|
ما العائق الحقيقي امام اقرار قانون الانتخابات العراقية
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2808 - 2009 / 10 / 23 - 19:14
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
ربما يفكر اي متتبع لما يجري هذه الايام بان الخلاف الوحيد بين المكونات ناجم عن عدم الاتفاق حول قانون الانتخابات فقط، و بالاخص ماهو المعلن بان السبب الرئيسي هو عقدة قضية كركوك و ما يتعلق به . هذا صحيح في الظاهر، و ما نسمعه هو حساسية هذه المشكلة العويصة و هي تمس اصلا عدة جهات و كنتيجة للتراكم المتواصل للخلافات المتعاقبة و ما تعقدت من هذه القضية و وصلت الى هذه الحال عبر ما تعاملت الحكومات العراقية معها و تعنتها مما اعمقت من تعقيدها، و ما زاد الطين بلة هو ما زرعتها الدكاتتورية اخيرا بما قامت به من الترحيل و التعريب و تغيير الواقع الديموغرافي و نشر روح الحقد و الضغينة بين المكونات و التعصب، و اصرت على بقاء القضية و كانها ستحلها بالقوة و لم تقصر بما امتلكت من الامكانيات و القوة و استغلت الوضع الاقتصادي و الوضع المعيشي للشعب من الموظفين و الفقراء المعوزين من اجل تحقيق خططها العنصرية ، و كم من الامتيازات وفرت لمن غيًر قوميته من القومية الكوردية ، او نقل سجل احواله الشخصية الى هذه المحافظة من القومية العربية، بينما لم يذكر احد عدد هؤلاء و ما قامت به الدكتاتورية و بعض من ينتهج نهجها فرض الامر الواقع، و كل هذا على حساب مكونات اخرى و يراد عدم ذكر ذلك و كانه احقاق حق ، و اليوم نسمع و نرى ما هو الاخطر، في زمن ندعي فيه الحرية و اعادة الامور الى نصابها الحقيقي و ليس الاستمرار على الاخطاء التي لا تكون لها عواقب حميدة ابدا، و جميع المواقف ليس نابعا من الافكار الداخلية للمكونات بل للقوى الخارجية و دورها المشوه و المعقد للامور لاغراض معلومة للجميع، و هنا نرى يوميا من يلح على تلك المواقف المعيقة من الموالين المخلصين لمن وراء الحدود مهما تشدقوا بوطنيتهم . هذه كلها تؤدي الى الانحراف في الاراء و المواقف ، و الاعتقاد بان العقدة هي كركوك لوحدها، و يحاول من يستفيد في تعميق هذه العقدة ان يكثف في توجيه و الفات النظر الى هذه النقطة فقط و بشكل علني ، و هذا ليس صحيحا ابدا ربما تكون عقدة كركوك نسبة قليلة جدا من الخلافات، و لم تعلن الجهات عنها و استغلوها حجة لعدم امرار القانون بفقراته الحالية، و الخلاف اصلا بين المكونات المتنفذة ذاتها حول مواقفهم المتعددة و ارائهم المختلفة حول القضايا الكبرى المؤجلة اصلا الى الدورة المقبلة من المجلس النواب العراقي و تخطيطهم للتعامل معها حسب مجريات الامور السياسية و المستجدات لتحقيق اهدافهم بعقلياتهم المعلومة و المكشوفة و المخبأ كثير و الوقت سوف يقرر الاعلان عنه، و الا لما نرى التراجع عن المواقف و الاراء المعلنة و الموافقات في الاجتماعات في اخر لحظة ، و بعض منها بعد التشاور و الاستماع و اخذ اراء اولياء الامر، و بعد كل جلسة مناقشات مباشرة. اضافة الى الخلافات العديدة على الفقرات الاخرى الموجودة في نص القانون، هناك السبب الرئيسي الاكثر تاثيرا على جو المناقشات و المواقف قبل مضمون ما في القانون و هوانعدام الثقة المسبق لكل طرف تجاه الاخر، و النظر الى ما يفكر به الاخر بعين الشك و الريبة و كأن الجلسات بين الاخوة الاعداء، و بهذه العقليات التي ترسخت فيها دروس الماضي القريب ، تحتاج الاجيال من العمل و الاصرار كي تمحى ما زرعتها الاحقاد التي نبتتها الدكتاتورية بافعالها المشينة. هذا هو السبب الموضوعي الرئيسي اضافة الى ثقافة الجهات و المكونات و كيفية تداول المواضيع و روحية التفاهم و تدخلات الاخرين و ما تريده المصالح الذاتية قبل اي شيء كان. لو القينا نظرة على ظروف الدول المشابهة القريبة من العراق، و على سبيل المثال لبنان و ما يجري فيه، و ان قارننا تاريخ العملية الديموقراطية هناك