|
القائمة المفتوحة والمغلقة والدائرة الواحدة والدوائر المتعددة
اسماعيل علوان التميمي
الحوار المتمدن-العدد: 2796 - 2009 / 10 / 11 - 17:42
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
في صبيحة الرابع عشر من تموز عام 1958ودع العراقيون مرة واحدة نظامهم الملكي، وملكهم ، ودستورهم ، وبرلمانهم ، الذي انبثق عام 1925ويعد ثاني أقدم برلمان عربي بعد البرلمان المصري الذي انبثق قبله بسنتين ،ومنذ ذلك اليوم وحتى عام2005 بقي العراقيون بدون دستور حقيقي وبدون برلمان حقيقي وبدون انتخابات حقيقية ،وحل بدل التداول السلمي مبدأ تداول السلطة بين العسكر بالدبابة، وهذا يعني إن العراقيين انقطعوا عن ممارسة حقوقهم السياسية في انتخاب حكامهم فترة تقرب من النصف قرن تسلط علبهم خلالها حكام فعلوا بهم الأفاعيل وكانت النتائج كارثية بكل المقاييس فأصبحوا في آخر الركب بعد إن كانوا في مقدمته فتقدمت عليهم دول نالت استقلالها في السبعينات ، وتحولوا من أغنى بلد في المنطقة إلى اكبر بلد مدين في العالم قياسا لحجم الدين إلى حجم السكان،وجرى عليهم ما جرى من ظلم وحرمان وقتل وإبادة، و بلاءات ماكان لها أن تقع لو أنهم لم ينقطعوا عن ممارسة حقوقهم السياسية التي رسمها دستور1925الذي منحهم حق انتخاب نوابهم في البرلمان بمليء إرادتهم. فحلت ثقافة التسلط والطغيان وما يتبعها من ثقافات فرعية مثل التغني بأمجاد الحاكم وتقديم طقوس الخضوع له وتأليهه ونعته بأعظم النعوت بدلا عن ثقافة ممارسة الحقوق السياسية التي أصبحت غريبة على أذن المواطن طيلة ما يربو على نصف القرن كالدستور الذي لم يعرف عامة الشعب ماهيته وأهميته إلا بعد سقوط الدكتاتورية وكذلك أهمية الانتخابات ، وأهمية صوت الناخب،؟ وما معنى البرلمان؟ وما هو مبدأ الفصل بين السلطات؟ وما هو معنى السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية واستقلال القضاء؟ وما هو النظام الرئاسي والنظام البرلماني ؟ وما هي المجالس المحلية وحكومات الأقاليم والمحافظات ؟وما هي الأغلبية الحاكمة والأقلية المعارضة ؟وما هو التصويت بالأغلبية البسيطة والأغلبية المطلقة والأغلبية الموصوفة؟ إلى آخره من المصطلحات السياسية والانتخابية التي يفترض أن يتعرف على معناها المواطن البسيط، فكلما مارس المواطن حقه السياسي بحرية ووعي، كلما كانت اختيارات الشعب لممثليه صحيحة وانحسرت احتمالية تسلل الطغاة من خلال صناديق الاقتراع، هذا التسلل الذي يمرره الجهل ولا يمنعه إلا الوعي. يشتد النقاش السياسي هذه الأيام ، حيث ينتظر الشعب من مجلس النواب، تشريع قانون انتخابات مجلس النواب ،ويتركز النقاش حول بعض المصطلحات الانتخابية ، وهي القائمة المفتوحة، والقائمة المغلقة ، والقائمة المختلطة، والدائرة الواحدة، والدوائر المتعددة، ومن هي الأفضل؟ القائمة المفتوحة ؟أم القائمة المغلقة؟ أم القائمة المختلطة؟أم الدائرة الواحدة؟ أم الدوائر المتعددة؟ ولتعريف المواطن بمعنى هذه المصطلحات بأسلوب مبسط ، نتناول أولا، القائمة المفتوحة، ثم القائمة المغلقة، ثم القائمة المختلطة، ثم نتناول ثانيا، الدائرة الواحدة ،والدوائر المتعددة ،بشيء من التفصيل المبسط.
