثيين بانهم لم يكتبوا بنبض القلب عن تحولات البعث( كتب الكثيرون منا عن التحولات بالاقلام وليس بنبض القلب. فمفهوم البعث الانساني في هذا السياق ليس هو خلق الاشكال الجديدة من الحياة واساليب العيش وطرائق التفكير والتعبير فحسب وانما تحويل الحقائق والمعظيات الملموسة الواقعة في اتجاه تطور حيوي دائم)(الاقلام- عدد خاص بذكرى ثورة 17-30 تموز. العدد 10 عام 1980) لقد التقتني لطفية الدليمي في معرض فرانكفورت وتبادلنا التحية والحديث وكآن الزمن قد توقف ، وكانه ليس هناك ماض لها او ماض آخر لي، والماضي لم يحدث وكلمة اسف لم تصدر ومع هذا فان الحقائق التي تود لطفية ان تحولها الى تطور حيوي دائم ينبغي ان تدفعها لاعادة رؤية تلك الحقائق التي تجلت عن كوارث ملموسة في اشكال العيش وطرائق التفكير.هل كان على قاصة ان تذهب هذا المذهب من التنظير الذي يبدو فيه التحريض ضد آخرين، قد يكونون مجهولين في تعبير(الكثيرون منا)؟الامر الذي زايد عليه شيوعي آخر تحول الى بعثي آخر هو باسم عبد الحميد حمودي في نفس العدد حيث يشيع الكذب والدجل والتضليل (واستعراض سريع لما تحقق بعد ثورة 17 تموز 1968 التي اعطت واقعا اجتماعيا جديدا بكل ابعاده اقتحم المواقع القديمة للسلطة وغير من بنية المجتمع الداخلية، حول المجتمع من مجتمع زراعي متخلف الى مجتمع متطور زادت فيه الطاقات الانتاجية لمختلف القطاعات ،منها القطاع الثقافي. هذا التغيير الذي تم على الصعيد الاجتماعي لم يبتعد عن الفكر الذي غرسته الثورة في نفوس الجماهير ووعيه لاعادة تشكيلها وتنظيمها ضمن صيغ الثورة العربية التي لم تقف عند حدود التثقيف وتعديل الواقع الاجتماعي، وانما وقفت ضد الاحتكارات العالمية فغيرت الواقع الاقتصادي من واقع منهوب الى واقع يمتلك حريته الفعلية)( الاقلام-عدد خاص- ثورة 17-30 تموز- 10-1980) هذا الكذب الذي مارسه كاتب بعثي كان شيوعيا عاد والتحق بجوقة فخري كريم واعيد تسويقه لان المطلوب هو قطيع من غنم المثقفين يخون الراعي ويقود الغنم الى فم الذئب. تمعنوا جيدا بالمفردات: واقع جديد، طاقات انتاجية، ضد الاحتكارات، واقع منهوب، بلد زراعي متخلف، مجتمع متطور، وغيرها. هل تصدقون ذلك؟ هل يصدق الواقع الحالي للعراق هذه الاكاذيب والتضليلات المدروسة؟ انها جريمة اخلاقية يكافآ عليها الكاذب والمخادع باعادة تسويقه واعطائه سلطة جديدة في حكومة يفترض انها ديمقراطية وبديلة للبعث لكن كذابي البعث يتبوآون مواقع بمساعدة مستشاري رئيس وزراء هو قائد حزب الدعوة. مالذي يحدث حقا؟ من الذي يشترك في الجريمة والتغيير وخرق الضمير وتدمير القيم والمعايير؟ ربما يكون حمودي هذا اسوآ تعبير عما حدث ويحدث في العراق . انه يكتب بكل صلف الكذاب الواثق من قدرته على استغفال الناس وايمانه بغبائهم (الناقد الادبي اذن رائد فكري وعقلاني ذو نفس حضاري وثقافي عال لايعتمد على العواطف قدر مايحاول عقلنة هذه الاحاسيس)( باسم عبد الحميد حمودي- رحلة مع القصة العراقية -ص 10) لقد اجبرت نفسي بقوة مذهلة على الصبر لكي اكمل كتابة هذا المقتطف القاتل. تصوروا! هذه الكلمات الكبيرة تصدر من قلم صغير مرتزق: رائد عقلاني، اي هو باسم لاغير ، رائد فكري، اي هو باسم لاغير، ذو نفس حضاري، اي هو لاغير. انه عهر ثقافي صريح مع سبق الاصرار حقا.