أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مشير سمير - معايير النضج النفسي (6) - التفكير الصحيح والسليم















المزيد.....



معايير النضج النفسي (6) - التفكير الصحيح والسليم


مشير سمير

الحوار المتمدن-العدد: 2789 - 2009 / 10 / 4 - 14:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في هذه المحاضرة أقدم بعض أهم مبادئ التفكير الناضج والمتزن والتي يٌقاس عليها تفكيرنا، وهي مأخوذة من فروض د. ألبرت إيللس عن نظريته في "العلاج العقلي الانفعالي"(1) (مع تعليقاتي الخاصة)


1- الفكر يخلق الشعور:
أي أن المشاعر وبالتالي السلوك (التصرفات) تنبع وتنتج من الاتجاهات الفكرية والقيم والمعتقدات الأساسية. فرؤية الإنسان الخاصة للأحداث هي التي تسبب ردود أفعاله الانفعالية وسلوكياته الخارجية، وليست الأحداث في حد ذاتها. كما يقول الفيلسوف الروماني إيبكتيتس: "إن ما يجعل عقول الناس تضطرب ليس الأحداث وإنما حكمهم علي الأحداث." عام 100 م

( أ )ــ تمر خلال ــ( ب )ــ فتحدث ــ( ج )
حيث ( أ ) هي الأحداث
( ب ) منظومة التفكير
( ج ) المشاعر والاستجابات


وبالتالي فإن الحالة المزاجية تعتمد علي الفكر، وعلي ما يقوله الإنسان لنفسه شعورياً ولا شعورياً، ولذا يقول الرسول بولس (فيلسوف المسيحية): "كل ما هو حق كل ما هو جليل كل ما هو عادل … في هذه افتكروا" (الرسالة إلى أهل فيلبي4: 8) لأن ما نفكر فيه يؤثر على ما سوف نشعر به وما سوف بالتالي نفعله. إذن فسعادة الإنسان تتوقف علي أفكاره وشقاء الإنسان أيضاً يتوقف على أفكاره. كما قال حقاً بليز باسكال "إن مجد الإنسان في عقله وشقاء الإنسان أيضاً في عقله."
وهذه الحالة المزاجية تتحكم في كمية الطاقة النفسية التي يمتلكها الإنسان للحياة. أي أنني عندما أشعر بالتعاسة والاكتئاب لا أجد أي طاقة للحياة والتحرك والإنجاز، مما يؤثر حتى علي طاقتي الجسمية وسلوكي وتصرفاتي.

2- العملية اللفظية (الجمل والكلمات) والعبارات الذاتية تؤثر علي المشاعر والسلوك:
قام أحد المدرسين في إحدى الجامعات الأمريكية بتجربة بسيطة يؤكد فيها كيف تهيمن اللغة على العقل البشري وبالتالي تلعب دورا في تحديد قدراته، كالتالي:
لجأ إلى طلابه واستخدمهم كعناصر لتجربته، فقسمهم دون علمهم إلى مجموعتين. قال للمجموعة الأولى: "لديكم مشروع من يقوم به سأضيف له عشرة نقاط على الدرجة النهائية. المشروع هو إجراء مقابلة مع ثلاثة شخصيات "يستحيل الوصول إليها" كبيل كلينتون أو بيل غييت أو جينفير لوبيس".
وافق 6 طلاب من أصل 30 طالبا على القيام بالمشروع، لكنهم عادوا بعد المدة المحددة دون أن يحققوا أي هدف.
وقال للمجموعة الثانية: "لديكم مشروع من يقوم به سأضيف له عشرة نقاط على الدرجة النهائية. المشروع هو إجراء مقابلة مع ثلاث شخصيات "يكاد يكون الوصول اليها مستحيلاً". وافق 17 طالب من أصل 30 على القيام بالمشروع وعاد عشرة منهم بعد أن أجروا المقابلة!!

لابد أن نعرف أننا نفكر ونضع تفكيرنا في جُمل وعبارات لفظية، غالباً أوتوماتيكية، نقولها لأنفسنا.
وحديث الإنسان الذاتي عن نفسه – سواء كان واعياً به أو غير واعياً – يؤثر ويغير في مشاعره وسلوكه سلبياً أو إيجابياً حسب نوع هذا الحديث وأسلوبه (ليس المحتوى فقط بل الشكل أيضاً ، كالسخرية مثلاً)، كما قال سليمان الحكيم: "لأنه كما شعر (فكر) في قلبه هكذا هو" (أمثال سليمان 23 : 7)
مثال: شخص أخفق في الحديث أمام الناس من قبل، يقول لنفسه:
"هه، مفيش فايدة، (1) عمري ما هأعرف أتكلم، لو إتكلمت قصاد الناس أكيد (2) كلهم هيضحكوا عليّ. وفعلاً هو ده اللي حصل لما راعي كنيستي (5) قال أنه يفضل إني أمسك شغل الكمبيوتر بتاع المخيم الصيفي أفضل! أنا عارف (6) هم مش عايزيني أكون معاهم بعد كده في المعسكر ده"
فالإحساس بالفشل لدى هذا الشخص اليوم لا ينبع من فشله في الماضي بل مما قاله لنفسه عن فشله في الماضي.
لكي نتغير لابد وأن يتغير حديثنا الذاتي من عبارات هدامة هلامية خاطئة إلي عبارات دقيقة ومنطقية، خالصة من أخطاء التفكير الستة التي تكلم عنها كل من إيللس و أرون بك (الرائد الثاني للعلاج المعرفي) والتي نرى أمثلة لبعض منهم في الحديث الذاتي السابق، وهم:
1- المبالغة (التضخيم/ التقليل).
2- التعميم والعنونة.
3- حتمية اللوازم/ الاستحالات.
4- جمود التفكير (التفكير ثنائي القطب "إما .. أو"، "أبيض أو أسود" – المطالبة الآمرة – المطلقية – التفظيع - التفكير السلبي "استبقاء كل ما هو سلبي وحذف كل ما هو إيجابي").
5- سوء التفسير، قراءة فكر الآخر.
6- القفز إلى الأحكام والخلاصة السريعة، والحكم السلبي على المستقبل.

