|
اليونان / من رئيس للوزراء الى مواطن عادي
سيمون خوري
الحوار المتمدن-العدد: 2790 - 2009 / 10 / 5 - 20:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وهكذا في أقل من ساعات ، تحول رئيس الوزراء اليوناني السيد كوستا كرامنليس من رئيس للوزراء الى مواطن عادي ، ونائب لحزبة في البرلمان . بل ومن قصر ( زابيون ) هنأ رئيس الوزراء الجديد السيد جورج باباندريو على إنتخابه ، وفوز حزبه في الإنتخابات البرلمانية التي جرت يوم الأحد في الرابع من الشهر الجاري . وحاز فيها ( الباسوك ) عى 160 مقعداً من مجموع 300 مقعد نيابي . والخطوة التالية هي إنتخاب البرلمان لرئيس جديد للجمهورية ، وقد يجري التمديد للرئيس الحالي السيد بابولياس بإعتبار يجوز له ولاية ثانية فقط لمدة أربع سنوات أخرى . لم تكن هناك لجان مراقبة دولية ، ولم يطعن الخاسر في النتائج ، ولم يدلي أحداً من مجموع الأحزاب 17 حزباً المشاركة في الإنتخابات ما يشتم منه نقداً لسير العملية الإنتخابية ، ولم يستغرق فرز الأصوات سوى ساعات قليلة فقط ، وليس أياماً ، ولم تختفي صناديق الإقتراع ، ولم تعتدى أجهزة الأمن على مواطن ، او منعه من التصويت . ولم تنقل جثث الموتى لكي تدلى بصوتها من الآخرة . ولم تصادر الأقنية التلفزيونية لصالح حزب الرئيس ، وتلميع وإخفاء فضائحة ، ولم يجبر أحد على قول نعم . إنه الفارق بين الديمقراطية ، وبين تعهير الديمقراطية ، وإغتصابها بقوة القمع والنص الشرعي أو القانوني . فعندما يتحول القانون الى قطعة بلاستيك قابلة للشد حسب القياس ، ورغبة الحاكم . و يصبح الحديث عن الديمقراطية في العالم العربي كفراً بالذي خلق الديمقراطية . ترى هل يمكن أن يحدث هذا في العالم العربي ..؟ براكليس الأغريقي القديم كان أول من أقام دولة ديمقراطية تعتمد الإنتخاب الحر ، لكن في عالمنا العربي الحاكم هو مخترع الديمقراطية . في كافة بلدان العالم بإستثناء العالم العربي ، هناك نظام تعددي ، وآلية تداول للسلطة ، لأن الديمقراطية تتطلب أولاً توفر الحرية ، والحرية ، تعني حرية التفكير والإنتماء ،والعقيدة ، المستندة الى مبدأ المساواة المواطنية بين الجميع ذكراً أم أنثى ، وعلى العدالة الإجتماعية ، والتسامح الديني في مجتمع متعدد الثقافات . حرية نقد الحاكم ، حرية نقد الموروث ، حرية القول ، حرية الكلمة . ترى هل يوفر النظام العربي مقومات الديمقراطية هذه ..؟ وهل يوفر نظام التفكير الديني الإحادي النظرة هذه المستلزمات ..؟ الدولة القوية تحتاج الى إنسان ديمقراطي ، وليس الى إنسان خانع ، قدري ، إتكالي ، مسلوب الفكر والتفكير ، بحجة الممنوع من النقد . رئيس الوزراء السابق السيد كرمنليس لم يكتفي بتقبل هزيمته بروح ديمقراطية ، بل أعلن إستقالته من رئاسة الحزب ، وطالب بعقد مؤتمر طارئ لحزبه لمناقشة المرحلة القادمة وإختيار رئيس جديد للحزب . وتحول رئيس الوزراء الى مواطن عادي في حزبه .. هذا نموذج من ديمقراطية الغير . الحاكم الذي تتجاوز مدة حكمه ثمان سنوات أو دورتيين متتاليتين ، هو حاكم مغتصب للسلطة . علماً ان القانون في بلاد العالم الأخر، لا يسمح لأكثر من دورتين .. فما بالك نحن في عالمنا العربي ليس فقط الرئيس .. حتى الرفيق ( الدكتاتور ) الأمين العام هو نسخة مشوه عن الرئيس الحاكم . ومع ذلك تتغنى الأنظمة العربية بديمقراطيتها ، ويصفق لها طرباً كل الأحزاب التي ساهمت بتعهير الديمقراطية وتحويلها الى مومس رخيص في سوق بغاء النظام السياسي العربي . والمواطن المسكين ليس له سوى الصبر وإنتظار الفرج ممن لا فرج منه . خسر الحزب الشيوعي مقعداً وخسر اليسار مقعدين ، وخسر الحزب الحاكم سابقاً ( الديمقراطية الجديدة ) خمسون مقعداً . وربح أقصى اليمين أربعة مقاعد بفضل الجاليات الإسلامية العظيمة التي قدمت له المادة الإعلامية المطلوبة ، وعرف كيف يعزف على وتر الخوف من الأجانب ، الجميع فهم المعادلة واللعبة السياسية .