أولاً-القائمة المفتوحة والقائمة المغلقة والقائمة المختلطة: 1_القائمة المفتوحة ونظام المزج بين القوائم : وتعني إن للناخب الخيار في اختيار عدد المرشحين الذين يحق له انتخابهم من بين مرشحي القوائم دون التقيد بقائمة معينة، ولتوضيح ذلك نأخذ المثال التالي. لنفترض إن في الدائرة الانتخابية لمحافظة ديالى ، توجد عشرين قائمة متنافسة، لاختيار عشرة نواب عن المحافظة ، فأن من حق الناخب أن ينتخب عشرة مرشحين يختارهم من بين هذه القوائم العشرين دون أن يتقيد بقائمة معينة واحدة فقط ،.بمعنى إن بإمكان الناخب على سبيل المثال أن ينتخب مرشح واحد من القائمة رقم (1) وثلاثة مرشحين من القائمة رقم (5)وأربعة مرشحين من القائمة رقم(12) ومرشحين اثنين من القائمة رقم (19) المهم أن يختار عشرة مرشحين دون أن يتقيد بقائمة معينة من بين القوائم العشرين المتنافسة. إن الميزة الأهم التي تتمتع بها القائمة المفتوحة هي احترام إرادة الناخب من خلال منحه خيارات متعددة في اختيار مرشحيه ضمن أية قائمة كانوا على عكس القائمة المغلقة التي تقيد الناخب باختيار قائمة بعينها بغض النظر عن نوعية المرشحين الذين تضمهم والذين تم وضع ترتيبهم من قبل الكيان السياسي وحسب الآليات التي اعتمدها ذلك الكيان لاحسب وزنهم السياسي، بموجب صندوق الاقتراع وهذا يعني ان المرشح الذي يفوز بعضوية البرلمان جاءت به إرادة الناخب أكثر مما جاءت به إرادة حزبه وبالتالي انه ملزم بالخضوع لإرادة ناخبيه أولا لأنه إذا خيب آمالهم وخذلهم سوف يعاقبه ناخبيه وذلك بعدم انتخابه مجددا وبالتالي خضوع النواب في البرلمان لإرادة ناخبيهم أولا قبل إرادة أحزابهم لابل بإمكان الناخب أن يترك حزبه إذا اختلف معه وينتقل إلى حزب آخر أو كتلة أخرى لعدم وجود وصاية عليه من الحزب لأنه جاء للبرلمان بإرادة ناخبيه وليس بإرادة حزبه كما ذكرنا . أما الميزة الثانية لهذه القائمة فهي تخفيف المحاصصة الحزبية التي هيمنت على الأداء البرلماني والحكومي في الدورة الحالية لكون النواب الحاليين جاءت بهم القائمة المغلقة بمعنى جاءت بهم أحزابهم وبالتالي ملزمون بالضرورة بترجيح مصلحة أحزابهم عند إسناد المناصب المهمة أو عند التصويت على القوانين أما النائب الذي تأتي به القائمة المفتوحة فأنه يرجح مصلحة ناخبيه وبما أن مصلحة عموم الناخبين تمثل المصلحة الوطنية فأن النائب هنا يرجح المصلحة الوطنية على مصلحة حزبه وبالتالي ستضمحل المحاصصة ونتخلص من آثارها المؤلمة حقا والتي ألحقت أفدح الأضرار بمؤسسات الدولة وبالأداء الحكومي والبرلماني وبالأحزاب أيضا التي خسرت الكثير من رصيدها الشعبي بسبب هذه المحاصصة.لذا فان هذه القائمة تحظى بالقبول الشعبي العام لاسيما بعد إن جرب الشعب مساوئ القائمة المغلقة .أما مايثيره البعض من عيوب لهذه القائمة فأن هذه العيوب لاتعدو أن تكون فنية بالإمكان تلافيها ومن هذه العيوب إنها تتطلب وقتا لإملائها من قبل الناخب أطول بكثير من إملاء القائمة المغلقة كما إنها تتطلب وقتا أطول في عملية الفرز بمعنى إنها تتطلب جهد إداريا من مفوضية الانتخابات أكثر من الجهد الذي تبذله في حالة القائمة المغلقة وإذا ما قارنا ميزات هذه القائمة مع عيوبها نجد أن هذه العيوب لامعنى لها. 2-القائمة المغلقة : وهي عكس القائمة المغلقة تماما حيث ينفرد الحزب أو الكيان السياسي باختيار مرشحيه وينفرد أيضا في اختيار ترتيب مرشحيه في القائمة ولا خيار أمام الناخب إلا باختيار القائمة كاملة أو عدم