و طبيعة المكونات و الخبرة و التجارب الموجودة و التي لا يمكن ان يقارن باي شكل مع العراق و تجربته الفتية ، ناهيك عن الاستقلالية النسبية و المستوى الثقافي العام المختلف للشعبين و طبيعة المجتمع و نوعية مكوناته ، نرى ما يمكن ان تطبق على الموقعين باختلافات بسيطة ، و شاهدنا كم من طرف تدخل و يتدخل لحد اليوم في ابسط عملية داخلية لبنانية سوى في الانتخابات او تشكيل الحكومة وكم تغيير حصل في مواقف الجهات. على هذا الامر يمكن ان نعتقد بان هذه الجدالات السرية و العلنية ستستمر و ليت القضية هي السبب المباشر مهما كانت حساسيته بقدر تدخلات الاخرين و الظروف الاقليمية، و ان حلت عقدة اقرار هذا القانون اليوم سوف تظهر مشاكل متكررة غدا طالما بقيت العقليات على هذا الاعتقاد و السلوك و الاراء، فتبقى القوانين و القضايا عالقة و لم تحل نهائيا كما نرى. و رب سائل يسال لما كل الامور و القضايا عالقة و القوانين الهامة مؤقتة و لم تنعكف الجهات في حل العقد طيل هذه المدة و هم مهتمون بالمصالح الخاصة ، و التي تزداد نسبة تعقيدها و تصعب فكها يوما بعد الاخر، و لما القوى الكبرى لم تتدخل في الحلول كجهة محايدة و مؤثرة ، و هل بقاء العقد على حالها لمصلحتها ، ام القضايا مختلفة و كركوك حالة خاصة حقا و تريد ان تحل من قبل من تخصها القضية و تمسه بانفسهم دون تدخلهم المباشر. اما الغريب في الامر ان توضع اسباب تلك الخلافات الكبيرة و ما ورائها في عهدة طرف واحد و كأنه عامل الشر على الرغم من دوره المتعدد في اعادة بناء العراق، و بقاءه عامل حل دائما لكل القضايا العراقية، اذن العائق الحقيقي يكمن في العقليات و التعصب و ما ورائهم و المصالح الكبرى العالمية و الاقليمية ، و سنرى العديد من هذه التعقيدات مستقبلا .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما مصير قانون الانتخابات العراقية
-
ان كانت الدائرة الواحدة هي الحل في الانتخابات ، فما المانع؟
-
تصريحات مسؤولي دول الجوار تدخل في شؤون العراق الداخلية
-
فيما يخص ايجابيات و سلبيات القائمة المفتوحة و المغلقة
-
تطورات الاوضاع العالمية تتطلب يسارا واقعيا متعددة الاوجه
-
اي حزب يبني مجتمع مدني تقدمي في العراق ؟
-
تصادم المواقف و تقاطع الاراء يؤثر سلبا على المجتمع ان لم يست
...
-
هل الفساد نخر الهيكل الاداري العام في الدولة العراقية ؟
-
ملامح ما ستسفر عن المتغيرات الجديدة في المنطقة
-
التنبؤ بالمستقبل يحتاج الى خبرة و عقلية منفتحة
-
هل من الضرورة الالتزام بالقيم الاجتماعية في السياسة ؟
-
التحزب القح و مصالح الوطن
-
ضرورة التعددية في العملية الديموقراطية و لكن.......
-
تغيير ميزان القوى في المواجهات المستديمة بين الشعب و الحكومة
...
-
هل وجود الاحزاب الغفيرة ضرورة مرحلية في العراق؟
-
هل نظرية الموآمرة سلاح الضعفاء ؟
-
هل يكون التكتيك في خدمة الاستراتيجية دائما ؟
-
هل محاولات الامبريالية العالمية مستمرة في تحقيق غاياتها؟
-
كيف نخفف تاثيرات الحملات الانتخابية على اداء الحكومة
-
كيف و لمن نكتب ؟
المزيد.....
-
-بعد تفجيرات البيجر-.. موقع عبري ينشر تقريرا عن حرب بين إسرا
...
-
إسرائيل لا تمتلكها.. خبير عسكري يكشف لـ RT من وراء تفجيرات ل
...
-
ماذا وراء استقالة بريتون: كيف استنفذ المفوض الفرنسي صبر رئيس
...
-
ماذا نعرف عن جهاز -البيجر- الذي اخترقته إسرائيل وأصاب العشرا
...
-
ارتفاع عدد ضحايا إعصار -ياغي-: حصيلة القتلى تتجاوز 500 في جن
...
-
اندلاع حرائق في شمال إسرائيل بعد هجمات صاروخية من لبنان
-
نتنياهو يترأس اجتماعا عاجلا يضم وزير الدفاع وقيادات عسكرية و
...
-
مصادر لبنانية لـ RT: وقوع نحو 2000 مصاب في انفجار أجهزة لا س
...
-
-رويترز-: أكثر من ألف مصاب في لبنان إثر انفجار أجهزة اتصالات
...
-
مسؤول في حزب الله يصف تفجير أجهزة الاستدعاء بـ -أكبر خرق أمن
...
المزيد.....
|