|
اللاجئ الفلسطيني بين مطرقة الاستشفاء وسندان الظلم والحرمان
عصام الحلبي
الحوار المتمدن-العدد: 2805 - 2009 / 10 / 20 - 00:46
المحور:
القضية الفلسطينية
سنوات اللجوء والابتعاد القسري عن الوطن تزداد يوما بعد يوم ، وتلقي بظلالها قهرا، ظلما ، وألما على اللاجئين الفلسطينين في مخيمات الشتات عامة، ومخيمات لبنان خاصة في ظل ظروف قاسية ولا انسانية ، لا يراعى فيها الحد الادنى من مقومات الحياة
وما يزيد قساوة العيش في انتظار تحقيق حلم العودة الى الارض والدياروالوطن، اهمال متعمد من قبل الوكالة الدولية التي انشئت منذ الايام الاولى للجوء الفلسطينيي لتقديم الخدمات والعون لهم في كافة مجالات الخدمات التعليمية والاستشفائية والطبية والاغاثية بالاضافة الى هذه المنظمة الدولية شاهدا حيا على حجم الماساة وظروف اللجوء وجازر الاحتلال الاسرائلي. منذ عشرين عاما مضت او اكثر بدات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين" الانروا" باتباع سياسة تقليص خدماتها ـ وبشكل تدريجي وممنهج طال كافة مجالات الخدمات التربوية والتعليمية والاغاثية ـ والتشغيل والتوظيف ـ والاستشفائية والطبابية وسنتاول هنا المجال الاستشفائي الطبي كونه يشكل هاجسا مقلقا للاجئين الفلسطينين في المخيمات والتجمعات التي يقيميون فيها وفي ظل ظروف غاية في الصعوبة والبؤس والحرمان.
الاستشفاء والعمليات الجراحية
في مجال الاستشفاء والعمليات الجراحية تقوم " الانروا " بتغطية نفقات الليالي السريرية " السرير فقط " للمريض وتتنصل من التزاماتها في تغطية تكلفة العمليات الجراحية وباقي العلاج والادوية التي يتناولها المريض اثناء فترة مكوثه في المستشفى للاستفاء ـ باستثاء بعض الحالات التنادرة والتي يكون المريض فيها محظوظا " بوساطة " قريب او متنفذ في هذه المؤسسة الدولية " الانروا" فتقوم بدفع ما نسبته 20% من قيمة العلاج ، بينما يضطر المريض الى دفع باقي المبلغ ، اي ما يعادل80% من قيمة فاتورة الاستشفاء ، بينما المريض لايملك قوت يومه فيضطر الى التسول على ابواب الجمعيات والمؤسسات طلبا لتسديد جزء من فاتورته الاستشفائية . فيما الفحصوصات المخبرية و صور الاشعة " الستي سكان ومشتثاتها من الصور الحديثة" بكافة انواعها تقوم الانروا بتغطية جزء ضئيل جدا من تكلفتها تاركة المريض عرضة لازدياد وتفاقم حالته المرضية نتيجة عدم قدرته تامين فاتورة استشفائه مضطر الى طرق ابواب المحسنين .
العيادات والاستشفاء اليومي
يقطن مخيم عين الحلوة وحسب احصاءات الانروا ما يقارب ال" 47000 نسمة" بينما في الواقع يتجاوز عدد سكان عين الحلوة والتجمعات الفلسطينية التابعة له ال" 75000 نسمة" ـ تقوم بتقدبم الخدمات الاستشفائية لهم عيادتان تابعتان للانروا ، تحتويان على قسم رعاية الامومة - عيادة اسنان- مختبر ، بينما يوجد في احدى العيادتين قسم للاشعة يقدم خدماته للمنطقة الممتدة من وادي الزينة الى عدلون ، يعمل في العيادة الواحد "3" ثلاثة اطباء يعاينون ما بين ال" 350- 400" مريض يوميا اي ما يفوق ال "100" مرض " حصة الطبيب الواحد من المعاينة ، ويتم ذلك في فترة الدوام الرسمي للعيادات الذي يبدأ من الساعة السابعة والنصف صباحا حتى الساعة الثالثة الا ربعاـ هذه العيادات التي هي بحاجة الى عدد من الاداريين والاطباء ، الا ان اللافت وفي بعض الاحيان وفي الايام التي يذهب الاطباء لحضور حلقة نقاش في بيروت فان العيادة الواحدة لايبقى فيها الا طبيبا واحدا وهذا يكون على حساب وقت وصحة المريض وايضا ارهاقا للطبيب المتواجد في العيادة ، الذي لايمكن له ان يعالج " 300 مريض " او اكثر .
