حمزة رستناوي
الحوار المتمدن-العدد: 2787 - 2009 / 10 / 2 - 23:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
السيد ماجد جمال الدين
لست على معرفة مسبقة بشخصكَ, و هذا ما يبرر لي استخدام احتمالية كون "ماجد جمال الدين" اسما افتراضيّا , و مثل هذا كثير في التعليقات على الشبكة العنكبوتية
و قد ورد حرفيا في مقالي
"لكاتبه السيد"ماجد جمال الدين" بغض النظر عن حقيقيّة شخصيّة المُعلّق"
لكون الحوار من وجهة نظري ليس فعلا ً ضدّ أو مع أشخاص
و لكن حوار مع و حول أفكار
و الأمر لا يحتمل أي إساءة لشخصكَ, و لذلك لا أرى مبررا للغة الانفعالية التي تستخدمها , التي تصل لدرجة الغرور؟!
لاحظ قولك:
"ودعني أقول لك أنكَ ، وبعض الآخرين ممن سأتعرّض لهم هنا ، ربما بالنسبة لي لستم أكثر من شخصيات هامشية مما في روايات شكسبير وتوفيق ألحكيم أو أو رسولا لي غوين "
إذا كنت أنا و الآخرين الذين تحاورهم ليسو أكثر من شخصيات هامشية بالنسبة لك َ؟
لماذا تكلّف نفسكَ أعباء السجال ِ مع الهامشيين النكرات؟!
بالنسبة لي - على الأقل- كل فرد يُعنى بالبحث عن حقيقة ما, و يؤرّقه هاجس النهوض بالإنسان و الإنسانية ليس هامشيا و لا نكره؟
"الخلق عيال الله و أ قربهم إلى الله أنفعهم لعياله"
أرجو أن تصل في " إلحادك" الذي تعتزّ به كثيرا لهذا الفهم الحيوي للإيمان"للإلحاد" بالله
فمربط الفرس هو أنفعهم لعياله
و مصالح عيال الله وفق ما يعرضه النص هي ذاتها مصالح الله.
و في الموروث الاسلامي لا يسرق السار
**
محور أطروحتي هو القول بأن الإيمان بالله / الإلوهية هو مجرد شكل و طريقة تشكّل, و من ثم صيرورة حركية احتمالية نسبية, و أن هذا الإيمان يعرض لمصالح أكثر أو أقل حيوية تبعا لتحوّيات الأفراد و المجتمعات لهذا الإيمان.
و أما عن ماهية الله و الإلوهية فها خارج طرحي.
فأنا أميّز بين الله و الإيمان بالله
و بين الإلوهية و الإيمان بالإلوهية
و بين الشجرة و الشجرة من وجهة نظري؟
و بين الإلحاد و الإلحاد من وجهة نظر ماجد جمال الدين.
مع مراعاة أننا - كبشر- غالبا ما نقوم بقياس الغائب على الشاهد عندما يخص الأمر مجهولاتنا.
على كل هناك طرائق تشكّل مختلفة للإيمان بالله تبعا لمؤثرات و محددات متعددة
و هناك طرائق تشكل مختلفة للإلحاد بالله تبعا لمؤثرات و محددات متعددة
و سواء أكان لله وجود مادي عيني
أم كان تصورا ً ذهنيا مثاليا ً, ففي الحالتين الإيمان بالله هو شكل / طريقة تشكّل, و هو صيرورة حركية احتمالية حيوية نسبية, وفق ما أوضحته في مقالي "مقال في الشكل الالهي- هل الإيمان بالله شكل أم جوهر".
إنكَ و اعتبارا من تعليقكَ الأول تناولت َ أطروحتي اعتمادا على وجهات نظر مسبقة
تخص الصراع التاريخي بين الإيمان و الإلحاد؟
فليس في نيتي إعادة اجترار مصالح هذا الصراع .
مع العلم أنني أسعى في أطروحاتي لتجاوز صلاحيات وجهة النظر المسبقة هذه معرفيا ً.