مثال آخر:
تقول (ص) بعد أن قال لها صديقها، الذي كانت على علاقة به، أنه يحترمها جداً ولكنه لن يستطيع أن يرتبط بها وأنها فقط ليست الشخص المناسب له، تقول:
"مفيش فايدة، مش هأقدر أعيش من غيره (1) .. عمري ما هلاقي حد ثاني يحبني (6).. مش ممكن يسيبني كده! هو لازم يرجع لي (3). لو مرجعليش أنا هأموت (4) .. هأنتحر. مش قادرة أتصور إني ممكن اعيش من غيره .. استحالة (3)، دي تبقى نهاية حياتي (1).
أنا عارفة إنه بيحبني.. هو بس زعلان شوية من مكالمة إمبارح.
مفيش فايدة، أنا عارفة إني وحشة ومفيش حد ممكن يحبني(2). أنا عارفة إن كل الناس(2) بيكرهوني (6)"

أشياء تساعد الإنسان علي اكتشاف حديثه الذاتي:
الخلو إلي النفس والتفكير الهادئ في الذات – كتابة المذكرات – التحدث مع صديق مخلص أو مشيرُ (معالج نفسي) كفء.

3- الوعي والفهم (الإستبصار Insight)، وملاحظة الإنسان لتفكيره، أمور تؤثر علي التصرف وتغيير السلوك:
الإنسان لديه القدرة علي التفكير بطريقة تراكمية تصعيدية (يفكر فيما يفكر فيه، ثم يفكر في تفكيره فيما فكر فيه، وهكذا)، كما عبرت عنها ببراعة الكاتبة المصرية شيرين أبو النجا على لسان بطلة روايتها "خيانة القاهرة" حين تقول: "فجأة تذكرت أمي وبكاءها وأنا أودعها (قبل سفري)، وتذكرت تقلصات وجهها التي تسبق البكاء، فبدأت أبكي من أجلها، ثم بدأت أبكي لأنني أبكي .. ثم أنتبه إلى كل هذا الرثاء للذات فيزداد البكاء."(2)
مثال: بعد موقف قاس متكرر لم تستطع أن تعبر فيه عن نفسها، تتأفف (س) قائلة لنفسها:
1- "مفيش فايدة، مش هأقدر أتكلم، والموضوع هيعدي زي كل مرة. أف" وهذه العبارة هي فكرة اكتئابية تقولها (س) لنفسها.
2- ثم تنظر (س) إلى ما قالته لنفسها حالاً وتفكر فيه قائلة لنفسها:
"ها أنا أفكر بسلبية (أستسلم للسلبية) مرة أخرى"
3- فتكتئب أكثر وتقول لنفسها:
"طبعاً دلوقت هأروح مكتئبة، وأقعد لي بقى يومين في الاكتئاب والقرف ده."
وهنا نرى أن (س) تكتئب أكثر حين تفكر في تفكيرها السلبي هذا، وليس في فكرتها الاكتئابية الأولى.
4- فتستأنف (س)، حين تنظر إلى اكتئابها التراكمي هذا، قائلة لنفسها:
"ديه حاجة تزهق، كل مرة نفس القصة (تقصد – دون أن تعي- تصاعد اكتئابها وتملكه منها)، أنا قرفت من نفسي"
- وحين تنظر (س) إلى فكرتها الرابعة مركبة الاكتئاب هذه، تكتئب أكثر وهكذا.
وهنا نرى أن ازدياد الوعي عند الإنسان بما يدور داخله يصنع اعتراضاً لتصعيد عملية التفكير السلبية التي تحدث داخله مما يغير السلوك. ودون هذا الاعتراض يستمر التفكير السلبي في عمليته التصاعدية.
مثال: لو لاحظت (س) "وقفشت" نفسها وهي تكرر العبارات السلبية عن نفسها بعد أن فهمت (وهذا هو الوعي الجديد) خطأ تفكيرها هذا، فإن إمساكها لنفسها هنا يوقف الطريق أمام عملية تصعيد التفكير السلبي وازدياده.

