جهاد نصره
الحوار المتمدن-العدد: 851 - 2004 / 6 / 1 - 06:37
المحور:
الادب والفن
لا أذكر أنني رأيت العم عبد المحسن مرة واحدة في حالة مرحة..!ومع ذلك تراه دائماً يردد: الشكر والعرفان لله.. أحمدك يا رب..ثمَّ يعود للتذمر والشكوى.. ويستمر في هذه الحالة الشاكية الباكية طيلة النهار تتخللها بالطبع فواصل التشكرات، والحمديات..! ولكوني رجل حشري سألته في الأمس: على أي شيء تشكر الله طالما أنك تتذمر وتندب حظك في هذه الدنيا على مدار الساعة.. هل تخفي شيئاً من عطاياه عني..؟ فأجابني وهو يتأوه ويئن: انتظر حتى يصبح عدد أولادك عشرة فما فوق وستعرف حينذاك الجواب..لكن قلت له على الفور: عدد أولادي لن يتعدى ثلث هذا الرقم فلا تدعني أنتظر وقل لي كيف تشكو، وتتوسل، وفي الوقت نفسه تشكر ربك على نعمه..! وبعد تنهيدة ارتوازية، أجاب : طيب أنا أفصفص وأنت تجمع..ثمَّ بدأ بكمية الخبز الهائلة التي تستهلكها أسرته، وانتهى بعد سردٍ ممل بالكارثة الموسمية التي تحلٌ كلما افتتحت المدارس أبوابها..وتوقف وقد غطى عرقٌ كثيفٌ جبهته وسألني: كم صار المجموع يا مرحوم ألبي:؟ فقلت له ألم تظلم نفسك بنفسك..لماذا كل هذا العدد من الأولاد..؟هل صدر مرسومٌ جمهوريٌ بهذا الخصوص..! ولكنه أجابني مستنكراً: اسمع..! أولاً لقد حصلت على وسام الأسرة ولا يحصل عليه إلا من كان فحلاً معتبراً.. وثانياً أنا أشتري الأحذية، والملابس بسعر الجملة.. وثالثاً وهو الأهم كل مولود ( تظرته) أمه يأتي رزقه معه..فقلت مبتسماً: إذن لماذا أنت زعلان وتلعن الدنيا بمن فيها يا فحل..؟ الأولاد يأتون وهم يحملون أرزاقهم بأيديهم وليسوا في حاجة لك اذهب واستغفر ربك على أكاذيبك..!
العم أبو حسين جار صاحبنا تفوق عليه في موضوع الفحولة فقد أنجبت له بعلته منذ أيام مولوده الحادي عشر وعندما هنأته على فعلته هذه قال منتشياً: سألحقه بالفوج الرابع ولما طلبت منه تفسير ما يعنيه بقوله أجاب: عندي الآن- الله يبعث لكم- ثلاثة أفواج وبعد قدوم المحروس الجديد سأبدأ بتشكيل الفوج الرابع على قبالكم إنشاء الله..!
اليوم صباحاً رأيت العم أبو حسين عائداً من الفرن وهو يحمل خمسين رغيفاً قمرياً فسألته غامزاً من هذه الحمولة اليومية: إلى متى هذه الحالة يا عم..؟
أجاب أبو الحسنين ضاحكاً: لن تطول فقريباً سأبدأ بتسريح الفوج الأول من الخدمة إن شاء المولى وتابع سيره وهو يكلم نفسه: ولماذا أحتفظ بهم..؟ لن أعمل مثل الحكومة الغبية وقهقه مبتعداً.
30/5/2004
#جهاد_نصره (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