و لم أتدخّل في الخيار العقائدي للفرد و القارئ, فليس من اهتماماتي إقناع القارئ بصوابية و مشروعية الإيمان, فهذا أمر خاص, و غير ملزم للآخرين
"لا إكراه في الدين".
**
أنت تعرض لمصالح غير برهانية, و تلزم بها الآخرين, و من ثم فما تعرضه من مصالح يتحّوى جذور منطق ش كلي*
تقول:
" حين أقول أن مفهوم كلمة الله فارغ ألمحتوى .. فهذا لا يعني فقط أن لا شيء له وجود ذاتي يختفي وراء هذه ألكلمة وكما هو واضح لكل ذي عقل .. بل أعني أيضا أن كل أفكار ألإلوهية ألتي بدأت مشتتة ومهلهلة أضحت أكثر هلامية من ألأثير ، كما تشهد مقالاتك ذاتها"
كيف حكمتَ أن مفهوم كلمة الله فارغ المحتوى؟
و هل مفاهيم مثل "روح- مادة- طبيعة " أقل ميتافيزقيتة؟!
فالإيمان بالله و الغيب يتحوّى مصالح غير برهانية - بمعنى البرهان المنطقي و العلمي الملزم للآخرين"
و كذلك الإلحاد لكونه إحدى طرائق التشكّل الكمي هذا الإيمان - أي طريقة تشكل بالعدم"
ما تقول أنهُ واضحٌ لكل ذي عقل هو ليس كذلك
فما يزيد عن ثلثي البشر يخالفونكَ في ذلكَ, أو لديهم شكوك حول الإلحاد , و منهم من العلماء و الأكاديميين ..الخ
بالطبع القضية لن تحل بالانتخابات و التصويت , و لكن ذلك يكفي كقرينة على أن ما تقدمه من مصالح الحاديّة ليس مسلمة و لا برهانية بدرجة القول بكروية الأرض
أو بدرجة القول "بفائدة القضاء على الأمية" مثلاً
أنت تقول "كل أفكار الألوهيه مشتتة و مهلهلة و هلامية ..الخ"
و هذا ليس عيبا فاختلاف البشر في معتقداتهم و طرائق تشكّل هذا المعتقد تبعا لصيرورة حركية احتمالية حيوية نسبية أمر بدهي بل و قانوني , و لا يتحوّى بالضرورة لمصالح قصور و حيوية منخفضة
و أستطيع القول قياسا على قولك :
" كل أفكار الإلحاد مشتتة و مهلهلة و هلامية..الخ"
و سيكون قولي غير دقيق
فالتنوع و الاختلاف حول قضايا عقائدية هو أمر بدهي و قانوني, و ما يرافق طرحها من غموض مفسّر و مفهوم.
و البرهان الحيوي في القضايا الاعتقادية ليس على طريقة الرياضيات و الفيزياء.
بل البرهانية في صلاحياتها الاجتماعية
و في قدرة الموالين لها على رفع مستوى حضورهم و فعاليتهم كأفراد و جماعات
و البرهان الحيوي لإلحادك َ لا يكون بإقناع الآخرين بما لا يلزمهم بداهة و برهانا
و لا يكون في تسخيف عقول الآخرين المختلفينَ عنكَ
بل يكون في قدرة هذا المعتقد "الإلحادي " على تحقيق إنسانية الفرد و المجتمع و تجاوز ظواهر القصور التي تعتري الوجود البشري كالاستبداد و الظلم و الاحتلال و التمييز العنصري و الفقر و تلوث البيئة و الأمية ..الخ
**
الغيب هو ما نجهله, و الغيب ليس سوى شكل و طريقة تشكّل نفسية ذهنية زمكانية اقتصادية تربوية...الخ و هو صيرورة حركية احتمالية حيوية نسبية.
و هناك صلاحيات و مصالح يعرضها الغيب أكثر أو أقل حيوية تبعا لطرائق تشكّل هذا الغيب.
