|
حوار مع الصحافي خالد الجامعي
مصطفى عنترة
الحوار المتمدن-العدد: 852 - 2004 / 6 / 2 - 04:36
المحور:
مقابلات و حوارات
الصحافي خالد الجامعي: المستفيد الأول مما جرى في سجن أبو غريب بالعراق هوالأنظمة العربية
ـ هل لكم أن ترسموا لنا صورة أمريكا في ذهنية رجل الشارع المغربي، خاصة بعد الصفعات التي ما فتئ يتلقاها المغرب من الولايات المتحدة الأمريكية آخرها عدم تصويت ممثلها لفائدة الملف المغربي لاستضافة مونديال 2010 وقبلها المأزق الذي تعرفه قضية الصحراء المغربية وتداعيات الاحتلال العراقي ودعم ومساندة الكيان الإسرائيلي في إبادة الشعب الفلسطيني الأعزل...؟
بداية يجب التمييز بين المؤسسات الرسمية من حكومة وغيرها والشعب الأمريكي، وإلا فيجب علينا أن نحكم على الشعوب العربية انطلاقا من حكامها، فالولايات المتحدة الأمريكية تتمتع بنظام سياسي مؤسساتي وديمقراطي، والشعب الأمريكي يمارس سلطته ويتمتع بجميع حقوقه المشروعة، والجهاز التنفيذي يوجد تحت المراقبة الشديدة للجهاز التشريعي، هذا فضلا على الاستقلالية القوية التي يتمتع بها الجهاز القضائي هناك. أما أن يحصل تعذيب السجناء في العراق فإن ذلك يعتبر عملا وحشيا لا يمكن السكوت عنه، وهذا الأمر نجده في العديد من السجون العراقية. إلا أن الشيء الذي يجب الإشارة إليه هو أن الصحافة الأمريكية هي التي كانت وراء الكشف عن هذه القضية، وفي هذا الصدد يمكننا أن نتصور ماذا كان سيحصل ـ على سبيل المثال ـ لو أن جريدة مغربية معينة قامت بالكشف عن صور لتعذيب عناصر من الجيش المغربي لأفراد من البوليساريو، حيث إن كبريات الصحف وقنوات التلفزة الأمريكية قامت بنشر وبث هذه الصور دون أن تصدر في حقها أية متابعة أو تهديد أو تدبير عملية اختطاف من كانوا وراء تسريب هذه الصور. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو ما موقف رؤساء الدول العربية من القضايا الكبرى للأمة، فقد قبلوا بغزو العراق، والأكثر من ذلك فقد شاركوا فيه بأشكال مختلفة، فهم الذين جاؤوا بالولايات المتحدة الأمريكية إلى العراق، فلولا السعودية، قطر والكويت.. لما أقدم بوش على ذلك، والغريب في الأمر أن لا أحد تجرأ حينها على انتقاد هذا الوضع ، ولو بقول اللهم إن هذا منكر وهذا أضعف الايمان، نفس الشيء يقال بالنسبة إلى الأحزاب العربية مع استثناء حزب الله اللبناني الذي كان له موقف واضح من قضية ذبح المواطن الأمريكي من طرف مجموعة من الإرهابيين قالت أنه إسلامبة. فنحن نعرف جيدا من هو بوش ورامسفيلد وغيرهما من العناصر المافيوزية المتواجدة داخل الإدارة الأمريكية، ولا يمكن أن ننتظر منهم أحسن مما قاموا به، فلهم مصالح معينة وبسببها قاموا بعملية غزو العراق، وأفكارهم معادية للإسلام والمسلمين لأن لهم فلسفة معينة في التعامل مع القضايا الخارجية.. فالذي يجب أن يعرفه الشعب المغربي هو أن ممارسات وسلوك الإدارة الأمريكية هو نتيجة لضعفنا كعرب، و أن دولنا غير ديمقراطية.. فالشعب الأمريكي له سلطة قوية حيث بإمكانه أن يسقط بوش وأصدقاءه في الاقتراع المقبل، أما في الوطن العربي فمن بإمكانه أن يسقط ولو مسؤولا بسيطا فما بالك بحاكم أو زعيم حزب..؟! مع الإشارة في هذا الباب إلى أن فضيحة سجن أبو غريب أدت إلى استدعاء مسؤولين كبار في الجيش الأمريكي للجلوس على طاولة المساءلة أمام لجنة برلمانية. فهل بالإمكان أن نتصور حدوث مثل هذا السيناريو عندنا أو في أي بقعة من الوطن العربي، بمعنى أن يمثل على سبيل المثال لا الحصر مسؤولا عسكريا برتبة جنرال، كبنسليمان وبناني..أمام لجنة برلمانية قصد المساءلة في قضايا تهم الرأي العام الوطني، فهذا المعطى هو الذي يفسر الهوة العميقة التي تميز بيننا وبينهم، ولذلك لا يجب والحالة هذه أن نستعمل الولايات المتحدة الأمريكية كشماعة نعلق أسباب ضعفنا، فكم من أبو غريب يوجد بالعالم العربي؟ ولماذا يتم السكوت عن مثل هذه المعتقلات. فالإسلاميون بالمغرب تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب، والأمثلة هنا عديدة، وهنا أستحضر حالة المعتقل السابق الشريعي الذي "أجلسوه على قرعة" ، لكن الغريب في الأمر أن لا أحد تحرك للتنديد بمثل هذه الأعمال المشينة والمقززة.. صحيح أن صدام حسين كان دكتاتوريا، لكن لا يجب أن نخلط الأوراق لأن المستفيد الأول مما جرى في سجن أبو غريب هو الأنظمة العربية، ذلك أن هذه الفضيحة ستغطي على فضائحها التي ستبقى بعيدة كل البعد عن الرأي العام العربي والدولي وبالتالي ستثير ثائرة الشعوب العربية ضد أمريكا وليس ضدها.
