|
الديمقراطية والانتخابات البرلمانية
قاسم أمين الهيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2810 - 2009 / 10 / 25 - 07:10
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
1-مقدمة: المعنى اللغوي لمصطلح الديمقراطية في القاموس الإغريقي يعني حكم الشعب، وقد ميز جان جاك روسو في كتابه "العقد الاجتماعي" بين مفهوم المدينة السياسية التي ينتسب إليها مواطنيها بحقهم في المساهمة في إدارة شؤونها وبين المدينة السكنية التي يتحدد سكنتها بالإقامة فيها. لقد بدأ ونشأ نظام المدينة وانتشر في ايطاليا وفي تركيا وجنوب فرنسا وأسبانيا وصقلية ومصر. إذ أصبحت الصفة المميزة لتلك المدن ملكيتها المشتركة لمواطنيها فقط واستقلاليتها التامة عن المدن الأخرى. فنظام المدينة الأول هو النظام القبلي الذي يعتمد على المشاركة في الدخل على أساس وحدة الدم والانفصال عن الخارج عدا أحكام الروابط والأعراف القبلية مع القبائل الأخرى، وكما عرفناه في مجتمعاتنا أن الغريب المقيم بالقبيلة يبقى غريباً والعبد عبداً. إذن بعد نشوء القبائل واستحكاماتها العشائرية بدأت الغزوات بعضها على بعض وسادت الفوضى وكان لمن يملك الأرض الواسعة الحظوة في بناء الأسوار الحصينة وتوفير الأمن. وهكذا قام صغار الملاك بتسليم ممتلكاتهم ورقابهم بأيدي الكبار لحمايتهم واحتمى من لا يملك شيئاً بتلك الخيام الكبيرة مقابل زراعة الأرض والدفاع عنها وبدأ نشوء النظام الإقطاعي. ثم تبلورت فئة الإقطاعيين الحاكمة وفئة رجال الدين لإقامة العبادة والتعاليم الدينية وفئة الفلاحين لزراعة الأرض بطابع أقرب إلى العبودية وآخرين للقتال من أجل الصراع للبقاء.لم تكن في هذه الأنظمة التي أوجبتها الظروف قوانين بل كان العرف والتقاليد هي الفاصلة في النزاعات التي تجري تحت أنظار وتعاليم الإقطاعي وبحسب هواه. امتدت تعاليم رجال الدين إلى محاكاة الجانب الروحي والفكري شيئاً فشيئاً وخاصة عندما يكون هناك بحبوحة استقرار أمني وبدءوا بالاستحواذ على الجانب المالي من خلال الاقتراب إلى الجانب السياسي والذي استمر وقتاً طويلاً في العالم المتمدن ومن خلال استغلال بساطة المجتمع في العالم الأقل تنويراً. ففي أوروبا نشأت نظرية الحق الإلهي التي تقول أن الحكم لله وحده وأنه يختار من يشاء ليحكم الأرض وذلك من أجل تبرير سيطرة البابا. ولا ينكر بأن هذه النظرية على ما تحويه فإنها نقلت النظام العشائري إلى مرحلة دخول النظام القانوني. وذلك بأنها قسمت السلطة على أساس الجوهر وهو إرادة الله والأسلوب الذي يختاره الناس والتنفيذ الذي يؤديه الأفراد. وإنها كانت العامل الرئيسي في الحروب الصليبية. هذه الحروب التي نقلت القتال من أوروبا إلى الشرق ومن ثم أعادت فتح التجارة إلى الشرق. وبناءً على ذلك نشأت طبقة التجارة البرجوازية التي خلقت مؤسسة الدولة وأوجدت النظام النيابي. وفي الشرق اختلق رجال الدين بدع كثيرة لنهب الأموال احذر من تسميتها. 2- بداية الصراع. بتنامي التجارة بدأت المشكلة بين التجار ورجال الدين. فعلى الرغم من المشروعية الدينية للتجارة في سد حاجات الناس، إلا أنها تتضمن إشباع نهم التجار للمزيد من الربح ويضمنه الربا. لكن حيّل رجال الدين وتخريجاتهم المختلفة مثل البيع والشراء الآني للبضاعة بسعرين مختلفين كان كافياً لأن يصبح التجار أصحاب رؤوس أموال وأصحاب سلطة إدارية ومن ثم سلطة سياسية. أقامت هذه السلطة بعض أنواع الضرائب لكن بعضها امتد إلى رجال الدين أيضاً. وهكذا نشأ الصراع هنا تارة وهناك تارة أخرى حتى شمل حتى الخلفاء بعد الخلفاء الراشديون. وهكذا بدأت في أوربا فكرة أخرى هي فكرة عناية الله التي تقول أن إرادة الله توجه شؤون الناس بشكل غير مباشر إلى أن تصبح بيد أحد من رجال الدين بفضل عناية الله وليست من الله. وهذه النظرة المدبلجة تخريج لإدامة الملك أو الأمير او الخليفة مهما كان طغيانه واستبداده وان تحديه يعدّ تحدياً لإرادة الله. ومهما يكن من شيء فإن هذه النظرية أكثر تطوراً من نظرية الحق الإلهي الني أنكرت وأبعدت بخطوات استبداد رجال الدين. 