أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - المصالحة المستحيلة















المزيد.....

المصالحة المستحيلة


جهاد الرنتيسي

الحوار المتمدن-العدد: 2803 - 2009 / 10 / 18 - 18:49
المحور: القضية الفلسطينية
    


هامش اخر لتضخيم علامات الاستفهام ، وتفريخ الاسئلة المبعثرة في فضاءات الكوكب ، فتحه تطور السجال السياسي بين الهيئات التمثيلية الفلسطينية وحركة حماس ، بعد ارجاء مناقشة تقرير غولدستون ، الذي تحول قسريا الى محطة جديدة من محطات تاريخ فلسطيني انهكته الهزائم والنكبات منذ مطلع القرن الماضي .

والاسئلة في مثل هذه الاحوال طرف معادلة يبقى طرفها الاخر غائبا مع تعثر محاولات الوصول الى اجوبة استشرافية لمرحلة ما بعد تراكم الجفاء الذي اعقب عواصف الجدل حول تقرير غولدستون .

ففي تعددية المؤثرات ، وحساسية القضايا ، وخضوعها للمتغيرات ، والتحولات الزمنية ، بكل ما تنطوي عليه من ابعاد وطنية واقليمية وكونية ما يقلل من جدوى القياس على احداث سابقة ، لقراءة المراحل المقبلة .

كما تلعب التفاصيل الصغيرة دورا في بلورة المؤشرات التي يمكن الاستناد اليها لتحديد اتجاه الاحداث .

لكن غياب ادوات القياس وطغيان التفاصيل على المشهد الفلسطيني الراهن لا يعني بالضرورة القطع مع تاريخ حافل بالانشقاقات .

فالمحاولات الجارية لاعادة انتاج ادوار لمخلفات الانقسامات السابقة تكفي لاستحضار المحطات القاتمة في النصف الثاني من القرن الفائت .

وبتلازم قوة حضور المتغيرات الراهنة واشباح الماضي يأخذ البحث عن اجوبة لاسئلة الانقسام الفلسطيني ،وبشكل تلقائي ، منحى قراءة الممكن والمستحيل في الحالة الفلسطينية .

اول ما يتبادر للذهن لدى معاينة توقعات نجاح وفشل محاولات المصالحة التي ترعاها القاهرة اندفاعة رئيس ورموز السلطة الوطنية للتوقيع على اتفاق ينهي الانقسام مع حركة حماس .

فلم تخرج هذه الاندفاعة عن سياقات نهج الرئيس محمود عباس صاحب رؤية ادخال حماس الى عمق العملية السياسية ، الامر الذي استنزف منه جهودا كبيرة ، قابلتها حركة الاسلام السياسي الفلسطيني الاولى بمنحه ثقة لم تمنحها للرئيس الراحل ياسر عرفات .

وبلغت هذه الثقة ذروة التجسيد بمشاركة حماس في الانتخابات العامة ، وفوزها باغلبية مقاعد المجلس التشريعي ، وتشكيلها للحكومة ، وسعي الرئيس عباس لتسويق حكومة اسماعيل هنية عربيا ودوليا ، باعتبارها افرازا لصناديق الاقتراع ، وتعبيرا عن خيارات الشعب الفلسطيني .

لكن مياه كثيرة جرت في نهر الحياة السياسية الفلسطينية خلال الـسنوات الاربع التي اعقبت الانتخابات ، حولت الاستحقاق الديمقراطي الى منعطف حاد لم يخرج منه الوضع الفلسطيني بعد ، ويهدد بالاجهاز على ما تبقى من المنجز الوطني .

فقد تبخرت الخطوة التي كان الهدف من ورائها توحيد وتصليب الموقف التفاوضي الفلسطيني مع فشل المشروع الوطني ومشروع الاسلام السياسي في التعايش تحت سقف واحد .

واظهرت حالة الفرز التي يشهدها الوضع الداخلي الفلسطيني منذ ذلك الحين هشاشة الفهم الحمساوي لفكرة الديمقراطية والتعددية والتنوع السياسي والمجتمعي .

