|
هل يستطيع آلإنسان من إطالة عمره
محمد حيدر قاسم
الحوار المتمدن-العدد: 2791 - 2009 / 10 / 6 - 00:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ألإنسان كجميع آلكائنات آلحية له عمر محدد قد يطول أو يقصر طبقا لعوامل معينه يمكن دراسة بعضه ولكن من آلصعوبة تحديد جميعها. منذ آلقدم ولحد آليوم يحاول آلأنسان وبشتى آلوسائل آلممكنة من أن يجد لنفسه أكسيرا ليطيل به عمره ليعيش أطول فترة ممكنه ، فنجده يسعى وبجد من أجل ذلك ، تارة عن طريق آلبحوث آلعلمية وآلدراسات والتجارب آلمختلفة على الحيوانات وعلى بعض آلمتطوعين من آلبشر وبصورة سرية تامة ، وتارة أخرى عن طريق آلإعتماد على آلخرافات وآلسحر ، وقد وصل آليقين عند بعضهم فيعتقدون مثلا وبصورة راسخة وبآلإعتماد على معلومات من بعض كتب آلخرافات وأقوال آلمشعوذين بأن آلزئبق آلأزرق واللذين يعتقدون بوجوده بين آثار آلفراعنة في مصر قد يساعد على إطالة آلأعمار ومنهم من له آلإستعداد لدفع وحتى ملايين آلدولارات من أجل آلحصول على مقدار ضئيل منه للوصول إلى غايتهم آلمنشودة . وعلى مر آلعصور نسج ألأنسان من خياله ألكثير من آلقصص وآلحكايات آلإسطورية حول ألخلود وسرها ولا يخلو كتب آلتأريخ وحتى بعض من آلكتب آلدينيه آلمقدسه من قصص وروايات عن أشخاص قد عاشوا بحدود ألف سنة كسيدنا نوح ( ع ) ، يقال بأنه عاش مدة تعمائة وخمسون سنه . وبآلإستناد إلى آلأبحاث وآلكتب آلعلميه آلحديثة وآلقديمة لايمكن لجميع علماء آلعالم ولو بصورة نظرية من تحيق وحتى ربع هكذا أعمار للإنسان آلمعاصر في عالم آليوم. وعند دراسة جسم آلأنسان بصورة تفصيلية من آلناحيتين آلتكوينية وآلوظيفية وتقيم مدى قابليته على آلتأقلم مع آلظروف آلمحيطة به وكذلك عن كيفية وطرق مقاومته لمختلف آلأمراض وعلى مدى آلعصور ، نستنج من ذلك بأن آلإنسان ككائن حي ومستقل ومتكامل عبارة عن قسمين أساسين هما قسم مادي ملموس ، وهو عبارة عن كل ما يمكن لمسه باليد أو رؤيته بالعين آلمجردة أو عن طريق آلمجهر ، وقسم غير مادي وغير ملموس ومنظور ولكن من آلممكن آلأحساس به معايشتها وهي آلروح ، ولذا فإن آلأنسان عبارة عن معادلة متوازنه بين هذين آلقسمين فليس لأي قسم منهما آلقدرة على آلأستمراريه لوحده , فأي مؤثر من آلمؤثرات آلمرئيه واللامرئيه في آلطبيعة وآلتي قد تؤثر على أي قسم منهما ستكون لها آلتأثير ألمباشر على أستمرارية وجود ألأنسان ككائن حي وككيان مستقل .
