|
ضرب وإغتصاب : عنف الأزواج في الغرب
موسى الخميسي
الحوار المتمدن-العدد: 854 - 2004 / 6 / 4 - 04:21
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
روما: بالرغم ان القانون في إيطاليا يعطي للمرأة حقوقها عندما يعتدي عليها شخص ما كالزوج، الأب، الأخ، الصديق، العشيق،الغريب. وبدنيا كالضرب، الاغتصاب، السرقة، التشويه، الحرق،القتل، التخريب، ونفسيا كالترويع، التهديد، الإفزاع، التخويف، الإجبار، القمع، التعصب، التشويه، الخطف، التعذيب، النبذ، الاضطهاد، المنع، التحرش، الهيمنة، الا ان حوادث العنف بين الأزواج زادت وتعددت مما جعلها تأخذ شكل ظاهرة خطيرة تهدد دعائم الأسرة الإيطالية التي تتصف بالتماسك الكبير. الأمر الذي جعل العديد من الجمعيات والمراكز البحثية الاجتماعية وعلماء النفس والاجتماع يجرون دراسات وبحوث للكشف عن تجدد دوافع ظاهرة العنف باعتبارها وسيلة لمشاعر عدوانية، وتحليل أسبابها وبالتالي وضع وسائل لعلاجها.
والعنف ضد النساء ظاهرة عالمية وتاريخية تتعدد أشكاله وتتنوع أساليبه، فهناك العنف الجسدي والمنزلي والعاطفي والجنسي، وقد كشف مركز الإحصاء القومي الإيطالي عن ان ما لا يقل عن 250 ألف امرأة متزوجة وغير متزوجة تتعرض سنويا للاغتصاب او الاعتداء الجنسي. ما بين 10 الى 15 في المئة من النساء اللاتي يتعرضن للاغتصاب يبلغن الشرطة. النسبة الكبيرة تمتنع عن الإبلاغ، والأسباب تتعلق بالخجل، وعدم اللياقة حديث المرأة عما يقع عليها من عنف أي كان نوع هذا العنف. الآباء والأزواج والأصدقاء الذين يرتكبون هذه الجريمة في تزايد مستمر. ظاهرة الاغتصاب تمثل 40 في المئة من حالات الاعتداء الجنسي وتتفاوت حالاتهن العائلية بين متزوجات بنسبة30 في المئة وعازبات 28 في المئة وأرامل 16 في المئة ومطلقات 10 في المئة، اما المتهمون الذين في غالبيتهم رجال يشكل المتزوجون منهم 38 في المئة ولا تقل أعمارهم عن 18 سنة، اما العزاب فضربوا رقما قياسيا في الاعتداءات على المرأة بلغت نسبته 40 في المئة.
اكثر من 728 الف امرأة إيطالية تعرضت للعنف والابتزاز والتحرش والمضايقة في مواقع العمل خلال السنة الماضية. 366 الف منهن تعرضن للتحرش خلال المقابلات التي تجرى للتشغيل في مواقع العمل الجديدة. 4 في المئة من النساء العاملات يتعرضن باستمرار بالتحرش والمضايقة من قبل زملاء العمل.
الأرقام والدراسات الاجتماعية عن حالة الأسرة الإيطالية تصيب المرء بالذهول خاصة وان العديد من الجرائم المقيدة في سجلات العديد من الجمعيات النسائية لا تصل الى وسائل الإعلام رغم ان عددها يفوق بمراحل الجرائم الجنائية المعروفة. وتعتقد السيدة ماريا انجليني من منظمة الدفاع عن حقوق المرأة بمدينة روما بان (عدم معرفة الأرقام بشكل دقيق، يأتـي كنتيجة لعزوف الناس عن الإبلاغ عنها كجرائم تخص شرف وتماسك العائلة، واما لعجز السلطات عن الوصول الى مرتكبيها، او اعتياد الناس عليها).
وقد أجريت عدة دراسات في عدد من المقاطعات الإيطالية بينت بان اكثر من 80 في المئة من مرتكبي جرائم العنف الأسري من المتزوجين، وان نصف مرتكبي جرائم العنف الأسري من غير المتعلمين، وان هناك علاقة قوية بين انخفاض مستويات التعليم والعنف، وان النساء في الجنوب الإيطالي الذي تسوده ثقافة تفريخ الأبناء وغسيل الثياب واعداد وجبات الطعام، يتعرضن للعنف النفسي والبدني بنسب اكبر من النساء في الشمال اللواتي يقمن بعدة أدوار في الحياة كأمهات وزوجات وعاملات وربات منزل في نفس الوقت. كما ان أهم أسباب العنف يقف عامل الجنس في المقدمة، حيث ما يريده الزوج ترفضه المرأة لاسباب نفسية وجسدية.علما بان المرأة الإيطالية بدأت بالعزوف عن كثرة الإنجاب او عن الإنجاب كلية او حتى الزواج، وتطالب بتحول العلاقة بينها وبين الرجل من مفهومها التقليدي الى مفهوم المتعة التي يجب ان تتساوى فرصة الرجل والمرأة في الحصول وبالتالي تفضيل الوظيفة البيولوجية على الوظيفة الاجتماعية. وتقف أسباب النفقات المعيشة في الصف الثاني من الأسباب. اما الأعمال المنزلية فتحتل الدرجة الثالثة في سلم المشكلات الزوجية، اذ تشيع جميع وسائل الإعلام مفاهيم تحرر المرأة والمساواة في الحقوق والواجبات، وهو ما يتعارض مع ما اعتاد عليه الرجل من واجبات في حياته اليومية، ومن شأن ذلك خلق الصدامات.