فالانقلاب الذي جرى على السلطة في قطاع غزة بمجرد الخلاف مع حركة فتح لم يكن معزولا عن سياقات وجذور تفكير حركة حماس .

واختارت حركة الاسلام السياسي الفلسطيني الاولى المنهج الطالباني في ادارتها لعلاقاتها مع القوى السياسية والحياة اليومية في قطاع غزة الخاضع لانقلابها رغم انه كان بامكانها الانحياز الى التجربة الاردوغانية الاكثر رقيا في التعاطي مع الاوضاع الداخلية والخارجية .

كما يعبر التهرب من المصالحة الوطنية عن نزوع اصيل لاقصاء الاخر والغائه وتهميشه ورفض منطق الشراكة السياسية معه والاستهتار بصناديق الاقتراع .

وامام هذه المعطيات تبدو خطوات السلطة لانجاح مصالحة وطنية ترفضها حماس اقرب لمحاولة زوج مخدوع جلب الزوجة الناشز الى بيت الطاعة .

فالمصالحة تبدا من الرغبة في انهاء خصام ما ولا تفرض على طرف لا يريد التصالح .

وجود البنية الفكرية والسياسية الحمساوية الرافضة للمصالحة لا يعني باي حال من الاحوال تبرئة اطراف عربية واقليمية ودولية من تبعات ادامة الانقسام الفلسطيني .

فهناك ما يكفي من مؤشرات التورط في العبث بهذا الملف ـ صاحب الدور المحوري في تحديد ملامح المستقبل السياسي الفلسطيني ـ وابقائه ساحة لتصفية حسابات بين اقطاب متناحرة .

وحين يجري الحديث عن اقطاب ، ومشاريع الاقطاب ، واوهام قطبية تعيشها كيانات مجهرية ، تتعيش في حضورها السياسي والدبلوماسي على آلام وكوارث شعوب المنطقة ، تطفو على السطح العواصم الحليفة لحركة حماس .

فقد عملت هذه الاطراف على وضع العصي في دواليب المساعي المصرية لانجاح الحوار الفلسطيني .

وكما هي العادة تختلف حسابات هذه العواصم رغم لقاء مصالحها عند تأزيم الموقف .

فمن ناحيتها تحرص طهران على ابقاء حالة الانقسام لاضعاف القيادة الفلسطينية وابقائها عاجزة عن التعاطي مع الخطوات البطيئة والخجولة التي تقوم بها الادارة الاميركية لتحريك عملية السلام .

ومن خلال اعاقة المصالحة الفلسطينية تحاول طهران استعراض قوتها امام الرئيس باراك اوباما وطاقمه لاظهار قدرتها على تفجير الازمات وابقاء الفتائل مشتعلة في حال تعثر مفاوضات الملف النووي وتعرضها لعقوبات جديدة .

الا ان طهران بدت خلال حملة تقرير غولدستون ـ التي ادارتها حماس ببراعة لافشال المصالحة ـ حذرة من الظهور بصورة المخرب بحرصها على اللعب من تحت الطاولة بعكس دمشق المهددة بمحاكم دولية بسبب شبهات تورطها في الدم العراقي واللبناني.

فقد تجاوز الدور السوري ما تقوم به ادوات دمشق التقليدية في الساحة الفلسطينية ، وتحولت سوريا الى لاعب مكشوف في معادلة الخلاف الداخلي الفلسطيني بمشاركتها في الحملة الاعلامية التي شنتها حماس .

وتجلت المشاركة السورية في الحملة الحمساوية بتاجيل زيارة الرئيس محمود عباس الى دمشق بحجة الاعتراض على تاجيل مناقشة تقرير غولدستون .

لكن الموقفين الايراني والسوري يفتقدان لعنصر المفاجاة الذي لا يخلو منه الموقف الاميركي بانضمام واشنطن لمساعي اعاقة الجهود المصرية .

فالواضح من التسريبات التي يجري تداولها ان ادارة الرئيس باراك اوباما ترى في انضمام وزراء لا يوافقون على شروط اللجنة الرباعية الى حكومة فلسطينية مقبلة ما يعيق المحاولات البائسة لتحريك عملية السلام .