اختيارها كاملة بمعنى لا يحق للنائب اختيار مرشح أو عدد من المرشحين منها أو إعادة ترتيب المرشحين فيها حسب المرشح الأفضل بالنسبة له، ولتوضيح المعنى نضرب المثل التالي انه توجد في الدائرة الانتخابية في محافظة واسط عشرة قوائم متنافسة على سبعة مقاعد في مجلس النواب وأراد احد الناخبين أن ينتخب سبعة مرشحين أربعة منهم في القائمة(س)وثلاثة منهم في القائمة (ص) فأن نظام القائمة المغلقة لا يمنحه هذا الحق. وكذلك ليس له الحق في إعادة ترتيب المرشحين في القائمة الواحدة حسب الأولوية التي يضعها لكل مرشح وهذا يعني إن المرشح رقم واحد في القائمة يمكن أن يفوز في عضوية مجلس النواب حتى إذا حصل على اقل الأصوات في قائمته بينما لايمكن للمرشح الذي يليه في الترتيب أن يفوز وان حصل على أعلى الأصوات ، وهنا نكون ليس فقط أمام حالة عدم احترام إرادة الناخب وفق نظام القائمة المغلقة وإنما أمام حالة عدم احترام مبادئ العدالة بين مرشحي القائمة الواحدة في نظام القائمة المغلقة، زد على ذلك إنها ترسخ المحاصصة الحزبية لان النائب المنتخب بموجب هذه القائمة يخضع لمصلحة حزبه أولا . أما مزايا هذه القائمة فهي سرعة إملائها من قبل الناخب وسرعة فرز الأصوات بمعنى إنها مفيدة للمفوضية مضرة للناخب، وبما أن مصلحة الناخب هي الأقرب للمصلحة الوطنية وبالتالي هي الأولى بالترجيح.
3-القائمة المختلطة : وهو نظام مختلط بين القائمة المفتوحة والقائمة المغلقة يمنح الحق للناخب أن يختار بين القائمة على أساس مغلق أو اختيار احد المرشحين فيها أو إعادة ترتيب المرشحين ضمن القائمة الواحدة حسب الأولوية التي يضعها للمرشحين. وهذا النظام وسط بين القائمة المغلقة والقائمة المفتوحة حيث تم مراعاة مصلحة الحزب معا وتم اعتماد هذه القائمة في انتخابات مجالس المحافظات السابقة واهم عيوب هذه القائمة أنها لا تمنح الحق للناخب اختيار مرشحين آخرين من قائمة أخرى كما هو الحال في القائمة المفتوحة.
والآن وبعد إن استعرضنا نظام الانتخاب بالقائمة بأنواعه الثلاثة المفتوحة والمغلقة والمختلطة . يتضح لنا إن القائمة الأفضل للناخب وبالتالي للمصلحة العامة ، هي القائمة المفتوحة ،لأنها تحترم إرادة الناخب وتحد من المحاصصة التي ابتلي بها الجميع . لذا أدعو مجلس النواب إلى اعتماد القائمة المفتوحة في قانون الانتخابات الذي طال انتظاره.
ثانيا-الدائرة الواحدة والدوائر المتعددة . 1- نظام الدائرة الانتخابية الواحدة.هذا النظام يجعل العراق بكافة محافظاته وإقليم كردستان دائرة انتخابية واحدة، بمعنى إن القوائم الانتخابية تتنافس فيما بينها على المستوى الوطني، وليس على مستوى الإقليم والمحافظات ،فيحق للناخب في أي محافظة انتخاب مرشح إذا كانت القائمة مفتوحة أو قائمة إذا كانت القائمة مغلقة وان كان من غير محافظته. أي بإمكان الناخب من محافظة ديالى انتخاب مرشح أو قائمة من محافظة واسط وبالعكس.وهذا النظام هو الأسلم للأقليات التي تتوزع على محافظات عديدة من البلاد لان هذا النظام يؤمن جمع أصواتهم من كافة المحافظات، بينما في الدوائر المتعددة لا يمكنهم الحصول على أي مقعد بسبب أعدادهم القليلة المتوزعة في مختلف أنحاء العراق.