|
مواجهة الإرهاب والتطرف ضرورة تحتمها نوعية الخلايا المفكَّكة وخطورتها.
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 2794 - 2009 / 10 / 9 - 03:46
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لازالت السلطات الأمنية تعلن من حين لآخر عن اكتشاف وتفكيك خلايا إرهابية رغم المجهود الجبار الذي تبذله هذه المصالح في تعقب العناصر الإرهابية . وكان من المفروض أن يتم تطويق النشاط الإرهابي بعد الكم الهائل من الخلايا التي تم رصدها وإفشال مخططاتها التخريبية ؛ إلا أن الأمر خلاف ذلك . بل إن الخلايا التي تم اكتشافها إلى الآن ومنذ 2006 تختلف عن سابقاتها بالمواصفات التالية : 1 / اعتمادها إستراتيجية جديدة تقوم على تفخيخ السيارات لضرب الأهداف المحددة بعناية ، وفي مقدمتها المنشآت السياحية والعمومية كما هو الشأن بالنسبة للخلية التي تم تفكيكها والتي كانت تنشط بين إسبانيا والمغرب ويترأسها "أبو ياسين"، وهو من مواليد 1975 بتطوان ومقيم بسبتة المحتلة، وكان معتقلا في إطار تنظيم "السلفية الجهادية"، ومحكوما عليه بسنتين حبسا نافذا، في إطار خلية "أنصار المهدي"، التي تم تفكيكها سنة 2006. 2 / التنسيق المباشر مع تنظيم القاعدة الذي يضع إستراتيجية العمل الخاصة بكل خلية . وفي هذا الإطار كشفت المصادر الأمنية أن الخلية التي أعلن عن تفكيكها يوم 23 شتنبر 2009 بالمغرب كان مسئولو القاعدة يطلبون من زعيم الخلية الاقتصار على إرسال المتطوعين الذين هم على استعداد لتنفيذ العمليات الانتحارية بالعراق ، أما من يرغبون في القتال دون التفجير الانتحاري فهم مجبرون على الذهاب إلى أفغانستان والصومال . 3 / الامتداد الجغرافي لهذه الخلايا لتشمل عدة مدن ومناطق في عمق التراب المغربي دون الاقتصار على رقعة جغرافية محدودة . الأمر الذي يبين أن هذه الخلايا تعتمد أساليب جديدة في استقطاب المتطوعين دون التركيز على عنصر الجوار . إذ ضمت الخلية المكتشفَة عناصر من عدة مدن في الشمال والوسط ( طنجة ، العرائش ،كرسيف ، مكناس ، سيدي قاسم ، سلا ) . 4 / التنسيق العابر للحدود وللقارات ، بحيث تجاوزت هذه الخلايا التنسيق بين أفرادها داخل المدينة الواحدة إلى التنسيق بين أعضائها في أكثر من دولة وقارة ( سوريا ، العراق ، السويد ، بلجيكا ، إسبانيا) مما يدل على الإمكانات المادية واللوجيستيكية التي تتوفر عليها هذه الخلايا بدليل عدد المتطوعين العشرين (20) الذين تم استقطابهم وإرسالهم للتفجير في العراق . إنه عدد كبير وخطير قياسا إلى مهام التفجير الانتحاري الموكولة لهم . 5 / الانفتاح على الخبرات التي راكمها أعضاء القاعدة بالعراق واستثمارها في تلقين وتدريب العناصر الإرهابية المحلية قصد تنفيذ عملياتهم التخريبية ضد الأهداف المحددة . فقد كشفت المصالح الأمنية عن وجود تنسيق بين الخلية المفككة وقيادات القاعدة بالعراق لإرسال مخصصين عراقيين في صناعة المتفجرات إلى المغرب لوضع خبراتهم رهن إشارة أعضاء هذه الخلية . 6 / الإشراف المباشر لتنظيم القاعدة على هذه الخلايا من ناحية التمويل والتكوين واللوجيستيك والتخطيط . فلم تعد هذه الخلايا متروكة لتجاربها الخاصة والمحدودة ، بل أصبحت حلقة ضمن إستراتيجية عولمة الإرهاب التي يدخل ضمنها الاستهداف المباشر لأمن المغرب واستقراره وتحويله إلى بؤرة للإرهاب وقاعدة خلفية لدعم وتنفيذ المخططات الإرهابية في شمال إفريقيا وأوربا . وباعتقال هذه الخلية تقدم المصالح الأمنية الدليل المادي على وجود ارتباط تنظيمي بين الخلايا الإرهابية المفككة وتنظيم القاعدة ، مما يبدد كل الشكوك التي يستند إليها عدد من الحقوقيين والباحثين في توجيه الاتهام إلى الدولة وأجهزتها الأمنية بفبركة الملفات . مما لا شك فيه أن عدد الخلايا التي تم تفكيكها إلى الآن والتي يزيد عن 80 خلية منذ 2003 ، وكذا طبيعة الوسائل التي أصبحت تعتمدها الخلايا المكتشفة منذ سنة تحديدا ( السيارات المفخخة ) ، يثبت أن المغرب يواجه خطرا حقيقيا ومتزايدا تساهم فيه عوامل داخلية وأخرى إقليمية ودولية . أما بخصوص العوامل الداخلية فتشمل جانبين : ــ الأول يتعلق بالبنية التحتية التي توفرت للمتطرفين على مدى عقود مكنتهم من نشر فقه التكفير