ادوية الامراض المزمنة
ان الضغط الاقتصادي والنفسي وسوء الاعتناء بالصحة البيئية من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين" الانروا"، ادى الى تفشي الكثير من الامراض داخل المخيمات ـ كضيق التنفس والربو ـ الحساسية ـ الضغط ، القلب والشرايين، والاعصاب ـ مما يستوجب عناية خاصة بهذه الحالات وتامين كافة الادوية ومستلزمات الاستشفاء لهذه الحالات المرضية المزمنة ، الا ان ابسط مقومات الاستشفاء للمرضى بشكل عام غير متوفرة بشكل دائم ، فالادوية ومنذ الايام الاولى من النصف الثاني للشهر تبدا بالنفاذ والانقطاع من صيديليات العيادات ، اما ادوية الامراض المستعصية والمزمنة فانها غير متوفرة في صيديليات عيادات الانروا بشكل منتظم وتنقطع في كثير من الاحيان الى شهور" تصل الى ثلاثة شهور احيانا" تحت ذريعة طلبها من المستودعات الرئيسية للانروا في عمان لعدم توفرها في مستودعات الادوية التابعة للانروا في لبنان ، هذا الانقطاع للادوية وعدم تامينها بشكل منتظم للمرضى انعكس سلبا على حياة المرضى وشكل خطرا حقيقيا على حياتهم وصحتهم فاضطر بعض المرضى للجوء الى المؤسسات الانسانية لتامين جزء من الادوية واضطر اخرون الى التسول من اجل تامين ادويتهم واستشفائهم . يقول المسؤول عن الملف الصحي في اللجان الشعبية الفلسطينية في عين الحلوة كمال الحاج : " ان الانروا لاتقدم خدمات كما يجب للاجئين الفلسطينين ، بل هي تعتمد سياسة القليص وفي كافة المجالاتن فالاستشفاء وعلى سبيل المثال لا الحصر لا تتعاطى معه الانروا بشكل جيد فالادوية التي تؤمنها الانروا لاتتناسب مع الموصفات الطبية الدولية ـ، وعدد الاطباء في العيادات لايتناسب مع عدد السكان، وتدير الانروا ظهرها لمرضى غسيل الكلي والذين لاتقدم لهم اي من انواع الاستشفاء ، وتمتنع كذلك عن تقديم اي نوع من انواع الاستشفاء للمضاعفات التي تحدث للمريض اثناء خضوعه لعملية غسيل الكلى ، اما عمليات تميل القلب" القسطرة " ترفض الانروا رفضا قاطعا تقديم اية مساعدة او مساهمة للمرضى الذين يخضعون لمثل هذه العمليات . " . ويضيف الحاج " اما بالنسبة للتعاقد مع مستشفى صيدا الحكومي " وهو ملاصق لمخيم عين الحلوة" فان الانروا اجرت تعاقدا مع المستشفى فقط في حالات الاطفال حديثي الولادة " الخدج" وحالات الولادة للمرة الاولى ". وفيما يخص اللاجئون الفلسطينيون من فئة N. R وفاقدي الاوراق الثبوتية قال الحاج "ان هذه الفئة من الفلسطينين قد تخلت الانروا عنها تماما ولا تقدم لهم اية خدمات تذكر " وبخصوص التعاقد مع مستشفى الهمشري قال الحاج" لقد قلصت الانروا عدد الليالي السريرية في المستشفى من 1050 ليلة – 1000 ليلية سريرية في الشهر ". . وينتقد امين سر اللجنة الشعبية لمخيم عين الحلوة ابو المعتصم اداء الانروا تجاه اللاجئيين الفلسطينين في المخيمات قائلا:" الانروا مجحفة بحقنا ، عليها تامين كافة الخدمات لنا كلاجئيين فلسطينين مبعدون قسرا عن ارضنا وهذا من واجبها كمؤسسة دولية انشئت من اجل مساعدتنا لحين تحقيق حلمنا في العودة الى ارض الاباء والاجداد " ويتابع ابو المعتصم " ان مرضى العيون في حال تم وصف لهم نظارات طبية من قبل الطبيب فانهم في منطقة الجنوب كلها من وادي الزينة الى صور مضطرون للذها ب الى صور من اجل تامين النظارات الطبية ، بسبب تعاقد الانروا مع محل واحد فقط لبيع النظارات في مدينة صور ، وهو المحل الوحيد الذي تعاقدت معه " الانروا " في منطقة الجنوب ".