عهر حاول طمس معالم المعاناة العراقية . عهر ساعد الفاشية والدكتاتورية على ان تقتل الناس في العراق لانهم لايتمتعون بفكر عقلاني وحضاري وثقافي عال يؤمن بقدرة البعث على اغتيال العقل والفكر والتاريخ والبشر.ان الكارثة ان مثل هذا الكلام يستعيد قدرته على ان يكون في خدمة اهداف فخري كريم لسوق المثقفين مثل قطيع غنم ، وخدمة نظام يفترض انه ديمقراطي فاذا به نظام يعيد تسويق وانتاج المرتزقة.هل يعتقد مثل هذا الناقد ان الجميع مغفلون وان المثقفين عبارة عن فوج من الدرك الجاهز لتلقي التعليمات بقمع المشاغبين؟ انه عار حقيقي يشترك به الجميع مع الاسف وعلى العراق ان يواجه هذا العار ليخرج منه. لم ينجح البعث في تحقيق الوحدة العربية، فبقيت النفس القومية غير صافية. ولكي تصفو حسب نظرية عفلق وصدام باعتبار ان الحرب توفر الفرصة للطهارة والصفاء فان ذلك يتطلب ابادة جنس ما. كانت محاولات ابادة الاكراد عملا داخليا لم يأخذ مداه الاقليمي والدولي الكامل. لذلك تم اختراع العدو الفارسي المجوسي لاعلان الحرب على ايران.ضم مصطلح الفرس المجوس محاولات القضاء على القومية والسياسة معا.فالقومية العربية وقفت ضد الفرس، والاسلام وقف ضد المجوسية، باعتبار ان البعث هو الماضي، ولذلك تم اختيار اسم للحرب هو (القادسية) في استعادة لامجاد فتح العراق. وبما ان القادسية التاريخية مسجلة باسم المسلمين العرب الفاتحين ،تم تسجيل القادسية المكررة والمستعادة باس صدام فسميت (قادسية صدام).في بداية الحرب كانت الحرب تصور في اعلام البعث وعلى لسان صدام بانها حرب تخاض من قبل العرا نيابة عن الامة العربية التي كانت بعض دولها تزود هذه الحرب بالاموال لكي تستمر.ولكن بعد الهزائم المنكرة والمتكررة ، وبروز تهديد ايراني لاحتلال البصرة، ووصول صواريخ ايران الى بغداد واعلان الخميني نيته على اسقاط صدام ، دخلت الى الخطاب البعثي الايات القرآنية ، وصارت الجملة القيادية تمتلئ بامثلة دينية واستشهادات قرآنية مندمجة مع امثلة عرب الجزيرة الذين يحملون الرسالة. ولاحت بوادر توسل في الخطاب الذي يعبر عن الشعور باقتراب الهزيمة، فظهرت مفردات(النخوة) بعد ان اتضح للعيان ان الجيش العراقي ينوء بعبء ثقيل وان الضحايا يزدادون وان التذمر بدأ ينتشر وان الفرار من ساحات الحرب صار ظاهرة عامة كتعبير عن الرفض ولا جدوى الحرب وافتضاح امر الشعارات والخطابات والتصنيفات التي رافقت اندلاعها واستمرارها. وبظهور النخوة ظهرت العشيرة وادخلت الى جدول المحروقات التي تستخدمها الحرب. وطفق صدام يستدعي العشيرة، فاذا بان منها تراخ استبدل شيوخها، واخذ يرسم مظاهر الحضور العشائري