عبدالله الداخل
الحوار المتمدن-العدد: 2795 - 2009 / 10 / 10 - 00:31
المحور:
الادب والفن
1
لما صحوتُ
وجدت أسراريَ الذهبية
بردياتٍ يابسة
تأكلها خنازير
2
كنتُ طفلا ً تضرّع للنجوم
وحقول الزعفران
فما كان يحلم بغير عالم
ليس فيه سوى الانوار
3
لكن القرضة جاءت من عمق الأرض
تسلقت الانفاقُ أشجارَنا
وسَرَتْ بكل دار
كالعقارب التي بانت
في باحة دارنا ذاتَ ليلة
وكانت جدتي تطبخ الحساء هناك؛
كانت تراها تركض في الأرض المتربة
صوب النار
فتقتلها واحدة ً واحدة
4
تمددت العقارب
بكل طولها الأسود
وجمال كرات ذيولها اللماعة
5
بعد سنين
ظهرت جيوشُ القرضة البيضاء
في بيت حديث
جالت في غرفة النوم دون أن أدري
بجدرانها الوردية
كما ثقـّبت طولاً
موائدَ الطعام الخشبية
وصار البيت كمعبدٍ كريه
6
نصحوني بقتلها بالنار
وبحقناتٍ سُمّيّة
بحفر خنادق
حول الدار
تـُنقـَعُ سُمّا
بطبقاتِ "كلوريدين"!
وبرشّ النفط الأسود
وبقلع الأشجار
7
كسرتُ واحدا
من أنفاقها
خلف دولاب الملابس
إنها نملة ٌ صغيرة ٌ بيضاء
كقملةٍ،
لها كرش كبير لا يناسبها
والضوء يقتلها
أأنتِ التي تهجمين البيوتَ على رؤوسنا؟
وأين الملكة؟
أصحيحٌ أنها تبعد ميلاً من هنا؟
وهي بعمق الأرض؟
أأنتِ التي تتبعين الملوك؟
كمن في مجلس اللوردات؟
أتأتين من عشائر الاقطاع؟
أم جئتِ من أرض المعسكر؟
فحدائقنا نظيفة ٌ
وجيراننا طيبون
فمن أين أتيتِ؟
8
وفي يوم من الأيام جن جنوني
عدتُ الى البيت
وأخبروني بالصاعقة
ان القرضة
قد ظهرت أخيرا ً
أين؟
قالوا في المكتبة!
في المكتبة؟
وصرختُ:
في المكتبة؟
ترى كيف تسللت الى المكتبة؟
قيل تحب رائحة الكتب القديمة
أو أي كتاب
مثلما تحب الأخشاب
9
أخرجت جميع الكتب
طهرتـُها
فتشتها صفحة ً صفحة
بل سطرا ً سطرا ً وحتى الكلمات
فوجدتها قد توغلت في الحروف!
10
وهكذا
أولا أحرقت مائدة الطعام الخشبية
قطـّعْت نصف الأشجار
زرقتُ سُمّاً مركزاً
بكل ثقبٍ
بكل جدار
حفرتُ الخنادق
ملأتها غضبي وبالقطران
وعقـّمتُ جميعَ ملابسي
وعمّرت الدار
وصبغت الجدران.
ونظرتُ لمكتبتي
بألف حسرةٍ
في قلبي
11
لكن القرضة
ظهرت قربَ رأسي بغتة ً
جاءت تزحف في الليل
جيوشها البيضاء
تأكل جسميَ العاري
تنخر في عظامي
12
هكذا تركـْنا البيت.
13
ولما صحوتُ من نوم السنين
رأيتها بكل مكان
أيقظني هدوءُها
ووجدت أسراريَ الذهبية
بردياتٍ يابسة ً
تأكلها خنازيرٌ برية
12 (مكرر)
هكذا رأيتُ القرضة َ
قبلكم
قبل أن ينظـّف القردُ عودَه
ليُزلقـَه في النفق.
#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