3-أزمة الليبرالية في خضم هذا الصراع كان ما يهم الطبقة البرجوازية هو حرية الحركة الفردية والتملك والربح في سلطة محدودة وظيفتها حفظ الأمن الداخلي والخارجي ليس إلا، مستندين إلى العقلانية. وهكذا قدم الفيلسوف العربي ابن رشد نظرية الرشدية للعالم، وتتلخص الرشدية بالاحتكام للعقل في شؤون الدين والدنيا. وإن الإنسان قادر على التمييز بين الصواب والخطأ. وإن النظام الطبيعي وأحكامه المعقولة في تنظيم العلاقات بين البشر. كما أن الرشدية خلقت فلسفة الحرية في أوروبا التي تتلخص بأن الفضائل ليست حكراً على رجال الدين وأن الأخلاق والسياسة والفن والأدب يمكن أن تقوم على العقل الإنساني دون الحاجة إلى قوى ما وراء الطبيعة. ونتيجة للنظرية الرشدية تمكنت البروتستانية من إحداث البرلمانية في انكلترا. العامل الآخر الذي ترافق مع الرشدية هو الفتح الإسلامي لأوروبا وبالخصوص فتح القسطنطينية الذي أعقبه دعوة رجال الدين المسيحي إلى التعايش بين الأديان وعدم السماح للاختلاف الديني أن يدمر حياة البشر والاحتكام إلى العقل. ونشأت الفلسفة الليبرالية القائمة على أساس أن الإنسان كائن اجتماعي وهذه السمة للفرد بالمجتمع تتجسد بنظام قانوني يدعى الدولة. 4-الديمقراطية: الطبيعة الاجتماعية للإنسان فرضت عليه الحياة في مجتمعات. فالمجتمع استجابة لرغبات أرث كامنة في الإنسان يدعى قانون الحياة الطبيعية، وإن القانون الوضعي ما هو إلا استجابة للقانون الطبيعي. والقانون الطبيعي هو أساس النظام المدني الذي أرسى القاعدة التي تقول أن السلطة تستمد وجودها من موافقة الشعب، وهذا ما أثار كيفية وماهية الموافقة. فالكيفية تعني ميكانيكية نشأة الدولة والماهية تعني ما هو النظام السياسي. فضلاً عن أهمية التفاعل بين الماهية والكيفية بقدر أهمية الفصل بينهما، أي بين الدولة والنظام السياسي. الإشكالية التي وقعت في أفكار بعض الفلاسفة ورفع شعارها وكبر لها الليبراليون هي أن الأفراد تحولوا من الحرية الفردية لكل فرد على حدة إلى الحرية المقيدة بالمجموع. وبذا أصبحت الليبرالية نظرية تحرر وليست نظرية حرية. على الرغم من أنها أدت إلى دور متقدم ضد الاستبداد المطلق لربابنة سفينة السلطة من ملوك ورجال دين. لكن أفكار جان جاك روسو أنقذت الليبراليين من ورطتهم وفتحت الباب لمفهوم الديمقراطية. فقد أوضح روسو أن النظام التشريعي ينبغي أن يهدف للحصول على أكثر خير للجميع، وأن ذلك لن يتحقق دون الحرية المرتبطة بالمساواة. فالحرية في نظره مبدأ إيجابي وحق مقدس لا يجوز الانتقاص منه. والإنسان الحر طاقة من طاقات المجتمع والعلاقة بين الفرد والمجتمع علاقة عضوية. فعندما تنتقص حرية الفرد بالتبعية لغيره تنتقص طاقة المجتمع، كما أن حرية المجتمع تقاس بقدر حرية أفراده. وإن العمل الحر الايجابي يتسم بصفتين هما الإرادة والمقدرة، بعكس الحرية السلبية المنفردة التي ينادي بها لليبراليون. أما المساواة فهي الوجه الآخر للحرية التي تعني لدى روسو التساوي التام في القوة التي تستند على القانون وفي الثراء، حتى