محسن صياح غزال
الحوار المتمدن-العدد: 847 - 2004 / 5 / 28 - 05:35
المحور:
الادب والفن
بكالوريا .... تحت الماء !
كانوا متعجّلين , يسرعون الخطى , فلم يتبقَّ من الوقت غير نصف ساعة ويبدأ أمتحان المادة الأولى في البكالوريا .
بين الهواجس والقلق مما ستكون عليه أسئلة الأمتحان , وبين المزاح ورفسات " نجاح " التي لا تتوقف وماذا قرأوا وما أهملوا.. وصلوا الجسر , بضع خطوات .. ويمسك " نجاح " بذراع " محسن " , يهزّه بعنف , بتهديد وجديّة مغلّفة بالمزاح والهزل :
- - أشُمْرَكْ .. بالشَطْ ؟
-
و بلا مبالاة أو أهتمام
- - دخلّيني يمعوَدْ .... أحنا بيا حال ؟
-
بضع خطوات .. يعيد " نجاح " الكرّة ثانية ولكن بقبضة تزداد قوة وعنف :
- خليني أشمرك .. كلّش حلوه ... مو ضروري تِمتِحِنْ !!
- ولك كافي تلِحّ ... شني هاللّغوَه ؟
أزداد ألحاح " نجاح " وتكررت تلك الحركة بعنف أقسى وخضّات أقوى دون أن تتحرر الذراع من كمّاشة قبضته كلما تقدموا خطوات بأتجاه الصوب الآخر القريب . فجأة .. أرتفع ذلك الجسد القصير النحيف , طار في الهواء ومعه الكتاب والورق, سقط على الماء , غاص في العتمة, أستقر على قاع النهر الرملية, جاهد للوقوف , للعوم الى سطح الماء , وزنهُ أصبح ثقيلاً , بنطلون الجينز السميك بخيوطه الزوجية وجيوبه الكثيرة العريضة المنفوخة بالماء , تسحبه , تبقيه ملتصقاً ,
أنحنى , أستجمع قوته . زحف على أربع , أصطدم بأحجار وعلب وأشياء حادة , بكى .. أو هكذا ظنَّ ! وكان الجرف , أخرج رأسه , شهق كمن يلفظ أنفاسه الأخيرة , بقي مستنداً على يديه وركبتيه , ساكناً .. الا من شهيق عال ومتسارع .. لحظات ,
ثم تسلّق سياج النهر ليجد " نجاح " أمامه غارقاً في الضحك حتى أدمعت عيناه ! تجاهله ومضى مهرولاً صوب قاعة الأمتحان , عيون تحملق فيه ساخرة ومندهشة , قهقهة هنا.. وسخرية من هناك. حين أكمل الأجابة على الأسئلة , وقف
ليجد تحته بركة ماء عريضة تسرّبت أجزاء منها في أتجاهات مختلفة !
#محسن_صياح_غزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