فرات إسبر
الحوار المتمدن-العدد: 848 - 2004 / 5 / 29 - 09:41
المحور:
الادب والفن
رائحته …
في الهواء
جسدي يحتفظ ببعض شذاه
تحمله الريح
كل يوم
إليّ…
أفتح له الباب
أحمله في يدي
أنثرهُ في زوايا البيت .
صديقي الذي مات
فتحت له صدري
خرج الزهر الذي زرعه
والشذا الذي خبأه
البارحة ..
شيعنيّ
لم يقل….. وداعاً
لم يقل .. إنني عائدُ
رسم نجمة في الفراغ
ومضى تاركاً..
ألف سؤال
وامرأة
أشعل في صدرها ورد كثير .
رائحته عالقة في الجبال
هي التي أحدثت فجوة في ظهري
الذي اسَتندُ عليه
العين الزرقاء
التي علقتها على الباب
لم تعد تحرسنِ .
ليس لي أصدقاء
شيعتهم البارحة
كانوا ..
نحلة
وردة
شوكة
بيدي هذه ودعتهم مُلوّحة
كان الشوك يبكي دمي .
الأعمى
كان يمر..
كل يوم بعصاه
يتحسس الطريق
يسمع خطوتي
يقول لي :
خطاك خائفة
وكأني أرى شعرك أسود
عيناك حزينتان
كان يرى من خلف قلبه
وأنا …
يدي تمسك يدّيه
أنت صديقي
"أمشي بعينيّ "
هذه السنة
لم أعد أراه
اليوم عيد
لم أشتر حلوى
لم أذهب إلى السوق
أعرف إنه مزدحم
نظفت النوافذ والأبواب
الريح ستأتي الليلة
قالوا في نشرة الأخبار
العاصفة ستهب
بلا أصدقاء
ستأتي لتسأل عني
لن أشعل شموع العيد
أخاف الريح .
العجوز التي كانت تسكن قرب بيت أسكنه
ماتت السنة الماضية
تركت كلباً وقطة
أهدتني أعز أولادها
كل عام ..
أذكرها بدمعة
وباقة ورد أضعها على الباب المقابل
روح تحوم
وتسألني :
ألا زلت بلا أصدقاء
البارحة شيعتهم
بلا أسماء
الأطفال الذين كانوا معي يلعبون
الغيم الذي كان يمشي فوق رأسي
الصوت…
الصوت الذي كنت أتبعه
لم ألحق به..
غادرني إلى صدى أخر
في انحناء المسافات
البارحة
وأنا أرتب خزانتي
فتحت عمري على مصراعيه
فستان وحيد
أسود
اشتريتهُ لسهرةٍ لم تأتِ
كتبي القديمة
تركتها لبائع الرصيف
بلا ثمن
بكّتها روحي ..
هي لم تعطنِ شئ
أعطيتها صداقتي
ومفتاح البيت الذي كنت أستأجره
لم يأتِ العيد هذه السنة
قالوا:
هناك حروب كثيرة مات بها البشر
العاصفة لن تأتي..
اعتقلوها عند أول الهبوب
وصديقي…
الذي مات
ما زالت رائحته عالقة في الهواء
#فرات_إسبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