أتنكاويس اق مايسان
الحوار المتمدن-العدد: 2791 - 2009 / 10 / 6 - 17:22
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
تمنغست 05/08/2009
من الأمثال التي حفظناها واعتدنا على ترديدها هي عبارة ( زمار الحي ما يزهي ) أو ما قال الشعراء قديما مغني الحي لا يطرب ولعل ذلك من المحفوظات التي جعلتنا نغفل أو نتغافل أن أهمية القريب في تركيبتنا الاجتماعية دائما بعيدة عن المدار القريب لانشغالاتنا واهتماماتنا، وقد يسأل سائل لماذا؟ ... لأن المبدع الفلاني ابن الحي من نظري هو غير مبدع لأنه ابن وسطي وابن حي ولا يخرج من النار إلا الرماد... (من فلان ابن فلان) ،( آواه ما يعرف والو )،(فلانة ابنة فلان ما تعرف والو) وتظل سمة انتقاص المحلي والاستهانة بقدرته بحجة قلة المستوى أو انعدامه هي من الأمور التي نفلح فيها وبشكل كبير وتظل تلازمنا وتسبب لنا الكثير من الأرق.
ولإحالتنا على وضعنا المزري تجاه العالم لا بأس أن نقف على كلمة لمفكر العالم الاسلامي وفيلسوف حضارته في العصر الحديث الأستاذ مالك بن نبي الجزائري الذي لا يعرفه الجزائريون في كتابه :المسلم في عالم الاقتصاد (ص 08)يقول:<< فلإنسان الذي استسلم للتقليد في العادات والتقاليد والأذواق ،وبصورة عامة في تقليد ما يكتظ به (عالم أشياء شيده غيره) يصبح في المجال النظري مقلدا للأفكار التي صاغتها تجارب وخبرات غيره،فإذا ما عدنا لموقف نخبتنا المثقفة في المجال الاقتصادي،ترى هذه النخبة تقف مجرد موقف اختيار بين ليبرالية (آدم سميث و مادية ماركس)،كأنما ليس للمشكلات الاقتصادية سوى الحلول التي يقدمها هذا أو ذاك ،دون وقوف وعبرة عند أسباب الفشل أو نصف النجاح لخطط التنمية التي طبقت على أساس الليبرالية أو المادية في العالم الثالث ماعدا الصين بعد الحرب العالمية الثانية ).
إذن يريد الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله أن يحلنا أن عدم اعتمادنا على جهدنا المحلي من خلال مثقفنا المحلي هو ما جعل العالم الاسلامي لا يرتقي لمصاف الدول المتطورة ،والأمثلة عن ضرورة المحلي في الوصول للعالمي أو العالمية لا يحصيها مجال، لدينا في الدول مثلاً ماليزيا أما في مجال الأدباء و الشخصيات ثمة أكثر من مثال غابرييل غارسيا ماركيز من خلال روايته مئة عام من العزلة و الروائي المصري نجيب محفوظ الذي لم يخرج من خان الخليل و الروائي الليبي التارقي إبراهيم الكوني الذي عمل على فتح لغز الكون في اللغة المنسية ( أي اللغة التارقية).
إن الأزمة التي نعانيها كمجتمع و نعانيها كفئة مثقفة أو يفترض بها أن تكون مثقفة ما نراه من مظاهر الانقياد خلف الغير ... واعتبار ثقافتنا مجرد تخاريف لا يمكنها أن تحيل الى أي شيء ولا يشفع لها مع إصرارنا على عدم جدواها زهاء قرن من الزمن أو يزيد من اهتمام الباحثين و المستشرقين الغربيين اهتمام بلغ حد الإسهال و التكالب منذ الجمعية الإفريقية التي تأسست في بداية القرن الثامن عشر ودرست المجتمعات بتفصيل التفصيل الى درجة أنها دراستنا قبيلة فقبيلة و عشيرة فعشيرة و أحيانا وصلت لدراسة العائلات في المجتمعات المحلية .
وليس علينا إلا أن نطرح تساءلا عن الغاية من هذا الاهتمام ؟ هل هو شغلنا بكمامات وركا مات الأشياء التي صنعوها ويصنعوها والتي ما إن تدخلنا في انبهار ونفيق منه إلا ووقعنا في أخر ،وكما نعرف جميعنا أن الانبهار مرض ويصبح مرضا عضالا إذا استفحلتنا غيبوبته،فكيف بنا ونحن الذين لا نصنع حتى إبرة خياطة ملابسنا هل نستطيع أن نجابه أيديولوجية محصنة بكل مفكريها و مبتكريها ومحصنة بأشيائها وأفكارها وتعارفها المغرية البراقة ، ونحن لا نملك من الأسلحة سوى نيتنا الطيبة وإذا كنا لا نملك ذالك نملك سوء ظننا بكل شيء فيه رائحة الغرب... والآن أصبح مصطلح العولمة مصطلحاً متشعباً ولا يهمنا تشعبها المصطلحي بقدر ما يهمنا أن نقف على المفهوم المراد منا أن ننساق وراءه ، أو يراد لنا (وقد نريد)أن نعيش داخله كأن يصبح تفكيرنا نمطياً وعلى شاكلة واحدة أو يأخذ شرعيته من ثقافة البوب وتسارع العالم الغربي ... فهل الإنسان ابن لحظته وعلى كل شوارع المدن الكبرى الرئيسية والخلفية أن ترقص على البوب والروك اندروك وترتعش وتهتز لثقافة ألهيب هوب، ونعتاد على ترتيب المشاهير حسب مقاييس جريدة التايمز وبوسطن أو الحياة اللندنية ونقبل بعالم في ظاهره متناغماً ونقبل على تقبيل أيادي العم سام وما خفا هو أعظم فما هو إلا وجه من وجوه هذا العالم داعية السلام وحاميه ،أما الوجه الأخر من العملة هو عالم يأكل أكباده ويمزقها أيما تمزيق ونسترسل نحن وعلى غفلة منا في مدح منجزاته بعدما أوهمتنا أشياؤها التي نتمرغ في نعيمها أننا لا نستطيع أن نعيش بدونها وذلك هو الإلغاء التام للمحلية واعتبارها غير قادرة على الإنتاج ولا على التغيير ونروح ننهار على أنغام فشلنا الذي ألفنا معزوفته الدائمة وتلك نهاية الأمل في الرقي ، ذلك الأمل الذي وأدناه ....حياً...ودمعه يبلل خده .
الأمل في أن المحلية يمكنها أن تمر بنا للعالمية ويكون ذلك عندما لا نستهين بصنعة أيدينا....وما يمكن أن تقدمه لنا عقولنا إذا لم نستهن بأفكارها.
#أتنكاويس_اق_مايسان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