بعض العلماء والفلاسفة يعتقدون بوجود جملة من العوامل وآلمؤثرات آلذاتية وآلخارجيه ومتفقون على تأثيرها آلمباشر وغير آلمباشر على آلإنسان و ديمومته ومن ثم على أطالة أوتقصيرعمره وأهم تلك ألعوامل هي : - ألوراثه أي ألعامل ألجيني. - ألمؤثرات آلمحيطة بالأنسان كالبيئه . - طبيعة معيشته وعاداته في ألأكل وألشرب أو أدمانه على آلمسكرات وألمخدرات والتدخين . - ألتهور في تصرفاته كحبه للمغامرات و قيادة وسائل ألنقل آلمختلفه وبسرعه وعدم أحترامه لشروط ألسلامه في حياته. هناك عامل مؤثر آخر قد يقلب كل آلموازين ويقضي وبضربة قاضية على كل آلنظريات وآلبحوث حول عمر آلإنسان وهذا آلعامل هو عامل الحظ أوالصدفه. فأحاول أن أتطرق وبإيجاز لكل عامل مما ذكرناه سابقا ، فلنبدأ بالعامل آلوراثي : ألدراسات آلعلمية آلحديثة أثبت بأن للوالدين تأثير مباشر على صحة وأعمار أطفالهم ، فمعظم ألأمراض ألوراثيه يمكن منع حدوثها وذلك بتجنب زواج آلأقارب وخاصة عند آلعوائل ذات آلأمراض آلوراثية ، وعلى أي حال من آلأحوال فعلى آلولدين واجب إجراء فحوصات جينيه في فترة آلحمل في حالة زواج آلأقارب أو في حالة وجود أمراض وراثيه عند عائلة أحدى ألزوجين ليضمنوا سلامة آلأطفال آلقادمين . هنالك أمراض وراثية متعددة ولها ألتأثير على صحة آلأنسان وفرصته للعيش بصورة طبيعية ، معظمها يمكن منع حدوثها بالطرق آللتي أسلفناها سابقا وأخص بعضها بالذكر مرض نقص ألدم ألوراثي( هيموفيليا) ، ثلاسيميا ، ألداء ألسكري , بعض أنواع أمراض ألقلب والأوعيه ألدمويه وآلأعصاب , أنواع من ألجلطات ألدمويه ، أمراض خبيثه وخاصة عند ألنساء ، وهنالك مئات من آلأمراض آلوراثية آلأخرى من آلصعب ذكر كل ذلك في هذه آلمقالة . وأما بالنسبة للمؤثرات ألمحيطه بالأنسان فيمكن خلاصتها كآلتلوث البيئي , ألحروب , ألكثافه السكانية , نقص ألخدمات آلصحيه وأنتشار آلأمراض وألأوبئه ونقص اللقاحات وآلعلاج اللازم , نقص آلغذاء والمجاعات , نقص أو تلوث مياه ألشرب ، آلعواصف وآلفيضانات وتعرض ألأنسان في مواقع عمله للتلوثات الشعاعيه أو الكيمياويه أو ألبايولوجيه أو الضوضاء و آلضغط آلعصبي والبدني وغيرها . ومن جملة تلك آلمخاطرآللتي يتعرض إليها آلإنسان في محل عمله ولها آلتأثير آلمباشر على صحته وعمره وهنالك أمثلة كثيرة على تلك ، فآلطيارون والعاملون على آلطائرات يتعرضون في كل رحلة طيران إلى كثافة عالية من آلإشعاعات آلضاره وآلمسببه للأمراض آلخبيثة بما تعادل وفي كل مرة جرعة إشعاع لإجراء أشعة مقطعيه ( CT Scan ) ، وأما آلأطباء وذو آلمهن آلصحيه فيتعرضون يوميا وبإستمرا ولشتى أنواع آلأمراض وذلك بحكم معايشتهم للمرضى في محل عملهم . هناك أعداد هائلة من آلعمال وخاصة في بلدان آلعالم آلثالث ولحد آليوم يتعرضون لمخاطر آلإسبست وآلذي يستعمل في آلبناء أو في بعض آلصناعات ، إذ يسبب لهم أمراض رئوية مزمنه وقد يصابون من جراء ذلك بأمراض خبيثه في آلغشاء آلرئوي وغالبا ماتؤدي بحياتهم . وماذكرناه من آلأمثلة