الصحة والبيئة
ويقدم المسؤول الصحي للجان الشعبية الفلسطينية في عين الحلوة كمال الحاج شرحا عن الصحة البيئية في عين الحلوة والتجمعات الفلسطينية المحيطة بها فيقول:" ثمانون الف لاجئ فلسطيني في يعيشون في عين الحلوة والتجمعات المحيطة به يعيشون كارثة بيئية حقيقية ، اذ لا يوجد سوى 45 عامل تنظيفات يوقومون بالعمل على جمع القمامة والنظافة في المخيم ، بينما قانون الانروا ينص على ان كل 1000 نسمة يتم توظيف عامل نظافة واحد لها وهذا القانون لم يؤخذ به في عين الحلوة ومحيطها من التجمعات بينما تتنصل الانروا من تقديم اي نوع من الخدمات للتجمعات الفلسطينية المحيطة والمتداخلة مع المخيم تحت ذريعة ان هذه خارج نطاق عمل الانروا ـ ويلفت الحاج الى ان الانروا لم تعد كالسابق تعتني بعملية رش المبيدات المضادة للقوارض والحشرات ". ويضيف الحاج " اما شبكة المياه اصبحت قديمة ومهترئة وقريبة من شبكة الصرف الصحي والتي هي بدورها تعاني من اهتراء وتلف كبير مما ادى الى تسرب مياه الصرف الصحي الى شبكة مياه الشرب وتلوثها مما شكل حطرا على صحة كل من يستعمل هذه الشبكة " ويشير مسؤول اللجان الشعبية في منطقة صيدا محمد هاني الموعد الى ان اللجان الشعبية الفلسطينية قد قامت بالعيد من التحركات واللقاءات مع مدير الانروا في لبنان ومع اللجان والمسؤولين المختصين في الانروا ووضعوهم في صورة اوضاع المخيمات وقدموا لهم جملة مطالب لم تنفذ اي من هذه المطالب ولم تقم الانروا باية خطوة ايجابية تجاه التخفيف عن كاهل اللاجئين الفلسطينين " . بينما تركزت المطالب الاساسية للجان الشعبية الفلسطيتنية والتي قدمت الى ادارة الانروا ومسؤولها في لبنان عبر مذكرات وهذا اهمها : طالبت اللجان الشعبية الفلسطينية الانروا ب – اعادة النظر في التعاقد مع المستشفى الحكومي لتشمل كافة الخدمات الصحية وكذلك تغطية كافة نفقات الامراض المستعصية بالاضافة الى زيادة عدد موظفي قسم الاشعة في عي عيادة عين الحلوة ، وزيادة عدد موظفي عيادات الانروا في عين الحلوة وباقي العيادات وتلبية حاجات المرضى بالدواء وتحسين نوعية الدواء وزيادة الكمية وتوفيرها على مدار الشهر ، وتامين اطباء اخصائيين في العيادات واستحداث مركز للكشف المبكر للامراض المستعصية واعتماد كافة الصوور الشعاعية وتغطية عمليات تميل القلب واعتماد كافة فحوصات الزرع والهرمونات المخبرية وزيادة عدد ليالي الاستشفاء السريرية وتغطية نفقات غسيل الكلى وتامين الادوية اللازمة للمرضى وعلاج مرضى الصرع بالمصحات الخاصة ومتابعة اوضاعهم الصحية وتامين الادوية اللازمة لهم وفي مجال البيئة طالبت اللجان الشعبية ب – ايجاد حلول لمكبات النفايات داخل المخيمات ورش مبيدات لالحشرلا والقوارض على المكبات وبين الازقة وزيادة عدد موظفي التنظيفات بنسبة 