|
ثمانية قصص قصيرة جداً
نهار حسب الله
الحوار المتمدن-العدد: 2795 - 2009 / 10 / 10 - 11:39
المحور:
الادب والفن
أمراض العصر الحديث كان يعاني من أمراض مستعصة يصعب علاجها بل يصعب وصفها، فتارة يضرب رأسه وأخرى يعصر قلبه من شدة الالم. زار أفضل الاطباء وأكثيرهم كفاءة... تجول في بلدان عدة بحثاً عن علاج لامرضه أو تشخيصها على أقل تقدير.. ولكن دون جدوى.. وصصف له أحد أصدقائه عيادة لاحد الاطباء... زاره برفقة صديقه وعلامات اليأس باتت واضحة على وجهه.. فحصه الطبيب.. ثم قال: -للاسف الشديد أنت تعاني من أمراض العصر الحديث وهي أمراض لا علاج لها ! -وما هي تلك الامراض.. هل تمكنت من تشخيصها؟ -نعم.. بالتأكيد.. أولها وأخطرها مرض النزاهة.. وثانيها الوطنية وهي الاخرى التي تعمل على تدمير حياتك.. فلا تفكر فيها أبداً، وأخيراً داء الشرف وهو داء انقرض من سنين. -هل هناك علاج لهذه الامراض؟ (قالها بسخرية) -انا أنصحك ان تعمل على عكس هذه الامراض.. انزعج كثيراً ثم قال: -انا أشكرك جداً.. ولكني أفضل أن بقى مريضاً.. لأني سأبقى فخور بأمراضي.
انتخابات اعتاد الجلوس في مقهى المحلة.. من أجل الدخول في نقاشات وحوارات والحصول على نتائج قيمة.. يمكن ان يستفيد منها في يوم ما. دخل ذات يوم الى المقهى.. وتنبه لصاحب المقهى وهو يقول: -لافتات من القماش الابيض كتبت عليها شعارات مثالية رائعة.. تعمل على تحريك مشاعر الجميع لافتات جعلتني أنتخب بداخلي كل المرشحين في الانتخابات.. رد أحد الجالسين: -كلام سليم.. والعبارات المكتبوة بصيغة الاشعار.. ولكن أمل ان تتحقق عبارة واحدة من تلك العبارات. قاطع كلامه ثالث: -يصرفهون ملايين الدنانير على قطع القماش.. ونحن بحاجة الى قماش يستر عرايانا... لاحظ ان جلست المقهى لذلك اليوم كانت ساخنة جداً.. ولاول مرة ابتعد عن الدخول في الجلسة لانه كان صاحب تلك اللافتات التي ملأت المحلة.
لأنني مسؤول ساعمل على محاربة الفساد بكل أنواعه وأشكاله، وسانفرد بسرقة البلاد لوحدي لأنني مسؤول. سامنع كل ظواهر العنف في المنطقة.. ولكني اقتل الجميع على وفق مزاجي الشخصي.. لأنني مسؤول. أعمل دائماً على توفير الطعام والشراب لشعبي ثم أذبحهم كالخراف في أي وقت أحتاج فيه أن آكل لحما طازجا ..لأنني مسؤول. أعمل جاهداً على حل أزمة السكن وآمر ببناء مجمع سكني للشباب.. وأكتفي بقصري الذهبي. لانني مسؤول عن راحة ورفاهية شعبي سأوفر فرص التعيينات لآلاف الشباب وبرواتب تصل الى الف دينار سنوياً وسأرضى براتب متواضع يصل الى 37 مليون دينار الى جانب جملة من المخصصات.. لأنني مسؤول. ولأني مسؤول يحب شعبه.. سأبيض السجون من السجناء.. ولكني سأعدم مليون شخص من أبناء المدينة.. بالله عليكم ألست مسؤول عادلاً؟
أحلام جائعة أبو أحمد رب اسرة مكونة من زوجة وثلاثة أطفال وام تعاني من كل أمراض الدنيا.. يقطن في غرفة صغيرة كان قد استأجرها بعد ان هُجر قسراً من بيته.. كان دائم البحث عن حياة سعيدة يملأها الهدوء والاستقرار.. لم يكن يملك سوى أحلاماً في منتهى البساطة، ومن بينها ان يعالج أمه ويخلصها من الموت وان يطعم عائلته قليلاً من اللحم في كل شهر أو في كل فصل.. ولكن راتبه الشهري غير كافٍ لرغيف خبز لانه كان يعاني من البطالة والجوع والشقاء.. عمل جاهداً من أجل تحقيق أحلامه التي باتت مستحيلة.. ماتت امه بسبب تفاقم أمراضها.. لم يبق له سوى أطفاله وزوجته. فكر في تحقيق حلمه الاخير وهو ان يطعم أطفاله اللحم.. فذبح واحداً منهم..!