في الحرب عبر تحشيدها ببيارقها واستعراضها بهوساتها في القاعات الرئاسية التي تحولت الى خيمة يلبس فيها القائد مختلف ازياء العشائر في سياق دفع الجميع الى المحرقة التي تلتهم الناس بسرعة ، وهذه المرة للخلاص منها وليس لاستمرارها، لان عملية تطهير الامة باءت بالفشل واخذت تهدد النظام نفسه بالسقوط، ولان التنظيمات الحزبية والعسكرية وشبه العسكرية اثقلت باعباء لم تستطع تحملها وصارت العشيرة ملاذا للهاربين من الخدمة العسكرية في اتون الموت. وفي سياق تديين الحرب ومستلزماتها اخترعت جوقة صدام الدعائية اسماء العمليات العسكرية كالقادسية والانفال ، كما اخترعت اسماء الاسلحة كصواريخ الحسين والعباس في اطار عملية استدعاء للتاريخ وتقربا من فئات دينية كانت حطب الحرب والموت. لقد تعبت كل هذه التنظيمات من لعب دور الحارس والمسيطر والنخبة والموله والواثق بعصمة القائد، فبدأ التذمر في صفوف الجيش، واصبحت الوقائع الميدانية تكشف سذاجة وحماقة الخطط العسكرية للقائد الملهم، وبدأ البعثيون يختلقون مختلف الاعذار لعدم الذهاب الى الجبهة في حملات الجيش الشعبي او المعايشة، وتفاقمت الازمات المعاشية، والمواد الغذائية والاستهلاكية التي كانت تلتهم حصصها الحرب المستمرة، وبدأت المساعدات الماليةالخارجية تتقلص وتتلكأ، وبدأت فرق الاعدام للهاربين من الجيش تخشى الغرق في بحر من الدماء التي اسالتها وتصاعد امكانية الانتقام في اية فرصة، وبدأت القصائد والروايات والقصص تتكدس دون ان تعيد تنظيم صفوف الروح المعنوية الهابطة والمتذمرة ، وبدأت الضلالات والاكاذيب تصعد فوق سطح الاكداس الهائلة من الورق والحبر الكاذب. تتصف الانظمة الشمولية بالخوف.انه صفة لازمة ومشتركة لاي نظام شمولي.ويتجلى الخوف من اية نأمة غير منظمة. لذلك تشرع الشموليات بالتركيز على التنظيم المركزي والصارم والحديدي. ان الانظمة الشمولية لاتحب ان تفجأ . انها تحاول ان تحسب الحساب لاي طارئ. ولذلك يحل خوفها في نفوس اتباعها ايضا. انها تصبح ككاشف الالغام. يمر على كل شبر من الارض المشبوهة.ان كل فكرة خارج النظام الشمولي هي لغم بالنسبة له.وليس هناك نظام يحارب الافكار كالنظام الشمولي.انه نظام الاجراءات الصارمة القائمة على الافكار. انها تحرس الافكار في الواقع.ورغم ان النظام الشمولي يتخذ مختلف الاجراءات والاحتياطات غير القانونية وغير الانسانية وغير المعتادة لحماية نفسه، الا انه كلما اتخذ مزيدا من التدابير الامنية الحديدية كلما ارداد خوفا.انها معادلة تكاد تكون رياضية او فيزيائية. في سياق الخوف هذا، يجري تعميم الخوف .وتصبح مهمة الدعاية هي تبديد هذا الخوف بالصورة التالية: الايحاء بقوة السلطة وجبروتها وشجاعتها وقدرتها على استباق اية مفاجأة او تحرك، وفي نفس الوقت ، تحويل هذا التبديد من جانب السلطة الى شعور دائم لدى المواطنين بالخوف من قوة السلطة وقدرتها وعدم خوفها.وبذلك تكون جميع مؤسسات السلطة بمثابة جهاز شرطة او امن، حتى الجيش ووسائل الدعاية نفسها.