أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الخير شوار - في مديح الكذب!














المزيد.....

في مديح الكذب!


الخير شوار

الحوار المتمدن-العدد: 2802 - 2009 / 10 / 17 - 12:02
المحور: الادب والفن
    


قد يكون الكذب أحد أبرز وجوه الحقيقة نفسها، وتكون الأكاذيب صانعة للتاريخ أكثر من غيرها من العوامل، وكثيرا ما اشتعلت الحروب التي غيّرت مصير الإنسانية بكذبة كانت تبدو بسيطة، وهنا نظرة أخرى للكذب بعيون بأبرز "أعلامه".
ربما تكون وصايا "الكذّاب الكبير" باودولينو (بطل رواية الإيطالي أمبرتو إيكو التي تحمل العنوان نفسه) منسوخة بالكامل في كتاب سري يتداوله المؤرخون الرسميون على مر التاريخ، وهذا هو التفسير المنطقي للأكاذيب الكثيرة التي تمتلئ بها كتب التاريخ وتحولت بذلك إلى ما تشبه كتب الأساطير، وربما يكون عموم المؤرخين قد تأثروا بوصية "باودولينو" التي يقول فيها: "إن أردت أن تصبح متأدبا أو أرفع شأنا، إذا أردت أن تكتب ذات يوم أخبار، يستوجب عليك أن تكذب، وأن تختلق بعض الحكايا، وإلا كان "تاريخك" مضجرا".
وبعيدا عن الكذب كان رفاعة رافع الطهطاوي، المصري الذي ذهب إماما إلى باريس ضمن بعثة محمد علي العلمية الشهيرة، وعاد منها ثائرا على الوضع في أمته وألف في هذا الصدد كتابه الشهير "تخليص الإبريز في تلخيص باريز"، يقول بأن الكتابة هي فن يعرف به التعبير عن المقصود بنقوش مخصوصة تسمى حروف الهجاء، أو أحرف المعجم، وأن "صناعة الكتابة" كثيرة النفع عند الأمم ورأى بأنها "روح المعاملات" وإحضار الماضي وترتيب المستقبل، ورسول المراد، ونصف المشاهدة". ومن هنا جاء كتابه تلخيصا جافا لرحلته "الفرنساوية" تلك.
وعلى عكس تلك النظرة "الطهطاوية"، فإن آخرين الكتابة عندهم لا علاقة لها لالإحضار والترتيب والرسالة، وقد تتجاوز نصف البهتان، إن لم يكن البهتان كله، وهذا ما نقرأه في سيرة ذلك "الخبيث، الكذّاب، الأشر، الرحالة" باودولينو التي نقلها إلينا الكتاب أمبرتو إيكو في سفر ضخم من 600 صفحة تقريبا، عندما تختلط الحقيقة بالكذب والكذب المركّب، إلى أن يختفي الرحالة ذاهبا إلى مملكة "الراهب جان"، تاركا "نيسيتاس" في حيرة من أمره سائلا وهو مدون أخبار بيزنطة: ماذا سيكتب، وماذا سيهمل؟، ولم يعد يعرف فرقا بين الحقائق والأوهام، وقد نصحه بافنوزيو بإهمال كل شيء، قائلا له: "هل تود حقا أن ترسخ في أذهان قرائك المحتملين فكرة أن الغرادال موجودة بين بقاع الثلج والصقيع وبين مملكة الراهب جان في بقاع يلهبها القيظ؟.. ومن يدري لو فعلت كم من المعتوهين سيجوبون أرجاء الأرض بحثا عنها، طوال دهور ودهور". ولما تأسف "المؤرخ" عن مصير جمال الحكاية، طمأنه صاحبه قائلا: "عاجلا أو آجلا، سوف يأتي من هو أكذب ومن باودولينو ويرويها".
وتحققت نبوءته فعلا بعد قرون من ذلك، وجاء من هو اكذب من باودولينو، وهو أمبرتو إيكو نفسه، ذلك الأستاذ الجامعي والباحث المتخصص في الأدب واللغة، وصاحب "الأثر المفتوح" و"حدود التأويل"، الذي أبدع في الكذب، واختلق حكاية باودولينو نفسها المليئة بالكذب إلى درجة أصبح المتلقي لحكاياته تلك أسوأ حالا من المعتوهين الذين تكلم عنهم صاحبه، وهم يجوبون الأرض بحثا عن "مملكة الراهب جان" بين القيظ والصقيع، وراح المتلقي في كل لغات العالم التي ترجمت إليها الرواية يدفع من مصروفه اليومي من اجل شراء تلك الكذبة الطويلة العريضة، التي قد تكون أكبر كذبة في التاريخ مجلدة في 600 صفحة من القطع المتوسط"، وقد استغرق صاحبها في تلفيقها سنوات من عمره، ولم يخجل بذلك وهو الاستاذ الجامعي المرموق والعالم في مناهج البحث، فكان بالفعل أكذب من باودولينو، الذي كان بدوره كذبته الكبيرة.



#الخير_شوار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين عزاء بورخيس وشقاوة ابن برد.. مبصرون تحت رحمة العميان
- بيان من أجل الضحك
- من يجرؤ على -قتل- بسّام الملا؟
- نجوم الكوميديا الجزائرية يفشلون في إضحاك المشاهد؟!
- الشاعرة الجزائرية الراحلة هادية رجيمي.. صديقتي التي لم أرها
- قراءة في مجموعة -عطر الثرى- لهادية رجيمي.. نصوص بكر وشؤون كب ...
- طريق الشمس
- محمود درويش.. زهرة النرد وطريق كولومب


المزيد.....




- بعد عبور خط كارمان.. كاتي بيري تصنع التاريخ بأول رحلة فضائية ...
- -أناشيد النصر-.. قصائد غاضبة تستنسخ شخصية البطل في غزة
- فنانون روس يتصدرون قائمة الأكثر رواجا في أوكرانيا (فيديو)
- بلاغ ضد الفنان محمد رمضان بدعوى -الإساءة البالغة للدولة المص ...
- ثقافة المقاومة في مواجهة ثقافة الاستسلام
- جامعة الموصل تحتفل بعيد تأسيسها الـ58 والفرقة الوطنية للفنون ...
- لقطات توثق لحظة وصول الفنان دريد لحام إلى مطار دمشق وسط جدل ...
- -حرب إسرائيل على المعالم الأثرية- محاولة لإبادة هوية غزة الث ...
- سحب فيلم بطلته مجندة إسرائيلية من دور السينما الكويتية
- نجوم مصريون يوجهون رسائل للمستشار تركي آل الشيخ بعد إحصائية ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الخير شوار - في مديح الكذب!