عبد العظيم فنجان
الحوار المتمدن-العدد: 2794 - 2009 / 10 / 9 - 21:19
المحور:
الادب والفن
الأنذال
الشجرة ُ ، في الحديقة ، لا تهتز ، ساكنة ، رغم الاعصار الذي يقتلعُ اوروك من جذورها .
الفراتُ يرتجفُ ، مثل خيط ، تحت الجسر .
الأوراقُ تتطاير ، الكلماتُ ، واستغاثاتٌ تفلتُ من الحِبر ، فترتبكُ السطورُ .
يوما ما كتبتَ : " يتركز الجمالُ في أحزان غامضة لكنها تلهثُ ، رغم سُمك الظلام ، كالذهب " أما اليوم فلستَ تذكر أين ، لماذا كتبتَ ذلك ، وها أنتَ عند باب الحانة ، حيث سدوري منكبة على تأليف كتابها في النصائح ، تبحثُ عن المفتاح ، و لا مفتاح سوى الريح تقطفُ بمنجلها الأعشاب ، وتقلب بمزاجها القوارب ، كل القوارب التي ابحرتْ في مخيلتك ، فيما الأفعى التي ستسرق منك عشبة الخلود تنتظر :
لا مزاج للسفرصوب أتونابشتم ، بعد نصيحة سدوري ، مع هذا الاعصار ، مع هذا الغبار الذي يعبث بالتقاويم ، ويمزّق الازمنة :
لا ظل ، لا فيء تحت هذه الشجرة الميتة .
خلف الباب تقابلُ حياتكَ الذي لم ترها منذ مدة طويلة ، لكنكَ إذ تكتشف أن مراثي سومر ، ينابيع المعرفة ، والمعاني المفقودة للكون قد لطشتْ نفسها على بدلتك ، تتذكرُ حفنة من الصعاليك والسكارى ، أنكيدو ، الحانات ، و العزلة التي تشي بكَ مأهولا ، غير أن هناك ما هو أهم ينبجسُ مثل هلال مكسور ، فجأة ، من بين غيوم ذكرياتك المهجورة : الأنذال ،
آه ،
الأنذال ، الأنذال الذين شاركوكَ مقصورة السهر في اغنية ، ثم ترجلوا منها دفعة واحدة ، تاركين حناجرهم على مائدة الذكرى ، التي ترشها بالشمع كلما عنَّ لك أن تحتفل بكل الاوسمة الصدئة على صدرك ، بكل دمعة ذرفتها بحرارة ، بكل الصفعات ، وعند هذه الأخيرة : عند هذه الأخيرة فقط تتلمس خديكَ ، فيتوقف الاعصارُ عن جَلد المدينة ، و تهتز الشجرة ُ بعنف في الحديقة .
....................................................................................
يتبع ..
#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