وهنا يضيف إيللس شيئاً جديداً هاماً؛ وهو أن الإنسان لا يستطيع أن يحتفظ بفكرتين متناقضتين بداخله في ذات الوقت، إذا وعي لهما بوضوح، فإذا وصل إلينا وعي بفكرة صحيحة مضادة لفكرة خاطئة بداخلنا يحدث صراع داخلي يجعلنا نضطر أن نختار الاحتفاظ بواحدة ورفض الأخرى لفض الصراع الداخلي والتخلص من التوتر الناشئ عنه. وربما هذا ما يشرح لنا صعوبة عملية التغيير ولماذا لا يستطيع أن يلتزم بها الكثيرين، وهو ما أيضاً ما يشرح سطحية أسلوب "قوة التفكير الإيجابي" وعجزه عن إجراء التغيير.
وهذا نرى تطبيق آخر في صميم تجديد الذهن الذي يقود إلي النمو والتغير عن طريق رفض "خلع" القديم واعتناق "لبس" الجديد، هذا إذا قبل الإنسان تبني الجديد. لأنه من الممكن أن يرفض الإنسان الجديد "الصحيح" لعدم قدرته على تحمل صعوبته، فيضحي به (يسقطه) لفض الصراع الداخلي وإنهاء حالة التوتر (يريح دماغه).
وهنا نرى أهمية التنبير الشديد علي القراءة والدراسة، فالدراسة والمشورة يلعبان دوراً أساسياً في الوعي والاستبصار.
وبالطبع لابد أن ندرك أن عملية الوعي والتغير "رفض القديم وتبني الجديد" لا يكفي حدوثها مرة واحدة، بل لابد من تكرارها لمواجهة الاعتياد السلبي "سواء في الفكر أو في السلوك" الذي قد تكون لسنوات، وتشكيل حصار متكرر عليه من عدة جهات، وهذا يعني استمرار ممارسة التغير عن طريق الفهم والاستبصار، فإنهاء الاعتياد أو كسر العادة لا يأتي إلا ببناء عادة بديلة.

4- التصور والتخيل، والتوقع يؤثروا في المشاعر والسلوك سواء للأفضل أو للأسوأ:
التصور والتخيل هما إحدى خصائص الفكر وليس المشاعر، ولهم نفس تأثير الجمل الذاتية في اضطراب الإنسان واتزانه. فالتخيل هو أسلوب تفكير ولكن غير لفظي.
مثال: عندما يتخيل أو يتوقع إنسان ما وهو في البيت أنه عند ذهابه للعمل في اليوم التالي سوف يسخر منه زملاؤه، بسبب موقف خاطئ ساذج يدعو للسخرية بدر منه بالأمس، ومن ثم يتصورهم وهم يتبادلون الهمسات ويطلقون النكات عليه، فلابد وأن تكون مشاعره وتصرفاته بالتالي سلبية علي ضوء هذا التخيل أو التوقع.
والعكس صحيح: فعندما يتخيل هذا الشخص نفسه ذاهباً للعمل في اليوم التالي بابتسامة وثقة، ويتصور نفسه يضحك مع زملاؤه علي غرابة ما حدث منه من خطأ في العمل، فلابد وأن تكون مشاعره وبالتالي تصرفاته أكثر إيجابية علي ضوء هذا التخيل.
أيضاً يضيف إيللس قائلاً إن الناس يغيروا من أفكارهم ومشاعرهم وتصرفاتهم بحسب تخيلهم وتوقعهم لما يريده منهم الآخرون رغبة في إرضاء الآخرين وتوفيه ما قد جعلوا منه مطالب لهؤلاء الآخرين ولو علي حساب رغباتهم الخاصة أو حتى إلي درجة تشويه وتزييف الحقائق وذلك من أجل الحصول علي الانسجام والتوافق مع الآخرين.

5- الفكر يؤثر علي الإرتداد/ العائد البيولوجي Bio-feed back ويتحكم في العمليات الفسيولوجية ووظائف الأعضاء:
مثل: عمل عضلة القلب، سرعة التنفس، معدل النبض، الإثارة الجنسية، التغيرات الكيميائية للجلد، الإحساس بالألم، والعديد من الوظائف اللاإرادية للجهاز العصبي المركزي والطرفي "غير المركزي"، مما يولد العديد من الأمراض النفسجسمية نتيجة للتفكير الإكتئابي والتفكير القلق "كأشهر أمثلة للتفكير السيئ".

