|
جمعية الحمير
عادل اليابس
الحوار المتمدن-العدد: 2799 - 2009 / 10 / 14 - 10:24
المحور:
كتابات ساخرة
لاحقني الكثير من معارفي بالسؤال عن الحزب أو الجمعية التي انتميت اليها بعد سقوط الصنم , ومرد تساؤلهم هذا ،أني كنت أبو زيد الهلالي أبان حكم الطاغية والصراعات التي خضتها ودبغت بها مع أزلامه جعلتني صاحب أكبر ملف خدمة في الدائرة التي أعمل فيها ، لم يمر شهر واحد ألا وكنت أمام لجنة تحقيقيه ولا تعرف ماهية تهمتي ، ونتيجة التحقيق معروفة سلفا" ، "عقوبة معدلة " ، ولما تأكدوا بأني مدمن عقوبات ، ولكي يحافظوا على ماء وجوههم خلال معركتهم معي ، كان خيارهم الأسلم تحاشي الصدام معي إلا للضرورة ، وسري في التمتع بهذا الامتياز هو خبرتي في حرف المواجهة معهم من سياسية الى الفساد المالي والإداري والأخلاقي المثار حولهم ببيوتهم الزجاجية . ولست هنا لأظهر بطولة أو مزايدة بالوطنية ، لكني كنت مؤمنا" دائما" ، بأن نهجي في الحياة لايتماشى معهم ، واستسلامي لهم لأجل مكاسب ظرفية ، يفقدني إنسانيتي ، دفعت ثمن ذلك بحرماني من المناصب والامتيازات وحصولي بامتياز على لقب صانع المتاعب . مكافئتي بعد السقوط كانت النظرة الذليلة التي لمحتها في عيون من خضت معهم تلك الصراعات ، والذين سارع العديد منهم لنزع جلدته وانضم للأحزاب التي تستجدي أمثالهم والتي طرأت على الساحة السياسية في العراق ، وحججهم في ذلك أنهم كانوا يطلبون السلامة وانتمائهم للحزب القائد كان من باب التقية . حوصرت بكثافة من معارفي بإصرارهم على معرفة السبب في عزوفي وابتعادي عن الحزبية الجديدة ، وخلودي للبقاء متفرجا" ، غير أن معرفتهم بطباعي لم تنفعني من الإفلات من تطفلهم لكشف مسيرتي السياسية بعد التغيير . كان علي أن أجد مبررا وعذرا" يقنعهم ، وبعد بحث دءوب صرخت وجدتها ، وكانت جمعية "الحمير ". سمعت عن جمعية للحمير في بريطانيا وبحثت في الانترنيت عن أهداف هذه الجمعية ، هل هي من جمعيات الرفق بالحيوان آم لها أهداف أخرى ،للأسف لم أعثر على مايرضي تساؤلي هذا ، غير أن العدد الهائل من العربات التي تجرها الحمير والتي تمخر شوارعنا الرثة ،خاصة بعد التفشي الهائل للبطالة بعد السقوط ، أوجد لي تفسيرا اقتصاديا لجمعية الحمير إذا أريد تأسيسها في العراق ،فعربات الحمير هذه تغطي نشاطا" اقتصاديا متناميا" فهي وسيلة توزيع الغاز والنفط الأبيض وتحميل الخضروات والفواكه والمواد الإنشائية ، وبعضها حوانيت متنقلة لبيع السلع والمواد المنزلية ، بل وان الكثير من أصحابها صاروا من أصحاب الملايين بين ليلة وضحاها في أيام الحوسمة العظيمة المصاحبة للاحتلال ، وهذا الدور الاقتصادي للحمير لايمكن تجاهله مع أننا نشاهد الكثير من الحمير تتجول بحرية في شوارعنا دون أن تشكوا البطالة . البحث عن دور سياسي للحمير لم يكن بمعضلة ، فالشارع العراقي أيام تسلط الطاغية ، تميز بثلاثة شواهد ، صور ونصب القائد الضرر ، والرفاق ببدلاتهم الزيتونية ، والحمير وسعيها في جر العربات ، وبقدرة قادر اختفت الصور والنصب والبدل الزيتوني ، وبقيت "الحمير " صامدة ، مما يفرح داروين حول نظريته في البقاء للأصلح . بعد هذا لايوجد مجالا" للشك بان الانكليز عرفوا القوة الكامنة للحمير ، بإبعادها السياسية والاقتصادية ، فاستوحوها لجمعيتهم ، والأحرى بنا عندها ، ونحن البلد الأكثر تعدادا" للحمير منهم ، أن نحذ حذوهم ونؤسس جمعية ، بأهداف تعطي لمخلوقات الله هذه حقها وتجعلها مثالا" في العمل الشاق وما يتبعه من تضحية ونكران ذات . بعد اطلاع معارفي الذين أسلفت ذكرهم عن عزمي بالسعي لتأسيس جمعية تحت العنوان الذي أوردته وطلبي منهم الاشتراك معي ، لم يكرر أي منهم سؤالي عن النهج السياسي الذي أتبعته ، وتركت وحيدا لايخفف عني غير مشاهدتي اليومية ، لأصحاب الشأن يجرون العربات غير مبالين بأحمالها الثقيلة . عادل اليابس نشرت في جريدة الصباح البغدادية بالعدد 314 بتاريخ 22تموز 2004
#عادل_اليابس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الآلوسي حتى أنت ... ياحيدر سعيد
-
كوتة المرأة وحق الناخب العراقي
-
دكتاتورية البروليتاريا ..- الضائعة -
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|