أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جمال الهنداوي - صدام حسين..فضائياً















المزيد.....

صدام حسين..فضائياً


جمال الهنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 2805 - 2009 / 10 / 20 - 23:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لو افترضنا جدلا ان احداً ما..اتاه الله بسطة من العلم والمعرفة..والرغبة في تلقط هوية فكرية محددة ومقننة للتشكيل البعثي ..فأن تلك الهوية الملتقطة لن تتجاوز الاسلوب المتفرد والتمكن العالي في التلبس المنتحل للافكار والانتماءات الايديولوجية المستعارة باعتبارها احداث تاريخية مشاعة حسب المعطيات الآنية واللحظوية..واخضاعها القصدي للاشتراطات النفعية والقابلة للانتاج المستمر والتدوير..وتسويقها كشعار سياسى/ أيديولوجى محصن بدفاعات معنوية يراد لها ان تبدو محملة بشحنات اخلاقية ..مستمدة من ادعاءات القيمة العليا المطلقة للهوية المستهدفة ..
وعلى نفس الاسلوب جاءت الممارسة المرتقبة والمتاخرة جدا عن زمنها باعلان النية لاطلاق قناة فضائية خاصة برئيس النظام السابق صدام حسين..تحمل اسمه وتستهدف كونها" منبر اعلامي يعبر عن فكر صدام حسين وتكشف ابعاده وتبلوره امام الجماهير التي امنت به، واعلنت انها متمسكة بالسير على هداه وفي طريقه وعلى ضوء مبادئه"..
ولكون هذا التوجه يدخل ضمن حرية الراي والتعبير..وباعتبار ان للسفه مجالات كثيرة للتشكل والبروز وبمختلف الصور..فلن يكون من المفيد هنا التوقف كثيرا امام توجه يحمل عوامل فناءه واضمحلاله الحتمي في بيان ولادته..ولكننا قد لا نمتلك ترف تجاهل العبارة الاخرى التي تصف القناة بانها"ذات توجه اسلامي"..
فمن المعروف ان البعث غالبا ما كان يستهدف الفضاء الخارجي في طروحاته الفكرية والاعلامية..متجاهلا الرأي العام الداخلي لانتفاءه وخفة وزنه كقيمة وقوة متقاطعة مع آلة قمعية مدمرة تتفوق عليه بمراحل .. وكمعارضة مبوبة سلفاً ضمن الفئات المخونة والمغرر بها وإلى غير ذلك من الاتهامات الجاهزة والتى تشكل جزءا لا يتجزأ من واقع الإنتاج الاعلامي والثقافى البعثي..
ولكن استمرار هذا التوجه –راهنا وبعد الذي كان – يشير بوضوح الى عمق المازق الفكري المأزوم بفقدان الشعور بمعطيات الزمان والمكان وحركة التاريخ الذي يعيشه ما تبقى من البعث وانفصال قياداته عن الواقع بصورة مثيرة للرثاء..
فمشكلة هذه القيادات لا تقتصر على الغفلة عن فقدان مصطلح "الاسلمة" للوهج السحري الذي كان يضفيه على الاشياء بسبب ممارسات لا تبتعد عن مجال نشاط امثال تلك القيادات نفسها..بل من حالة التضليل الذاتي وخداع النفس المغرق في الاستنزاف المسرف للجهود والثروات الذي ما زالت تنعم به الجهات المتصدية لمثل هذه الممارسات..وخصوصا ان للبعث موقفا معلنا مناهضا للاسلام عبر عنه مرارا في ادبيات الحزب المسكنة في منزلة المقدس لدى الرفاق..والتي لن يكون من السهل تجاوزها حتى لو اعلن ميشيل عفلق اسلامه "بقرار"وحتى لوكان اعدام صدام حسين تم في صبيحة عيد الاضحى..
