|
الكتل السياسية والإنتخابات
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 2808 - 2009 / 10 / 23 - 23:48
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
يتميّز الإنسان عن الكائنات الأخرى بالإدراك . والإدراك يأتي بتفعيل العقل لدى الشخص المؤهّل صاحب الإرادة الحرّة ، بحيث يكون في موقع إتخاذ القرار الصائب .
من هذا المنطلق وفي خضمّ الصراعات بين الكُتل السياسية تركّز كل فئة سياسية على توجيه أفكار الجماهير إلى الإتجاه الذي يخدم مصالحها . والإنتخابات بصورة عامة هي واحدة من المجالات التي تفتح الساحة أمام الكتل السياسية للصراع . فالحملات الإنتخابية تبنى على أسس علمية إبتداءً بتحديد المبادئ ووضع السياسة العامة للحملة الإنتخابية للكتلة السياسية المعينة ثمّ تحديد الهدف وبعد ذلك وضع الخطط العامة الستراتيجية والخطط التفصيلية التكتيكية التنفيذية .
ونحنُ مقبلون على الإنتخابات العامة ، من المفيد أن ندخل في جدلِ كيف تبني الكتل السياسية حملاتها الإنتخابية لتحقيق ما تخطط لها من أهداف . و لا شكّ أن مثل هذا الموضوع الجدلي لا تتسع له مقالة واحدة من كاتب واحد ، بل نقاشٌ يتسع لكلّ من يريدُ أن يدلو بدلوه ويبدي رأيه مؤيّداً أو معارضا ، ففي مثل هذا النقاش نصل إلى ما نصبو إليه من فائدة عامة .
في هذه العُجالة وكخطوة أولى أودّ أن أتطرّق إلى أساليب بناء الحملات الإنتخابية من قبل الكتل السياسية التي تؤمِن قياداتها أن لا قاعدة سياسية واسعة لديها بين الجماهير وفي عين الوقت ليس لديها أجندات واضحة و ثابتة لتحقيق إنجازات في خدمة الشعب ( وبصورة عامة تكون هذه الكتل حاملة للأفكار الرجعية ، وميّالة لبناء النظام الدكتاتوري الأوليغاركي ) . فهي أصلاً لا تؤمِنُ بالشعب كمصدر للسلطات . هذه الكتل السياسية تتصف بأنها تحمل مبادئ ( الأنا ) فلا ترى مؤهلاً غير ذاتها . من هذه الصفات وفي ظلّ هذا المبدأ تكون سياسة مثل هذه الكتل ( الأخذ فقط وليس العطاء ) وهدفها كسبُ الإنتخابات ( بأي ثمن وبأي أسلوب ) حيث أنها تؤمن بمبدأ ( الغاية تبرّر الوسيلة ) ، ولذلك فهي ترفع الشعارات الكبيرة البراقة الكذابة لتوهم بها الجماهير وتستغل الشعور الديني والقومي لديها بزرع التفرقة حيناً والتحفيز حيناً آخر لتوجيهها الوجهة الخادمة لمصالحها بالإضافة إلى إستخدام الحافز المادّي والوعود بالمناصب والجاه .
من السهل على مثل هذه الكتل السياسية أن تتجمّع في إئتلافات عندما تجد تحدّياً جدّياً من كتل سياسية تقدمية ، بإعتبار أن أيّ كسبٍ للحركات التقدمية إنتقاصٌ لحقوقها هيَ . ولذلك فإنها تبني فيما بينها الإئتلافات ( الستراتيجية ) لإدامة مكاسبها قدر الإمكان ولكن ما أن تقوى كتلة على أخرى حتى تعمل ضدها للإستئثار بما كانت قد كسبته هذه بسبب عضويتها في الإئتلاف . إن إئتلافات هذه الكتل مهما سمّيت بالستراتيجية فإنها تظلّ رخوة أو متماسكة بقدر خوفها من قوة التيارات السياسية التقدمية التي تهدد مواقعها . أمّا في الحملات الإنتخابية ، والتي تتصف بقصر المدّة التي تُبنى فيها الخطط التكتيكية والتنفيذية ، فإنما يتم توزيع الأدوار بين الكتل المؤتلفة لتقوم بأدوارها مستندة إلى نفس المبادئ والسياسات ولتحقيق الأهداف التي هي بالأساس مشتركة بينها . فترى كل طرف يعمل على إستغلال المشاعر الدينية والقومية وصرف الأموال وإستخدام الكوادر المرتزقة لكسب الناخبين ، والجهود الحثيثة على نسف كل إتفاق أو إئتلاف يمكن أن يبنى بين الكتل السياسية التقدمية ، والعمل الجدي لإبعاد الأقليات القومية والدينية الأخرى من التقرب أو الإئتلاف مع القوى التقدمية ؛ تشتيت التركمان في كتل وجبهات مختلفة وكذلك الصابئة المندائيين بحيث يصعب عليهم التوالف مع القوى التقدمية ، محاولاتٌ لتوحيد الكلدانيين والسريان والآشوريين تحت مظلّة الدين وبذخ الأموال الطائلة لتنظيم المؤتمرات والصرف على إحضار المؤتمرين من بقاع العالم بغرض كسب ولائهم لكتل سياسية معينة ، تهميش الفيليين والإزدية والشبك وإستخدام وسائل الإعلام بتركيز لتجزئتهم ومنع إتفاقهم مع القوى التقدمية . إن النغمة الأخطر في هذا المجال شيوع أسلوب التفكير المقارن في ما بين العامّة لبيان الأفضلية بين الكتل السياسية التي تسلّمت السلطة من المحتل وقدّمت ما لديها خلال الستة سنوات المنصرمة ، بقصد تهميش القوى الأخرى !! هذه النغمة تركّز على أن الكتلة ( الفلانية ) أفضل من الكتلة ( العلانية ) . لقد قلنا من البداية أن الإنسان يتميّز بالإدراك ، والإدراك يأتي بتفعيل العقل لدى الشخص المؤهل صاحب الإرادة الحرّة ، بحيث يكون في موقع إتخاذ القرار الصائب . وإن كنا كذلك ، ولا بدّ أن نكون كذلك ، فلماذا الإنحباس في المفاضلة بين أيّ كتلة أفضل من الثانية ، فلا بدّ أن نشخص القوى السياسية الأفضل فعلاًً ؛ القوى الديمقراطية العلمانية التقدمية .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحقوقُ القومية
-
الجماهيرُ هي الأساس
-
مَصدرُ الوَحيْ !!!
-
صِراعُ المؤتلفين
-
التواطُؤ بإسم التوافُق
-
حَرَكةُ التاريخ
-
دروسُ الحياة
-
الحسابُ
-
مُكافحة السُّبات
-
رأسُ الشليلة
-
ثورةٌ فكريّةٌ .. مطلوبة
-
وحدة القوى التقدمية
-
في ذكرى سقوط الصنم
-
الحركة الكردية والمنطق السياسي
-
حُقوقُ الشّعبِ
-
درس المعلم الأول
-
دروسٌ ... للفائدة
-
صناعةُ المستقبل
-
المثقّفُ مسؤولٌ
-
التقدّميةُ هيَ الأصل
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
|