أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فتحى سيد فرج - الطرق إلى الحداثة















المزيد.....

الطرق إلى الحداثة


فتحى سيد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 2802 - 2009 / 10 / 17 - 09:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


صدر العدد الجديد (367 سبتمبر 2009) من سلسلة "عالم المعرفة" يتضمن واحدا من الموضوعات التي أثارت العديد من الحوارت والمناقشات والخلافات الفكرية والمذهبية، وما تزال تثير الكثير من الجدل والحوار، فلا غرابة أن قضية التنوير من أهم قضايا الحوار والجدل قديما وحديثا، في هذا العدد تطرح المؤلفة الأمريكية " غيرترود هيملفاربGertrud Himmelfarb " وجهة نظر تتـــــسم بالغرابة، فهي ترجع التنوير Enlightenment إلى "سوسيولوجيا الفضيلة" التي وضع أسسها علماء الاخلاق البريطانيون .
في محاولة لتوضيح ذلك تقول المؤلفة "هذا الكتاب محاولة طموح لتخليص التنوير من النقاد الذين انتقدوه بقسوة، ومن المدافعين الذين هللوا له من غير نظرة نقدية، ومن مفكري ما بعد الحداثة الذين أنكروا وجوده، ومن المؤرخين الذين قللوا من شأنه، والأهم من كل ذلك في وجهة نظرها تخليصه من الفرنسيين الذين تحكموا فيه، واستولوا عليه عنوة، وتؤكد في النهاية لتخليص التنوير من كل ذلك يجب إعادته إلى البريطانيين الذين أعانوا على إيجاد تنوير يختلف عن التنوير الفرنسي أتم الاختلاف .
فإذا كانت دراسات التنوير قد ركزت على الأفكار الفرنسية، والحركة العقلية التي غزت العالم، وتضافرت لتدمير النظم القديمة، وتغلغت في عقول الناس وفي سلوكهم، فإن هذا الكتاب في المقابل هومعالجة عن العقل والدين والحرية والفضيلة التي شكلت صنوف التنوير المميزة في فرنسا وبريطانيا وأمريكا .
بهذا المعنى فإنني أتصور ظاهرة "التنوير" وأقترح ردها إلى سلفها البريطانيين، والفرنسيون أنفسهم يدينون للثالوث الإنجليزي المبجل : بيكون، لوك، ونيوتن بالأفكار التي أثرت في تنويرهم الخاص، وأعترض بذلك على الفرنسيين في منطقهم وأعني الزمان والمكان اللذين ظلوا أنهما ملك لهم، وبالتالي فإنه مؤكد أن التنوير البريطاني نشأ، مبكرا في القرن الثامن عشر،وأخذ شكلا يختلف تماما عن نظيره في القارة (أو عن نسله عبر البحار) إن الهدف ليس البرهنة فقط على الأسبقية الزمنية للتنوير البريطاني، وإنما البرهنة أيضا على طابعه الفريد، وأهميته التاريخية .
ولوضع التنوير البريطاني على مسرح التاريخ علينا أن نذكر السمات التي ترتبط بالتنوير – وهي العقل والحقوق الطبيعية والحرية والمساواة والتسامح والعلم والتقدم – فإننا نجد أن العقل يترأس القائمة باستمرار، ونجد أن ما هو غائب بصورة جلية هو الفضيلة، مع أن الفضيلة وليس العقل، هي التي كانت لها الأسبقية بالنسبة إلى البريطانيين، لم تكن الفضيلة الشخصية، بل هي "الفضائل الاجتماعية" التي اعتقد الفلاسفة البريطانيون أنها تربط الناس بعضهم ببعض بصورة طبيعية، ولم ينكر البريطانيون العقل، لكنهم أعطوا له دورا أداتيا ثانويا، ولم يعطوه الدور الأولي الحاسم الذي أعطاه له الفلاسفة الفرنسيين .
وهناك من يعتقد في أنه يوجد تنوير واحد، قد يتضمن موضوعات متعددة، يكتب عنه أفراد مختلفين في بلدان مختلفة، ذات أراء مختلفة، غير أنهم يتحدون جميعا في هدف عام مشترك، وأسلوب واحد من التفكير، وهو عادة يتميز بالطابع الفرنسي في الأصل والروح، فإن التنوير لايزال في الأغلب يرتبط باستمرار بالفرنسيين، وإن سبب الحداثة الأكثر تأثيرا هو الثورة الفرنسية، التي نظر إليها على أنها بداية العالم الحديث، فلقد قيل كثيرا أن الثورة الفرنسية نتجت عن إعمال "العقل" ومن خلال "الفلسفة" .
