أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - الإمامة والنبوة والعصمة















المزيد.....

الإمامة والنبوة والعصمة


تنزيه العقيلي

الحوار المتمدن-العدد: 2798 - 2009 / 10 / 13 - 19:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإمامة بحسب ما يفهم الشيعة، أي تلك المنصوص عليها من الله، والمنصوبون شخوصها تعيينا شخصيا منه تعالى، بإخبار من نبيه، أو من يفترض به أنه نبيه، إذا ما ثبتت، فهي ليست مستقلة عن النبوة، بل هي امتداد لها في بعض مهامها، وعلاقتها بها علاقة طولية وليست عرضية. ولذا فالتصديق بها مرتبط بالتصديق بالنبوة نفسها، وإلا فتكون سالبة بانتفاء موضوعها، إذا لم تثبت النبوة، لأن الفرع منتف بانتفاء أصله. ومع ثبوت النبوة لا تكون الإمامة واجبة دينيا، بحسب ضرورات الدين، ولا ممتنعة بنفس الملاك، وهي ومن قبيل الأولى، من الناحية العقلية، لا واجبة، ولا ممتنعة. إذن هي ممكنة بحكم العقل، وبحكم الدين. ومن لوازمها ثبوت النبوة، بينما ليس من لوازم النبوة ثبوتها، إذ يمكن تصور النبوة من غير إمامة، ولا يمكن تصور العكس، طبعا بالمعنى الديني الشائع للإمامة المعصومة، المنصوبة من الله، والمنصوص على شخوصها تعيينا. ولكنها إذا ثبتت، فلا بد من أن يكون لها ثمة شروط لإثبات صدقها. ومن الشروط هو ما ذكر بالنسبة للنبوة من شروط، نستغني عن تكرار الشرطين الأول والثالث، ونتناول شرط العصمة ثم شروطا أخرى خاصة بالإمامة:

1. العصمة: العصمة، إذا ما ثبتت النبوة، وثبتت الإمامة بالمعنى المذكور، أي باختيار وتكليف إلهيين، فهي أي العصمة، كممكن عقلي عام، تكون على نحو الخصوص واجبة للإمام المنصوب من الله، كما للنبي. لأننا إذا ما افترضنا أن الله تدخّل فاختار للناس، أو للمؤمنين، إمامهم بشخصه، ولم يكن هذا الإمام معصوما، لا يكون هناك معنى للاختيار الإلهي، إذ كما الناس سيختارون إمامهم بأفضل المواصفات الممكنة، والظاهرة لهم بحسب التجربة والمعايشة، ويمكن أن يكون معصوما بدرجة، أو غير معصوم بدرجة، فيخطئ، ويذنب، ويسيء المعاملة، ولو بحدود، فما الداعي إذن لاختياره من قبل الله؟ لأن الاختيار الإلهي هو بمثابة التوثيق والتزكية، وتوثيق وتزكية الله لا يمكن أن تخطئ، بحكم العلم المطلق لله، ولا يمكن أن يقع الاختيار الإلهي على غير المؤهل، بالرغم من علمه بعدم أهليته، لأن ذلك مخالف للحكمة وللطف الإلهيين، ولا يخفى فيه الضرر، والله إنما هو حكيم حكمة مطلقة. بينما إذا كان الإمام يمكن أن يكون خطّاءً، أو مسيئا، أو ظالما، بنسبة ما، يمكن للناس أن يخلعوا بيعته، في حال أنهم هم الذين اختاروه، بينما يكون مفروضا عليهم، إذا كان وقع الاختيار عليه والتنصيب له من الله، ثم إن هذا التدخل الإلهي من شأنه أن يعطل العقل الاجتماعي المتنامي عبر التجربة، وهذا لا يمكن أن يكون مراد الله. إذن إذا كان القرار إلهيا، فيما يتعلق بالإمامة، فلا بد من أن يكون شخوصها المعينين إلهيا معصومين. ولكن العصمة لا تعني امتلاكهم مؤهلات مافوقبشرية، كما يذهب البعض إليه في نسبة العلم المطلق المساوق تماما لعلم الله، أو القدرة المطلقة، وذلك بما يسمونه بالولاية التكوينية، أي إن المعصوم له ولاية على الكون، كما الله سبحانه، يقول - إذا شاء - للشيء كن فيكون. نعم هؤلاء يقولون إن علم المعصوم وقدرته، وإن كانا مطلقين كعلم وقدرة الله، إلا أنهما يختلفان عما له سبحانه، لأن علم وقدرة الله مستقلة وبالذات، بينما علم وقدرة المعصوم ليسا مستقلين أو بالذات، بل بالتبعية لإرادة الله سبحانه، كما كون ولايتهم على الكون ليست في عرض ولاية الله بل في طولها. ولا ندري ما هي الحكمة الإلهية من منحه سبحانه من صفاته المطلقة لبعض عباده، لاسيما إنهم لم يستخدموا الولاية التكوينية، ولم يقولوا لشيء من الكون كن على غير ما كان، فكان، وكذلك لم يتعاملوا على ضوء علمهم المطلق، وهذا كله ينفي الحكمة، بل والإمكان لهذه الدعوى. وهنا حصل تطرف في المتبنيات العقيدية فيما يتعلق بالعصمة بين إفراط وتفريط. فهناك الإفراط حتى الغلو، بنسبة العلم المطلق إليهم، والقدرة المطلقة، والولاية التكوينية، وحتى صلاحية الاستجابة للدعاء، وقضاء الحوائج، بل ذهبت بعض العقائد إلى تصعيد نبي إلى صفة الألوهية، أو إنزال الله إلى البشرية، بتجسّده في إنسان، وهذا ما نجده عند بعض غلاة الشيعة والمسيحيين، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، نجد التفريط من قبل السنة، وما يرويه كل من العهد القديم والحديث، بحيث تنسب الذنوب والأخطاء الكبيرة إلى الأنبياء. كلامنا هذا ينطلق من فرضية صدق النبوات، وإلهية الرسالات، أما إذا كانت النبوات في أحسن الحال عبارة عن حركات إصلاحية بشرية، يعتقد أصحابها أنهم ملهمون ومكلفون من الله، فمن الممكن جدا أن يقع المصلح، مهما كان صادقا، ومخلصا في دعوته الإصلاحية، في خطأ ما، أو ذنب، أو ظلم، أو مخالفة للحكمة، أو مخالفة لما يدعو إليه وازدواجية، من خلال اختلاط البعد الذاتي مع البعد الرسالي في سلوكه وتصريحاته وإقراراته. ولكن حتى مع بشرية أي حركة إصلاحية، فالمصلح مؤثر وناجح في مهمته بمقدار انسجامه مع دعوته وتمثله للأسوة الحسنة. ناهيك عما إذا ثبت أن بعض الدعوات النبوية عبارة عن دجل، أو عن هلوسة، والفرق أن مزاول الدجل يكذب، ويعلم أنه يكذب، بينما مزاول الهلوسة يكذب، ويجهل أنه يكذب، فهو بالتالي يصدق من حيث اعتقاده بصدقه.

