|
ماراثون الائتلافات الانتخابية
طلال احمد سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 2793 - 2009 / 10 / 8 - 22:10
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
يتصاعد الحراك السياسي بمناسبة قرب موعد الانتخابات العامة المقرر اجراءها في العراق في منتصف شهر كانون الثاني القادم وقد تمثل ذلك الحراك بالاعلان عن تشكيل الائتلافات والتحالفات السياسية والعمل النشيط الذي تمارسه العديد من القوى السياسية للبحث عن تكتلات تضمن لها الفوز في الانتخابات القادمة . ماسوف تسفر عنه الانتخابات الجديدة لايمكن ان يجري بمعزل عما افرزته العملية السياسية في البلاد منذ سقوط النظام السابق ، فبعد انقضاء اكثر من ست سنوات على التغيير يمكن الجزم بان السلطات الحاكمة فشلت في تحقيق مكاسب تذكر للشعب العراقي سواء على المستوى النهوض الاجتماعي والاقتصادي ام على مستوى الامن والخدمات وانتشار ظاهرة الفساد المالي والاداري بشكل غير مسبوق ،والفشل هنا يسجل بحق الرئاسات الثلاث كل في حدود مسؤولياته ، الغريب في الامر ان الجميع يعترف صراحة بأن النظام القائم في العراق على تقاسم السلطة وفقا لمبادي المحاصصة الطائفية والقومية وان هذا النظام كان وراء الكثير من الاخفاقات والتراجعات في اكثر من موقع لذلك نجد الكل اليوم يريد ان يناى بنفسه عن هذا النمط من النظام على الرغم من كونه مطبقا (حتى الكشر) في كافة مفاصل الحكم وهم متمسكون به باعتباره الضمانه الاكيدة لبقاءهم في السلطة . المعروف ان الطائفية هي نقيض للوطنيه من حيث ان الوطنيه مبدأ شامل لكل من يؤمن بوحدة الوطن وترابه وينظر الى ابناء شعبه نظرة متساوية دون تمييز في حين ان الطائفية هي استراتيجية لتفكيك الدولة الوطنيه عبر المفاهيم الرجعية ، والطائفية تسخر الدولة ومؤسساتها وقوانينها لصالح طائفة معينه وهذا الامر واضح في وزارات ومؤسسات عراقية كثيرة تسيطر عليها هذه الطائفة او تلك وقد بات جليا استغلال المناسبات الدينيه في العراق لتحويلها الى تضاهرات كبيرة يدفعون اليها جماهير غفيرة من الفقراء والمعدمين والمضللين وهي في جوهرها تحركات سياسية تعبر عن التعصب والتبعيه وتهدف الى تسخير هذه القوى لتأييد الاحزاب الحاكمة وللابقاء على مكتسباتها . انتخابات العام 2005 افرزت فوزا ساحقا للائتلاف العراقي الموحد وهو تحالف ديني طائفي شيعي ، ونتيجة لذلك فقد سيطر ذلك الائتلاف على السلطتين التشريعيه والتنفيذية ويمكن التأكيد ان التوافقات السياسية التي حصلت سواءا على مستوى الحكومة ام على مستوى مجلس النواب اغرقت البلاد طيلة ست سنوات بمزيد من الدماء والتهجير والتشرذم . في العالم الديمقراطي الانتخابات العامة هي التي تقرر شكل الحكومة ومسارها خلال المدة التي يمارس فيها مجلس النواب واجباته وفي العراق كانت تجربه مجلس النواب العراقي الحالي قاسية خلفت مشاعر من الخيبة والاحباط لدى المواطنين وذلك عندما ضيع هؤلاء النواب اربع سنوات عقيمة من عمر البلاد مليئة بالجدل والانقسام وضياع الوقت والتفريط بمصالح الامة عبر اجتماعات غير مثمرة وغير ذات نتائج تذكر حيث الصفة الغالبة لها هي عدم اكتمال النصاب بسبب غياب الاعضاء لوجودهم خارج البلاد لاغراض السياحة والحج او لاي سبب اخر . واكبر دليل على فشل مجلس النواب في اداء دوره التشريعي هو ما اعلن اخيرا بان رزمة من القوانين المهمة سوف تحال الى مجلس النواب القادم وتلك القوانين على سبيل المثال لا الحصر قانون الميزانيه العامة لعام 2010 وقانون تعديل الدستور وقانون الاحزاب وقانون النفط والغاز وقانون شركة النفط الوطنيه وقانون البنى التحتيه وقانون الانتخابات وغير ذلك من القوانين . ان الاداء السيء لمجلس النواب يجب ان يكون درسا للناخب العراقي الذي ينبغي عليه ان يمتلك الارادة والوعي الكامل لاختيار ممثليه الحقيقين . الائتلاف العراقي الموحد هو تجمع احزاب دينيه معروفة وقدكان الاكبر تمثيلا في المجلس الحالي وهو بذلك مسؤولا عن الاخفاقات التي حصلت وعن تردي اداء المجلس في اعمالة . وضمن اليات العملية الديمقراطية يفترض ان يتنحى الائتلاف الموحد عن المعركة الانتخابية او ان يتفكك غير ان الذي حصل كان عكس ذلك حيث اصر على خوض المعركة الانتخابية مجددا بعد ان انشطر الى الائتلاف الوطني وائتلاف دولة القانون والائتلافان المعلنان تتصدرهما نفس الاحزاب والشخصيات التي حكمت العراق بعد 2003 وان تغيير بعض اللافتات واضافة شخصيات جديدة غير مؤثرة لايعني شيئا على