علي الأمين السويد
الحوار المتمدن-العدد: 2811 - 2009 / 10 / 26 - 19:50
المحور:
كتابات ساخرة
"البَوْ"؟ وما أدراكم ما البو! البو يا سادة باختصار شديد هو تسمية لابتكار عربي مسجلة براءة اختراعه في التراث البدوي الأصيل. فكما تعلمون قد كانت الإبل عماد أساطيل التجارة والسفر وكان من دواعي استرضائها أن تبقى سعيدة طيلة مدة الرحلة فقط كي لا تكدّر صفو المرتحلين و قلب سلاسة سفرهم إلى شقاء. فحينما كان يضطر صاحب ناقة ما أن يذبح وليدها ليقتات المسافرون عليه , كان يقع في مأزق عواقب غضب الناقة الأم ونتائجه فيحتال لذلك بإعادة خياطة جلد الابن المغدور وتعبئته بالتبن فيبدو هذا المسخ للناقة المكلومة وكأنه ابنها لأن الشكل شكله والرائحة رائحته والحياة في عينيها ما زالت ، بوجوده، جميلة.
شاعت هذه الحيلة وصارت أسلوبا لكل من اراد أن يدعي البراءة بعد أن يأخذ احدهم غيلة , ومن المعلوم انه من عاشر قوماً أربعين يوما صار منهم وفيهم وتطبع بطباعهم، أو على الأقل سبر أغوارهم وعرف طرق اغضابهم وكيفية استرضائهم. والسيد أوباما ليس باستثناء فقد عاشر العرب كرئيس أربعين يوما فعرف كيف يسبر أغوارهم و عرف طريق استرضائهم قبل وبعد واثناء اغضابهم. جاء زيوس الصغير إلى القاهرة وقد احضر معه قطيعا من الابل المحشوة بالتبن يسوقها هدايا للحاضرين والغائبين والسامعين القائمين والجالسين على أنها جِمَالٌ تسر الناظرين, مما حذا ببعضهم أن يبوح له بغرامه الصريح وعلى الهواء مباشرة " صارخا يقول – نحبك يا أوباما" صرخة يكون صاحبها، بها، قد حسم امره نحو النفاق الصريح دون مواربة او تلويح.
و من قطيع أوباما هذا نأخذ الدمية التبنية الأولى التي دفع بها لنا والتي عنونها بالعنف بدل الإرهاب, مما جعل القوم يهزون رؤوسهم منبهرين بفراستهم الشخصية التي حدثتهم عن التغيير في السياسة الأمريكية ,والدليل على ذلك بالنسبة للمنبهرين أو لأولئك الذين يريدون أن ينبهروا كالعادة و بكل بساطة هو تغييب كلمة "الإرهاب" بحدتها وحلول مصطلح "العنف" بمطاطيته, معتقدين أن السبب هو إدراك السياسة الأمريكية لفكرة أن الإرهاب ليس صبغة إسلامية ولا يخص ايديولوجية عربية. وقد غاب عنهم أن أمريكا لم تنتبه لهذا التغييرلأنها اكتشفت خطئها الجسيم، بقدر ما أنها لا تريد أن تُتهم بازدواجية المعايير من الان فصاعدا, فالتعريف الأمريكي للإرهاب صار، بطريقة أو بأخرى، ينطبق عليها ذاتها و ربما ستكشف الأزمنة القادمة عن محورية إرهاب الدولة الذي مارسته أمريكا في العهد البوشي البغيض, وعلى كل حال فهاهي تباشير رحلة الكشف عن المستور قد انطلقت ببدء التحقيق البريطاني المحلي في مسوغات حرب احفاد الفايكنغ على العراق.