لكن أحداً من الجاليات الإسلامية لم يستوعب الدرس ، بكل بساطة لآن الأمية السياسية والحضارية عنوان هكذا جاليات حملت معها موروثها ، ولم تستفد من فرصة وجودها في الغرب لكي تتعلم معنى إحترام الرأي الأخر ، ومعنى التسامح الديني والمساواة الإجتماعية . لا أحد يطالب هؤلاء بالتخلي عن عقائدهم ، بل بالتخلي عن أدران التخلف وعقلية الغيتو . اليونان الان اعطت السيد بباباندريو صوتها ، مطالبة بالتغيير ، والوفاء ببرنامجه الإنتخابي ، وأمام باباندريو الفرصة الذهبية لتحقيق التغيير لأنه يستند الى أغلبية مطلقة في البرلمان ، هناك أمل ، في تجنيب محدودي الدخل والفقراء دفع المزيد من فاتورة التوحش الرأسمالي ، وعلى كلا الحالات فإن المواطن سيراقب من الآن آداء حكومته الجديدة . أما في بلدان العالم العربي النائم على صوت صهيل الخيول ؟، وقرقعة السيوف والرماح ، ومعلقات عكاظ ، فإن يوم القيامة لم يحن بعد .
#سيمون_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الحضارة السومرية .. حتى الألهه كانت تعلن الإضراب عن العمل
...
-
الحوار التفاعلي الديمقراطي في الحوار المتمدن
-
هل كان موسى ( نبياً ) حقاً ؟ وهل إنتحلت شخصية أخرى شخصية ( م
...
-
نظرية الصدمة في الفكرة الدينية الإنقلابية
-
أخناتون قائد أول إنقلاب في التاريخ على الديمقراطية
-
من مادوف حزب الله الى السعد والريان
-
170 فنان تشكيلي من 36 بلداً يعلنون تضامنهم مع الشعب العراقي
...
-
ماراثون الإنتخابات البرلمانية المبكرة في اليونان
-
العالم العربي -إيران - تركيا/ أزمة البحث عن الهوية والمستقبل
...
-
العالم العربي - إيران - تركيا / أزمة البحث عن الهوية والمستق
...
-
العالم العربي - إيران - تركيا / أزمة البحث عن الهوية والمستق
...
-
العالم العربي - إيران - تركيا / أزمة البحث عن الهوية والمستق
...
-
العالم العربي - إيران - تركيا / أزمة البحث عن الهوية والمستق
...
-
وداعاً للسلاح ..وأهلاً ياجنيف..؟
-
الى العلمانيين والمؤمنيين والديمقراطيين والليبراليين/ لنتضام
...
-
لم يولد الإنسان لكي يبقى طفلاً ..؟
-
دعوة الى فض الإشتباك اللفظي/ والعودة الى الحوارالمتمدن الديم
...
-
صورة الزعيم حتى في غرف النوم / بإستثناء مكان واحد فقط..؟
-
دور أجهزة الأمن في ترهل النظام السياسي العربي
-
أزمة المواطنة في العالم العربي. مواطن درجة أولى ..ومواطن درج
...
المزيد.....
-
محكمة روسية تبدأ النظر في قضية -الخيانة- ضد راقصة باليه مزدو
...
-
خبيران يكشفان لـCNN ما -أذهلهما- بزيارة بوتين إلى كوريا الشم
...
-
عدد الحجاج المتوفين يتجاوز الألف معظمهم غير مسجلين
-
رئيس الوزراء الفيتنامي يعلق على زيارة بوتين
-
سيئول تحتجز سفينة شحن بدعوى انتهاكها العقوبات الدولية على كو
...
-
-بوابة العالم السفلي- تعود إلى موطنها بعد اختفاء محير لأكثر
...
-
محكمة سويدية تبرئ ضابطا سوريا سابقا من جريمة حرب
-
أوكرانيا بلا كهرباء والولايات المتحدة توقف طلبيات -باتريوت-
...
-
مجلة أمريكية تنصح أوكرانيا وحلفاءها بالتنازل عن الأراضي التي
...
-
علماء: أكبر إعصار في النظام الشمسي على وشك الاختفاء والأرض ا
...
المزيد.....
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
المزيد.....
|