ولكن هناك براهين أكثر حداثة يقدمها مؤرخون على أن التنوير متنوع جدا بين البلدان، وكذلك الأفراد، فالجمهورية الأمريكية كانت أيضا نتاج "الفكر" مع أنه نوع مختلف من الفكر، لقد نجح الأمريكيون بنشر "علم جديد للسياسة" وربما كانت أمريكا هي أرض المستقبل، بيد أن الثورة الأمريكية لم تكن هي التي شجعت على ثورات المستقبل، فخلال القرنين الماضيين ، كان نموذجا الثورة والتنوير فرنسيين، وتقول حنه أرندت H. Arendt " إن حقيقة الأمر المدهشة، هي أن الثورة الفرنسية التي انتهت بكارثة، قد شكلت تاريخ العالم، بينما بقيت الثورة الأمريكية، التي نجحت بانتصار كبير، حدثا محليا أقل أهمية" .
وقد تكون الميزة الحاسمة التي تميزت بها فرنسا على بريطانيا وأمريكا هي لفظ "التنوير" نفسه، لقد استخدم "رسو" لفظ التنوير في فرنسا منذ عام 1750 واستخدمه قبله الأب ديبوس في العام 1733، وفي ألمانيا أبتكر "كانت" التنوير في عام 1784، إما بريطانيا التي امتلكت حقيقة التنوير فإنها لم تستخدم الاسم حتي زمن متأخر جدا، فقد استغرق الأمر أكثر من قرن ونصف، فقد كان أول ظهور لكلمة التنوير في "دائرة المعارف البريطانية" عام 1929 لكي ينطبق على الفلسفة الألمانية، ولم ينطبق على لوك ونيوتن، أو الفرنسيين إلا عرضا .
ولم يكن هناك اعتراف بتنوير بريطاني حتى وقت متأخر، فقد أعلن هنري . كوماجر Henry Commager عام 1977 أن إنجلترا "بعيدة بعض الشيء عن التنوير، وقد كان استبعاد البريطانيين من التنوير أمرا غريبا للغاية، لأنه كان هناك تفاعل كبير بين المفكرين الفرنسيين والمفكرين البريطانيين، فقد قرأ بعضهم بعضا، وترجم كل منهم عن الآخر، وانتقد كل منهم الآخر، وزار كل منهم الآخر، فلقد ادعى فولتير أنه يشعر بالهوس المولع بالإنجليز، ونشر كتابه " رسائل عن الأمة الإنجليزية" في لندن 1733، وأشار في كتاب آخر إلى مقابلة مع باركلي، واقتبس من لوك وشافتسبري وبتبجيل وإجلال خاص من إسحق نيوتن، وعاش مونتسكيو الذي كان أكثر حبا للإنجليز، ولجأ رسو إلى إنجلترا في العام 1766 .
وإذا عبرنا في الاتجاه الآخر فإننا سنجد، أهتمام كل من آدم سميث، وديفد هيوم بالمسائل العقلية الفرنسية، وعلى الرغم من ألفة البريطانيين والفرنسيين ومعرفتهم الوثيقة بعضهم ببعض، فإنهم اختلفوا اتم الاختلاف في روح تنويرهم، فالبريطانيون قد تعاطفوا مع عداوة الفلاسفة الفرنسيين للكنيسة، والملكية، والاستبدادية، والفرنسيون أعجبوا بالحرية الدينية والسياسية في إنجلترا، بيد أن كلا منهم سعوا من أجل تحقيق التنوير بطرق مختلفة .
فجوهر التنوير في فرنسا هو العقل، فالعقل كما تصرح "الموسوعة" هو النعمة بالنسبة إلى المسيحي، وباسم العقل أصدر فولتير إعلانه الشهير الحرب ضد الكنيسة ( اسحقوا الخسيس) وقدم ديدور اقتراحا " بخنق الملك السابق بأحشاء القسيس السابق" أما التنوير في بريطانيا وأمريكا فقد كان متسامح ومنسجم مع الإيمان وكذلك مع الكفر، لم يكن هناك نزاع بين الحكومة المدنية والسلطات الدينية، كما كان تنوع الطوائف الدينية تأكيدا للحرية، وكان في الأغلب أداة للإصلاح الاجتماعي .
لم تكن القوة الحافزة للتنوير البريطاني العقل، بل "الفضائل الاجتماعية، وفي أمريكا كانت كانت القوة الحافزة هي الحرية السياسية، فإذا كان التنوير الفرنسي يمثل" ايديولوجيا العقل، فإن التنوير البريطاني يمثل "سوسيولوجيا الفضيلة" والتنوير الأمريكي يمثل "سياسة الحرية" إن لصنوف التنوير الثلاثة مضامين ونتائج مختلفة، وهذا لايعني أن أن الأفكار كانت هي العوامل المحددة في كل من هذه البلاد، فالمواقف التاريخية كانت مختلفة، فكما أن بريطانيا خبرت مبكرا إصلاحا دينيا، فإنها مرت كذلك "بالثورة المجيدة" التي تعهدت بأن تكون استقرارا سياسيا مستمرا، وكانت فرنسا، التي لم يكن لديها إصلاح ديني، ولا ثورة سياسية على أتم الاستعداد لكل منهما، وأمريكا، التي كان لديها الإصلاح الديني والثورة السياسية كميراث من بريطانيا، فقد كان بحثها الأول والأخير عن الاستقلال السياسي بشكل رئيسي .