ان الانظمة الشمولية لاتعترف بالمجتمع الا كونه حشدا منسجما موحدا لاتمايزات سياسية او شعورية او قومية او ثقافية فيه.ان المجتمع في مفهوم وتطبيق الانظمة الشمولية هو شخص واحد يتصف بصفات الجميع.ولذلك اعتبر صدام حسين في وقت مبكر من السبعينات (ان كل عراقي هو بعثي وان لم ينتم) الى الحزب.اي ان جميع العراقيين هم بعثي واحد يتصف بصفات الجميع من خلال اتصافهم بصفة البعثي. وبطبيعة الحال كان صدام يضع اساس الشمولية التي عمل على تجسيدها من خلال عدة مراحل وتدابير وافكار وتحولات بحيث اصبح البعثي نفسه ضحية لهذه الشمولية، تماما كما حدث في عهد ستالين حين اصبح ملايين الشيوعيين ضحايا لنظام ستالين الشمولي. تجمع الشمولية الاستبداد والطغيان والدكتاتورية وتعيد صبها في تمثال الشمولية المعبود. ان النظام الشمولي في الواقع، كما ظهر في بلدان عدة، وفي العراق خاصة، نظام غير مستقر. انه قلق باستمرار، وخائف، يدقق في اسيجته المتعددة بحثا عن المؤامرة ، والاغتيال ، والتسلل، والخيانة، والانقلاب والهجوم الاستباقي.ومن اجل تفادي حصول اي منها فان اجهزته هي الاخرى غير مستقرة ، وقلقة، وخائفة ، وتدقق في ذاتها هي ايضا. انها تخشى نفسها وتعيش هاجس الاتهام بواحدة او اكثر من تلك المظاهر التي يدقق النظام الشمولي بحثا عنها.وفي الوقت الذي يعمم فيه النظام الشمولي الخوف ، ينعزل اكثر فاكثر ، ويتقلص وجوده كمؤسسات ، ليتحول الى نمط سلوكي اكثر منه مؤسسة ذكية. تكشف النتائج التي تمخضت عن نهاية الحرب وسقوط نظام صدام حسين عن كثير من الحقائق المتعلقة بالنظام الشمولي الصدامي.لقد لعب النمط السلوكي واشاعة الخوف دوره في اعداد حملة دعائية ضخمة للتصدى للحرب والانتصار فيها. وجرى بدقة اختيار اسم ( الحواسم) لها على اعتبار ان هذه الحرب ستحسم الامر لصالح الانتصار على الولايات المتحدة.لم يكن الغرض الفعلي وراء شعار واسم الحواسم والحملة الدعائية المرافقة تحقيق انتصار فعلي في ارض المعركة. فقد كان الرهان المخفي هو الوصول الى نقطة او مرحلة تتوقف فيها الحرب لاي سبب.لقد فات نظام صدام الشمولي ، المتمثل في حكم القائد الملهم، ان نقطة انهيار الخوف قد توفرت قبل الحرب، وبالذات في علامات الاستفهام التي كانت ترتسم خفية ، على وجوه القادة العسكريين الذين يحضرون جلسات الصورة التلفزيونية المعدة بعناية دعائية ولكن فات اوانها. يدخل القائد الملهم ذو العصمة الى قاعة يقف فيها القادة . لايجلسون حتى يجلس ، ثم يظهر مدخنا سيجاره ، نافثا من منخريه الدخان والانفاس المقدسة. يلقي موعضته. يضحك ويستهزئ بالاعداء، ثم يخرج هؤلاء القادة الذين بدأوا يشكون في القدرة على صد الحرب.لقد وصلت الشمولية الى نقطة تحلل الخوف، ثم الى نقطة التساؤل التي كانت الشمولية تخاف ان يصل اليها احد.حين ذهب القادة الى مواقع قطعاتهم كان الوله قد بدأ يتمزق.وكانت العصمة قد بدأت تتحول الى شكوك، ثم الى ندم مؤجل.