|
إنظر إيها المتعالي – على ظهر من تتسلق
زيد ميشو
الحوار المتمدن-العدد: 2796 - 2009 / 10 / 11 - 19:27
المحور:
كتابات ساخرة
يقَرٌ الإنسان بأنه خليقة غير كاملة ، ويعترف بمحدوديته وضعفه ، إلا إنه يعيش وكأنه مطلق . يبالغ بمدح نفسه عندما يكون الحديث عن الطيبة والمسامحة والعدالة ، إلا إنه يتصرف دوماً بخشونة ويتفاخر بسرعة إنفعاله وعصبيته . لايقبل بالظلم على نفسه إلا أنه يظلم من هم بمعيته . يحرّم على الآخرين مايحلل لنفسه ، ويرفض النقد ولايقبل بالتصحيح ، يخضع لمن هو أعلى ويستأسد على من هم بحاجة له ، ويغضب إن نُعت بالإزدواجية ! . عند الإخوة المسلمين – الرجال قوّامون على النساء ، وقد فهم من ذلك بأن المرأة بحاجة إلى الرعاية والحماية ، وهذه ماوفّره الرجل لها خصوصاً في المجتمعات القبلية والقروية ، إلا ن البعض قد فهمها على إنها قوامة أستبداد وأستعباد ، بدأً من فراش النوم وفي كل التفاصيل علاقتهم اليومية . وبناءً على المفهوم الثاني ، وبما إن التسلط هو مرض شرقي مزمن ، وهو يولِّد غرور وتكبر وتباهي فارغ ، لذا أصبح الجميع يسعى كي يكون قوّام ؟ المعلم قوام على طلابه والأب في بيته والأم على أبنائها والحماة على كنتها والموظف على المراجع والمدير على الموظفين ، ورجال الدين قوامون على كل المؤمنين ورجال السياسة على الشعب المسكين . الكل قوامون وإن كان عدد شعب معين مليون ، وواحد منهم فقط لايملك أن يقوّم على أحد فسيقوّم على أقرب حمار أو جحش يراه ، سيضربه ويجلده ويقول له : شي ياحمار . إنها لعبتنا نحن الشرقيون ، لعبة السطوة ، إنها ثقافتنا ، ثقافة القوة ، علينا أن نمارسها ولو على جثة هامدة وإلا سنموت بنوبة قهر . فالعجرفة هي شغلنا الشاغل وهمنّا الوحيد ، نتعجرف في كل شيء وعلى كل شيء . في مطلع التسعينات وبعد إنعتاقي من الخدمة العسكرية ( أفضلها على كلمة تسريح التي تستخدم للخراف ) ، ضاقت الأمور قليلاً فلم يكن لي مهرب سوى العمل كسائق أجرة إنما بسيارة خصوصي . وأذكر في إحدى الأمسيات وأنا ذاهب إلى إحدى النوادي الإجتماعية كما هي العادة في كل إسبوع ، وإذا بشخص في الخمسينيات من عمره ، يلبس أبيض من فوق إلى أخمص القدم ، وشعره أسود لماع من كثرة الدهن ، يؤشر لأي سيارة تنقله إلى حيث عمله ، فقلت في نفسي ( كم دينار من هذا الرجل ثمن البيرة التي أحتسيها ) ، فنقلته معي بعد أن قال لي وبثقة وأعتداد في النفس " الله يساعدهم ، بالله متوديني على لوكال " . فأستغرب بأني لاأعرف بأن لوكال هو إسم لملهي ليلي في منطقة المسبح ، وكيف أعلم وأبي لم يأخذني إليه يوماً في طفولتي . وبينما كنا نتحدث في الطريق وإذا به يفاجئني بعرض ، حيث قال لي نصاً ( مبيِّن عليك خوش ولد وإبن أوادم ، ترى بيت أخوك موجود وفارغ ، وبأي يوم عندك شي إدلل – ويقصد إن كان لي علاقة بإحداهنّ ) . وبعد أن أوصلته إلى المكان الذي يريد ، أعاد عرضه مجدداً إلا إنه أردف قائلاً ( بس تحتاجني إدخل للملهى وإسأل على أستاذ عادل ) . فودّعته حابساً الضحكة ، ياأهلاً بإستاذ عادل . وعندما قصصت ذلك على أصحابي ، أصبحت كلمة الجفرة فيما بيننا عندما نريد أن نصف أحداً لانطيقه " أستاذ عادل " ، وحاشى لكل من إسمه عادل إن كنت أعرفه أو لاأعرفه . فحتى مهنة (عدّولي) هذا ، يريد بها أن " يتشمخر " على غيره . ولمَ لا وهو قوّام على بعضهنّ ، أوقد يكون له مساعدين ( أبناء كار ) لهم مستقبل مهني مهم ، فليس محال أن يكون صانع الأستاذ أستاذ ونص . ومع ذلك فأنا أعتقد بأن عادل هذا أعدل أخلاقاً من كثير من المسؤولين ، على الأقل إنه يحب ( الكيف ) ، له ولغيره ، إنما من يقوّم على المساكين 24 ساعة ، سبعة أيام ، 365 يوماً ويكدّرهم ويسرق جهودهم ويسقوي عليهم ، فهذا أستاذ عادل بإمتياز ، إلا انهُ في قمة السلبية . إن التسلط والغرور والتبجح تعدُ من أكبر المشاكل حقيقةً ، فهي تمنع الإنسان من رؤية أخيه الإنسان كآخر بشكل واضح وصحيح ، بل سيكون له كمرآة لايرى من خلاله سوى ذاته ومصالحه ، تعكس له نرجسيته إذ سيكون الآخر كجدول ماء يروا من خلاله مايرضيهم فقط دون النظر إلى العيون وقراءتها . فماذا يعني بأن أكون متسلط غير أن أكون قد ألغيت حق الآخر في العيش بكرامة ، وماذا يعني التبجح والتفاخر سوى التعالي على أخي أو أختي الذين يساوياني في كل شيء ، وماذا نسمي من هو بموقع مسؤولية ( مهما كانت ) ويسيء لتلك المسؤولية إرضاءً لتكبُّره وطمعه سوى خائن وغير جدير بالثقة . فمتى يكون لدى الإنسان الوعي الذي يدرك من خلاله بأنه ومهما إرتفع من شأنه ، فهو ليس بأكثر من إنسان أُسوة بغيره من البشر ؟ فهذا هو واقع الإنسان الحالي وللأسف الشديد ، وهذا هو الموروث ، إنسان شرقي يعني إنسانٌ متسلّط ، بالرغم من كل الصفاة الطيبة التي يتصف بها الشرقيين . لذلك نحن في سباق دائمُ للخلف والعالم بأسره يتسابق للأمام ، إنما إلى متى ؟
#زيد_ميشو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إسطورة شعيط ومعيط وجرار الخيط
-
صورة رجل الدين المشوهه لبدائيين من عصرنا
-
وللأناني يوم عالمي
-
الإنسان أم رأيه
-
كم هي ثقتك عمياء بحكومة أميركا يامنتظر
-
صلاة كلب
-
لاتقولوا كلداني آشوري سرياني رجاءً - بل مسيحيي العراق
-
سلام المسيحيين نعمة وليست منحة حكومية
-
الجرأة حلوة ، لماذا لايخوض البعض غمارها ؟
-
وسلام المسيح معك أخي كاظم شلتاغ
-
هل صحيح كما يقال – الغربيون أغبياء ؟
-
الغاء البند 50 له إيجابياته أيضاً
-
تغطية إعلامية لزيارة سفير لم تتم !
-
يفعل مايشاء من له السلطة
-
هل الله يسعى لهلاك الكفار
-
سيادة المطران ميشال قصارجي – قلبك تكلم قبل لسانك
-
تقييم عمل الله
-
نكتة من الواقع مأساة - الحكيم والعصي
-
لماذا وُزعت الحلوى في لبنان ؟
-
التحمُّل - التحدِّي .... أن تبتسم وفي عينينك ألف دمعة
المزيد.....
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|