الظروف الاقتصادية وطغيان الجانب المادي على الجوانب الإنسانية أثرت على العلاقات الزوجية الأمر الذي انسحب على الأسرة مما اضعف روابطها وزادت حالات الطلاق في المجتمع الإيطالي التي بدأت تتسع خلال السنوات الأخيرة بشكل يقلق جميع المؤسسات الاجتماعية.
القوانين الإيطالية الجديدة الذي صيغت بنودها أثناء فترة حكم اليسار، وتمت الموافقة عليها من قبل مجلس الشيوخ العام الماضي والخاص بحماية المرأة الإيطالية من العنف الأسرى يقضي بعضها بإبعاد مسبب العنف من بيته ويحرمه دخول منزله او التواجد في أماكن عمل الزوجة او مدارس الأولاد، الا بعد اخذ موافقة من القاضي المختص. الجمعيات النسائية تؤكد بان الدولة حاليا تشجع العديد من القطاعات والشرائح الاجتماعية على خلق تحولات رجعية تنسف العديد من الحقوق التي حققتها المرأة الإيطالية من خلال نضالها الطويل، وذلك من خلال الخطاب الإعلامي الذي بدأ التركز عليه في الآونة الأخيرة بحجة حماية الأسرة وصيانتها وعودتها الى الأصول.
تقول السيدة آنا انجليني: (ان المرأة الإيطالية صار لزاما عليها ان تكون حذرة فيما ترديه من ملابس والانتباه للمشاعر والأحاسيس المفترضة لكل من قد يظهر اهتماما غير مرغوب به نحوها، وابرز مثال على ذلك هو السعي المحموم لإلغاء قوانين كثيرة على رأسها حق الإجهاض، والمرأة في المنزل. تصوروا اين وصلنا في ايطاليا ؟ قبل ايام صدر حكم من أحد القضاة، مفاده ان الرجل إذا تحرش بموظفة تعمل في ادارته لا يواجه تهمة التحرش الجنسي ما دام انه يحبها).
وتضيف انجليني قائلة ( لقد وصلنا بفضل مؤسسات اليمين الحاكم الى أوضاع تتطلب من الجميع قرع أجراس الخطر من قدوم فاشية جديدة التي لا تريد سرقة ما تحقق من مكاسب فقط وانما أحداث تغيرات جذرية في بنية العلاقات الاجتماعية على ضوء منطقها المتخلف).
إحدى المحاكم الإيطالية رفضت دعوى شابة كانت ترتدي بنطلون الجنس وتعرضت لتحرش مدرب سياقة السيارات الذي كان برفقتها بحجة افتراض وجود درجة ما من التعاون بين الشابة والمدرب الذي امتدت يده للتحرش بالفتاة. كما رفضت محكمة إيطالية أخرى مطالب التعويض التي تقدمت بها سكرتيرة مكتب إحدى المؤسسات على ضوء تركها عملها لأنها لم تعد تطيق تحرشات المسئول الذي كان يمد يده باستمرار، وهو الأمر الذي اضطرها الى اخذ إجازة لمدة خمسة اشهر ثم استقالت، وعندما طالبت باستلام رواتبها عن فترة الإجازة رفضت الشركة، أسقطت الدعوى لان المسئول قال بأنه يحب السكرتيرة للحد الذي جعله يفقد عقله.
الأحزاب اليسارية المعارضة والجمعيات والمؤسسات الاجتماعية والقوى التقدمية وصفت إجراءات المحاكم بأنه فتح أبواب جديدة أمام الفاسدين والمنغمسين في الشهوات لتهديم كل ما بنته نضالات المرأة خلال فترة الأربعين عاما الأخيرة، كما انه عودة الى القرون الوسطى حيث كان القضاء يجيز للرجل احتقار المرأة وضربها وإهانتها.
وكل هذه الإجراءات القانونية الجديدة لم تحد من خطورة ظاهرة العنف ضد المرأة سواء في الأسرة او المجتمع بكونها ظاهرة منتشرة تتعدى حدود الدخل والطبقة والثقافة، كما ان أعمال العنف البدني والنفسي الذي يقع على المرأة بما فيه الاعتداء والتحرش العام ابتداء من الكلام البذيء وانتهاء بالاغتصاب، يدفع المرأة الى التمرد والانحراف أحيانا الى ممارسة الجريمة للدفاع عن كرامتها المجروحة او الدفاع عن نفسها من القتل والإيذاء والخيانة. خطورة التمييز والعنف ضد المرأة الإيطالية بدأت تحظى باهتمام كبير من قبل الجمعيات والنوادي النسائية التي بدأت ترفع صوتها احتجاجا في كل مكان، وترى فيها انتهاك لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ومنع المرأة كليا او جزئيا من التمتع بهذه الحقوق وهذه الحريات، والكل يتوقع ان تعيد المرأة الإيطالية ثورتها النسائية (الفيمانيزمو) التي شهدها المجتمع في عقد السبعينات والثمانينات وأحدثت اكبر اهتزاز في بناء المجتمع آنذاك.
#موسى_الخميسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصابئة المندائيون في العراق يشعرون بالخوف
-
حضور متزايد للأب في تربية الطفل وتطوير مهاراته
المزيد.....
-
الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن
...
-
ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
-
بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية
...
-
استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا
...
-
الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
-
ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية
...
-
الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي
...
-
تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
-
فوز ترامب يهيمن على نقاشات قمة المرأة العالمية بواشنطن
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|