قبل الحرب ادرك الجميع ، بمن فيهم النخبة، ان العصمة قد بدأت عدها التنازلي، وان الانتظار وحده سيكشف عما اذا كانت هذه العصمة اكذوبة صاغها احد ما بطريقة تضليلية ام انها الهام خفي يتجسد في لحظات لايراها العامة من النخبة. في منتصف الحرب، وبعد الانهيارات العسكرية ، كانت النخبة الموقنة هذه المرة بواجب الدفاع عن ولهها وايمانها وعدم اتاحة الفرصة لكشف زيف هذه الوله وهذا الايمان ، مدعوة للصمود قدر الامكان في ظروف الشلل وتخلخل اليقين.ولكن الصورة لم تعد تلعب دورها كما كانت من قبل. فالمسافات اتسعت والرؤيا لم تعد مركزة، ورمز الدعاية والوله والعصمة والقائد الملهم محمد سعيد الصحاف صار مضطربا ، يتغلبه الجد والهزل دون ان يسيطر على الصورة ويحول دون تحللها، حتى تحولت الصورة الى مهزلة ، وانكشف في لحظة ما ان الجميع قد سيقوا الى اقدار ومصائر مضللة كانوا في وقت ما يستطيعون تجنب الانسياق اليها. يكشف تحول الجيش المقاتل الى افراد مدنيين يبحثون عن دشداشة ونعال للذهاب الى بيوتهم عن انهيار النظام الشمولي منذ قبل هذه اللحظة. كان الخوف والصورة يلعبان دور النمط السلوكي ، وليس المؤسسة ، في تغذية الشمولية باعتبارها قادرة ومهيمنة وجبارة ومعصومة كذلك.وكان الجميع تقريبا، بمن فيهم افراد من النخبة، يشعرون ان اقتراب الحرب بدأ يلقي ضوء على تهلهل هذه الشمولية وعزلتها وخوفها هي من المواطنين اكثر من خوفهم منها. كان الطرفان: الشمولية والعراقيون، يشعرون بضرورة تأجيل المواجهة فحسب. وجد صدام نفسه، في نهاية الامر وحيدا. ذئبا منفردا يختفي مع حفنة من حراسه( تفاصيل ذلك في الفصل الخامس:حرب بلا قائد) لينتهي في آخر المطاف الى وحيد قابع في حفرة تحت الارض محاولا الحفاظ على استمرار صورة ممزقة ووله حسير ،منعزلا عن الشمولية كما كانت حقا من قبل . انكشفت عورة الشمولية باعتبارها نمطا سلوكيا تجاوز مرحلة المؤسسة ودمرها بعدم وجود مؤسسة قادرة عن حمايتها الا بالصورة والدعاية وتعميم الخوف. قام صدام حسن، في وقت مبكر، بالتركيز على الاعلام. انشأ عام 1972 مكتب الثقافة والاعلام القومي باشرافه المباشر هو. وكان هذا المكتب في الواقع غرفة عمليات اعلامية لصدام حسين يستخدمه في رسم معالم صعوده وتسويق صورته وافعاله وتهديد الخصوم ايضا عبر رسم خطوات واساليب استخدام الكلمة والصورة.كان يقوم بزيارات متكررة الى الصحف ومبنى الاذاعة والتلفزيون.حتى صحافة الاطفال لم تنج من تدخله المباشر. فقد كان يعد الاجيال الى مصيرها الذي خطط له. عام 1975 حضر صدام فجأة الى مقر جمعية المهندسين العراقيين حيث كان يقام علي حدائقها الاحتفال بعيد الصحافة العراقية في 15 حزيران من كل عام. كنت عضوا في الهيئة الادارية لنقابة الصحفيين آنذاك. ودخل فجأة برفقة رهطه الذي يحيط به ، والذي كان سياجا سياسيا ومعنويا له ، والذي سيغيب حالما يكتشف صدام ان ثغرة في هذا السياج قد حدثت حين عبروا عن تساؤلهم عن كيفية اختياره رئيسا دون علمهم:عدنان الحمداني، غانم عبد الجليل، محمد محجوب وغيرهم.