أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هادي ماهود - بإسمنا .. قضية عراقية على المسرح الأسترالي















المزيد.....

بإسمنا .. قضية عراقية على المسرح الأسترالي


هادي ماهود

الحوار المتمدن-العدد: 848 - 2004 / 5 / 29 - 09:21
المحور: الادب والفن
    


وأنت تحث الخطى لمشاهدت عرضاً مسرحياً للمخرج الأسترالي من أصل بريطاني نايجل جيمسون الذي عمل لسنوات مخرجاً في الفرقة الملكية الشكسبيرية البريطانية وأذهل العالم بإخراجة لأفتتاح أولمبيات سدني 2000 يتبادر الى ذهنك بأنك ستكون أمام عرض سينوغرافي هائل يتشابك الضوء والديكورات فيه مع تشكيلات الممثلين ليحاكي المتلقي بمفرداته المدهشة التي إستخدمها في الأولومبيات لكنه هذه المرة وفي عمله المسرحي الجديد( بإسمنا) الذي عرض في مسرح البلفوار ستريت في قلب مدينة سدني عمد المخرج الى البساطة بالتصدي لنصه الذي كتبه بنفسه والذي يتعرض لحكاية عائلة العبادي العراقية القادمة من البصرة بعد أن تعرضت لمضايقات النظام السابق بتهمة العلاقة بحزب الدعوة المحضور وقت ذاك ماأضطر العائلة للهرب صوب الأردن ومن هناك الى سوريا وفي ظل التقارب بين النظام العراقي البائد والنظام السوري الحالي يتملك العائلة القلق فتقرر السفر الى إندنوسيا وبعد رحلة بحرية غير موفقة للوالد جاسم العبادي صوب أستراليا تقرر العائلة ركوب البحر معاً بأتجاه الحلم الأسترالي وفي مشهد إنساني مؤثر تصل العائلة الى جزيرة كرسمس ليبلغهم خفر السواحل هناك بأنهم تحت الحماية الأسترالية فتنقل العائلة الى أستراليا وبالتحديد الى مركز الأحتجاز ليقضون قرابة السنتين والنصف تنتهي بقرار الحكومة الأسترالية بأعادتهم الى سوريا.
للوهلة الأولى وأنت تدخل المسرح ستصطدم بالديكور البسيط الذي إعتمد على ثنائية الصحراء والمساطب حيث أرضية المسرح الرملية كالصحراء التي طالماأرتبطت بذاكرة العراقي الذي قطعها بحثاً عن بقاع آمنة والمساطب التي لاتشير إلا الى الأنتظار وهي سمة للعراقي الذي قضى عمره بأنتظارات لامتناهية لشئ ما سيأتي على هيئة حرية أو أمان، وقد تعامل المخرج مع المساطب بأستخدامات متعددة فتارة نراها سفينة في عرض البحر وأخرى بوابة لمعتقل بالأضافة لكونها مسطبة أما بقع الضوء فساهمت في بناء الديكور المسرحي فلم تأتي بشكلها الدائري التقليدي بل كانت بقع مستطيلة تشبه بحجمها أقفاص الأحتجاز الأنفرادية التي قضى اللاجئون وطراً فيها إضافة الى إستخدامه لذات البقع في العزل والتباعد المكاني.
عمد المخرج الى صدمة المشاهد منذ اللحظة الأولى حيث المغنية البلغارية المعروفة سليفيا إنتيجيفا والتي مثلت دورالأم نهضة تغني أبو ذية عراقي بطريقة مؤثرة تؤكد الجهد الذي بذله الفنان الكبير عبدالحسين السماوي الذي درب المغنية ورافق العرض بموسيقى تصويرية حية مع عازف الكمان الأيراني داود تبريزي فترى الكلمات تتدفق بنكهة أخاذة( أريد أبجي على الراحوا ولاجو، لاأرض الذي تلمني ولاجو، دمعنا سال من الهم والأذية) وهنا تبدأ العائلة المكونة من الأب جاسم العبادي الذي لعب دوره الفنان العراقي المتألق ماجد شكر الذي كان قد أكد حضوراً متميزاً في عدد من العروض المسرحية الأسترالية في سدني وملبورن والأبن همام الحالم بأن يكون ممثلاً ذات يوم والذي