سهرة في جهنم كان مثالاً للشاب الحسن، يحمل كل صفات التواضع والالتزام والأدب، والاحترام الى جانب اهتمامه الديني الصادق. كان فخراً لأهله وأصدقائه.. شاب تضرب به الأمثال. ولكن حياته قلبت رأساً على عقب يوم انضم الى إحدى الجماعات الإرهابية التكفيرية.. فتحولت حياته من ايجابيات ونجاحات متواصلة الى فشل وسلبيات حتى أصبح يشكل خطراً على من حوله.. أصبح قاتلاً محترفاً.. ومجرماً خطيراً.. وسرعان ما تطور حاله وبات أميراً لتلك الجماعة. وصل الى أوج عظمته في الإرهاب.. بعد ان تم إقناعه وغسل عقله من قبل عدد من المتطرفين والتكفيريين ومن ثم الطلب اليه بتفجير نفسه من أجل نيل الأجر والثواب.. ومن اجل الحصول على مكان مجاور للأنبياء والمرسلين والصالحين في جنات الخلود.. وفي آخر ليلة له في الحياة وبعد ان تسلم عدة التفجير (الحزام الناسف) اغتسل ونام مبكراً لانه كان على موعد لتفجير مستشفى أطفال.. يليها موعد احتساء الشاي مع الأنبياء والصالحين حسب ظنه.. دخل دنيا الأحلام.. وشاهد في المنام جهنم الحمراء.. بهول عذابها.. استغرب حينما رأي كل التكفيريين الذين سبقوه في عملياتهم الإرهابية القذرة.. وهم يصرخون من شدة وهول العذاب.. استيقظ من نومه فزوعاً وهو يرتعش خوفاً.. لم يكن المشهد سهلاً.. جلس تحت ضوء القمر.. راجع نفسه.. واعاد النظر في كل ما ارتكبه من جرائم بحق الإنسانية.. ورافقه تأنيب ضميره حتى الصباح.. ارتدى حزامه الناسف.. ولكنه لم يذهب الى مكان التفجير.. وإنما عاد الى مقر تلك الجماعة مدعياً ان هناك عطل أو خلل في الحزام.. دخل بين الجماعة وعمل على جمع من حوله.. وفجر نفسه..
ظلام يعيش في الظلمة منذ اللحظة الاولى لولادته.. لان عائلته كانت عائلة فقيرة تفتقر لابسط وسائل الحياة.. توفى والده وهو في سن الثالثة من عمره متأثراً بشظايا الانفجار الذي حل في سوق (الباب الشرقي).. ثم فارقت والدته الحياة بعد أسابيع من رحيل زوجها. بقي وحيداً.. تربى مع أطفال المحلة... يعيش الظلام والسواد كلما ذكره أحد بحياة والديه.. كبر وترعرع.. عن طريق مساعدة فلان وفلان. لم تفارقه تلك المشاهد المؤلمة.. كان يراها كلما يفتح عينيه مثلما يرى كل الدنيا باللون الاسود الداكن.. كان دائم البحث عن بصيص أمل يوصله لرؤية النور.. ويمسح صور الماضي الحزين.. عمل على ان يرى الدنيا بشكل مختلف.. فاقتلع عينيه
مراقبة كان يعشق أجواء المراقبة.. ويقضي معظم أوقاته مراقباً لخطى وتحركات الناس.. يراقبهم في أدق أمورهم الشخصية.. كان فضولياً أكثر من اللازم، همه الوحيد الذي يعده إنجازً يفتخر به أمام أصدقائه هو مراقبة جارته الشابة الحسناء من شباك غرفته المطل على بيتها. يراقبها عندما تحتسي الشاي.. وعندما تخلد الى النوم.. حتى انه يعرف موعد استحمامها لأنه كان يختلس النظر الى جسدها العاري المثير. وفي إحدى تلك المراقبات.. تنبهت جارته الحسناء الى نظرات جارها الفضولي. انزعجت كثيراً، وحاولت وضع حد لذلك الفضولي فوجدت نفسها على باب بيته.. تطرق الباب بقوة وترن جرسه في آن واحد.. فتح الفضولي الباب متصنعاً النوم متسائلاً: -نعم .. هل من مشكلة؟ -المشكلة.. ان لا حياء لك ولا خجل. -ماذا.. ماذا تقولين.. ان كلامك هذا غير مقبول. -انت تراقب كل الناس وتغتصب حرياتهم.. فكر في ان تراقب نفسك من أجل تصحيح أخطائك.. سأدعو لك بالشفاء من هذا المرض... تركته من دون ان تنتظر إجابته.
شكوى قال سأشتكي على الوزير الفلاني لانه لم يتقن عمله .. واشتكي على مديري لانه غير نزيه.. واشتكي على زوجتي لانها لا تتقن سوى الثرثرة.. واشتكي على امي لانها أنجبتني في ليلة ظلماء فصارت كل أيامي معتمة.. واشتكي على أبي لانه صنع مني رجلاً فيما كان المجتمع يريدني قرداً.. واشتكي على نفسي لاني إنسان لا يحسن التملق.. واشتكي على الله لانه خلقني من طينة عصية على الغبن والظلم والسكينة.. ولكن لمن سأوجه شكواي فيسمعها ويعمل على حلها؟
#نهار_حسب_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
14 قصص قصيرة جداً
-
قصة قصيرة: البراءة
-
قصة قصيرة: يوسف.. كان هنا
-
رؤية سريعة لآخر تطورات العالم.. بحثاً عن عراق جديد
-
قصص قصيرة جداً
-
قانون العفو العام.. متى يحسم ويصبح حقيقة ملموسة ؟
-
العائلة العراقية ما بين الشعوذة والدجل والطب النفسي
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|