ـ في رأيكم ما هي حدود دائرة الحقد الشعبي ضد أمريكا هنا بالمغرب؟
إن الشعب المغربي يتمتع بدرجة عالية من الوعي تجعله يميز بين بوش ووزير دفاعه رامسفيلد والشعب الأمريكي، ويمكن أن ندرج في هذا الباب فيلم المخرج السينمائي مايكل مور ضد بوش والذي حاز على جائرة السعفة الذهبية في مهرجان "كان" السينمائي الأخير، وعاد إلى بلده دون أن يمسه أي سوء.. فضلا عن ذلك فقد صدر كتاب في أمريكا يناهض من خلاله صاحبه سياسة بوش. بل الأكثر من ذلك نجد العديد من منظمات المجتمع المدني، تمثل فئات اجتماعية واسعة داخل الشعب الأمريكي المناهض لهذه السياسة، تنظم وباستمرار مظاهرات شعبية تندد فيها بسياسة البيت الأبيض.. وأعتقد أن النخبة عندنا مطالبة بتنوير الجماهير المغربية بحقائق الأمور، تفاديا لكل خلط للأوراق.. فالإعلام الرسمي لا يقدم لنا مثل هذه المشاهد للأسباب التي ذكرت سلفا، هذا إذا علمنا بأن غالبية المغاربة يقاطعون هذا الإعلام ويفضلون بدلا عنه مشاهدة القنوات الفضائية الدولية عندما يتعلق الأمر بمثل هذه الأحداث الهامة.
ـ كيف يمكن، في نظركم للدولة المغربية المحافظة من جهة على مصالحها مع الولايات المتحدة الأمريكية وعدم ترك المظاهرات الشعبية المعادية لسياسة بوش تتجاوز الخطوط المرسومة من جهة أخرى؟
إن قياداتنا لا تمتلك رؤية سياسة واستراتيجية واضحتين، فهمّ حكامنا وأحزابنا هو المحافظة على الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص قضايانا المصيرية، واستغرب لماذا لا يضعوا ثقتهم هذه في الشعوب العربية. فثق بي أنه في حالة إقامة مؤسسات تمثيلية حقيقية، وتقوية الجبهة الديمقراطية الداخلية.. فإن الأمريكان سيغيرون لا محالة لغة تعاملهم معنا.. فكيف تريد أن نطلب من أصدقاء بوش أن يغيروا طريقة تعاملهم معنا وهم يعرفون مسبقا أن من استحال تعذيبه في غواتانامو يتم ترحيله إلى تمارة.. فالأحمق هو من يضع ثقته في أمريكا لحل قضية الصحراء.. وأنت تعلم جيدا أن أصدقاء بوش ومعهم اللوبي الصهيوني يسعيان إلى تمزيق أوصال الكيان العربي وجعله عبارة عن دويلات ضعيفة.. فإذا تم حل النزاغ المفتعل داخل الصحراء فالطريق ستعبد، دون شك، في اتجاه إحداث قطب مغاربي بشمال إفريقيا، ستجعله حاضرا على سبيل المثال في المعادلات السياسية للشرق الأوسط.. وهذا ما يرفضه اللوبي الصهيوني.