#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لم يكتمل تشكل الدولة الحديثة في مصر ؟ 2 من 3
- لماذا لم يكتمل تشكل الدولة الحديثة في مصر ؟ 1 من 3
- تقارير التنمية الإنسانية تثير الجدل حول تردي الاوضاع العربية
- زمن ال -مابعد - 2 - 2
- زمن ال - ما بعد - 1 من 2
- زمن ال - ما بعد -
- دفاعا عن المنظمة التي تدافع عن حقوق الإنسان
- على طريق الهند
- بدر الدين أبو غازي ... الناقد والرسالة
- نظرية اللعب في دراما الأطفال
- الحكومات العسكرية في العالم العربي
- ثقافة النخبة المصرية ودورها في التنمية (كامل)
- ثقافة النخبة المصرية ودورها في التنمية 3 من 3
- ثقافة النخبة المصرية ودورها في التنمية 2 من 3
- ثقافة النخبة المصرية ودورها في التنمية 1 من 3
- دور منظمات المجتمع المدني في مواجهة مشكلات التعليم3-3
- دور منظمات المجتمع المدني في مواجهة مشكلات التعليم 2-3
- دور منظمات المجتمع المدني في مواجهة مشكلات التعليم 1-3
- الحكومة أم المجتمع المدني .. من أقدر على مكافحة الفساد
- رؤى مستقبلية


المزيد.....




- لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن ...
- مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد ...
- لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟ ...
- إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا ...
- مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان ...
- لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال ...
- ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
- كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟ ...
- الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
- مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فتحى سيد فرج - الطرق إلى الحداثة