كان يجلس معنا على نفس المائدة المرحوم شمران الياسري(ابو كاطع) الذي عبر عن استغرابه لهذا الحضور المفاجئ ودلالته بصوت هامس. بعد ذلك ، بدأت صورة صدام تهيمن على المشهد من خلال الندوات التي سميت ندوات الانتاجية ، وكانت في الواقع، مخططا لتثبيت موقع وصورة وسطوة صدام حسين وتدخله في كل مرافق الدولة والسلطة.كان السيجار جزء من الصورة. وكان يتم تصغير الجسم وتكبير الوجه في الصورة لتنغرس الملامح في كل مخيلة وذاكرة. تحولت صورة صدام الى حضور يومي دائم ، وعلى مدى ساعات في كل بيت عراقي. وحين زار منطقة الاهوار واكتشف ان صورته لم تكن معروفة بالقدرالذي يرضيه،امر بتوزيع اجهزة التلفزيون على مناطق الاهوار ومد الكهرباء اليها. وفي هذا السياق كان يجمع كتاب القصة والرواية في جلسات ويسرد عليهم (وقائع )حياته النضالية، فاختار من تلك السرديات رواية (الايام الطويلة) التي كتبها عبد الامير معلة فتحولت الى فيلم بنفس العنوان.كان النظام الشمولي يتكون عبر تجميع مادته واجزائه من التاريخ والشخص والخرافة والفكرة وضمور الاخرين. تم تبعيث جميع وسائل الاعلام عبرخطة نفذها وزير الاعلام آنذاك طارق عزيز المعروف بميوله الاستئصالية الايديولوجية ، وبادوات مخلصة للطاعة والاستئصال نفذت تطبيق القوائم السوداء. وجدنا انفسنا خارج الاعلام الرسمي ، ومحاصرين بالتضييق والقوائم السوداء التي حرس تطبيقها اشخاص مثل حسن العلوي في مائة ساعة مع القائد في الف باء ودعوته المثقفين للتعاون مع الامن باعتباره امن الثورة وليس امن بهجت العطية كما كتب في افتتاحيته لالف باء بعد ان خرجت من الامن العامة رافضا العرض المصحوب بالتهديد بالتعاون مع الامن عام 1977 وكان العلوي يلقي دروسا في الاعلام على شرطة مديرية الامن العامة في ذلك العام، ،سعد البزاز ومحمد سعيد الصحاف وعبد الغني عبد الغفور وجوقات من صحفيين وشعراء وادباء آخرين صغار . وقبلها غوغائية الندوات التلفزيونية التي كان يقدمها ابراهيم الزبيدي مع عدنان القيسي للترويج لبهلوانيات درست بدقة للتغطية على وقائع سياسية واجتماعية كانت تعصف بالعراق في مطلع السبعينات.في عام 1995 كنت ضيفا مدعوا لحضور احد مؤتمرات اتحاد الديمقراطيين العراقيين في لندن. وكان ابراهيم الزبيدي يعمل مع صلاح عمر العلي امين عام حركة الوفاق التي انشقت عنها حركة الوفاق التي قادها اياد علاوي. كان الزبيدي يجلس امامي فالتفت يسالني معرضا بي: متى تقرآ البيان الاول للامريكان في اذاعة بغداد ؟ فاجبته متهكما : ليس وانت موجود. واذا بالزبيدي من اوائل الذين ذهب مع الامريكان الى بغداد وعمل معهم ثم حين انتهى دوره صار يهاجمهم بعنف. وهذه صورة نمطية للمثقف والاعلامي العراقي يمكن ايراد مئات الشواهد المماثلة عليها من مختلف الايديولوجيات والاتجاهات السياسية التي تتنمط بروح انتهازية مصلحية لا اثر لموقف فيها ولاالتزام.