لاتعادل سوى وبالكاد قطرة ماء من بحر آلمسبات آلمرضيه وآلمتعلقه بمهنة آلإنسان . هنالك بعض العادات آلمتعلقة بتناول آلغداء والشراب لها آلتأثير على إصابة آلإنسان بأمراض مختلفه وآلخبيثة منها ، فمثلا أثبتت آلبحوثات آلعلمية بأن أحتساء الشاي والقهوه بصورة ساخنة قد يسبب سرطان آلحنجره . يعتبرآلتدخين وبكل أنواعه وخاصة آلأركيلة والمنتشرة بكثافة في بلداننا من أهم آلعوامل آلرئيسية وآلمؤثرة على صحة وعمر آلإنسان فمضارها آلأساسية كسرطان آلرئة وآلحنجرة واللسان وبآلإضافة لألتهاب آلقصبات آلهوائية آلمزمن وأنواع مختلفة من أمراض آلجهازين آلتنفسي وآلهضمي معروفة عند آلكثيرين ، وللتدخين أيضا علاقة جوهرية بأمراض أخرى كالجلطات بمختلف أنواعها منها آلدماغية وآلقلبيه أو في آلأوعية آلدمويه آلمحيطية ، لأن آلمدخنون يفقدون كفائتهم ولياقتهم آلبدنيه ويشعرون بآلأجهاد آلمبكر، فيضطرون من آلحد من فعاليتهم آلبدنيه ، ويعد هذا عاملا أساسيا لتكوين آلخثيرات آلدمويه والمسببة للجلطات . وللنيكوتين آلموجود في آلتبوغ تأثير مباشرعلى تضيق إلأوعية آلدموية وخاصة آلمحيطية منها مسببا عجز في آلحركة وآلام آلمزمنة . وأما بالنسبة لمضار آلكحول فمعروفة علميا علاقتها آلمباشرة بمرض آلتشمع آلكبدي المسبب لعجز آلكبد وآلإغماء آلكبدي وآلموت ، ولها مضار متعددة أخرى كثأثيرها على آلدماغ ومعظم أجهزة آلجسم آلأساسيه ، وآلجدير بالذكربأن أكثر جرائم آلقتل وحوادث الطرق آلمميته سسبها آلكحول . وبآلأستناد عما ذكرناه عن التدخين وآلكحول بأن مضارهما إختياريا وقابل للإجتناب وللأنسان حرية آلأختيار من قبول أو رفض هذا ألعامل ألمؤثرةعلى صحته وعمره . تعد آلمغامرات وآلتهورات وقيادة وسائل آلنقل من دون مراعات شروط آلسلامه من آلعوامل آلإختياريه وآلقابلة أيضا للإجتناب ، فيمكن للإنسان وبملأ إرادته أن يزيلهم مخاطرهم عن نفسه . ألمواطن آلعراقي في عراق آليوم وإن كان حاملا لآحسن آلعوامل آلوراثيه ومارس أنظف آلأعمال ووفر لنفسه أفضل أنواع آلأكل وآلشرب فلا يمكنه من تجنب تأثيرآلتلوث آلبيئى آلناجم عن آلحروب آلمختلفه وحرق آبار آلنفط و وتجنب خطورة آلعواصف آلرمليه آلناجمة بسبب آلتصحر وحرق وقطع آلملايين من آلأشجار وخاصة آلنخيل وتجفيف آلأهوار ومشاكل بيئية أخرى لاتعد ولاتحصى . ولنفرض إفتراضا غير واقعيا بأن أستطاع هذا آلمواطن من أجتناب كل العوامل آلبيئية وآلتلوث فهل بإستطاعته إن يضمن عدم سقوط قذيقة على منزله أو تفجير سيارة مفخخة بالقرب منه ، وحتى لو نجى من كل ذلك فمن يضمن عدم إختطافه وذبحه . وأما آلمواطن آلعراقي في آلعهد آلسابق فما كان له أي ضمان ليرى شروق آلشمس في غده آلمجهول لأن آلنظام كان آلآمر آلناهي لحياة وأعمار آلعراقيين . في يوم ربيعي في عام ١٩٨٢أستدعى أجهزة أمن آلنظام آلسابق آخي علي لأستجوابه لأمر بسيط على قول زوجته ولم نسمع عنه شيئا سوى حصولنا وبالكاد وبعد سقوط آلنظام في عام ٢٠٠٣ وبعد بحث دئوب وجدنا إسمه في سجل آلمعدومين في عام ١٩٨٤ومن دون أي أثر لمحل دفنه .