أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - تبقى الشاعرة ذكرى لعيبي في الآن ولا تنسى الآوان















المزيد.....

تبقى الشاعرة ذكرى لعيبي في الآن ولا تنسى الآوان


وجدان عبدالعزيز

الحوار المتمدن-العدد: 2803 - 2009 / 10 / 18 - 11:47
المحور: الادب والفن
    




توا غادرت حديقة هادئة شاكسني فيها رذاذ نافورة ما انفكت حبيبتها المائية تتبعثر على وجهي ، حتى انتعشت أوصالي ، فابتعدت قليلا عنها ، عندها تذكرت (مساء الأماني) والـ(ياسمين)وانفعلت قليلا ، وسمعت صوتي الهامس (أريد حبا) ، غير أني تذكرت (في قمة الخوف) أن (اترك قلبي) ، وكانت هذه الكلمات ألحانا انسابت كرذاذ النافورة في ذاكرتي فكانت للشاعرة ذكرى لعيبي ، جعلتني في تلك الليلة أتجول في حدائق شعرها وغيوم همومها ، وبرغم هذه الغيوم الحزينة كانت فلسفتها تقوم على الرؤية المستقبلية ، لأنها مؤمنة يقينا بالغد الذي ، قد يكشف عورة الزمن وهي تردد :

(مسكونة بالغد
ساكنة فيه
أتضور حبا إليه)
هكذا هي مسكونة بوجع التطلع إلى وطن يسكنها ، لتسكن في الغد ، وكأنها الحبيبة المتلهفة لدفء اللقاء وهي بأجمل حلة هامسة :

(وعند مساء ألاماني
أوزع ضوئي على كرب النخل)
(حتى إذا كان خبز الشهيد عشائي)
احطب عمري وأشعله في براري الدموع)
(وفي قمة الخوف اترك قلبي)
كي (أنت تحطبني كالندى
وتشعل بي قدرك المرتجى
وتنسى بان الفراغ وان الحصى هما زادك اليوم
وزاد غدي)
وهكذا تعلق الشاعرة نصوصها الشعرية في الأذهان وتغيب ، ليكون الحضور للمتلقي أو القاريء الذي يبقى يبحث في مظانها عن الحقيقة يقول شتراوس : (إن الحقيقة الخالصة ليست أبدا هي الأكثر ظهورا ، وطبيعة الحقيقة مبرهنة فيما توليه من عناية لإخفاء نفسها) 1 أي يبقى النص حضور معلق مع غياب معانيه التي تبدأ بالتحرك والظهور اعتمادا على عدة المتلقي في التحليل والبحث في سبل استرداد المعنى تقول الشاعرة :

(عند أسوار سومر
ندعو النوارس
ونرجس أهل الشمال
وبرحي الجنوب
وفي عنق الحب
طوقا نعلق من ياسمين)
وهنا يبرز تمسكها بالغد لأنها من سومر السلالة الأولى في مسيرة البشرية والتي علمت كل الحضارات العالمية على استعمال نغم الحياة ومسيرة الكفاح ، فمن (انطلاق النوارس / حمائم صدري / الجمان / الخواطر / خبز النذور ، نوزعه / نحلق غب المغيب / ونفتح بوابة العشق لعشتار) ، إذن هي انفعالات بين إرهاصات النفس الذاتية إلى الإرهاصات الموضوعية ، فمن تفاصيل الجمالات الأنثوية ، تلك الجمالات العصية ، حتى تصل إلى بوابة العشق رامزة للخصوبة بعشتار وتموز اله الخير ومثلما رسمت خارطة الجسد قابلتها خارطة الوطن من نرجس أهل الشمال إلى برحي أهل الجنوب .. حيث ظل المعنى معلق في شموخ النخلة واستقرارها متربعة على الغرض ، وإذا ما بحثنا في المعاني الاخر وجدنا الشاعرة تكرر (اربد حبا .. / أريد حبا / يفقه معنى الصمت) ، فالغد المسكونة الساكنة فيه حصيلته النهائية دالة الحب واكتمال النرجس بالبرحي ، ثم المكوث في محراب الشعر وهي تتلو :

(أريد حبا
كتلاوة خوف القديس
إذ حط فوق جدار الصفح مرتجفا)
وهي حالة تمسك بكلا الجانبين المكان والزمان والأشياء السابحة في فضائهما وبلغة الروح والقرب تقول :