50% لكي تتناسب مع عدد السكان وكي يقوموا بعملهم كاملا ومعالجة مكب الجميزة حيث يوقع هذا المكب ضررا فادحا بسكان المنطقة . وفي غمرة الصعاب ومخاطر عدم القدرة على الاستشفاء وتخلي " الانروا" المؤسسة الدولية المنوط بها تامين الاستشفاء والطبابة والتعليم على اقل تقدير للاجئين الفلسطينين لحين عودتهم الى وطنهم فلسطين الذي اقتلعوا منهم قسرا من قبل الاحتلال الاسرائلي وفي ظل تقاعس " منظمة التحرير الفلسطينية" عن تقديم ما تخلت عنه " الانروا" يبقى اللاجئ الفلسطيني مهددا بصحته وفي تعليم ابنائه هذه الاعباء والمخاطر المضافة الى بطالته وعجزه وفقره وضيق حاله وانسداد افق المستقبل في وججه ووجه عائلته .
#عصام_الحلبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التربية والتعليم في الانروا الى اين ؟
-
نظرة على تعاقدات وزارة النفط مع الشركات الأجنبة
-
بيان جمعيات اهلية فلسطينية
-
العمل الجماعي والمؤسساتي السليم أداة قوة وخطوة صحيحة على طري
...
-
النضال الفلسطيني المتكامل وبكافة أشكاله انتج نصرا في غزة وشم
...
-
الانسحاب الاسرائيلي من غزة وشمال الضفة نصر للمشروع الوطني ال
...
-
حزب الشعب الفلسطيني يوقد شعلة اعادة تأسيسه
-
حزب الشعب الفلسطيني يحتفل بذكرى انطلاقته
-
حوار مع عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحلرير الفلسطينية محمد
...
-
الانتخابات البلدية في غزة , درس يستفاد منه
-
اعتصام في عين الحلوة تضامنا مع الاسرى في السجون الاسرائيلية
-
الدولة.. القدس .. اللاجئيين ثوابت لكل المراحل
-
استحلفكم بالله..لاتدعوا شارون ينتصر
-
هكذا يكون الوفاء,, لصاحب مدرسة الوفاء
-
فلسطينيون يبحثو ن عن اوراق تعيد اعتراف المجتمع بوجودهم الانس
...
-
التعليم في الانروا الى اين
-
وفشل شارون في تحقيق مخططاته التأمرية
-
الوعي …. والصمود الفلسطيني .. يحطم مشاريع شارون
-
تحقيق الثوابت الفلسطينية هي المشروع الوطني الفلسطيني والوحدة
...
-
الانروا توقف علاج 25000 فلسطيني في لبنان
المزيد.....
-
بالفيديو.. منصات عبرية تنشر لقطات لاشتباكات طاحنة بين الجيش
...
-
Rolls-Royce تخطط لتطوير مفاعلات نووية فضائية صغيرة الحجم
-
-القاتل الصامت-.. عوامل الخطر وكيفية الوقاية
-
-المغذيات الهوائية-.. مصادر غذائية من نوع آخر!
-
إعلام ألماني يكشف عن خرق أمني خطير استهدف حاملة طائرات بريطا
...
-
ترامب يدرس تعيين ريتشارد غرينيل مبعوثا أمريكيا خاصا لأوكراني
...
-
مقتل مدير مستشفى و6 عاملين في غارة إسرائيلية على بعلبك
-
أوستن يتوقع انخراط قوات كورية شمالية في حرب أوكرانيا قريبا
-
بوتين: لدينا احتياطي لصواريخ -أوريشنيك-
-
بيلاوسوف: قواتنا تسحق أهم تشكيلات كييف
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|