ماحدث في العراق على مدى اربعة عقود لم يكن في غفلة من التاريخ، ولم يكن صدفة، ولم يكن قدرا. كان جريمة منظمة خطط لها فكر فاشي يرى في الجريمة اسلوبا للحكم. ولكي تحكم فان تصفية الاخر هي عمل سياسي يقع في اطار النسق الايديولوجي الذي يجعل الجريمة عنفا ثوريا،وحقدا مقدسا يحرس السلطة والحكم. على العراقيين ان يقرؤآ كل ماكتبه هؤلاء ليعرفوا اية نماذج دموية كانت تحكمهم وتؤهلهم للموت. ليقرؤا ويعرفوا ويتجاوزوا هذه المأساة الى مستقبل آخر. هذا التجاوز لايتم الا بمحاكمة هذه الطغمة ومافعلت محاكمة ثقافية اولا. لالغاء ثقافة الموت والرعب والالغاء والتصفيات الجماعية. فلايمكن للعراق ان يستمر بالتصفيات الجسدية لانهاء الاختلاف الثقافي والفكري. لن يخطو العراق الى التقدم والاستقرار والازدهار دون ان يقرأ بتمعن وقائع تلك المرحلة. على اية حكومة ديمقراطية قادمة ان تعيد طباعة كل اعداد جريدة (الوقائع العراقية) لكي يقرأ العراقيون مرة واحدة الالاف من احكام الاعدام والمصادرة والسلب والنهب والقتل الجماعي ومصادرة الدولة ومؤسساتها وصعود الطغمة القاتلة. وعلى اية حكومة ديمقراطية قادمة ان تؤلف لجنة لاخراج صحف تلك المرحلة واختيار نماذج منها وطباعتها مرة واحدة ليتمعن العراقيون من جديد بالصورة وماذا فعلت بهم وكيف جرت الاحداث وتراكمت لتصبح نظاما محكما من القتل والتصفيات والهوس والمرض العقلي والفكري الخطر المنفلت عن السيطرة. وعلى اية حكومة قادمة ان تعمد الى اصدار صحف في الخارج وانشاء فضائيات يتسلمها اعلاميون عراقيون قادرون على ادارة معركة الوجود بالنسبة للشب العراقي ضد فيض من التلفيقات والمواقف والمنافع والسيطرات والاحتكارات الاعلامية التي تتاجر بالقضايا والقيم والمبادئ لاغراض مادية صرفة وقفنا على اكثر اساليبها رخصا ودونية في الخارج. ان تجربتي الاعلامية والثقافية في الخارج ليست افضل منها في العراق. لقد فرض الاعلاميون العرب وصاية على القضايا العراقية .تم تغييب الصوت العراقي في سياق منهج سياسي واعلامي عربي استهدف اعطاء الصوت العراقي للعرب وليس للعراقيين الذين اصبحوا تحت رحمة سيل من المنطلقات الغوغائية والتحريضية التي استهدفت احداث اكبر جريمة ضد العراقيين وهي السعي لاثارة حرب اهلية ترفع العراقيون ترفعا تاريخيا كبيرا عنها وعن الانجرار اليها . روى عباس الجنابي ،احد مساعدي عدي صدام حسين، كيف كانوا يخافون من نزوات عدي.لم يكن مستقيما. كان ينتفض فجأة ليأمر بسجن هذا او قتل ذاك . لم يكن سويا.انه ابن نظام غير سوي قائم على النزوات. كمايروي كيف ان عدي كان يجمعهم بين فترة واخرى ليذكرهم بالدرس الاساسي لسلوكهم. يسألهم: لماذا خلق الله العراقيين. فيكون الجواب الذي تعلموه منه : لكي يكونوا عبيدا للسيد الوالد حفظه الله. وفي حادثة اخرى كيف امر عدي مرافقيه باغتصاب مدرسته للغة بعد ان تاخرت عن موعدها معه، وكيف كانت تجلب له اصناف متعددة من الطعام فيذوق اثنين او ثلاثة ويرفع الباقي لكي يرمى ويمنع اي شخص اخر ان ياكل من نفس الطعام لانه لايحق لعراقي ان ياكل نفس الطعام الذي ياكله عدي وعائلته.انها العبودية المعممة بقوة البعث واجهزته التي تحولت الى عامل اساسي لاشاعة الفرح بهذه العبودية والتلذذ بها واعتبارها تقربا من مصادر القوة والسلطان. مصادر. باللغة الانجليزية
