|
كيفية الكتابة عن المستقبل قبل وجوده بالفعل ورصده على أرض الواقع؟
سعد الغالبي
الحوار المتمدن-العدد: 2809 - 2009 / 10 / 24 - 19:22
المحور:
مقابلات و حوارات
في سؤال لي من أحد محرري نشرة المسار الصادر عن جامعة السلطان قابوس في سلطة عمان.. عن كيفية الكتابة عن المستقبل قبل وجوده بالفعل ورصده على أرض الواقع؟ *هل يمكن التنبؤ بالمستقبل بكفاءة؟ *كيف يمكن لصناع القرار في مختلف المجالات الاستفادة من هذه الدراسات؟
وللرد قلت: لو حاولنا الفصل من حيث المعنى اللفظي اولاً ، بين المستقبل وعالم الغيب ، وبينهما أيضاً من حيث جوهر المعنى نفسه ، لتمكن لنا أن نصل أو نهتدي الى طريقة لوصف المستقبل . المستقبل من حيث المعنى اللفظي ، هو القادم من الزمن بعد الزمن صفر لو إفترضناه كمقياس موجود للزمن التالي ، وهذا الزمن يبتدأ اً من الثواني الأولى ، الدقائق ، الساعات ، ثم الأيام لتكمل عدد السنين القادمة لتكون في نهاية المطاف وخلاله مايسمى بالمستقبل ، وعلى إمتداد هذا الزمن المقاس ، وفي أي نقطة منه يمكن لنا أن نطلق عليه مستقبلاً . أما عالم الغيب يمكن الإستدال عليه من حيث المعنى اللفظي ، هو عالم يقع ضمن إطار المستقبل ولكن بمفهوم يختلف تماماً عما يدورأو سوف يكون في المستقبل كمعنى متعارف عليه ، أو لنقول هو مستقبل محجوب عن الرؤيا أو التحليل ، وذلك للتعقيد الحاصل الذي كان أو سوف يكون فيه زمن عالم الغيب ، أي هو عالم من المستقبل ، ولكن الخيوط التي تحركه تختلف تماماً عما هي عليه في المستقبل ، لذلك يمكن أن نقول جملة مفادها ، إن عالم الغيب ربما يكون موجود قبل المستقبل نفسه ، نتيجة الأفعال التي تجري أو التي جرت فيه ، لذلك فأن عالم الغيب لا يمكن الولوج فيه تماماً .
لو أردنا أن نعطي تعريفاً آخر للمستقبل ، فالمستقبل هو تسلسل لحوادث يمكن أن تقع ، وتلك الحوادث لا يمكن أن نعرف كيف تكون نتيجتها النهائية ، مفرحة أو حزينة . المستقبل من حيث حوادثه التي يمكن أن تجري فيه يكاد أن يكون مجهولاً ، ولكن لكي تكون هناك حادثة يمكن أن تتكون في نهاية زمن معين يمكن أن نطلق عليه مستقبلاً لابد أن يرافق تكون تلك الحادثة أسباب ، وهذه الأسباب هي الأهم في صناعة المستقبل . فلذلك فالمستقبل يمكن أن يكون صناعة بحد ذاتها لو تم إمتلاك المقدرة على السيطرة على الأسباب التي تشكل مستقبلاً ما . ولكن كيف يتم صناعة المستقبل ؟ الزمن الآني ، وفي اللحظة التي نعيشها ، لا يمكن أن نطلق عليه مستقبلاً ، لأننا في تلك اللحظة الآنية ، نمتلك القدرة على إدارة الأسباب في لحظتها . لكن ، لو إستمر ذلك الزمن الآني بالمسير(جزء من الثانية) من الوقت ، سوف يصبح مستقبلاً ، وما دمنا نمتلك المقدرة على إدارة الأسباب ، فسوف يكون المستقبل المتكون تحت الرصد ومهيأ لإستقباله قبل زمن حدوثه . إذن يكمن التنبؤ بحدوث مستقبل ما ، فيما لو إستطعنا إدارة ما يجري في الطريق ، وصولاً الى المستقبل المنشود .