وثقافة القتل على نطاق واسع بين فئات واسعة من الشباب على وجه الخصوص ، فضلا عن شبكة العلاقات التي ينتظم ضمنها عموم المتطرفين سواء الأعضاء في تيار السلفية الجهادية أو السلفية التكفيرية والذين باتوا يشكلون طوائف مغلقة تعزل أفرادها عن بقية المجتمع مما يعجل عملية تغيير قناعات الأعضاء الجدد وخلق لديهم استعدادا مطلقا لتنفيذ أي عمل تخريبي . والذين أقدموا على التفجير الانتحاري لم تتجاوز مدة استقطابهم بضعة شهور . ــ الثاني : هامش الحريات الذي يتوفر للمتطرفين ضمن المناخ السياسي العام الذي يعرفه المغرب مما يسمح لهم بالحركة والاستقطاب وترويج عقائدهم الهدامة وسط فئات واسعة من الشباب داخل المدن وفي البوادي على حد سواء . كما باتت هيئات حقوقية بعينها نصيرا للمتطرفين ضد أي إجراء تقدم عليه الدولة في حق المتطرفين . أما بخصوص العوامل الخارجية فيمكن إجمالها في الضمانات الأمنية والحقوقية التي توفرها الحكومات الغربية لأقطاب التطرف وأمراء الدم من شيوخ ودعاة ونشطاء تنظيم القاعدة رغم مذكرات الاعتقال التي صدرت عن دول عديدة منها المغرب في حق كثير من المشتبه بتورطهم في الأعمال أو المخططات التخريبية . من هنا يمكن الجزم بأن تنظيم القاعدة في المغرب يسعى لتطوير إستراتيجيته والانتقال إلى السرعة القصوى التي تسمح له بتنفيذ عمليات إرهابية نوعية أشد خطورة على أمن واستقرار الوطن . فالتحالف مع تجار المخدرات والمهربين وسرقة السيارات لتفخيخها واستقدام العناصر الخبيرة في صناعة المتفجرات من العراق أو أفغانستان ،كلها عوامل تنبئ بأن خطر الإرهاب في تعاظم ، مما يحتم الاستعداد الكافي لمواجهته مواجهة شمولية لا تقتصر على الجانب الأمني وحده رغم أهميته ، وإنما تشمل باقي المجالات وعلى رأسها المجال الديني والاجتماعي والإعلامي ، وهي المجالات التي توفر مداخل أيسر للمتطرفين للاستحواذ على عقول الضحايا وتحويلهم إلى قنابل مدمرة . ولا شك أن الحكومة مسئولة بشكل مباشر عن كل تقصير يوفر منافذ آمنة للمتطرفين يتسربون منها إلى عقول ووجدان ضحاياهم .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
11 شتنبر :ذكرى الأحداث الإرهابية التي جسدت مخاطر التطرف الدي
...
-
لم يتمسح مصطفى العلوي بأعتاب الشيخ ياسين ؟
-
جماعة العدل والإحسان حركة انقلابية ترفض العمل في إطار حزبي .
...
-
هل التحالف مع حزب العدالة والتنمية يخدم الحداثة والديمقراطية
...
-
جماعة العدل والإحسان وعقيدة رفض الإقرار بمشروعية النظام المل
...
-
جماعة العدل والإحسان تنتقد مجمّليها لدى النظام والرأي العام
...
-
تأهيل الأئمة مدخل رئيسي لتأهيل الحقل الديني .
-
لما ينتقد الملك انتظارية الحكومة وسلبيتها .
-
البيجيديون وخطيئة الاحتماء بالأجنبي .
-
إستراتيجية تأهيل الأئمة ضرورة أم غاية ؟
-
هل ثقة الملك في الحكومة تحميها من كل تعديل أو إسقاط ؟
-
شهادة البكالوريا بوابة مفتوحة على المجهول .
-
هل فعلا لفظ الجلالة وتقبيل يد الملك هما ما يمنعان جماعة العد
...
-
فتاوى شيوخ التطرف دليل إدانتهم .
-
التحالف بين الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة يقتضيه المن
...
-
براءة شيوخ التطرف المفترى عليها .
-
ما الذي يمنع التحالف بين الاتحاد الاشتراكي وحزب الأصالة والم
...
-
المغرب كان محصَّنا ضد المشرقيات وعليه أن يبقى
-
حتى لا يبقى المغرب حضنا لضلالات الوهابية ومخاطرها .
-
الجزائر وهوس الزعامة الإقليمية .
المزيد.....
-
لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء
...
-
خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت
...
-
# اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
-
بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
-
لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
-
واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك
...
-
البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد
...
-
ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
-
الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
-
المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|