1-Thomas Paine .Common Sense. Oxford World’s Classics .Oxford University Press 1995. 2-Gabriel A. Almond and Sidney Verba .The Civic Culture. Political Attitudes and Democracy in Five Nations. Sage Publications. London 1989. 3-Lynn Hunt. Inventing Human Rights.w.w.Norton & Company. New York 2008 4-G.W.F.Hegel.Philosophy of Right. Dover Publications.Mineola.New York 2005 5-Thomas Paine. Rights of Man. Oxford World’s Classics .Oxford University Press 1995. 6-Richard Peters. Hobbes. Penguin Books. Second Edition.London.1967 7- Fouad Mater.The Biography of saddam Hussein. London 1990 باللغة العربية 8-اللجنة الدولية للحقوقيين. العراق وسيادة القانون.جنيف . 1994 9-أف. ستون: محاكمة سقراط.المجلس الاعلى للثقافة-القاهرة 2002 10- حنا ارندت. اسس التوتاليتارية.دار الساقي-لندن 1993 11- حازم جواد-مقابلة- الحياة. العدد14927-9شباط-فبراير 2004 12- حازم جواد-مقابلة- الحياة. العدد14928-10شباط-فبراير 2004 13- حازم جواد-مقابلة- الحياة. العدد14930-13شباط-فبراير 2004 14-حامد الجبوري-مقابلة-الحياة.14797-22 ايلول-سبتمبر 2003 15-كاظم جواد-الشرق الاوسط-كانون الاول-ديسمبر 2003 16-سعدون حمادي.مجلة آفاق عربية. العدد4-1984 17-ميشيل عفلق.مجلة آفاق عربية.العدد 5-1986 18-صدام حسين.معركة الاستقلالية والسياسة الدولية.ط2.دار الحرية.بغداد 19-نخبة من الباحثين العراقيين .حضارة العراق-.بغداد 1985 20-تقرير الاستخبارات البريطانية. العشائر والسياسة. ترجمة عبد الجحليل الزوبعي.بغداد 1958 انتهى الفصل الاول من الحلقات
#نبيل_ياسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ايديولوجيا العنف.. تشريح البعث-الحلقة السادسة
-
ايديولوجيا العنف.. تشريح البعث-الحلقة الخامسة
-
ايديولوجيا العنف.. تشريح البعث-الحلقة الرابعة
-
ايديولوجيا العنف.. تشريح البعث-الحلقة الثالثة
-
ايديولوجيا العنف .. تشريح االبعث-الحلقة الثانية
-
ايديولوجيا العنف .. تشريح االبعث
-
مسؤولية الاحزاب في حماية الديمقراطية في العراق
-
المراة مواطنة ام لا؟ المواطنة اولا
-
هل نحقق الدولة المدنية بالتوقيعات
-
زينب
-
مؤتمر بغداد
-
مؤتمر بغداد دور النخب العراقية في العملية السياسية والمصالحة
...
-
منفى الكتابة
-
في الدولة والمواطن
-
الدولة المفتوحة
-
الاسلام والديمقراطية
-
ايديولوجيا النفط - قانون النفط والغاز وايديولوجيا النفط الوط
...
-
الفرح ممنوع في العراق
-
اوجاع الوردة. الفصل التاسع
-
البحث عن زمن مضى
المزيد.....
-
سقط من الطابق الخامس في روسيا ومصدر يقول -وفاة طبيعية-.. الع
...
-
مصر.. النيابة العامة تقرر رفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرها
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى يستخدمها -حزب الله- لنقل الأ
...
-
كيف يؤثر اسمك على شخصيتك؟
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل حاخام في الإمارات
-
حائزون على نوبل للآداب يطالبون بالإفراج الفوري عن الكاتب بوع
...
-
البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسان
...
-
أكسيوس: ترامب يوشك أن يصبح المفاوض الرئيسي لحرب غزة
-
مقتل طفلة وإصابة 6 مدنيين بقصف قوات النظام لريف إدلب
-
أصوات من غزة.. الشتاء ينذر بفصل أشد قسوة في المأساة الإنساني
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|