2. الشرط الثاني للإمامة تأييدها من قبل النبوة: فالإمامة المعصومة المنصوبة من الله، كونها امتدادا للنبوة في بعض مهامها، فلا بد من أن تكون مؤيَّدة من قبل موقع النبوة، التي تكون الإمامة امتدادها.

3. امتدادها غير المستقل للنبوة: فالإمامة إذا كانت امتدادا للنبوة، فلا يمكن أن تمثل خطا مستقلا عنها، فهي لا تأتي لا بعقيدة جديدة، ولا بمبادئ جديدة للشريعة، مع إمكان الإتيان بتشريعات جديدة، لا تتناقض مع الشريعة التي أتى بها النبي، ولكن من موقع حقيقة إمكان نسخ تشريع لتشريع، ومن موقع حقيقة مرونة التشريع في أغلب الأمور، مراعاة لمتغيرات الزمان والمكان والحيثيات، وإلا فالشريعة الجامدة غير المرنة في حركتها مع حركة التاريخ وتغيراته وتطوره، فهي شريعة غير حكيمة، وبالتالي لا يمكن أن تكون إلهية المصدر، لاستحالة صدور المنافي للحكمة من الحكيم حكمة مطلقة سبحانه. وهنا لا بد من أن يكون هناك نص أو سلوك نبوي، يشرعن قاعدة التغيير والتطوير من قبل الإمام المعصوم من بعده، وربما أيضا من قبل الفقيه المجتهد من بعد الأئمة، حفاظا على ديناميكية التشريع الديني.

4. المحدودية الزمنية: إن الله خلق للإنسان عقلا ذا قابلية على الإبداع والتطور والنمو، وأراد له أن يحرك طاقاته في طريق التكامل، وبالاستفادة من تجاربه الذاتية، وتجارب غيره، ولذا فالإمامة المعصومة المنصوبة من الله تعطيل لهذه الطاقات، ولتطورها ونموها، لذا يمكن أن يُتعقَّل تنصيب رسل وأنبياء، ثم أئمة، لمقطع، أو مقاطع من عمر الإنسانية، أما أن تكون حالة دائمة فهذا، وإن كان ذلك لا يعتبر ممتنعا عقلا، إلا إنه لا ينسجم تمام الانسجام مع الحكمة من الخلق. ولذا، وعلى فرض إلهية الإسلام، وبالتالي صدق مقولاته، قد ختمت النبوة، كما جُمِّد العمل بالإمامة عند المؤمنين بها، بتغييبها إلى أجل غير معلوم. أما من ذهب إلى دعوى أن الإمامة المعصومة المنصوبة إلهيا واجبة عقلا بدليل اللطف الإلهي، فالصحيح أن اللطف الإلهي يوجب عدم تعطيل الطاقة العقلية للإنسان في تنمية تجربته بتنصيب معصوم يحل له كل معضل يواجهه، فيصادر عقله. فاللطف الإلهي يوجب إبقاء الفرصة مفتوحة أمام الإنسان، ليوظف عقله، ويتعلم من تجربته، ومن مسيرة التاريخ، ما يصلح به حاضره ومستقبله، لاسيما إن الله خلقه مختارا ومسؤولا.