6-إن كماً كبيراً من الاضطراب النفسي ينشأ لدى الإنسان من العزو "الإنساب" الخاطئ لمشاعره وسلوكه لعوامل خارجية "الناس – الأحداث":
وذلك بناء علي الاعتقادات الخاطئة لدى الإنسان بأن سعادته سوف تتحقق بناء علي إمداد خارجي "حب شخص آخر له، إنجاز ما يفعله، شئ يحصل عليه، .."
ومن الاعتقاد الخاطئ بأن زمام التحكم في قراراته وتصرفاته ليس في يديه بل في أيدي الأحداث والظروف الخارجية وتصرفات الآخرين. وعليه فإن سعادته ليست في يديه بل في يد عوامل خارجية.
وهنا يجدر بنا الاستماع إلى القديس أغسطين (فيلسوف المسيحية بالعصر الوسيط) حين يقول في اعترافاته الشهيرة:
"ليست خيراتي (سعادتي) خارجية عني ولست أبحث عنها تحت هذه الشمس بعينين جسديتين، الذين يزعمون أن باستطاعتهم أن يجدوا غبطتهم (سرورهم) خارجاً عنهم، يسيرون بسهولة نحو الفناء ويضيعون في المرئيات التي لا تلمس منها أفكارهم المتضورة جوعاً سوى الصور."
وهو نفس ما يقوله راهب القرن الخامس عشر توما الكمبيسي في كتابه الأشهر (الاقتداء بالمسيح 3: 27): "ولن يدوم لك سلام تستمده مما حولك، ما لم تؤسسه على استعدادات قلبك، فقد تغير مكانك لكنك لن تحسن حالك."
أيضاً يقول لنا العالم الفرنسي بليز بسكال (الأب الروحي للكمبيوتر): "السعادة لا توجد في ذواتنا ولا في الأشياء الخارجية، بل في الله وفي أنفسنا كمتحدين به."
وفي مقدمة تعليق أحد الشراح لرسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي (وهي تُسمى رسالة الفرح) وقد كتبها بولس وهو معتقل في روما يقول لنا المعلق في التفسير التطبيقي: "تثير كلمة (سعادة) في نفسي ذكريات فتح الهدايا صبيحة عيد الميلاد، أو السير يداً بيد حبيب، أو تلقي مفاجأة طيبة في عيد ميلادك، أو الاستجابة بضحكة مجلجلة لمشهد كوميدي، أو قضاء عطلة في مكان جميل ساحر. وكل إنسان ينشد السعادة فكل حياتنا هي جرى وراء هذا الهدف المراوغ، فنصرف الأموال، ونقتني أشياء، ونسعى إلي اختبارات جديدة. ولكن إن كانت السعادة تتوقف علي ظروفنا، فماذا يحدث عندما تصدأ لعباتنا، ويموت أحبائنا، وتضعف صحتنا، وتسرق أموالنا، وتتفرق جماعاتنا؟ تطير السعادة ويخيم اليأس. يمكننا أن نستمتع بالفرح حتى في وسط الصعاب، والفرح لا يأتي من الظروف الخارجية، بل من القوة الداخلية"

7- الناس يملكون اختيار التغير:
حتى وإن لم تكن حرية الاختيار/ الإرادة خالصة أو مطلقة 100% للإنسان، إلا أنها كافية جداً لكي يختار الإنسان أفعاله وتصرفاته ويصنع اختياراته ويوظف كل طاقاته تجاه ما يختار Locus of control. إذاً يستطيع الإنسان أن يختار أفكاره وبالتالي مشاعره، أي أنه "بكلمات أخرى" يختار الاضطراب النفسي أو التخلص منه. وهذا تماماً ما رأيناه في فيكتور فرانكل حين اختار أن لا ينهي حياته بيده بل أن يتمسك بها حتى وهو في المعتقل النازي، فهذا الاختيار منه جعله داخلياً أكثر حرية ربما من سجانيه.

يقتبس إيللس من بروفسور علم النفس بجامعة ستانفورد فيليب زيمباردو (1973)، و الذي يقول:
"حينما يوافق الناس علي لعب دور السجين لدى شخص آخر، فهم كثيراً ما يحدوا أنفسهم بطريقة غير صحيحة. ففي المواقف الاختيارية، كالزواج، الكثيرون منا يختاروا أن يبقوا مساجين، إذ أن السلبية والإعتمادية تعفينا من الاحتياج إلي التصرف بطريقة نكون فيها مسئولون عن أفعالنا".

إذاً نحن نفقد حريتنا بإرادتنا ونتنازل عنها حينما نجعل حياتنا موقوفة علي شخص أو شئ آخر (سوى الله). وهذا في حد ذاته معتقد فكرى خاطئ (وهو ما تكلمنا عنه في الفرض السابق) يجعل أفكارنا ومشاعرنا وبالتالي قراراتنا أقل حرية (تفتقر لحرية الاختيار) حين تكون مرهونة بشيء يفعله شخص آخر لي (يأتي من خارجي) حتى وإن كان الحب. فالزواج – كما استخدمه زيمباردو كمثال هنا – مؤسس علي العطاء وليس المطالبة والأخذ، وحين نوقف حياتنا علي شئ لابد أن يأتي لنا من الطرف الآخر فإننا نحبس أنفسنا ونقلص حريتنا بإرادتنا، كأن تقول الزوجة عن زوجها: "هو لازم يحبني علشان أبقى سعيدة"، وهنا نرى الخطأ الفكري الثالث الذي تحدث عنه ألبرت إيللس سابقاً وهو "حتمية اللوازم"، فهنا نرى هذه الزوجة تقلص حريتها بيديها حينما تربط سعادتها وسلامها الداخلي وتعلقهما على حب زوجها لها الذي للأسف قد يتغير، فتسجن حياتها لدى أمر خارجي ليس في يدها – حتى وإن كان من حقها، وتجعل منه حتمية للشعور بالسلام الداخلي.
بالطبع من السيء جداً أن يفقد الشخص حب شريك حياته له، الذي هو أمر مشروع جداً. ولكن، ماذا إذا تصرف الآخر بأنانية وسلبني هذا الاحتياج المشروع، هل أستطيع أن أجبره على تغيير موقفه بالقوة؟! أم هل محكوم علىّ بفقدان سلامي وسعادتي الداخليين لفقدي هذا الاحتياج إذا كانت سعادتي وسلامي معلقين على هذا الاحتياج؟! بالطبع لا هذا ولا ذاك، فالإنسان يملك حرية التغيير إذا كان سلامه وسعادته مرهونين باختياراته الداخلية هو فقط، مهما إن كانت الظروف الخارجية، كما قلنا سابقاً. إذن كيف يتغير؟ بأن يختار أفكاره كما قال لنا إيللس. كأن تقول هذه الزوجة لنفسها عند نهاية المطاف: "من السيئ جداً والمؤلم أن يتغير حب زوجي لي، ولكن هذا لا يعني أن أفقد إحساسي بالقيمة وبالسلام في داخلي .. أنا لازلت إنسانة قادرة على الحياة وعلى العطاء." "مالك روحه خير ممن يأخذ مدينة" (أمثال سليمان الحكيم 16: 33)