(أريد حبا
متفرع كالزيزفون
في أنين الوقت
يتسلق أوردتي
نبضا تختزله
سنوات الألف تيه)
وبين الحب في المعبد والحب الذي تختزله سنوات الألف تيه ، تحققت وحدة الزمكانية في هموم الشاعرة التي تعيش غربة داخلية حقيقية ، كلما ظمأت ، فهي تريد حبا يتقصى دواخلها برشفة ضوء ، هذا الحب الذي تتمثله ، حتى تخر مغشية عليها ، لذا تردد : (حين يرتمي سره بي) ، تقابله بترديد (أريد حبا) ، لتؤكد بحثها عن نقاء هذا الحب ، وتضع نفسها في دائرته المغلقة تقول :

(أريد حبا ..
يأخذني مني الي
ومنه إلي
ومني إليه
أنا)
وهي (توميء للعاشقين
أن افترشوا الجرح
مروا على مركب الدهر
ثمة عصفورة تتهجى النهار)
فهي مسكونة بالحب المترسخ في المكان وعبر مركب الدهر .. تنتظر المنقذ وهي تتهجى النهار وتتصاعد حالة التصوف في دواخلها العاشقة للحياة والبقاء وهي تستعير شموخ النخلة ونقاء الروح من ادرأن النفس وتكون قلبا وقالبا باتجاه القرب من الملاذات الملائكية صعودا نحو التألق ، وهكذا يكون الشعر سفينة تتنقل فيها الشاعرة بين حدائق المعاني .. وهي تتكتم على أسرارها لتقول :

(هذه لغتي
عسل مالح يلمس القلب
ضوء
عتب وندب !
ساعة)
وتظل تعزف لحنا حزينا على مركب الزمن المتصاعد كـ(جراح تئن بصمت) أو (كذاكرة للفرات الأمين) ، ولكن الشاعرة ذكرى لعيبي تلجمها في لحظات الالق ، لتظل عاشقة ، يتمزقها عشقها بين المقدس الخانق وبين الماء العذب الزلال الذي هو كناية عن ذكريات الطفولة والشباب في أحضان الوطن فهي تردد :

(في لحظة الالق الصافي
جنان
وماء زلال عذب
تمرها طيب وزيتونها تين
عصافيرها خمرة
إن سقتها البلابل لحظة شوق
بماء الرضاب تداعي الغياب)
ثم تزداد توترا بين ارض الوطن ووطن الإقامة الأمارات الحبيبة وهي تحاول خلق حاضنة إنسانية للكون بدل حواضن الحرمان والطمع والغدر وأنانية الاحتواء بتساؤلها المتصاعد :

( هل ..
نتقاسم خبز إقامتنا
في هذا الكون)
لكنها تهدأ في مملكة الكتابة ويغمرها نور مملكة الزهد ، وهكذا حملت الشاعرة ذكرى لعيبي وجع امرأة سومرية ، وجع القيود التي أدمت معصمها (مذ بزغت كأميرة سومر فوق النجم) حتى صارت (سيدة ألحكي) ، لأنها(عرابة هذي الأجيال/ كشفت عورة جلاد الليل) ، لتؤكد بقولها : (وأنا الوراقة بنت الوراق) كي تبقى في الآن ولا تنسى الآوان ..


/ كتاب(الخطيئة والتكفير) عبد الله الغذامي / المركز الثقافي العربي ط6 لسنة 2006 ص 16
/ قصائد(ياسمين ، أريد حبا ، غواصون) للشاعرة ذكرى لعيبي السدخان



#وجدان_عبدالعزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوسن السوداني عندها الحب هو الامل قصيدة (ترخيص منتصف الليل)أ ...
- الموضوعي الذاتي في شعر بارقة ابو الشون
- ضحى بوترعة تهمس لك ارتحالاتي
- توالد المعنى ما بين الحرف والنقطة قراءة في ديوان(شجرة الحروف ...
- امل جمال لاتمل احضان الشعر
- بين رائحة الحبر وشاشة الحاسوب
- الادب بين أصالة الحضارة والحداثة المستمرة
- مليكة مزان واحتمالية شعرية اخرى
- ماجد موجد بين الهم الذاتي والموضوعي
- التجاور الشعري /نجاة عبدالله انموذجا
- فاطمة الشيدي بين الصورة الشعرية وتماسك النص
- امل جمال والعولمة الشعرية
- فدوى احمد التكموتي بين الحب وانفعالات الشعر
- سعد جاسم ... انفعالات متصوف
- هناء السعيد وفراغلت اللوحة الشعرية
- طفولة آدم من ثقب رصاصة
- وفاء عبدالرزاق طفلة غاضبة
- افراح الكبيسي بحث في خسارات الحب
- لنا عبدالرحمن والبحث في العتمات
- ميادة العاني والنهاية المغايرة


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - تبقى الشاعرة ذكرى لعيبي في الآن ولا تنسى الآوان