لعب شخصيته العراقي حيدر الحيدري الذي وقف بتألق لأول مرة على خشبة المسرح والطفلة الصغيرة أفنان التي لعبت شخصيتها إيزابيل نيكولاس فتعامل المخرج مع الشخوص التي سردت رحلتها من البصرة حتى مركز الأعتقال فخلق علاقة مباشرة بين شخوصه الأنسانية ومتلقيه من دون التمادي بالتقنيات المسرحية التي وضفها المخرج في مساحات محدودة لكنها مذهلة فقد جمع المخرج رسومات لأطفال المحتجزات حيث عبروا بصدق وعفوية عماجرى لهم كمحتجزين ونزلت رسوماتهم في فضاء المسرح فسارع الممثلون للقبض عليها من خلال مطاردتها بلوحات بيضاء إنعكست الرسومات عليها، إنهم يحاولون القبض على عذاباتهم الشاردة في الزمن الذي لايعترف بهم حتى كضحايا.
إعتمد المخرج على الوثيقة الفلمية التي كانت تتدفق أحياناً على السايك الخلفي لتلقي الضوء على خلفيات الشخصيات وماجرى لها في العراق في الحقبة الديكتاورية ومالاقوه في المحتجزات الأسترالية بل أن المخرج إنتزع وثائق لرئيس الوزاء ووزير الهجرة ليجعلها بعلاقة مع الحدث المسرحي في محاكمة علنية لسياسة أثبتت الوقائع عنصريتها وتجاوزها على لوائح حقوق الأنسان وشرائع التعامل مع اللاجئين فقد عمد المخرج الى فضح الجانب الأنساني لشخوصه التي تعاملت معهم الحكومة كأرقام مجردة من محتواها الأنساني وعرضتهم من خلال الأعلام بأعتبارهم لاجئين غير شرعيين لقد قاد المخرج شخوصه بطريق أفضى الى دخولهم بيسر الى قلوب المتلقين بينما خرجت شخوص أخرى أوهمت الرأي العام بعدم مشروعيتهم، حدث أن تكونت علاقة حب بين فتاة إسترالية إسمها كيت لعبت دورها الممثلة ساسكيا سميث التي كانت تنتمي لجماعات الدفاع عن اللاجئين وكانت تتردد لزيارة المحتجزين والأبن همام وقد تكللت علاقتهما بالزواج ليتأكد متانة وعمق إنسانية عائلة العبادي وهزيمة الحكومة التي تعاملت معهم بعنصرية فرغم إحتجازهم في مخيم بأسوار عالية لكنهم أنتجوا هذه العلاقة الأنسانية الرائعة، لقد تضامن الكثير من المدافعين عن اللاجئين مع عائلة العبادي وبالتالي فأنهم وفروا مبلغاً للعائلة إستثمرته بعد عودتها الى سوريا للسفر الى نيوزلندا وحصولهم على اللجوء هناك ومالم يفشي به العرض أن والدة كيت كانت قد باعت بيتها لدفع تكاليف ثمن حصول عائلة العبادي على حريتها، فعائلة العبادي هي عائلة عراقية حقيقة وماعرضه المخرج المؤلف هو توثيق لهذه العائلة فقد كانت تتدفق أثناء العرض صورهم الفوتوغرافية الحقيقية لتأكيد أصالة الموضوع وواقعية الحدث.
لقد حشد المخرج وجوهاً أخرى معروفة للعب أدوار في المسرحية ككريستوفر بيتمان وتايريل مورا وحشد آخر من المبدعين في تصميم الأضاءة والديكور والصوت والأدارة. لقد وقف الجمهور يصفق طويلاً فكان ذلك تضامن جماعي مع عائلة جاسم العبادي العراقية وبالتالي فأن التصفيق كان للعراق الذي يشق طريقه الصعب لترسيخ حريته.



#هادي_ماهود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علم مؤقت لعراق دائم
- الحواسم حرب بقيادات ناقصة
- سعدي يوسف وعبدالأمير الدراجي عودة لعراق من ورد
- يحكى أني تعرضت لعملية نصب من قناة الجزيرة
- نداء
- السادي من ‏كانون الثاني‏‏ ‏‏ تاريخ غير مشرف


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هادي ماهود - بإسمنا .. قضية عراقية على المسرح الأسترالي