وتتجاهل واشنطن وهي تضغط على القاهرة لوقف جهود المصالحة خطورة اللقاء التكتيكي مع قوى العدم السياسي في المنطقة .

فالوصول الى تسويات حول قضايا الحل النهائي مع الفلسطينيين يتطلب توحيد صفوفهم لضمان تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه .

ولذلك ظهر الضغط الاميركي على القاهرة تعبيرا عن فهم استشراقي بعض الشئ ، وغامض الى حد ما ، واقرب الى التجريب والعبث في حال النظر اليه من زوايا اخرى .

غير ان الموقف الاسرائيلي تجاه المصالحة الفلسطينية لا يفتقر الى الوضوح رغم انسجامه مع مواقف اطراف اقليمية مدرجة نظريا على قوائم الخصوم والاعداء .

فقد حددت تل ابيب مسبقا ذريعتها للتهرب من عملية السلام على المسار الفلسطيني بعدم وجود الشريك القادر على ابرام اتفاق .

وفي حال عدم كفاية هذه الذريعة يستل الحاوي الاسرائيلي من جرابه ذرائع مكملة مثل انعدام جاهزية السلطة الوطنية الفلسطينية لمصارحة شعبها وتقديم تنازلات حقيقية يتطلبها التوصل الى اتفاق .

ولابقاء هذه الذرائع يحرص الجانب الاسرائيلي على ادامة الانقسام الفلسطيني وتوظيفه في ابعاد الانظار عن الاستيطان ومصادرة الاراضي وتهويد مدينة القدس.

فالابقاء على انسداد الافق السياسي لعملية السلام يقوي الطرح الحمساوي ، والحفاظ على نموذج حماس في الحكم يعريها امام الشارع الفلسطيني ، وفي الوقت الذي تقدم السلطة في رام الله نموذجا افضل للادارة ومستوى الوضع المعيشي يحرص الجانب الاسرائيلي على اعاقة نمو هذا النموذج ، والحيلولة دون تحوله الى دولة بمؤسسات تمارس سلطات حقيقية على الارض .

وبقدر اتساع حضور العقبات التي تعيق المصالحة ، وتعثر جهود احياء عملية السلام ، تتراجع خيارات الحد الادنى الفلسطيني، ويتجه المشهد نحو المجهول .



#جهاد_الرنتيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما تبقى من خطاب حكومة المالكي
- مقامرة - حمساوية - بالذخيرة الحية
- الانكشاف الكوني يضع المنطقة على حافة المواجهة
- غطاء اميركي للاستيطان الاسرائيلي
- انكفاء عربي عن المشهد الاقليمي
- عبث اميركي في حقل الالغام الشرق اوسطي
- الاخوان يتسلقون العملية السلمية
- مشارف الحسم الفلسطيني
- مفاتيح جديدة لقراءة المرحلة المقبلة
- فتح تستعيد زمام المبادرة
- سلام الخريف !!
- تغريبة القدومي تعري الاعلام العربي
- قلق التسوية
- فوبيا سحب الجنسية
- الارتدادات العربية للمأزق الايراني
- متاهة الوطن البديل
- سباق شرق اوسطي في المتاهة الاميركية !!
- اوباما في دائرة الشك العربي
- معادلات جديدة ... لمرحلة مختلفة
- موسم الهجرة الى واشنطن


المزيد.....




- التهمت النيران كل شيء.. شاهد لحظة اشتعال بلدة بأكملها في الف ...
- جزيرة خاصة في نهر النيل.. ملاذ معزول عن العالم لتجربة أقصى ا ...
- قلق في لبنان.. قلعة بعلبك الرومانية مهددة بالضربات الإسرائيل ...
- مصر.. غرق لانش سياحي على متنه 45 شخصًا ومحافظ البحر الأحمر ي ...
- مصدر يعلن موافقة نتنياهو -مبدئيًا- على اتفاق وقف إطلاق النار ...
- السيسي يعين رئيسا جديدا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
- ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام ال ...
- واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبي ...
- هايتي: الأطفال في قبضة العصابات مع زيادة 70% في تجنيدهم
- تحطّم طائرة شحن في ليتوانيا ومقتل شخص واحد على الأقل


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - المصالحة المستحيلة