8- الإنسان لديه ميل فطرى ومكتسب للتفكير بغير منطقية وغير عقلانية:
فالإنسان بطبيعته لديه الميل لوضع قيم ومعتقدات أساسية لنفسه (منها المنطقي و منها غير المنطقي)، ومن ثم يتصرف بحسبها تصرفات منطقية وغير منطقية. فإذا استطعنا أن نغير تفكيرنا اللامنطقي أنتجنا تغيراً في حياتنا وفي سلوكنا.
أمثلة شائعة لبعض أنماط التفكير الخاطئة (اللامنطقية)، والتي تعبر عن قيم ومعتقدات فكرية مغلوطة يحتفظ بها الإنسان في داخله.
- "لابد أن يحبني ويرضى عني الناس لكي أشعر بالراحة/السلام الداخلي."
القيمة الورائية: "لا يوجد سلام ثابت في داخلي"
- "إن كنت مؤمناً ومتديناً جيداً فلن أشعر بالألم أو الحزن أبداً."
المعتقد الورائي: "المؤمنون لا يعانون/ الإيمان يعفي من الألم"
- "إذا توقفت عن الأنشطة الخارجية (الخدمة/ الإنجاز) فهذا يعني أنه ليس لحياتي قيمة."
القيمة الورائية: "لا يوجد قيمة ثابتة في داخلي، القيمة هي في ما أقوم به من أشياء"
- "لا أستطيع أن أفعل شئ في مشكلتي، فظروفي لن تتغير."
المعتقد الورائي: "حياتي أسيرة الظروف الخارجية، أنا غير مسئول"
- "يجب تجنب المشاكل لكي أعيش في سلام."
القيمة الورائية: "أنا خائف وغير متيقن من هويتي"
- "الزواج سوف يسدد احتياجي العاطفي."
القيمة الورائية: "أنا غير مشبع داخلياً"
- "ما قد تشكلت عليه شخصيتي لا يمكن تغييره."
المعتقد الورائي: "أنا ضحية ولا أملك القدرة على التغير"
- "لابد أن أجد الحل الكامل/المشبع لمشكلتي."
المعتقد الورائي: "هناك حل كامل، نموذجي ومشبع لكل مشكلة في الحياة"
- "لابد أن أفهم كل شئ لكي أرتاح."
المعتقد الورائي: "كل شئ في الحياة قابل للفهم والتفسير"
"لابد أن أحصل على ما أريده لكي أرتاح."
القيمة/ المعتقد الورائي: "أنا هو محور الحياة"
- "لابد أن شيئاً يحدث لي لكي أتغير."
القيمة الورائية: "أنا عاجز ومسير ولا أملك زمام حياتي، مفعول به ولست فاعلاً"

"إن العلة الأولي الكبرى لأخطائنا هي الأحكام المبتسِرة (القاصرة) التي اتخذناها في مقتبل عمرنا. وبدلاً من أن نسلم بأن هذه الأحكام قد انعقدت في أذهاننا حين كنا عاجزين عن الإصابة في الحكم، وأنها تبعاً لذلك يمكن أن تكون أقرب إلي الزيف منها إلي الحق، تلقيناها علي أنها يقينية."(4) (رينيه ديكارت 1644)

من أوضح وأهم سمات الشخص الناضج هي القدرة على التفكير الصحيح أو السليم، والتفكير السليم هو التفكير الذي يستند على المنطق وعلى العقل، ويتسم بالخواص التالية:
- القدرة على التحليل والتجريد والاستنتاج والفهم الصحيح للأمور.
- القدرة على التقدير والتقييم والحكم على الأمور بطريقة سليمة.
- القدرة على ضبط النفس واتخاذ الاختيارات السليمة.
والتفكير الصحيح من شأنه أن يُمكّن الإنسان من أن يرى الأمور كما هي حقيقة دون تشويه أو تحريف لها، مما يؤهله للتعلم والتغير والنمو واتخاذ القرارات الصائبة المطلوبة لذلك. ولذلك فالتفكير الصحيح يعتبر من الدلالات القاطعة والقياسية في ذات الوقت لنضج الإنسان.

