جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2795 - 2009 / 10 / 10 - 20:05
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
يقال أن عمر بن الخطاب الخليفة الثاني للمسلمين قد أمر والي الشام بإبعاد قظاعة من بلاد الشام لكثرتهم فتفرقوا أكثر من ثلثيهم في مصر والسودان وفي مصر بالذات في محافظة الشرقية , وقد أورثوا المصريين والعرب لغتهم والتي تعتمد على (الغمغمة) والاخفاء فكانوا يقرطون نصف الكلام أو يخفون آخر حروف الكلمات فكانوا يقولون عن الناس (النات) أو (النا) ويحذفون الحرف الأخير ومنهم من كان يلفظ السين مخففاً ليناً فينقلب حرف السين إلى (تاء).
وكانت قريش تقرأ سورة تبت يدا أبا لهبٍ وتب هكذا :
"تبت يدا أبو لهب وتب ....سيصلّى نارا...ومُريتُه حمالةَ الحطب "
ومنهم من قرأ (حاملةَ الحطب) وحاملة هنا بالنصب على الحال , ولم تكن العرب تعرف للأسماء الخمسة قاعدة لغوية ثابتة وكانوا أيضاً يقولون (أبا ..وأبو ..وأبي..) في كل المواضع فكانوا يقولون (تبت يد أبا لهب) وأيضاً (تبت يد أبو لهب) فليس لهذه قاعدة ثابتة وإنما النحاة هم الذين جعلوا لها قاعدة ومن ثم قدسوها وقالوا هكذا نزلت من عند الله, علماً أن الله لم ينلها هكذا وأنا أتحدا كل النحويين واللغويين.
ولا أدري كيف هو اللفظ والكتابة في اللوح المحفوظ أنا فقط أعرفها من خلال قراءة العرب واختلاف ألسنتهم , ولو قرأتُ أنا (مُريته) لضحك الناس (النات) منّي لأان هذا أسلوب تصغير أو تحبيب عند العوام حتى اللغويين العرب لم يدرجوه ضمن قائمة التصغير والتحبيب (فعلله).
إن كافة لغات العالم لها سلم موسيقي فعملية ترتيب الأحرف العربية (أ,ب,ت, ج,د_أبجد هوز) هي في الواقع ليست صحيحة , فهذه حروف الأبجدية وليست الهجائية فترتيبها يبدأ من (معجم العين) فحرف العين والهمزة هما أوائل الحروف العربية لأنهما يخرجان من آخر سقف الحلف من خلال حجز الهواء في الرئتين وفتح الفم .
ولغة الضاد على اعتبارها لغة أسطورية ليست صحيحة ففي اللغة الإنكليزية أيضا ( b_P)وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن كل لغات العالم تشترك مع بعضها في السلم اللغوي الموسيقي .
إن نطق اللغة يعتمدُ أولاً وأخيراً على حجز الهواء في الرئتين وتغير وقوف اللسان في سقف الحلق مع إخراج الهواء من الرئتين فإننا مثلاً ننطق حرف (ه_الهاء) من خلال حجز الهواء في الرئتين وجلوس اللسان في أرضية الحلق وإخراج الهواء من الرئتين وبهذا ننطق حرف (الهاء) وترتيب حرف الهاء الميم وقبل الفاء وقب الزين(ز_الزاء) فالزاء مثلاً ننطقها ضم الأسان وخروج الهواء من الرئتين والصدر , بخلاف نطقنا لحرف الذال والذي يعتمد على وصول طرف اللسان من مقدمته الأمامية للأسنان وخصوصاً للسنين المتوسطين في منتصف الفك العلوي .
ولكل لغات العالم مخارج للحروف صحيحة يجب نطقها بالشكل الصحيح وكل العرب مارسوا هذه الخصوصية كل واحد على قدر ذهنيته , فالحروف كلها لها أشكال لينة وقاسية فشكل حرف التاء من الممكن أن يكون ثاء أو سين أو دال وذلك بسبب تقارب مخارجهما من مقدمة سقف الحلق واحتكاك اللسان بسقف الحلق من الأعلى .
وحرف الضاد وحرف الظاد متباعدان من حيث سقف الحلق واحجتكاك اللسان لذلك نحن حين نقول ضاد فإن الضاد تخرج من إنبساط اللسان من مقدمته في أعلى سقف الحلق من مقدمنته الأمامية وأما الظاء فهو متقدم من خلال احتكاك أطراف الأسنان العليا برأس اللسان .
وقاعدة كتابة حرف الظاء والضاد له سر أيضاً من أسرار اللسانيات فهنالك تقريباً 90 كلمة تكتب بالظاء في اللغة العربية ولكن كيف تعرف عزيزي القارىء أنها بالظاء وليست بالضاد؟
والقاعدة تعتمدُ على السلم الموسيقي فجميع الكلمات التي تأتي فيها حرف الظاء يجب أن لا يسبقه حرف الظاء حرف آخر متقدم عليه من حيث المخارج وما عدى حرف (الفاء في كلمة فظيع أو فظاعه , فهذه الكلمة فقط هي التي جاء فيها حرف الفاء قبل الظاء , أنظروا مثلاً إلى هذه الكلمات النظر : جاء حرف النون قبل الظاء وكذلك كلمة العظيم , حيث جاء حرف العين قبل الظاء مخرجه الحلقي .فمن حيث الترتيب الموسيقي يأتي حرف الظاء بعد كل تلك الحروف مثل ال(م, ,ر,ع, ي,ك,, طبعاً ما عدى الفاء....إلخ.
