|
صخب الموانئ 2
م. زياد صيدم
الحوار المتمدن-العدد: 2802 - 2009 / 10 / 17 - 12:04
المحور:
الادب والفن
خرج إبراهيم ملوحا بيده إلى ابنته، التي راقبت خروجه وكأنها تذكره بقائمة اللوازم التي كتبتها له، لإحضارها عند عودته من عمله.. وصل الميناء في موعده المنتظم .. – صباح الخير باش مهندس، كان صوت المراسل على بوابة مكتبه .. دقائق وكانت قهوة الصباح يُحضرها له مع سندوتشات الفطور اليومي .. دقائق ودخلت روان سكرتيرة مكتبه، تحمل إليه ملفات جلها مقترحات لمشروعات تطوير حوض الصيانة للسفن، وتوسيع لسان الميناء المتقادم، قدمتها عدة شركات مختصة .. ما لبث أن أوعز لها بعمل اجتماع طارئ لطاقم الإدارة، وقد وقع أمر ضرورة الحضور للأهمية .. غادرت روان مكتبه لتنفيذ المهمة قبل انصراف المهندسين والفنيين والإداريين إلى أعمالهم، لاسيما وكثير من المهندسين يخرجون في عمليات خارجية وكشف عيني خارج مكاتبهم...
دقت الساعة الرابعة عصرا وما يزال الاجتماع منعقدا.. كانت تسمع من مكتب روان المتاخمة لصالة الاجتماعات التابعة لمكتب المدير العام للمشاريع ، أصوات تعلو بنقاشات مخالفة لبعض المشاريع المقدمة للنقاش، كانت تحاول بالحجة والبرهان إقناع المدير بعدم جدواها على حالها الذي قُدمت عليه ؟ تطالب بإجراء تعديلات على كثير من المواصفات الفنية، لتسهيل التنفيذ وتحجيم التكلفة الباهظة... وهناك أصوات كانت تمدح وتشيد ببعضها، على أهميتها وفوائدها المرجوة فيما بعد، وعن نسبة المربح والفروق في مستويات الكسب فيما لو أعطيت الأولوية للتنفيذ.. كان إبراهيم وسط هذه الأصوات يسجل ملاحظاته باهتمام ودقة متناهية، ويشارك بخبراته الواسعة بالجدل الدائر بين طاقمه، الذي اخذ الوقت الكافي لاستخلاص نتائج النقاش .. صمت فجأة ليقول: تفضلوا لاستراحة قهوة على أن يلتئم الاجتماع بعد ربع ساعة من الآن.. خرج الجميع وبقى إبراهيم حيث دخلت روان بفنجان قهوته السادة المعتادة، وبدأ بنباهته وفطنته وذكائه المشهود، يدون سطورا قليلة ويمهرها باللون الأحمر، ثم يطوى ملفه ويتراجع قليلا إلى الخلف، محاولا فرد ظهره على كرسييه المريح، يُشعل سيجارته، ويرشف ثانية من قهوته.. ينظر إلى الساعة ويشير إلى روان بأن تعيد ترتيب المكان، قبل التئام فريق العمل ثانية لإصدار القرارات النهائية، واعتماد الموافقة عليها ... عاد الطاقم للاجتماع بالوقت المحدد، وقد بدأ الجلسة إبراهيم بصفته مديرا عاما لإدارة المشاريع، وقرأ عليهم قراراته مستندا إلى ملاحظاته التي دونها خلال النقاشات التي دارت رحاها ، حيث أيد البدء في مشروع تطوير الحوض المعد لصيانة السفن، وأعطى أوامره لتنفيذ ذلك وأوصى الجميع بان يكونوا كالمعتاد كفريق عامل موحد ومتكامل، لضمان نجاح المشروع الضخم .. كما أوعز إلى نائبه، بان يقدم له خطة العمل، ودارسة بعض الأمور الهامة لتكون جاهزة في غضون ثلاثة أيام، ليوقعها إيذانا ببدء احد اكبر المشاريع التجارية التي ستنفذها سلطة الموانئ ... عاد إبراهيم إلى البيت مرهقا .. أخذ حمامه المعتاد، يخرج بعدها إلى طاولة السفرة، حيث كانت أسرته تلتئم من حولها.. والكل في انتظار رب الأسرة، جاء بابتسامته المعهودة والسؤال عن صغيرته، وهل تناولت طعامها أم لا، سؤال تقليدي يقوم بسؤاله متجها برأسه إلى الخادمة والى ابنته الكبرى، فتطمئنه أم سعد بأنها نامت فور تناولها الطعام، فيحمد الله ويبدأ الجميع بتناول الغذاء.. يسترخى بعدها قليلا فيغفو ساعة من الزمن .. ثم يخرج في المساء لتناول القهوة مع بعض الأصدقاء على شاطئ البحر، الذي أصبح جزء من حياته العملية وما بعدها!..
يعود بعد العشاء.. ليدخل الشبكة العنكبوتيه حيث عالمه الآخر، وأناس آخرون مختلفين عن حياته العملية، تعرف إليهم عبر الفضاء الرحب الممتد بلا نهايات من خلال تلك الشاشة الصغيرة ... اقتربت الساعة من العاشرة ليلا .. حيث اخذ ميعاده معها أمس، حيث تواعدا على استمرار حديثهما اليوم.. لحظات مرت عليه كأنها ساعات، ليدخل الاثنان في حديثهما الثاني، حيث اعترفت في لقائهما الأول بحبها له، حيث أصابه الذهول والارتباك آنذاك .. فبدأت قولها: أتعلم إبراهيم بأنك كاتب ناجح؟.. وأتابع كل ما تكتبه، حتى كأني أعرفك من شهور طويلة، منذ بدأت في قراءة ما تخطه أفكارك من قصص حالمة، تغور في سبر القلوب وتداعب الخيال، وتمتطى صهوة البهجة في الأعماق الخاوية، التواقة إلى قوارب الحب و شطئان السلامة والأمان.. حيث أصبت قلبي بسهام الإعجاب بداية.. إلى إحساس فريد من نوعه جعلني أبوح به إليك أمس، فهل كنت متسرعة يا إبراهيم؟ سألته ..- أحقا يعجبك ما اكتبه يا... ابتسم إبراهيم هنا لأنه حتى الآن يجهل اسمها .. - لاحظت جملته بعناية فقالت: اسمي حنان ...عندها أحس براحة وهدوء يخيم على نفسه.. وبخفقان بين ضلوعه، يعلن ثورة قادمة في قلبه وكيانه وحياته كلها.. شعر بسعادة تغمر وجدانه، إلا انه كتمها في أعماقه ..لا يريد لها الانطلاق خوفا وحيطة، وصمام أمان.! فيتبادلان همس الحب بحروف وكلمات يفوح منها عبق العطور، وتنبعث من ثناياها ألحان من شدو البلابل، في ربيع بدأت ملامحه في القلوب تلوح قريبة .!! يتبع..
إلى اللقاء.
#م._زياد_صيدم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فرحة لم تكتمل / (ق .ق.ج) .
-
صخب الموانىء 1
-
كان زعيما ( قصص قصيرة جدا).
-
لم يكن كلبا ! (قصة قصيرة).
-
أمنيات رجل مختلف (2 ) أفول طيف.
-
أمنيات رجل مختلف
المزيد.....
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|