وإن كان هناك تفاوت في القدرة والذكاء بين الأفراد. فالمساواة لديه تعني أن لا يبلغ ثراء المواطن حدّ قدرته لشراء مواطن آخر وأن لا ينقص فقر المواطن الى حدّ بيع نفسه لآخر, وبذلك لن تشترى الحرية ولن تباع. فالعلاقة بين الحرية والمساواة علاقة جدلية. وعليه ينبغي أن تحدد الملكية بالقدر الذي لا ينبغي أن تكون قادرة على شراء الآخرين، بعكس الملكية المجردة المنفردة لليبراليين التي تستعمل لشراء حريات الآخرين. لقد نادت أفكار روسو أن الدولة القوية هي الني توزع خيراتها بالتساوي على الأفراد وتمارس الحقوق نفسها في كافة الأقاليم وفي كل ركن من أركان الإقليم. لأن جدار منزل في المدينة يقوم على أطلال عدة بيوت في القرى وإن كل قصر يشيد في العاصمة سيهدم عدة منازل في المدن ما لم تحدد الملكية. لقد أكدت تلك الأفكار أن وجود الغنى الفاحش مرتبط عضوياً بالفقر المدقع على المستويين العمودي والأفقي.وأن تحمل مسؤولية هذا التناقض يقع على انعدام روحية الديمقراطية وسيادة الطغيان, وذلك نتيجة مشتركة أقيمت بين الثراء الفاحش لدى الطغاة وبين الفقر المدقع لأعوان الطغاة، فالطغاة يشترون الحرية وأعوان الطغاة يبيعوها.لقد أكدت الديمقراطية (في أفكار روسو )أن السيادة للشعب وفي المجتمع الديمقراطي لن يخسر أحد شيئاً. الإرادة العامة تكون جسد معنوي جماعي هو الدولة. المواطن في المجتمع الديمقراطي يوافق على جميع القوانين حتى تلك التي تعاقبه إذا خرقها. فالإرادة عامة ناتجة عن عدد كبير من الخلافات الصغيرة وإنها هي التي تعطي للجميع حرية البقاء وبواسطتها يكونون أحراراً ومواطنين وإن التوافق هو إلزام في القواعد القانونية. وإن الموافقة على قانون ما ينبغي أن يصوت عليه بنعم أو لا من زاوية تطابقه مع الإرادة العامة وليس من زاوية إبداء الرأي الفردي الذاتي وهذا ما نادت به الأفكار الاشتراكية. أما مصدر الإلزام وشرعيته فليس بالعدد بل بالصالح المشترك الذي يمثل الإرادة العامة، والتصويت طريقة لاكتشاف الإرادة العامة من خلال قضية معينة. والحوار هو أسلوب مشترك لاكتشاف الحقيقة المطابقة للصالح العام والمعبرة عن الإرادة العامة ضمن الالتزام بنتائجه على إن لا يتضمن قهر الأقلية بلا حدود لئلا تفقد الديمقراطية فحواها ومحتواها. 5- أزمة الديمقراطية. قواعد الديمقراطية تتمثل: بالقضية الدستورية، السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية.من المعلوم أن العرف أو ما يسمى بالنظام الاجتماعي هو أساس الحقوق كافة على الرغم من أنه لم يخضع غلى توافق معلن. وهذا ما يستدعي أن يتحد الناس وإيجاد الوسيلة التي يستطيعون بها الإبقاء على أنفسهم والانضمام إلى بعضهم وتوحيد قواهم. لكن المحافظة على الذات الفردية إنما تستمد من قوة الفرد وحريته التي تتقيد بالاتحاد والتوحيد. وهكذا وجب إيجاد نوع من الاتحاد الذي يستخدم قوة المجتمع في حماية كل عضو بطريقة يظل بها حراً. فهو يسهم مع المجموع بشخصه تحت مظلة الإرادة العامة وهذا يتطلب إيجاد جسد قد يسمى دولة ينطوي على التزام متبادل بين الدولة والأفراد. فالفرد يصبح بهذا المنطق جزءاً من الدولة لا جزءاً من الشعب الذي له السيادة. وفي حالة تنصيب سيد على الشعب يعني يفقد الشعب سيادته، وهذه أزمة تستحق الحوار. والسيادة أيضاً غير قابلة للتشظي فهي إما إرادة الشعب وإما إرادة مجموعة، فإذا كانت إرادة الشعب فان لها الحق في سن الدستور أما إذا كانت إرادة مجموعة فليس لها حق أكثر من إصدار مرسوم. فالدستور هو مجموعة القواعد والامتيازات التي تتناول الرعايا في مجموعهم