|
لماذا العلمانية ضد الإسلام ؟
ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2789 - 2009 / 10 / 4 - 01:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لماذا العلمانية ضد الإسلام وحده دون سواه من الأديان الأخرى كالمسيحية أو اليهودية ؟ فهل الخوف من معاداة السامية دفع بالعلمانيين إلى تجنب الحديث عن اليهودية بعيداً عن نقدها وتشريحها ؟ وهل تحولت المسيحية بطوائفها وأناجيلها إلى قلعة حصينة من قلاع العلمانية ، وبالتالي انتفت حاجة العلمانيين إلى مناقضتها ومراجعة نصوصها التي غدت في متناول الجميع بشكل أو بآخر ، وأنها لم تعد حكراً على سلطة بعينها ؟. هذه الاسئلة وغيرها يطرحها الكثير من الإسلاميين ، لا سيما عندما تتعرض ديانتهم لسهام النقد اللاذع من العلمانيين ، ويظل تفسيرهم الوحيد لهذا النقد ، أن وراء الأكمة ما وراءها ، أي الإشارة إلى وجود تواطؤ مضمر بين غلاة العلمانية وبين عتاة المسيحية أو اليهودية لإظهار الإسلام في أبشع صوره واستمرار النبش في ماضيه البعيد ، من خلال أساليب التأويل الملتوية لبعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، وكأن الصراع بين الإسلام والعلمانية ، مشحون بدوافع سياسية ، أكثر منها معركة فكرية ، بين الشك واليقين . ولرب قائل يقول ، إن أساس التناقض بين العلمانية والإسلام ، أن الأخير لم يعد يجد من يدافع عنه على غرار المسيحية واليهودية ، اللتان تلتف حولهما مجاميع القوة بشتى أنواعها وأشكالها ، ولهذا يظهر التحدي للمسيحية وكأنه تحد لدوائر القوى المتمركزة في العالم المسيحي ، ثم أن هذا التحدي لن يسمع صوته ، إذا ما كان على هيئة فكرة أو أطروحة ، ربما يسمع صوته إذا كان على هيئة تهديد أو تفجير . وقد يعلل البعض سبب انكباب العلمانية ضد الإسلام ، أن في الإسلام ما يستحق المجادلة والمناقضة ، بعكس ما بقي من المسيحية واليهودية ، لجهة تحولهما وانتقالهما من عصر إلى آخر ، إضافة إلى التغيير من الداخل ، أي من قلب الكنيسة ، وتالياً من قلب الكتاب المقدس ، وبالتالي لم يعد مجدياً نقد المسيحية كدين سماوي يعتمد اعتماداً كاملاً على فلسفة التثليث أوما يسمونه بالأقانيم الثلاثة ، التي تدخل في منظومة الإيمان الغيبي مثلها مثل الإسلام الذي يعتمد بدوره على الأركان الخمسة . والملاحظ أن العلمانية ، لا تتناول الإسلام في نقدها كإيمان غيبي ، وإلا كانت تناولت المسيحية بنفس المقدار ، فأدوات الإقناع لدى المسلمين تصل إلى حد اليقين المطلق الذي يصعب التشويش عليه في العقل والقلب ، وكذلك الحال مع المسيحية ، كأكبر ديانتين يؤمن بهما ثلاثة أرباع الكرة الأرضية ، لكن تناول العلمانية للإسلام يظهر من خلال الأشخاص ومدى تطبيقهم للنصوص ، من دون أن يظهر في النص بحد ذاته ، وإن ظهر على مستوى النص ، ستكون الغلبة لصالح الإسلاميين لأنهم لن يوفروا أدنى وسيلة ، ابتداءً من الدحض المقرون بالأدلة ، وصولاً إلى التكفير إن تعذرت وسائل الدحض وسبله . يبدو أن الصراع بين العلمانية والإسلام ، ليس صراعاً مفاهيمياً ، بل هو صراع رمزي ، بمعنى آخر، الصراع مع رموز الإسلام بقديمه وحديثه ، أي مع أشخاصه ، وليس مع نصوصه ، لهذا نجد أن المعركة حامية الوطيس بين غلاة العلمانية الذين يدافعون عن معتقداتهم سعياً إلى الوصول لعالم لا يقدس النصوص ولا النفوس ، وبين الإسلاميين الذين لا يقبلون المس لا برموزهم ولا بنصوصهم ، مهما كانت حجج وذرائع الآخرين ، لذلك نجدهم يطرحون سؤالاً عميقاً ، لماذا العلمانية ضد الإسلام ؟. نعتقد أن لا أحد يملك جواباً وافياً وكافياً لهذا السؤال ، نظراً لتعدد الإجابة ، فالعلمانية قد تكون ضد الإسلام ، نتيجة لواقع سياسي معقد ، تقف وراءه دول الغرب مجتمعة ، وقد تكون نتيجةً لسوء الفهم المتبادل بين الاسلام الرافض لمضمون العلمانية ، وبين العلمانية الرافضة لشكل الإسلام . إن الرفض المتبادل بين العلمانية والإسلام ، لا يؤسس لثقافة حوار عقلاني هادئ بينهما ، بقدر ما يؤسس لحوار غرائزي صاخب ، يملأ صداه أرجاء العالم .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإسلام والسلطة : مَن يُفسد الآخر ؟
-
العربدة الأسدية !
-
خصخصة الإسلام لا علمنته
-
الإسلام كقنبلة بشرية
-
خسارة الإخوان السوريين
-
الأسد بين محكمتين
-
النظام السوري وعودة الإخوان
-
النظامان السوري والإيراني : صناعة الفوضى
-
العراق الجاني والمجني عليه
-
حماس على طريق الإمارة
-
الزعامة من حصة الأسد
-
سياسة التعمية في سورية
-
جنبلاط : عودة الابن الضال
-
ثمن التطبيع مع إسرائيل
-
معرقلو الديمقراطية في مصر
-
الأسد / خامنئي : حلف التزوير والتطميش
-
لماذا أنا معارض؟ سؤال المستقبل
-
النظام السوري وتعطيل الدور المصري
-
الإخوان المسلمين : الوجه الآخر للشيعة
-
صحوة إخوانية أم تخوينية ؟
المزيد.....
-
رئيس وزراء الإحتلال الأسبق ايهود باراك: الإطاحة بوزير الحرب
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف موقع الراهب بقذائف المدفع
...
-
لماذا يصوت مسلمو أميركا لمرشحة يهودية بدلا من ترامب وهاريس؟
...
-
غدا.. الأردن يستضيف اجتماعا للجنة الوزارية العربية الإسلامية
...
-
بعد دعمها لفلسطين.. منظمة أوقفوا معاداة السامية تختار غريتا
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف تجمعا لجنود الاحتلال في ت
...
-
الهيئة الإسلامية المسيحية تحذر من تصاعد إرهاب المستوطنين الم
...
-
“شغلها 24 ساعة وابسط ولادك” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024
...
-
قائد الثورة الإسلامية يؤكد لدى استقباله الفرق الإيرانية المش
...
-
قائد الثورة الإسلامية: منعوا دولة من المشاركة في الألعاب الأ
...
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|