صناعة المستقبل تحتاج الى عملية رصد ومتابعة دقيقة للأسباب ، وهذه العملية لو أتيح لها النجاح ، تكون النتيجة مؤئرة إيجابياً . فلو كان هنالك تلميذ مجتهد ، نفترض إنه يمتلك الذكاء بنسبة 100% ، وعلى إمتداد سنوات دراسته ، لم تتغير تلك الصورة عنه ، فإن شخصاً لو كان يراقبه طوال تلك السنين ، سيكون الجواب ، لو سُئل ذلك الشخص المراقب ، عما سوف يكون مستقبل ذلك الطالب . فالجواب حتماً سيكون يحمل صفة المستقبل التي أرادها الطالب نفسه أن تكون ، وهي تتشابه تماما ًبرؤية الشخص المراقب . لذلك ومن خلال رصد الأسباب كانت تتحرك على الأرض (وهي مسيرة الطالب نفسه خلال سنوات دراسته ) أصبح لدينا رصيد كافي من الثقة لنقول إن مستقبلاً حصل الآن ، كان قبل سنوات لم يكن موجود . في الواقع المادي يمكن أن نلاحظ بوضوح هذا التفسير المنطقي لتكون مستقبلاً ما ، فعندما تمكن الإنسان أن يرث ميراثه الكبير وهو كوكب الأرض ، بدأ يفهم الأسباب التي أدت الى تكون الأشياء ، لذلك بدأ تفكيره يستبق تشكل مستقبل الأشياء ، ليعطي نتيجة لأفكاره ، تكاد تكون متطابقة لمستقبل الشيء المتكون ، وهذا ما يمكن ملاحظته في نظرته الى مستقبل جيولوجيا الأرض .
ليس كل الأشياء ينظر اليها بمنظار واحد ، فمنذ اللحظة الأولى لنشوء الأفكار لدى الانسان ، أخذ على عاتقه فكرة التمييز ، وحين تطورت لديه تلك الفكرة ، تكونت لديه النظريات التي تحكم الجبال والصخور ، والتي تختلف عن النظريات التي تفسر علاقات الإنسان . وعلى إستمرار هذا المنوال في التحكم فإن مستقبلاً ما ، والذي سوف يكون ، يمكن أن يكون تحت السيطرة ، ولكن بقدر تعلق الأمر بمقدرة الانسان على ذلك ، لذلك فالكفاءة المنشودة من تحقق هذا الشيء ، تكون مرهونة بتلك المقدرة .
#سعد_الغالبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسرار ليلة شتاء ...
-
حكمَ .. فكان حكمه وهماً
-
الفصل 23 (رواية أسوار مملكة السر)
-
همس في الغابة (الحلقة الثالثة )
-
نظرية الصمت ... أول الطريق الى الديمقراطية .. أم هي المقبرة
...
-
لم يكن (داخل حسن ) سويدياً !!
-
همس في الغابة (ح2)
-
سلسلة طويلة في حديث ... أنا رجل (ح 9)
-
كلامُ كان مؤجل !
-
أسوار مملكة السر ... الفصل (19 و 20 و 21 و22 )
-
همس في الغابة -1-
-
منْ كان منكم معارضاً خارج الحدود .. فلا يرمينا بحجر.
-
حديث في سلسلة طويلة ... أنا رجل (الحلقة 8 )
-
حُلمُي .. وحُلم -قاسم حول - يتشابهان !
-
اسوار مملكة السر (الفصل 15 و 16 و 17 و 18 )
-
لمن أهدي شكري وتقديري ؟
-
أسوار مملكة السر... رواية (القصل 14)
-
وصايا
-
حديث في سلسلة طويلة... أنا رجل (الحلقة 7)
-
عذراً صديقي الفلسطيني.. وليسمع الجميع !
المزيد.....
-
نيللي كريم تعيش هذه التجربة للمرة الأولى في الرياض
-
-غير محترم-.. ترامب يهاجم هاريس لغيابها عن عشاء تقليدي للحزب
...
-
أول تأكيد من مسؤول كبير في حماس على مقتل يحيى السنوار
-
مصر.. النيابة تتدخل لوقف حفل زفاف وتكشف تفاصيل عن -العروس-
-
من هي الضابطة آمنة في دبي؟ هذا ما يحمله مستقبل شرطة الإمارات
...
-
حزب الله يعلن إطلاق صواريخ على الجليل.. والجيش الإسرائيلي: ا
...
-
بعد مقتل السنوار.. وزير الدفاع الأمريكي يلفت لـ-فرصة استثنائ
...
-
هرتصوغ ونتنياهو: بعد اغتيال السنوار فتحت نافذة فرص كبيرة
-
الحوثي: الاعتداءات الأمريكية لن تثنينا
-
-نحتاج لمواجهة الحكومة لإعادة الرهائن-
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|