وهنا أيضاً أود ان اضيف بعض الأخطاء الفكرية الخاصة بالإنسان المصري والتي لاحظها المفكرون والباحثون المصريون (حسب بعض الإحصائيات) وكذلك أنا من ملاحظتي الشخصية، وهذه الأخطاء كالتالي:
1- التواكل والقدرية:
حيث يتسم الشخص بالإيمان السحري وعدم الاعتقاد في العليّة (السببية) المنطقية، أي الزرع والحصاد (والذي هو قانون وضعه الله مثل قوانين الجاذبية والطفو وخلافه)، بمعنى أنه لابد أن يكون هناك زرع ما (مسبب) لكي يكون هناك حصاد (نتائج يصنعها هذا المسبب) و"ما يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضاً" ولا شئ آخر.
وهذا الخطأ الفكري هو ما يجعل الإنسان المصري يظن أنه يمكنه أن يفعل ما يفعله دون أن يتحمل نتائج ذلك، أو أن لا يفعل ما يجب أن يفعله دون أن يحصد عواقب ذلك أيضاً.
فالإنسان المصري لا يريد أن يفعل الصواب، ولكن ربنا يستر. وهكذا يجد العواقب والنتائج الحسنة "عن طريق الستر"!
والإنسان المصري، يريد أن: لا يستذكر ولكن ربنا يمد يده وينجح! لا يعالج مشاكله ولكن ربنا يمد يده ويخف (يُشفى)! لا يهتم بشريك حياته ولكن ربنا يمد يده ويُنجح هذا الزواج! لا يعطي وقتاً لأولاده ولكن ربنا يمد يده ويشفي الأولاد من اضطرابهم! لا يتعلم كافياً عن الزواج وتربية الأبناء ولكن في عظة أو محاضرة واحدة من سبع خطوات عملية ربنا يمد يده ويجعله خبيراً فهيماً!
إن كان هذا هو الحال، فهناك سؤال واحد أود أن أطرحه على أنفسنا، وهو:
لماذا لا نمتنع عن الذهاب للعمل وربنا يمد يده ويغطي على ضعفنا ويرسل لنا رواتبنا إلى بيوتنا أول كل شهر؟!!
ودعونا نقرأ الاقتباس التالي، والذي فيه نجد مثالاً للتواكل والإيمان السحري/ الخرافي المتربع والمترسخ في جذور الشخصية المصرية، ويعبر عنه الكاتب اللامع علاء الأسواني في إحدى رواياته على لسان بطل قصة "أوراق عصام عبد العاطي":
"عدت يوماً من المصلحة فوجدت أمي واجمة قلقة وألححت في سؤالها فبكت وقالت إنها خائفة ولم توضح، أشارت إلىّ هدى (الخادمة) من ورائها وانتحت بي في المطبخ وأخبرتني أن أمي خائفة لأن صدرها متورم. والورم ظهر من شهور لكن أمي قررت ألا تخبر أحداً وحاولت أن تعالج الأمر بنفسها. جربت كل شئ. دهنت صدرها بالعجين، وضعت عليه اللبخة وضمدته بالماء والسكر، حتى حبوب منع الحمل أخذتها أمي بعد نصيحة من جارة، وفي النهاية لما فشلت الوسائل قررت أمي أن تتجاهل ورمها، أن تتكلم وتضحك وتغضب وتعيش وكأنه لا يوجد ورم، أمل ضعيف باهت كان يحدثها بأنها ستستيقظ ذات صباح فتكتشف أن الورم اختفى فجأة كما ظهر، ولكن عبثاً إنما يجئ الورم ليبقى ويغزو وينتشر. ولما وصل الورم إلى رقبة أمي وبدت منتفخة تغطيها خيوط زرقاء بات مستحيلاً إخفاؤه أو تجاهله."(5)
إذاً هذا ما يفسر لنا لماذا لا يثق الإنسان المصري بالعلم، لماذا يطلب الشخص استشارة الصيدلي بالتليفون بدلاً من أن يذهب للطبيب، لماذا تسأل الزوجة صديقتها بدلاً من الكشف الطبي وإجراء الفحوصات والتحاليل للفهم والتشخيص، لماذا يطلب الشخص المعرفة من أحاديث من حوله أو من الجرائد والتليفزيون وليس من كتاب علمي أو في الحديث مع شخص أخصائي، لماذا تذهب طبيبة النساء، كما طالعتنا بالخبر أحد الصحف المصرية اليومية، وتستدعي "الداية" لتقوم بتوليدها!!
2- الاستسلام (السلبية والتراخي):
حيث نرى الإنسان المصري، وربما بسبب القدرية والتواكل، فاقد للقدرة على السعي، مستهتراً وغير مكترثاً وهو يتناول الحياة بخفة وعدم جدية كما لو كانت لعبة وليست حقيقية، يطلب الحلول السريعة والجاهزة ويسأل عن خطوات عملية مباشرة محددة يتبعها لمعالجة مشاكله وكأنه يطلب وصفة سحرية تعفيه من التعلم والتفكير وبذل الجهد.
3- عدم الإيمان بالمسئولية الشخصية في الحياة:
حيث نجد الإنسان، وربما ايضاً بسبب القدرية والتواكل، يشعر بأنه مُسيّر وغير مسئول (مفعول به)، وأرجو أن نلاحظ ذلك في العبارات الدارجة التالية والتي ربما لم نتوقف أبداً أمام صيغها اللغوية:
"البنطلون صغر عليّ أو القميص قد ضاق عليّ" بدلاً من "أني قد ازدت وزناً وتغير مقاسي" (فبالتأكيد أن الملابس لم تتغير قياساتها!)، "اتعورت" بدلاً من "قد جرحت اصبعي"، "الكوب انكسر" بدلاً من "أني قد كسرت الكوب".
4- العجز عن التفكير التجريدي: أي القدرة على التحليل واستخلاص المعنى من وراء المجردات (الأفكار البحتة المجردة). ونرى هذا واضحاً في حتمية ضرب أمثلة عملية لأي فكرة كيما يستطيع المتلقي فهم الفكرة، فالقدرة على الفهم والاستخلاص تُسمى بالتجريد.
5- الفصام (الشيزوفرينية) الفكري:
حيث نجد الإنسان يمتلك القدرة، على عكس ما قال إيللس، على الاحتفاظ بأقسام منفصلة في العقل تحتوي على مفاهيم وافكار مضادة بعضها للبعض دون السماح بأي تقابل أو مكاشفة بين تلك الأقسام بتاتاً (وهذا ما رأيناه في قصة طبيبة النساء السابقة). وهذه الخاصية تسميها د. نوال السعداوي "تقسيم العقل إلى حجرات منفصلة"، وتقول: "يُوضع في كل حجرة حقائق تتناقض مع الحقائق الموضوعة في الحجرة الأخرى، وذلك من أجل الهروب أو التوفيق الظاهري بين الأفكار العلمية الجديدة وبين الأفكار القديمة الموروثة." (6)
6- الإيمان بان المرأة كائن ناقص وأقل قيمة ولا يملك الجدارة بالحياة في ذاته worthiness: ولعل هذا مثال آخر للفصام الفكري، إذ يتنافى هذا الايمان والذي يظهر في السلوكيات مع ما يقوله الشخص عن نفسه. ولعلنا نستطيع أن نرى ذلك في قول أحدى السيدات "الفاعلات" بالمجتمع والتي قالت عن نفسها أنها لا تساوي شيئاً بدون زوجها!
7- الاعتقاد الفردي في أن القواعد لا تسري علىَّ (وإن كانت تسري على كل الآخرين) بل أني ذو وضع خاص بما أني مُسيّر وغير مسئول.