فلو وضعنا جانباً القمع المنظم والروتيني والرتيب حد الملل لكل الحركات الاسلامية في العراق طوال سنين حكم البعث..ولو تجاوزنا عن الوقائع المغرقة في التناقض مع كل ما هو ديني في ممارسات رموز وعناوين النظام المهمة والمؤثرة والمفصلية ضمن ما كان يدعى حياة سياسية في تلك الفترة..فاننا نجد في بعض الطروحات الفكرية لـ"منظري" الحزب تناقضا واضحا مع الاسلمة والحكم الديني بما يدمغ اي محاولة لاضفاء سيماء الخشوع والتقوى على البعث بطابع التدليس الاقرب الى السخرية من الذات..
فنرى ان "احمد"ميشيل عفلق يتكلم في مقاله "معالم الاشتراكية العربية" عن "إن النظريات الاشتراكية لا تعترف بالوطن، منفصلة عن كل رابطة تاريخية واجتماعية، متمردة على الدين السائد، والأخلاق المعروفة، بالجملة كانت ثورية إلى أبعد حد ... واليوم المحرك الأساسي للعرب، التي هي كلمة السر، التي تستطيع وحدها أن تحرك أوتار قلوبهم، وتنفذ إلى أعماق نفوسهم، وتتجاوب مع حاجاتهم الحقيقية الأصيلة .. لا يمكنهم أن يفهموا لغة غير لغة القومية"
اما التقرير السياسي للمؤتمر القطري التاسع لحزب البعث-1982-وهو النص الرسمي المعبر عن توجهات الحزب واطاره النظري..فيعبر بوضوح:"أن الظاهرة الدينية ظاهرة انقسامية، وليس توحيدية للشعب العربي، في حين أن حركة القومية العربية أثبتت قدرتها، في الخمسينات والستينات، على حشد كل الشعب العربي، بكل أديانه وطوائفه في النضال، ضد القوى والدوائر الاستعمارية، في بلدان العالم الثالث، والمصالح الاستعمارية، والأخطار الصهيونية. كذلك، فإن الظاهرة الدينية في العصر الراهن، ظاهرة سلفية ومتخلفة في النظرة وفي الممارسة، وهي تأتى في عصر سمته الأساسية، وشروط التقدم والقوة فيه، هي العلم والتكنولوجيا، وخلق الثروة واستخدامها استخداما كاملا، وتوزيعها على أسس عادلة"
ويضيف:" إن النضال ضد انحرافات الظاهرة الدينية، هو اليوم في مقدمة المهمات، التي يتعين على حركة الثورة العربية خوضها، وإن الذي لا يدرك هذه المهمة، إما سطحي وعاجز عن التحليل العميق للأمور، وبالتالي لا يصلح للقيادة، أو مشبوه ومتآمر، يريد تقويض الكيانات العربية، وتقسيمها بين الكتل الدولية. لذلك، وقياساً على هذه الحالة، وحالات أخرى، قد يصلح التيار الديني في حالة، أو حالات خاصة، لإسقاط الأنظمة المعادية للشعوب، ولكنه لا يصلح في قيادة الشعب، من خلال ناحية السلطة السياسية، وفي إدارة شؤون البلاد، وبخاصة عندما ينفرد بالسلطة ويفرض سيطرته، بالقوة والإرهاب"
وفي موضع آخر ": إذا كانت مفاهيم وممارسات التدين، قد اعتبرت من قبل بعض الرفاق، بديلاً أخلاقياً أو عقائدياً عن حزب البعث العربي الاشتراكي، وسبيلاً لحل المسائل الجوهرية في الحياة، فلماذا اختاروا حزب البعث العربي الاشتراكي؟ ولماذا بعد أن قطعوا شوطاً طويلاً في الحزب، يريدون فرضها عليه، أو إشاعتها فيه، من دون أن يكون لذلك أساس في عقيدة الحزب، وفي تقاليده".