ـ في نظركم أين يتجلى دور اللوبي الأمريكي بالمغرب في تحسين صورة أمريكا لدى المغاربة؟ عن أي شيء تتحدثون، هل تقصدون الفاسي الفهري، الوزير المنتدب في الشؤون الخارجية؟ فماذا يمثل هذا الأخير داخل الشعب المغربي؟ إنه مجرد شخص ضمن مجموعة ذات مصالح معينة، ولا تمثل لوبيا بالمعنى الحقيقي للكلمة، فالفاسي لم يصوت عليه أي أحد شأنه في ذلك شأن باقي وزراء السيادة، وماذا يمثل زميله محمد بنعيسى، وهل يملك هذا الأخير قاعدة شعبية أم لأنه مجرد صديق بندر..؟! ـ هل تعتقدون أن الأيام القادمة ستشهد مواجهة بين حركة الاحتجاجات المدنية ضد الولايات المتحدة الأمريكية والدولة التي لازالت تثق بها؟
يجب التأكيد مرة أخرى أننا نعادي أفرادا تحارب القيم الإنسانية وليس الشعب الأمريكي، فأنا ضد شارون، وبوش ورامسفيلد.. وغيرهم لأنهم يمثلون جماعة من القتلة وأولاد الحرام.. تاريخهم كله دماء.. ولكني في نفس الوقت صديق للشعب الأمريكي، صديق لمثقفيه وكتابه وصحافييه المتنورين وأيضا صديق لدعاة السلم والسلام داخل الشعب الإسرائيلي..
ـ كيف يمكن للشعبين الإسرائيلي والعربي أن يتواصلا بعيدا عن حكامهم؟ يجب أن يكون هناك تواصل بين التقدميين، وهناك العديد من الوجوه التي تجتهد في هذا الاتجاه، فأنا ضد كل من يحارب أي تواصل مع الشعب الاسرائيلي. ـ لقد سبق لكم أن زرتم إسرائيل.. (مقاطعا) صحيح لقد زرت إسرائيل، ولست نادما على ذلك، وإذا استدعت الحاجة الدخول في معركة جديدة فسأكون أول المنخرطين فيها، وكم كنت أنتظر من اليسار المغربي بدل مناهضة التطبيع أن يدعي اليسار الإسرائيلي التقدمي قصد عقد لقاءات والتفكير معا في مستقبل الدولة الفلسطينية. نعم، يجب الدعوة إلى مجابهة شارون وبوش على جرائمهم ضد الإنسانية، ولكن هذا لا يجب أن ينسينا الوضع الداخلي والدعوة إلى مساءلة ومحاسبة المسؤولين على الوضع القائم.
#مصطفى_عنترة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليسار المغربي في رحلة جديدة للبحث عن لم شتاته وتقوية موقعه
...
-
المغرب شرف تنظيم مونديال 2010مقال حول تداعيات عدم نيل
-
التحولات الكبرى التي مست المجال الديني في المغرب
-
المغرب يقدم مساعدات لاسبانيا من أجل محاصرة الجماعات الاسلامي
...
-
تأملات حول دور ومكانة العلماء في محاربة التطرف الديني بالمغر
...
-
مؤشرات وساطة إسبانية لحل مشكل الصحراء المغربية
-
الحركة العمالية المغربية وسؤال مواجهة مخاطر العولمة
-
أسس شرعية ومشروعية النظام الملكي بالمغرب تحت المجهر
-
أحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالمغرب، ي
...
-
جهادي الحسين الباعمراني، صاحب -ترجمة معاني القرآن الكريم بال
...
-
أمازيغيون يقاضون وزير التعليم المغربي ضد استغلال المناهج الد
...
-
عبد الله حافيظي السباعي، باحث متخصص في شؤون الصحراء يتحدث عن
...
-
المحجوب ابن الصديق يستمر في قبض نقابة الاتحاد المغربي للشغل
...
-
تداعيات أحداث 16 ماي الدامي تلقي بظلالها على المؤتمر مر الوط
...
-
المفكر التونسي عبد المجيد الشرفي يتحدث عن الفكر الديني، الإس
...
-
أبعاد ومخاطر تكريس سياسة اللهجات الأمازيغية بالمغرب
-
مثقفون وباحثون وجامعيون يتحدثون عن تجديد الفكر الديني
-
جهادي الحسين الباعمراني ينجز ترجمة لمعاني القرآن باللغة الأم
...
-
تأملات حول المخزن الثقافي في مغرب القرن الواحد والعشرين
-
الملك محمد السادس يقوم بإصلاحات كبرى تروم تطوير الحقل الديني
...
المزيد.....
-
رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز
...
-
أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم
...
-
البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح
...
-
اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات -
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال
...
-
أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع
...
-
شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل
...
-
-التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله
...
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|