9- الإنسان لديه ميل فطرى ومكتسب لتقييم الذات (وليس الأداء)، ومقارنة الذات بالآخرين، بطريقة غير منطقية:
وهذا التقييم بالطبع يؤثر في المشاعر والسلوك بطريقة تحدث اضطراباً نفسياً. وعندما يكتشف الإنسان أنه تصرف بطريقة سيئة فإنه يقيم ذاته فوراً ويلعن ويلوم نفسه ويدينها مباشرة بطريقة تحط من شأنه low self-esteem . وهذا يجعلنا نهرب من أنفسنا فيما يسمي بالدفاعات والحيل النفسية.
مثلاً: إخفاق شخص في مهمة كان من المفترض أن يقوم بها، مما تسبب له في خسارة ما. في هذا الإخفاق غالباً ما نرى الشخص علي الفور يلعن نفسه ويدينها ويقيم ذاته علي أنه فاشل وأنه إنسان غبي وبلا فائدة، أو أي من مثل هذه الصفات السلبية، بدلاً من تقييم الموقف، مما يؤدي إلى اضطراب المشاعر والسلوك بدلاً من التعلم والنمو.

10- الإنسان لديه ميل فطرى ومكتسب لأن يكون لديه درجة تحمل منخفضة للإحباط:
أن يختار الإنسان القيام بالأشياء التي تبدو أيسر والتي تأتي بعائد خادع ولكن مُسر علي المدى القريب بالرغم من أنها غالباً ما تأتي بنتائج سيئة علي المدى البعيد، وفي المقابل يؤجل بل ويتجنب المسالك التي تأتي إليه بعائد أعظم علي المدى البعيد. وهذا هو فساد الإنسان وعدم عقلانيته. فيقول إيللس أن:
- الناس يستسلمون سريعاً ويذهبون إلي إرضاء وإبهاج وتهنين الذات الفوري Self Gratification ولا يستطيعوا تأجيل إشباع رغباتهم.
- الإنسان الطبيعي يريد نتائج طيبة دون بذل المجهود، وهو لا يريد أن يقبل بأنه لا يوجد عائد طيب وحقيقي دون بذل مجهود ودفع ثمن.
وهو ما أثبتته تجربة قطعة الحلوى ومبدأ تأجيل اللذة لميشيل و والتر.
يقول التفسير التطبيقي أيضاً في تعليقه على تشبيهات الرسول بولس المستمدة من المباريات الرياضية بروما أنذاك (الرسالة الثانية لأهل كورنثوس4: 17،18):
"وعندما نواجه متاعب من السهل أن نركز أنظارنا على الألم أكثر مما على الهدف النهائي، ولكن كما أن الرياضيين في ميدان السباق يركزون على خط النهاية متجاهلين كل متاعبهم، هكذا علينا نحن أن نركز أبصارنا على مكافأة إيماننا والفرح الذي يدوم إلى الأبد."