وأن يتحدث أوباما أولا عن الإرهاب بشكله الجديد لمؤشر صريح على وضوح ما يهم أمريكا في هذا العالم. هذا العالم الذي تعتبره موجودا فقط ليخدم ويحقق أملها في تحقيق الحلم الأمريكي. وما هو إلا تأكيد على ان سياسة السيد سلفه كانت في المسار الصحيح ولكن باسلوب نظر اليه البعض للاسف على أنه فقط: قبيح . فها هو هنا يستشهد بايات من الذكر الحكيم, نسي معانيها مع انتهاء كلمته , وقد تقمَّص شخصية نابليون حين وقف يخطب في المشايخ والائمة المصرية في عام 1798. غير أن شبيه المنتجات الصينية هذا لم يكلف نفسه عناء تمييز جمهوره المبهور, فهو ما زال يعتقد أنهم ذات جمهور نابليون أنفسهم غير أنهم بدلوا ملابسهم الخارجية بأخرى عصرية. وقف وقفة صاحبه نابليون على أرض مصر التي يقولون عنها عربية يمجد ويمدح بالسلطان بالرغم من أنه بوقوفه انما هو يلعن أل عثمان, فأوباما جاء يقسم برب المسلمين أن قتل جيشه لملايين الأفغان والعراقيين والفلسطينيين انما هو احياء للناس أجمعين بينما قتل احد من عسكرييه الامريكيين هو تهديد للبشرية من السابقين واللاحقين.
أما البو الثاني فهو بو عراقي بامتياز فقد تعلم السيد أوباما درس قلب الحقائق ممن عاشرهم في أربعين يوما, فالذين عاشرهم علموه أن الهزيمة هي تعبير أخر للنصر وان الاستبداد هو شكل من أشكال الديمقراطية وأن اكتمال النسب المئوية في الانتخابات المحلية هو مسوغ للحكم بصفة دستورية و أبدية, ولكن صاحبنا تلميذ نجيب ويبدوا انه قرأ وفهم "الفيل يا ملك الزمان" فزاد على دروس العربان أن القتل والتدمير والسطو المسلح على البلدان هو الأسلوب الأمثل في نشر الحرية والديمقراطية والسلام . وليس هذا فحسب, فقد تعلم فن الترشيد أيضا فوفّر على نفسه صناعة "بو" أخر للناقة الفلسطينية فعمد إلى دمج الهم الفلسطيني بالعراقي فصار منتج اثنين بواحد حسب أخر صرعة التنزيلات التجارية مع تخفيضات لمستويات الأهمية و نفياً للحساسية , والغريب ان يستمر التصفيق والنهيق ب "نحبك يا أوباما" من جديد كعبارات توجه إلى هذا الخياط الجديد.
وليس هنالك من داع لذكر صفات باقي القطيع الاصطناعي من "البعارين الخلبية" التي أوردها هذا أل Camelboy أي راعي الجمال بالعربية "فقلبي من العجور منجور أو من الهم مقبور" وسأعود إلى شأننا الذي يغنينا. فدعونا يا أخوان نعرف قدرنا فنقف عنده لعل الله يرحمنا , ونبادر فنقرر هويتنا ونحدد مسيرتنا, ونتحقق بكل صراحة واحترام للذات مسألة "هل نحن ابل أم أن الإبل تأنف أن نكون منها؟" والى متى نهزأ من النعام ؟ و أنّا نحن وليس النعام من يدس رأسه في أي شيء مخافة أوهام ؟ و إلى متى نستمر في انتظار السيد "باراك صلاح الدين أوباما" لينتشلنا من الحفرة التي صنعناها بأيدينا ؟ ولنحسم أمرنا , ونستيقن ان كان ينبغي علينا أن نجرب كل رؤساء الامريكان إلى يوم الدين أم لا؟ أعوذ بالله من كل شيطان رجيم مستكين. أما أن الاوان ان نقول للاعور أعور بعينه وليس في أذنه أو ذنبه أو في ظهر ابن عمه؟ اما ان لنا أن نقول ما نفعل وأن نفعل ما نقول وانا أطمأنكم بأننا لن نتعب كثيرا؟ أما أن لنا أن نُعرَض عما يقوله أوباما أو عباس دحلان أو حتى النتن ياهو ابن عم مبارك انو شروان؟!
#علي_الأمين_السويد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