فلولا عامل سوء آلحظ لكان آلمرحوم أخي حي يرزق لأنه كان له كل آلشروط أللازمه آلمتوفرة لضمان طول آلعمر ، وهذا آلمثل ينطبق على مئات آلآف من آلعراقيين وآللذين قضوا نحبهم أما معدومين أو قتلى في ميادين آلقتال أو مدفونين وهم أحياء في أحدى آلمقابر آلجماعية آلمنتشرة في عموم آلعراق ,أو تعرضوا للقصف بآلقنابل آلكيماويه وحملات آلأنفال آلمشؤمة ، أو قضوا تحبهم في آلطرق آلجبلية آلوعرة وعلى حقول آلألغام بعد تسفيرهم آلقسري من بلدهم . ولي مثال حي عن المغامرون وآلمتهورون فمثلا لو كان آلمقبور صدام شخصا عاديا وغير متهور ومغامر لأصبح واحدا من آلمعمرين لأن عند إعدامه كان شيخا سبعينيا وكان بنشاط جسدي وعقلي قلما نجده عند آلآخرين وبنفس عمره ، فقد كان له عوامل وراثيه جيده ووفر لنفسه جميع شروط آلسلامه ولكن تهوره وغباءه قد وضعت حدا له وضاعت منه كل عمره إسوة بآللذين أنهى أعمارهم ظلما .
لجميع حكومات آلدول آلمتحضرة خطط مستقبليه لإطالة أعمار آلمواطنين وذلك بتخصيص مبالغ ضخمة من ميزانية آلدوله لخدمة آلبحوث آلعلمية ولإيجاد أدوية جديدة لعلاج آلأمراض آلمختلفة وسعيهم لتوفير أحسن آلظروف آلمعيشية للمسنين كبناء دور رعاية مجهزة بأفضل آلخدمات وتشجيع آلأطباء ليتخصصوا بأمراض آلشيخوخة وتخصيص أقسام خاصة ومتطورة لهذا آلغرض . وكم سعدت بلقائي بوزير آلصحة لأقليم كردستان آلعراق قبل فترة وجيزة عندما كان في زيارة إلى ستوكهولم وعند معرفته بتخصصي كمتخصص لأمراض آلشيخوخه قال لي بأنهم غير محتاجون لتخصصي في آلعراق ، ليس بسبب إكتفائهم آلذاتي وإنما بسبب قلة آلمعمرين في آلعراق ، فأندهشت منه وكما يبدوا بأن آلعراق بكافة أقاليمه ومن ضمنها أقليم كردستان آلمتحضر لايعيرون للشيخوخة أي إعتبار ولايوجد أي برنامج لديهم للإهتمام ومعالجة أمراض آلمسنين وإطالة أعمارهم علما بأن آلوزير آلمذكور طبيا متخصصا من أحدى آلدول آلأوربيه .
#محمد_حيدر_قاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يعطي للمهجرين حقوقهم في آلعراق آلحديث
-
شهادة الجنسيه والعراق الحديث
-
ألعنف وأسبابه في عراق أليوم
المزيد.....
-
شركتا هوندا ونيسان تجريان محادثات اندماج.. ماذا نعلم للآن؟
-
تطورات هوية السجين الذي شهد فريق CNN إطلاق سراحه بسوريا.. مر
...
-
-إسرائيل تريد إقامة مستوطنات في مصر-.. الإعلام العبري يهاجم
...
-
كيف ستتغير الهجرة حول العالم في 2025؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي في عملية إطلاق ن
...
-
قاض أمريكي يرفض طلب ترامب إلغاء إدانته بتهمة الرشوة.. -ليس ك
...
-
الحرب بيومها الـ439: اشتعال النار في مستشفى كمال عدوان وسمو
...
-
زيلينسكي يشتكي من ضعف المساعدات الغربية وتأثيرها على نفسية ج
...
-
زاخاروفا: هناك أدلة على استخدام أوكرانيا ذخائر الفسفور الأبي
...
-
علييف: بوريل كان يمكن أن يكون وزير خارجية جيد في عهد الديكتا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|