الاطلاق حيث ان المؤشرات الموجودة تؤكد ان هذه التحالفات ماهي الا وجهين لعملة واحدة وان التنافس يجري حول المناصب والمكاسب بعيدا عن الافكار والمباديء . الاحباط الذي اصاب المواطن العراقي صار ماثلا للعيان ففي احصائية اصدرتها المفوضية المستقلة للانتخابات تقول (600) الف شخص فقط راجعوا مراكز تحديث سجل الناخبين من اصل (15) مليون الف ناخب الامر الذي اضطر السلطات الحكومية الى اصدار تعليمات تلزم الموظفين بمراجعه مراكز التحديث وجلب صورة من بطاقة الناخب لحفضها في الملف الشخصي وهذا اجراء مخالف للدستور ويتعارض مع ابسط مفاهيم الحرية والديمقراطية ويعتبر تدخلا سافرا في ارادة الناخب التي يجب ان تكون موضع احترام الحاكمين . ان احجام المواطنين عن مراجعه مراكز تحديث سجل الناخبين يدل على ضعف الاندفاع نحو العملية الانتخابية بعد التجربة المريرة التي نتجت عنها انتخابات 2005 . ان محاولات التلاعب بارادة الناخبين اخذت تظهر بجلاء منذ الان فقد اعلن عن اجتماعات سرية عقدت داخل البرلمان من اجل الترويج للقائمة المغلقة خلافا لمايصرح به بعض النواب علنا وقد لايختلف اثنان على ان القائمة المغلقة تمثل قمة التلاعب والتزوير في ارادة الناخب . الكل يتكلم عن عراق ديمقراطي في الوقت الذي تنتهك فيه ابسط قواعد الديمقراطية فالانتخابات في كل العالم تجري على اساس الترشيح الفردي او الشخصي وذلك كي يتاح للناخب اختيار ممثله في البرلمان وفق مقاييس سليمة , ولانعلم من اللذي ابتدع في العراقي مسالة القوائم المغلقة والمنطقة والواحدة ، وانا على يقين ان كل مايجري هو خلافا لما يدعون بان العراق يسير بخطى نحو الديمقراطية . يوم امس تفضل (احمد فرسان قائمة الائتلاف الوطنيه ) باقتراح لحرمان اربعه ملايين عراقي يعيشون في الخارج من التصويت بحجة ان تلك العملية تكلف الميزانيه مبالغ كبيرة وقد فات السيد النائب ان رواتب 35 نائب في المجلس تساوي ميزانيه محافظة كاملة لذلك نحن نشك في حرصه عن ميزانيه الدولة بقدر ماهو حريص في ان يضمن له كرسيا في المجلس القادم لذلك فهو يريد ان يستبعد اصوات الملايين من المهاجرين والمهجرين الذين يعيشون في المنفى لانه يعجز عن السيطرة عليهم بالاساليب المعروفه . العراق الذي يمرباصعب مراحل حياته واكثرها تعقيدا يترقب حالة انفراج حقيقي عن طريق الانتخابات العامة القادمة والمسؤولية هنا تقع على عاتق ابناء الشعب الذين عليهم ان يقرروا من سيحكم العراق في السنوات الاربع المقبلة . ومن دون شك فأن القوى الديمقراطية والتقدمية والعلمانيه تتحمل ايظا المسؤولية في توحيد صفوفها وتوعيه الجماهير للنهوض بها من الكبوة التي تعيش فيها . الوضع المأساوي الذي يمر به العراقيون منذ سقوط النظام لابد ان تكون له نهاية وكلنا امل في ان تحمل نتائج انتخابات 2010 مخرجا لهذا الشعب من النفق المظلم وبداية انطلاقة حقيقة نحو الديمقراطية والحرية .
#طلال_احمد_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في سبيل اقامة جبهه ديمقراطية موحدة
-
ولادة حركة ... جماعه الاهالي اليوم
-
دولة العراق الدينيه
-
في الشأن العراقي ومستلزمات الحل
-
العراق والمستقبل المجهول
-
جولة تراخيص النفط الاولى
-
الاغلبيه السياسية في العراق
-
من يعيد الحياة للائتلاف العراقي الموحد؟
-
انتاج النفط في العراق بين الواقع والطموح
-
العراق الديمقراطي 7
-
العراق الديمقراطي 6
-
العراق الديمقراطي 5
-
العراق الديمقراطي 4
-
العراق الديمقراطي 3
-
الانسحاب الامريكي والحالة العراقية
-
العراق الديمقراطي 2
-
انتخابات مجالس المحافظات خطوة الى الامام
-
العلمانيه والدين وانتخابات مجالس المحافظات
-
سقوط الفيدرالية
-
بمناسبة جولة التراخيص النفطية الثانية
المزيد.....
-
بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
-
فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران
...
-
مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو
...
-
دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
-
البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
-
ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد
...
-
بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
-
مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
-
مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو)
...
-
الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص
...
المزيد.....
|