أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي شكشك - فرادة النكبة -وطن حيّ لا تقطنه روحان-














المزيد.....

فرادة النكبة -وطن حيّ لا تقطنه روحان-


علي شكشك

الحوار المتمدن-العدد: 2797 - 2009 / 10 / 12 - 00:29
المحور: القضية الفلسطينية
    


فرادة النكبة
"وطن حيّ لا تقطنه روحان"

علي شكشك

حتى التسمية فقدت قدرتها على الإدهاش, فقد لُكناها ولاكتنا حتى امتزجت فينا, وتعايشنا معها إلى درجة التآخي والتآلف, كما أنها لم تعد مجرد حدثٍ منذ أن أصبحتْ سيرورةً بصبغة الدوام, وهي هكذا حتى يجيء كلَّ فَينة شاعرٌ أو حاكي يُعيدُ لها ألقها ونضارتَها وبكارتها وإدهاشها ونكبتها, فقد تجددت عندما تشاءل إميل حبيبي, كما عندما عاد غسان كنفاني إلى حيفا ووضعنا في مأزق الهوية فتوهج فينا القُ النكبة وبرعمُها من جديد, وهي بهذا متميزة.
كما أنها تستعصي على الذاكرة, فلا تقبل النسيان, ولا التوطين, ولا التنازل أو التأويل ولا الذوبان,وهي تطفو على الضمير والواقع المَعيش, فكم عائلة فلسطينية اجتمعت كلها مرة واحدة في مكان واحد وزمان منذ ذلك الزمان؟, ولقد اضطرّ جبرا إبراهيم جبرا- وقد عَزَّ البَرُّ- إلى وضع أبطال روايته الفلسطينيين في سفينة تمخر الماء, فكيف الآن وقد {ظهر الفساد في البر والبحر}.
وأصبح لشهر آيار مذاقٌ مختلف بمجرد أن يقترب شبحه, فنعبره ذاهلين, ويغادرنا متشائلين, إلى أن يذوي, فرائحة أحاديث سمر الآباء والجدّات تُهيّج ذائقتنا التخيلية لمجاهيل البيارة والبرتقال وزيتونةٍ في حوش الدار وجميزةٍ في القرية والجرن والمحجار, وكم كنا أطفالاً ونحن مستغرقون في خشوعِ صلاةِ الإصغاء, التي تُحرِّم في رهبة تلك التراتيل خطيئة السؤال.
وقد تأسّست منظماتٌ وهيئات لامتصاص الارتدادات, وصدرت قراراتٌ وتزلزلت الأرض بأيديولوجيات وانقلابات لِنَكْبِ النكبة, إذ لم يجرؤ التاريخ قبلاً ولا بعداً على إنتاج مثيلٍ لما جرى ولا على إنتاج شخصٍ يُبلفِرُ وعداً كذلك الوعد, ولم يُغلق التاريخ فضاءَ الفوسفور على أحد, ولم يسجن خارج الأرض أحدا.
وهي أيضاً متجدّدة, ففي كل يومٍ تضيقُ البسيطةُ الواسعة بالفلسطيني والأفق, وتضيق وثائقُ السفر وحقُّ الإقامة والعمل, كما يتعذّر عليه السفر لواجب تشييعٍ أخيرٍ لأبيه, أوالالتحاق بزوجته وبنيه, أو اقتراف الحلم بالصلاة في معراجه ومسراه حيث وَضَعَ الخاتمُ ختمَه على الأرض وحولَها والجدار, تلك غاية المشتهى, وعاصمته وسدرة المنتهى, حيث فرض الله على عباده الصلاة, وأرادها لنا عاصمةً, تعصمُنا وتنهانا عن الفحشاء والمنكر والبغي.
وإذا كانت كلُّ أزمة تولدُ كبيرةً ثم تهون بحكم سنن الرحمن, فإن نكبتنا بدأت كبيرة وما زالت تكبر, فالإحلال والإعلال والتهويد والتهجير والإبدال لا يتوقف تحت أي حال, كما ضاق شعارُ الذين استقبلوا اللاجئين بالتهليل والتكبير يوماً ما, والقادمون من أسفار الملوك يُشعلون الماءَ في أحشاء البيت, ويقطعون الطريق على العهد, وأمام حائط البراق يقطعون الطريق إلى السماء, وعند النهر يصادرون ماء معمودية يوحنا, وعند الجبل الذي لاح منه عمر وتابِعُه على الأتان شيّدوا المصفاة لِرصدِ أيِّ احتمال.
وهي الأولى التي تتحالف فيها القبائل لِرصدِ الداء والدواء والغذاء وحقك الذي اغتصب لا يُسترد بما به اغتصب, وأنت إن نطقتَ متّ وإن سكتّ متّ, ووحدَك تكون- مثل يوسف- وجُبُّك مَدى, لا يلتفت إليه السّيّارة الذين التقطوه, وبثمنٍ بخْسٍ باعوه, وحدَك والحقيبة, نبعُ الحقيقة, فقد زيفوك حيّاً, واستباحوا وردَ الحديقة, وشوارعك, ومضجعك, ومقعدَك, والزاوية التي كنت تركن إليها في مُصَلّاك, والنافذة التي أنضجتْ حواسّك على مُشتهاك, واللوحة المعلقة على الجدار لطفلٍ قبل أن يُصبح جداً لك, وسلبوك عيون أبيك, {وحتى لو وضعوا مكانهما جوهرتين, تُرى هل تَرى, هي أشياءُ لا تُشْتَرى}, وأنت الساميُّ ابن الساميّة, كلما دخلوا قريةًّ ورفعوا أعلامهم أخرجوك, غريباً هناك في ديار الخليل تكون,لا يجتمع هناك اثنان, أنت وهم, فكيف هنا وقد أَعلن التاريخ أن الوطن جسدٌ حيٌّ لا تقطنُه روحان.





#علي_شكشك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن المضاف إليه في {أرض الميعاد}
- مسرح في المسرح
- الكريم يُكرّمُ الكريم -وسام في الجزائر-
- غزة تتجلي
- الشهيد القائد كمال ناصر
- صوت الضمير
- الهيكل
- ناجي العلي ’على هذه الأرض ما يستحق الممات’
- الفلسطيني المسيح
- غضب الحكمة
- أم الفحم
- بؤرة استيطانيّة لاشرعية
- خربشات على ضوء الفوسفور
- سوناتا للبابا - شاهداً على نهاية يهوذا-
- أغنية فرح لإفريقيا
- الخيمةُ … الآن
- السفينة
- بين اتمامين
- وطن لهذا القدس
- شهادة جديدة لجريمة قديمة


المزيد.....




- تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ ...
- بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق ...
- مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو ...
- ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم ...
- إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات ...
- هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية ...
- مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض ...
- ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار ...
- العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي شكشك - فرادة النكبة -وطن حيّ لا تقطنه روحان-