ونقطة مهمة أخيرة نقولها عن العصمة، هو إذا ثبت - وهو ثابت، كما تشير إليه الكثير من المؤشرات المتواترة الثابتة - أن العصمة المطلوبة بالحد الأدنى الضروري للنبوة غير متحققة، فإن النبوة بالضرورة غير صادقة، بمعنى أنها لم تكن بتكليف ووحي إلهيين، بل باجتهاد ذاتي، من شخص مدعي النبوة، أو متوهمها، سواء كان دعواه عن حسن قصد، أو بدون حسن القصد، أو توهمه إياها عن سلامة عقل، أو لم تكن كذلك.



قلنا فيما مر إن من لوازم الإمامة ثبوت النبوة، وليس من لوازم النبوة ثبوة الإمامة، حيث يمكن تصور النبوة من غير إمامة، ولا يمكن تصور العكس. ولكن من جهة أخرى قد يكون انتفاء تحقق الإمامة في الواقع سببا من أسباب الشك في صدق النبوة، ونقصد هنا النبوة والإمامة الخاصتين، أي كمصداقين محددين، وليس العامتين، أي كمفهومين مجردين، وبتعبير آخر نبوة نبي الإسلام، وإمامة أهل بيته. فإذا صح ما تواتر من أحاديث للنبي عن أنه يأتي من بعده اثنا عشر إماما، أولهم علي، ثم ولداه، ثم تسعة من ذرية الحسين، آخرهم المهدي، وإذا كان المهدي هو محمد بن الحسن العسكري، ثم بعد كل هذا لو ثبت عدم وجود شخصه، تبقى عندئذ سلسلة الإمامة متكونة من إحدى عشرة حلقة، فاقدة لحلقتها الثانية عشر، وبالتالي غير متحققة، مما لا يبقى معه إلا احتمالان، إما عدم صدق صدور هذه الأحاديث عن الرسول، أو إذا صدقت يقينا، فيكون صدور ما كان سيكون، ولم يكن فعلا، مأداة إلى الشك في صدق أصل النبوة. هذا وغيره كثير، يكون له اعتبار في البحث، إذا لم يؤد إلى نفي تحقق هذا الممكن العقلي (النبوة)، أو اعتماد المذهب الظني فيما يتعلق أمر الإيمان بها. ومن السيرة النبوية ما يضع النبوة أمام شك، لا تقوى أدلة المستدلين على صدقها عن رفعه. وهنا يمكن اعتماد قاعدة عقلية، فيما يتعلق بالنبوة والوحي والدين، هي أصالة العدم، والتي يمكن تلخيصها، أن كل ما لم يثبت وجوده، وكان عدمه راجحا، ومبررات وجوده ضعيفة الحجة، وضرره في الواقع أكثر بكثير من نفعه، يكون فيه العدم هو الأصل، أي عدم الصدق، وبالتالي عدم الثبوت والتحقق.



كتبت في وقت سابق

وروجعت في 11/10/2009





#تنزيه_العقيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإمامة والخلافة في عقائد السنة والشيعة
- رؤى في النبوة والإمامة
- مقترح بعث نبية رسولة
- قراءة أخرى للتاريخ بعد استبعاد العصمة
- من عقائد الإيمان العقلي أو عقيدة التنزيه
- أتقع المسؤولية على القرآن أم على قراءة وفهم القرآن؟
- عصمة الأئمة وعدالة الصحابة وقداسة المراجع وعصمة الپاپوات
- العصمة بين الحقيقة والوهم
- لماذا يستثنى المؤمنون اللادينيون من حوار الأديان؟
- الثغرة في أدلة كل من الإلهيين والماديين
- دعاء ما بعد الاهتداء إلى الإيمان اللاديني
- مع وجود الله، هل وجود الدين واجب أم ممكن أم ممتنع؟ 3/3
- مع وجود الله، هل وجود الدين واجب أم ممكن أم ممتنع؟ 2/3
- مع وجود الله، هل وجود الدين واجب أم ممكن أم ممتنع؟ 1/3
- كلمات من وحي عقيدة التنزيه
- العقليون في التوحيد نقليون في النبوة والإمامة
- دع ما يريبك إلى ما لا يريبك
- الدينية واللادينية والإلهية واللاإلهية
- ما هي مصادر المعرفة للإنسان؟
- التلاوة العلنية للقرآن مساس صارخ بكرامة الآخرين


المزيد.....




- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - الإمامة والنبوة والعصمة