مجردة عن تصرف فردي والتي يضعها الشعب كي تطبق على الشعب كله. فمن يصوغ الدستور هو الشعب لأنها حق من حقوق الشعب والإرادة العامة. والإرادة العامة لا يمكن تمثيلها بالسلطة التشريعية لأن النواب في أقل حالات التزوير هم مندوبو الشعب وهم مبعوثون من الشعب وليس من حقهم البت النهائي في الدستور، وأقصى ما يمكنهم هو الموافقة على قوانين لا تتعارض مع الإرادة العامة. الحكومة جسد آخر داخل الدولة وظيفتها الاتصال المباشر بالرعايا لتنفيذ القوانين وحماية الحريات المدنية والسياسية للأفراد. فالدولة توجد بذاتها أما الحكومة فستحدث للتنفيذ وأفرادها لا يعدون أن يكون موظفين يعينون أو يعزلون دون أن يكون لهم أي حق في الحوار في كيفية أدائهم. لكن المشكلة تكمن عندما تتكون الحكومة من السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية. فليس من المعقول أن يكون هذا الجسد هو الذي يضع القوانين وينفذها. وما هي الضمانات الكفيلة لفصل السلطة التشريعية عن التنفيذية. إذن مأزق الديمقراطية ليست مشكلة مبدأ بل مشكلة تطبيق. وقد تكون مسألة لدراسة النظام القانوني من خارجه لتقييمه. على الرغم من صلاحية أو منطلق التقييم سواء كان ذاتياً أو موضوعياً، فلسفياً أم واقعياً. إلا انه يبقى الحوار قائماً للكيفية التي تحل الديمقراطية مشكلتها؟ في ماهية التكييف القانوني للأفضلية وهل أن وجود مجلس الشيوخ قادر لخلق توازن معقول أم لا؟ 6-المجالس النيابية. في المجتمعات المدنية يوكل الناس تشريعاتهم إلى المجالس النيابية وهي السلطة العليا في المجتمع. وإن الأفراد تنازلوا لأعضاء البرلمان سلطاتهم وسلموها إلى عضو البرلمان. فهل يمكن أن يعطي أي فرد سلطته لغيره أكثر مما له هو نفسه؟ وهل من حق عضو البرلمان أن يبيح لنفسه أن يتسلط على من أعطاه السلطة؟ وهل من حق النائب أن يفوض السلطة التي فوضت له أن يفوضها لآخر لسن القوانين؟ او أن تسّن الامتيازات الذاتية المحددة المتقوقعة وتسوف قوانين الصالح العام؟ هناك من يقول أن الديمقراطية هي وكالة وآخر يقول هي نيابة عامة. فهل النائب وكيل وهل يقتصر تمثيله على الدائرة الانتخابية التي انتخبته؟ وهل الوكالة عقد مثل باقي العقود ذات تأثيرات والتزامات واجبة على كل من طرفيها؟ وهل للأصيل حق عزل الوكيل؟ وهل هو مسئولا أمام الأصيل؟ وهل أنه لا يمتلك إلا ما خوله الأصيل التصرف به؟ وهل للأصيل أن يملي على الوكيل تعليماته؟ كل هذه الأسئلة تتنافى مع مبدأ الوكالة. أما في النيابة العامة فهي اشتراك الناخبين كافة في عملية الانتخاب بوحدتها على الرغم من عدم إمكان جعل كافة الناخبين في دائرة واحدة لصعوبات لوجستية وأخرى موضوعية في عدم معرفة كافة المرشحين من قبل كافة الناخبين. لكن هذا التقسيم لا يبرر ممارسة كل دائرة حقاً خاصاً بها تمليه على مرشحيها أو على الدولة لصالح فئة ضيقة أو محددة بالدائرة أو بالإقليم. فسلطة النواب مناطة بالإدارة العامة للشعب. فكل دائرة تختار باسم الأمة كلها ممثليها لينوبوا عن الأمة كلها تحت شروط واحدة موحدة. فهل يضيع اندماج النائب بالإدارة العامة حق ناخبيه في حل مشاكلهم؟ هنا يستدعي الحوار أيضاً، على أساس إيجاد علاقة اتساق بين وكالة النائب وإرادة الأمة. ويستدعي ذلك الحوار إيجاد توازن بين ما يدور في البرلمان وما يدور في الرأي العام. وأن لا تكون مناقشات البرلمان مناسبات لتندر وسخط المواطنين الذين انتخبوه. أما ما يجري في واقع الأمر في العراق فهو الأدهى والأمرّ حيث أن المناقشات تجري ( في عصر الذرة وقرن الاتصالات وفي قبعة البرلمان) هل أن القوائم تكون مفتوحة أم قوائم مغلقة؟ أي هل أن اسم المرشح الذي يتقدم ليكون نائباً في البرلمان معروف من قبل الناخب؟ وهذه حقيقة تناقش في البرلمان وفي الإعلام حالياً وليس نكتة.ومع كل ذلك هذا لا يعني أن التمثيل النيابي غير لازم للديمقراطية، بل لا بد أن تكون هناك إدارة للشؤون العامة التي يقوم بها أفراد ذو مواصفات وكفاءات معينة. فالدولة من رئيس الجمهورية إلى الحارس في البلدية لا يمثلون الشعب ولا ينوبون عنه. هناك ثمة أمور تستدعي الانتباه منها: منها الكيفية التي تخول السلطة التنفيذية أو رئيس الجمهورية حل مجلس النواب قبل انتهاء دورته ودون اخذ موافقة الشعب. وهذا يعني أن لرئيس الجمهورية أن يحل الذين انتخبوه وليس باستطاعة من انتخبوه أن يقيلوه. وهكذا نرى أن الديمقراطية المتحققة خارج النظام تفرض على النظام ما لا يتفق مع سيادة الشعب. التمثيل النسبي للأقلية أيضاً من المشاكل التي تستدعي الانتباه. فعلى الرغم من أنه يجعل المجلس النيابي أكثر تمثيلاً للشعب إلا أنه يجد عقبات أمام الأغلبية التي يفترض أنها تمثل السيادة. ملاحظة أخرى هو الاستفتاء الشعبي العام الذي لم يعد له وجود في النظام الديمقراطي وأصبح التمثيل النيابي بمثابة البديل للاستفتاء الشعبي العام مهما كانت المسألة التي تواجه الناس. موضوع آخر جدير بالاهتمام هي أن المعارضة النيابية بمثابة الحبل السري بين الديمقراطية وبين الشعب. وإنها جسر السلامة بين البرلمان وبين الرأي العام السائد في مرحلة معينة لا على أساس ألخندقين المختلفين في القضايا الكبرى. اذ لا يمكن الاختلاف على القضية الوطنية وهل أن الولاء للوطن؟ أم الولاء للدول التي احتلت ؟ أو دول جوار الوطن؟. وخلاصة القول أن هناك العديد من المشاكل والمعوقات التي تستدعي بقاء نظرية الحوار مستمرة في البلاد النامية مثل العراق. كلمة أخيرة في الديمقراطية كهدف ومضمون هي أن الثروة والقوة أصبحا الهدفين الأوليين في المجتمعات الديمقراطية الحالية، وتراجعت الأهداف الرئيسية وهي الحرية والمساواة الاقتصادية والعدالة إذ إنها لا يمكن أن تكون منتجات ثانوية ولا عرضية في النمو الاقتصادي المحموم واللامعقول. لا شك أن تحرير الناس من الفاقة والمرض والجهل ونقلهم من المجتمعات البدائية إلى عصر الذرة والاتصالات كان شيئاً عظيماً، ولكن هل سارت المبادئ الديمقراطية بمثل هذا التسارع؟ الجواب لا, لأنها كانت على تصادم مستمر بامتيازات الطبقات الارستقراطية ويرأس المال في كافة دول العالم التي ترفع شعار الديمقراطية. قد نقول أن الفقراء في هذه الدول أصبحوا أقل فقراً ولكن التعاون بينهم وبين الأغنياء ضعف كثيراً. وظل سلاح الفقراء في تلك الدول صندوق الانتخاب (المشترى, المزيف , المغيب او المضلل) وظل زمام السلطة والدولة والاقتصاد والسياسة والإعلام تحت تصرف الأغنياء. لقد انزوت المفاهيم الديمقراطية في الركن المهجور من المجتمع وبدأت تعاني من الاحتضار ما لم تنقذها الفلسفة والحوار العلمي والنفسي القانوني من الموت.
#قاسم_أمين_الهيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسيرة حقوق المرأة ..الجزء الثاني
-
مسيرة حقوق المرأة
-
سجن الحوت .. معسكر التاجي
-
التأثير البايولوجي والوقاية من الأشعة السينية.
-
البيئة الإشعاعية
-
حين يرحل الكبار
-
هل حسمت القنبلة النيوترونية معارك الجيش العراقي؟
-
استنساخ لبنة بناء الأحياء
-
تساؤلات حول لبنة بناء الكون
-
النفط مستعبد الشعوب في سيرته الذاتية
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
|