و لا يُلزمكَ الإيمان بالغيب الميتافيزيقي برهانيا و منطقيا
و ما عرضته ُ من قرينة تصلح- من وجهة نظركَ – على نفي الغيب هو ليس كذلك؟
فوجود موقع الكتروني اسمه الحوار المتمدن بالنسبة لكثيرين هو غيب؟
و لكنه غيب من السهل البت فيه بالتدقيق و البحث المتاح لعموم البشر, و نقل تصنيفه من غيب إلى معلوم.
و الإيمان بوجود الماء على سطح القمر هو غيب على مدى ألاف السنين بالنسبة للبشر , و قد أصبحت البشرية قادرة بفعل التطور العلمي و التقني على تلمس إجابة تنقل هذا الإيمان العقائدي "بوجود الماء " إلى حيز النظرية العلمية القابلة للاختبار.
و بالتالي هناك كثير مما وُصِفَ سابقا بالغيب أصبح اليوم قضية بحث من قبل العلوم و المشتغلين بها و هذا لا خلاف عليه.
و لكن بقدر ما نعرف, و نعلم- نحن البشر- بقدر ما نجهل كذلك ؟
و من غير المتوقع أن يجد الإنسان في لحظة مستقبلية إجابات يقينية على كل المجاهل في سائر حقول المعرفة؟
فللغيب "ما نجهله" صلاحية حيوية تتمثّل في كونه محفّز على المعرفة و تطور العلوم أكثر .
و أما احتمالية وجود البطة الخضراء التي تعيش على المريخ فهي قضية يبت فيها العلم و ليس العقيدة.
مع الأخذ بعين الاعتبار درجة تطور و الإمكانات المتاحة للمعرفة العلمية البشرية
و الأخذ بعين الاعتبار معرفتنا القانونية العلمية البيولوجية و التشريحية بطير البط .
و كذلك معرفتنا القانونية العلمية بظروف و مناخ و وجود الماء و الأكسجين أو عدم وجود هما على سطح كوكب المريخ .
و يمكن إطلاق أحكام من قبيل : برهاني – مناف للبرهان – – غير مناف للبرهان –غير برهاني.
لتوصيف هكذا ظواهر.
فوجود البطة الخضراء التي تتجول على المريخ
قد يمتلك صلاحيات أدبية جمالية أو خيال علمي أو ..الخ في حقول أخرى.
و من ثم أنت لا تستطيع نفي إمكانية وجود بطة خضراء على المريخ أو زحل..الخ إلا ضمن شروط محدّدة قانونية ملزمة لمن يؤكد أو ينفي.
أنت تقول:
" إذا كان ألغيب هو ما لا نعرفه فإننا نستطيع الاستدلال عليه فقط بما نعرفهُ ,, وكل كلام أخر مجرد هراء سخيف وسفيه يتوخى تغييب ألعقول وترسيخ ألإيمان ألديني ألأعمى .."
و قضية الاستدلال بالمعلوم على المجهول هي ذاتها الحجة التي يدافع المؤمنون بها عن إيمانهم بالله؟
و العقيدة بكل أبعادها و ضمنها الإيمان بالله , و الإلحاد بالله , ما هي إلا "يقين فيما لا يقين فيه" بالمعنى القاطع لليقين.
و العقيدة هي إحدى أبعاد وجود الكينونة الاجتماعية البشرية التي لا يمكن اهمالها و اهمال دورها.
**
- من وجهة نظري الإسلام هو المسلمين , و لا وجود لجوهر إسلامي , بل الإسلام هو شكل "مفهوم الشكل" و هناك طرائق تشكّل متعددة للإسلام و صيرورة حركية احتمالية حيوية نسبية ,منها ما هو أكثر أو أقل صلاحية من بعضها البعض.
و هذا ينطبق على المسيحية و اليهودية و اللا دينية و الإلحادية و الماركسية و القومية العربية..الخ.