ويرى مؤيدي هذا النظام إن المرشح الفائز بموجب هذا النظام يكون ممثلا للشعب بأسره لا لمنطقة جغرافية معينة ، مما يبعد المجلس المنتخب عن التمثيل ألمناطقي. كما تؤيده الأحزاب الوطنية التي لاتقوم على أساس عرقي أو طائفي التي ليس لها تركيز شعبي في منطقة جغرافية بعينها، وإنما يتوزع مؤيديها بأعداد قليلة في مختلف المحافظات تكفي للحصول على مقعد أو أكثر إذا تم جمعها من كل أنحاء العراق ، ولا تكفي إذا تم تجزئتها على المحافظات كما في حالة الدوائر المتعددة. أما مساوئ هذا النظام فإنها تمس مبدأ العدالة ،حيث يمكن أن تحرم مناطق من أي تمثيل أو تحصل على تمثيل اقل من استحقاقها بينما تحصل مناطق أخرى على تمثيل أكثر مما تستحق على حساب مناطق أخرى ، ويعتمد ذلك على نسبة المشاركة في الانتخابات حيث ستحصل المناطق التي تشارك بنسبة أكثر من غيرها على مقاعد أكثر من غيرها أيضا بمعنى إنها ستأخذ حصة المناطق التي تتدنى فيها نسبة المشاركة. وبالتالي ستكون نسبة التمثيل للمحافظات غير عادلة . لاسيما إن الوعي الانتخابي على المستوى الوطني مازال ضعيفا وغير متساويا بسبب انقطاع الشعب عن الممارسة الديمقراطية منذ مايقرب من نصف قرن كما اشرنا. أما العيب الثاني لهذا النوع من النظام فهو عدم احترامه لإرادة الناخب، لأنه يمكن يأتي له بممثلين لايعرفهم جيدا ويشعر إنهم لايمثلونه لكونهم بعيدين عنه في المكان لايعيشون معه ولا يعرفون ظروفه وطبيعة المشاكل التي يعاني منها. 2- نظام الدوائر الانتخابية المتعددة. وهو نظام يعتمد دوائر انتخابية متعددة يكون لكل محافظة وإقليم دائرة انتخابية مستقلة عن غيرها يتنافس فيها قوائم ومرشحون من أبناء الدائرة الانتخابية نفسه، بمعنى ان المرشح والناخب يجب أن يكونا من محافظة واحدة ، أو إقليم واحد لذا فان المرشح بموجب هذا النظام يفترض أن يعبر عن إرادة ناخبي هذه الدائرة بشكل أفضل من المرشح الذي يأتي بنظام الدائرة الواحدة. كما يراعي هذا النظام مبدأ العدالة في توزيع المقاعد على المناطق الجغرافية على عكس نظام الدائرة الواحدة الذي يخل بمبدأ التوزيع العادل للممثلين على المناطق. إلا انه يعاب عليه انه يهدر الكثير من الأصوات التي تحصل عليها الأقليات في حالة تواجد أقلية أو جمهور في دائرة انتخابية لاتكفي للوصول ل(العتبة) وهي عدد الأصوات اللازمة للمقعد الواحد .لذا أرى إن نظام الدوائر الانتخابية مع ما يثار عنه من قبل المتضررين من اعتماده فأنه أفضل من نظام الدائرة الواحدة ويمكن تلافي عيوبه بمنح الأقليات كوتا خاصة لكل أقلية سواء على المستوى الوطني أو على مستوى الدوائر الانتخابية.
#اسماعيل_علوان_التميمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اختصاصات مجلس الرئاسة بموجب الدستور والديمقراطية التوافقية
-
السياسة بين الحاكم والمحكوم
-
قانون المحافظات ومركزية الوزارات يحاصران مجالس المحافظات
-
دروس في المحاصصة والتحاصص -الدرس الاول- مجالس المحافظات
-
انتخابات مجالس المحافظات تعوزها الشرعية والعدالة والاستقلالي
...
-
توزيع السلطة والثروة وكركوك...مشاكل كبرى...البرلمان الحالي ع
...
-
مراجعة لتقرير لجنة مراجعة الدستور
-
الكونفدرالية والفدرالية
-
حقوق الانسان في الدساتير العراقية
-
تعديلات مقترحة لقانون المحافظات غير المنتظمة في اقليم
المزيد.....
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
-
إعلام: الجنود الأوكرانيون مستعدون لتقديم تنازلات إقليمية لوق
...
-
مصر.. حبس الداعية محمد أبو بكر وغرامة للإعلامية ميار الببلاو
...
-
وسائل إعلام: هوكشتاين هدد إسرائيل بانهاء جهود الوساطة
-
شهيدان بجنين والاحتلال يقتحم عدة بلدات بالضفة
-
فيديو اشتعال النيران في طائرة ركاب روسية بمطار تركي
المزيد.....
المزيد.....
|