اما صَدّام حسين، فيقول في )نظرة في الدين والتراث":(عندما نتحدث عن الدين والتراث، يجب أن نفهم أن فلسفتنا ليست التراث ولا الدين بحد ذاتهما، إن فلسفتنا ما تعبر عنه منطلقاتنا الفكرية، وسياستنا المتصلة بها، وأن من الأمور المركزية في مجتمعنا، والمؤثرة في خلقنا وتراثنا وتقاليدنا، هو الماضي بكل ما يحمل من عوامل الحياة وتقاليدها، وقوانينها، وكذلك الدين، ولكن عقيدتنا ليست حصيلة كل ما يحمله الماضي والدين، وإنما هو نظرة شمولية متطورة للحياة، وحل شمولي لاختناقاتها وعقدها، لدفعها إلى أمام على طريق التطور الثوري، إن حزبنا ليس حزباً دينياً، ولا ينبغي أن يكون كذلك "
وقد اعترف الدكتور سامي الجندي، في كتابه "البعث"، بتلك الحقيقة، حيث قال:
"لقد ألحدنا بكل الطقوس والعلاقات والأديان، بحثا عن المعركة في كل مكان. كان في حكامنا عنف كثير، يضللنا في كثير من التفاصيل، مطلقة نرى الجهل والغفلة خيانة، مادامت نتائجها متساوية. اُتهمنا بالإلحاد، وكان ذلك صحيحاً أيضاً، رغم كل ما زعم البعثيون فيما بعد من مزاعم التبرير، نؤمن بالشعور الديني، بصوفية الأديان ونزعتها الكلية للإنسانية، أما دين الآخرين فقد كنا ضده، وعندما أصبح لدى حزب البعث العربي الاشتراكي فعالية في الحكم، أخذ ينشر علنا مبادئه العلمانية، لفرضها على مجتمع مسلم محافظ"
هذا والكثير غيره يجعل من تقمص البعث-من خلال قناته الموعودة- للخطاب الاسلامي ..وخصوصا مع الافلاس الدراماتيكي والمعلن والمدوي لحركات الاسلام السياسي في الراهن المعاش من ايامنا ..يدفع الى الظن-غير الآثم- بان الهدف الاسمى للقائمين على المشروع هو استدرار رضا الجهات الممولة واستمطار سخائها اكثر من محاولة نشر فكر ما او قيم اخلاقية او مباديء قد لا تجد لها موطئاً خارج جدران مكاتب القناة المرتقبة..كما ان مناشدة المشاهدين بارسال ما يملكونه من"ارشيف"صدام حسين عن طريق الايميل قد يقدم صورة عن المنتظر من تلك القناة التي قد تتحول الى واحدة من اكثر المشاريع الاعلامية هدرا للمال ونزفا مؤسفا لوقت الرفاق وجهدهم..




#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة متأنية لخطاب العقيد المتعجل..
- لا -مانيكان- بعد اليوم..
- فاروق حسني..خيبة جديدة للعرب..
- الدكتورة هالة مصطفى والمحرقة الانتقائية..
- تهمة الاستقواء بالخارج..بين النظام و الشعب
- لا تنتظروا شيئاً من منتظر..
- طائفية المنجز الابداعي..
- المعادلة الصعبة ما بين ذوات الارواح..وذوي العقول..
- القذافي..والصاروخ..
- نعم..نعم..للمحكمة الدولية..
- الرياضة..والزعيق العنصري المقيت..
- صعدة..دارفور اليمن السعيد..
- عندما يبلغ الاخ العقيد أشده..
- الجنس مقابل الغذاء
- الفرد الحر..وثقافة التقليد
- اسلامية الشيخ وعلمانية حماس..
- مكابدات سيد القمني مع مجتمعه..
- الغاء الآذان الشيعي..والوعي الوطني العراقي..
- فلنقل كلا لسد -اليسو-..
- كيف نصدق تاريخاً دوّن بهذه الطريقة؟!


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جمال الهنداوي - صدام حسين..فضائياً