للتوسع يمكن مراجعة الرابط:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=93551
و ما قصدته بالعلمانوية و العلمانويين: هم من ينكرون وجود بعد عقائدي للكينونة البشرية بناء على مبررات ذات خلفية علمية, و يلزمون الآخرين بوجهات نظرهم و ما تعرضه أنتَ كذلكَ في مقالكَ .
و تمييزا عن العلمانية و العلمانيين : الذين يفصلون بين الدين و السياسة, و منها احترام حرية الاعتقاد عند الإنسان بشرط عدم إيذاء الآخرين.
و بهذا المعنى أنت علمانوي و لست علماني
لاحظ قولكَ:
" عزيزي أنا لستُ علمانوّيا ، ولا حتى علمانيا إلا بالقدر ألذي تتيح هذه ألأخيرة حرية ألفكر و ألتعبير بغرض ألقضاء ألمبرم على ألفكر ألديني ورواسبه في ألوعي بكل أشكالها ."
-
أكرر أنكَ تنطلق في كتاباتكَ من وجهة نظر مسبقة
تقول :
"ما يجعل مقالك فارغا من ألمحتوى ألفكري ومطابقا لأساليب ألطبطبة ألوعظية في مواقف ألمتدينين مسلمين ومسيحيين الخ كالسيد ألمسيحي ألذي سأذكره أسفلا والذين يدعون أن ألإلحاد هو خطأ ما أو مرحلة وسطى في ألطريق إلى ألأيمان"
أنت تتقوّل عليّ
أين إدعائي أو إشارتي إلى أن الإلحاد خطأ ما... أو مرحلة ما وسطى في الطريق إلى الإيمان؟"
أنت تقدّم ما يمكن وصفه بمصالح منافية للبرهان؟
و متدنية الصلاحية بقرينة الافتراء؟
فالإلحاد قد يكون مرحلة تمهّد للإيمان
و الإيمان قد يكون مرحلة تمهّد للإلحاد
و قد لا نجد مرحلة و لا تمهيد بالمطلق؟؟!
فهذا يخضع لاعتبارات معقدة و متعددة و هو احتمالي .
**
أدعوكَ للاهتمام بمصالح و صلاحية الاعتقاد "فالإلحاد هو اعتقاد كذلك"
و البحث في طرائق زيادة صلاحيته و تقليل امكانية استخدامه و استغلاله لتبرير الظلم و ازدواجية المعايير و العنصرية
بدلا من محاولة إقناع و إلزام البشر بالإلحادية , ففي أفضل الأحوال لن تكون أكثر من مبشر إلحادي و لكن بلبوس علمانوي جوهراني .
في النهاية سأقدّم إليكَ و للقارئ الكريم دليل قاطع على أن ما تعرضهُ في مقالكَ يتضمن مصالح منافية للبرهان و صلاحيات متدنّية.
فلو فرضنا - جدلاً- أن البشر الموجودين على ظهر الأرض"الخمسة مليارات " تبنوا اعتقادكَ اليقيني في "خرافة الدين" و أن "الله مجرد وهم".
هل ستكف البشرية عن الاقتتال و سفك الدماء ؟
و كذلك بالمقابل لو فرضنا أن البشر الموجودين على ظهر الأرض "الخمسة مليارات" آمنوا بدين واحد بل و طقوس عبادة واحدة
هل ستكف البشرية عن الاقتتال و سفك الدماء؟
أترك لكَ الإجابة؟!!
*ملاحظة أولى : أكرر ما سبق قوله في مقال سابق أنني أستخدم مصطلح الإلحاد كتوصيف و حكم وجود و ليس كحكم قيمة.
و النموذج الذي أحاوره في هذا المقال للإلحاد هو إحدى طرائق تشكّل الإلحاد , و ليس الطريقة الوحيدة الممكنة لوجود الفكر الإلحادي في التاريخ و بين البشر.
* ملاحظة ثانية :
هذا المقال جاء في سياق التعليق على مقال السيد جمال الدين المعنون
"أنا لا أسفه الفكر و الإيمان الغيبي بل هو سفيه بذاته"
على الربط:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=186412
#حمزة_رستناوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