وتكتبُ العرب همزة الوصل والفصل باعتمادهم على حرف الواو حين يضعونه قبل الهمزة فلو قلنا مثلاً (إسم) لوحدها مع إظهار الهمزة لكان خطئا لغوياً فالهمزة لا تكتب ولا تلفظ وإنما تُكتبُ الألف بدون همزة وبذلك حين نضع حرف الواو قبل الاسم (واسم) وبهذا لا نلفظ الهمزة بسبب تعذرها وثقلها بعد الواو فالواو تخرج من بين الشفتين والهمزة تخرج من أبعد نقطة من نهاية الحلق, فلنلاحظ مثلاً من أين تخرج الهمزة ( ء) إنها من مؤخرة الحلق وهذا هو الترتيب الموسيقي للسلم اللغوي العربي والعالمي فكل العالم واللغات تشترك في هذه الظاهرة.
ولم تكن كل العرب تلتزم بملاحظات اللسانيين فكل قبيلة كانت تكتب وتلفظ على حسب حبها لمخارج الحروف كما يبدلون اليوم بين (قال ) و(آل) فهي بنفس المعنى ولكن لكل مجتمع خصوصياته في اللفظ.
نلاحظ أن بعض مدن الصعيد المصري يلفظون السين تاء أو ثاء , وهذا بسبب هجرة قضاعة إلى تلك المدن المصرية أيام المد الإسلامي العسكري فتعلموا من قظاعة لغتهم , وكانت قظاعة بخلاف كل العرب تقرأ سورة (الناس_ النات) أي أنهم يبدلون حرف السين تاء فكانوا هكذا يقرأون سورة الناس_النات:
"قلَ أعوذُ برب النات ملك النات إله النات من شر والوسواس الخنات, الذي يوتوت في صدور النات من الجنة والنات "
وكانوا يقولون (أناتٌ أكيات) أي : أُناسٌ أكياس. وأكياس يعني (كويس ) ومفردها (كيّس) .
ومن الطبيعي أنهم كانوا يبدلون نطقهم تاء بدل السين وأحياناً ثاء بدل السين , وتشترك مع السين أيضاً التاء والثاء والشين والدال لأنها قريبة المخارج , وهي تقع في سقف الحلق من مقدمة الفم , لنلاحظ جميعنا أين يضرب ويقف لساننا حين مثلاً ننطق حرف السين والتاء والثاء والدال والذال , إنها تقريباً تخرج من نفس موقع بعضها البعض, وهذا هو سر ألإبدالات اللغوية , ولنلاحظ مثلاً من أين يخرج حرف (العين) إنه من أبعد نقطة في القصبة الهوائية وأبعد نقطة من الحلق (ع) إن حرف العين يخرج من قحف الحلق وكذالك الهمزة وتبدل العرب بين تلك الحروف إذا كانت متقاربة من بعضها البعض فتقول العرب ُ من قظاعة (مسعول) بدل (مسؤول) أي أنهم يبدلون حرف الهمزة بدل العين والعين بدل الهمزة .
وإن أصل كلمة (سدس) في اللغة العربية (سدسه) ولأن التاء قريبة من السين والدال فقد أبدلوا السين الثانية تاءً فصارت الكلمة هكذا(ستته) ومن ثم أدغموا التاء في التاء فصارت هكذا (ستّه) بتشديد التاء والشدة تعويض عن حرف متكرر.
إن اللغة تتطورُ من خلال تغير مخارج الحروف من الحلق ومن هنا يجب أن ننوه إلى أن السلم اللغوي للأحرف الصوتية يبدأ من حرف العين وينتهي بالواو.
بالمثال على ذلك حرف الميم يأتي ترتيبه قبل الواو لأن الواو تخرجُ من خلال فتح الشفتين والميم قبل ذلك لأنها تأتي من خلال ضم الشفتين أما حرف الخاء فإنه يخرج من خلال تكور اللسان وعدم وصوله إلى سقف الحلق لذلك ترتيبه يأتي قبل حرف النون لأن حرف النون يخرجُ من خلال وصول مقدمة اللسان مع أطرافه الجانبية سقف منتصف الحلق والصوت يخرج من الأنف , وهو ما يعرف في اللغة العربية (الإدغام بغنة) فهو مماثل للإدغام بغنة ...إلخ.
أما حرف الراء فإنه يخرج من خلال تذبذب رأس اللسان في نهاية بداية سقف الحلق .
وهذا ما يميز الإنسان عن الحيوانات فسر الإنسان الناطق والمبتسم يبدأ من كشفه من شكل الحلق المتقدم على القصبة الهوائية.
والذين يعانون من تلعثم في النطق يكون لديهم تشوهات خلقية في شكل سقف الحلق أو اللسان أو الأسنان , فهنالك حروف تخرج من خلال حبس الهواء في الرئتين وخروجهما من بين الأسنان مثل (الشين) وهنالك من يلفظ الراء غاء (غين) وهذا بسبب تشوه خلقي في شكل اللسان أو سقف الحلق.
إن للحروف في كافة لغات العالم سُلم موسيقي .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