11- طريقة استقبال الإهانة والإحساس بالإهانة يتسببا فى تغيير السلوك:
الإنسان يميل إلى استقبال الإهانة/ الإساءة من الآخرين على أنها شئ يحط من شأنه ومن قدره، أكثر من أنها تصرف خاطئ (سيئ) من الآخرين ولا يعنى بالضرورة إهانة وإقلال من قدره. ولذا فإن الإنسان يصاب بالاضطراب نتيجة طريقة استقباله هذه للإهانة أكثر من الأذى الفعلي الذي أحدثه الآخرين.
يقول إيللس أن الإهانة التي نتلقاها من الآخرين لا تجرحنا فعلياً إلا إذا أخذناها بجدية (شدة) أكثر من اللازم فحتى إذا قصد الآخرون إيذاءنا عن عمد فإن تصرفهم الخاطئ هذا يُعد أمراً متناسباً مع طبيعة الإنسان الخاطئة وغير المعصومة Fallible ونحن عندما نرفض ولا نقبل إمكانية خطأ الآخرين في حقنا (كيف يفعل هذا بي؟؟!!) فإننا نجني اضطرابا نفسياً أكثر مما تسببه إساءتهم الفعلية لنا. ولذا فإنه عن طريق التسليم أو الإقلاع عن المطالبة غير المنطقية بأن يكون الآخرين عادلين في تعاملهم معنا، أو أن يعطينا العالم ما نريده، فعندئذ نتمكن من التخلص من اضطرابات نفسية كثيرة.

12- تحول الانتباه (الاهتمام) أمر ذو قيمة علاجية للإنسان:
لان الإنسان يميل إلى أن يضع تركيزه على شئ وأحد في الوقت الواحد، فهنا يأتي دور تحويل الانتباه أو التركيز. فإذا حولنا تركيزنا من أن ينصب حول مجموعة الأفكار المضطربة (مثل بشاعة الفشل والرفض) إلى أحداث أو أفكار أخرى غير مضطربة (مثل التأمل في قراءة ما، أو التفكير في عمل ما، أو مساعدة شخص ما) يمكننا عندئذ أن نحصد تغيراً في مشاعرنا وتصرفاتنا ولو حتى بصفة مؤقتة. فقد تقصا "ميشيل و والتر" (1973) قدرة الأطفال على تأجيل اللذة في تجربة الحلوى، ووجدا أنها تتوقف على ما إذا كان التركيز منصباً حول فكرة المكافأة بطريقة مجردة، أم حول نوع المكافأة نفسها (الحلوى) مما يجعلهم يحبطون ويبخسون بقدرتهم على ضبط النفس.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
1- Ellis, Albert. “Handbook of Rational Emotive Therapy”. Springer Publishing Company. 1977
2- أبو النجا، د. شيرين. "خيانة القاهرة". مكتبة مدبولي، القاهرة 2008
3- سلسلة تفسير جون ويسلي للعهد الجديد ص82. ترجمة: د. عزت زكي. مكتبة النيل المسيحية (بدون تاريخ)
4- ديكارت. "مبادئ الفلسفة". ترجمة: "د. عثمان أمين". دار الثقافة للنشر والتوزيع. القاهرة 1974
5- الأسواني، علاء. "نيران صديقة". دار الشروق. القاهرة 2008
6- السعداوي، د. نوال. "الرجل والجنس". دار ومطابع المستقبل بالفجالة والأسكندرية، مصر. الطبعة الرابعة 1991







#مشير_سمير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معايير النضج النفسي (5) وجود معنى وأهداف غيرية للحياة والقدر ...
- معايير النضج النفسي (4) الواقعية والقدرة على التعايش مع الحي ...
- معايير النضج النفسي (3) الحدود السليمة والصحية في العلاقات – ...
- معايير النضج النفسي (3) الحدود السليمة والصحية في العلاقات – ...
- معايير النضج النفسي (3) الحدود السليمة والصحية في العلاقات – ...
- معايير النضج النفسي (2) القدرة على التفرد Individuation ومقا ...
- معايير النضج النفسي (1) - العلاقة الصحية/السليمة مع الذات
- ليه لازم؟


المزيد.....




- تفاصيل مقلقة للغاية-.. مسؤول FBI سابق يحلل صورة للمراهقة الأ ...
- تقرير أممي: الجوع سجل مستويات غير مسبوقة في المنطقة العربية ...
- موسكو.. حفل لطلاب الأكاديميات العسكرية
- وزيرة خارجية ألمانيا: الاحتلال الإسرائيلي الدائم لمرتفعات ال ...
- مصر تتسلم رئاسة مجموعة الثماني
- لا تعليق: عودة حركة الطيران الداخلي في سوريا
- ألقت السلطات المغربية القبض على المؤثرة عائشة الصرايدي
- صورة مطلوب مصري مع أحمد الشرع في دمشق تثير غضب مصريين
- Honor تكشف عن هاتف متطور لمحبي الألعاب الإلكترونية
- فرنسا.. حكم قضائي غير مسبوق على الرئيس الأسبق ساركوزي في -قض ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مشير سمير - معايير النضج النفسي (6) - التفكير الصحيح والسليم