عبدالله الداخل
الحوار المتمدن-العدد: 2786 - 2009 / 10 / 1 - 17:43
المحور:
الادب والفن
44
ومثلَ كل القرى
يلتقي فيها الكبار، صباحاً
بظل النخيل،
قبل أن يُثيرَ الغبارَ حرّ ُ الظهيرةِ في الأزقة؛
أو في حُجْرة بعضِهمْ، في الظلام
ليقولوا أن كل شئ ٍهنا
لا على ما يرام،
لأن البعضَ مبكراً
يشرع بالرحيلْ
ومن القرى الأخرى كذلك
وسر رحيلهم مجهولْ؛
45
وقد صرتُ حشداً غزيرَ البؤس
مزدحمَ الذهول
لذا جئنا جميعاً إلى الله معاتِـبين
نحن ضحايا الزمن الحزين
لأن حصتنا من مغانمنا التي
حملناها إليه
على جبل السنين
كانت الأنصالَ
من حشد السكاكين
فما كنا سوى طرائدَ
لاهثة ً تـُقادُ في شِعْبٍ إلى سَفـْح ٍ
وتـُدْفـَعُ للحتف
متدحرجة ً
على صخور القرونْ
46
لأنـّا كنـّا حفاة ًجائعين
وكان الدربُ صوبَ اللهِ وعْراً
كالكمين
فأيّ ُ تسلق ٍللذرى
كان دون جدوى
للفقير!
ولم يكن في الوديان نورٌ
فالدربُ يكتظ ليلا وغيماً يفورُ
وجوعاً ناهشاً
في الأماسي
وترفع الصخورُ رؤوسَ خناجرها
مخالباً وصقوراً
وتـُطِلّ ُ أشواكٌ
من فطورها العطـْشى للدماء
ويعلو في الليالي
من فراش ِأحلام الواقفين
بخارٌ وأنين
ويدبُّ في الأرض شئٌ
كما الخوفُ بغابٍ
فلا ملاذ َ هنا
لطريدةٍ ظمْـأى؛
حيث تدعو هشاشة ُغصن ٍ يابسٍ
أدوسُه
بين شوكتين
أو خطوتين من رمل ٍ أونحاس
نـُباحاتٍ تطاردُني
أ ُحِسُّها تـَثِبُ
أو حينَ يزدحمُ العُواء على ظهري
بتلّ ٍبعيدٍ، ريحُهُ التي
لا تبحثُ عن شراع ٍ
تشمّني
ثم أسمعُ التلّ َ يقتربُ؛
أو حين يحتلني تعَبُ؛
فلما فوجئتُ بكل الحزن الذي
حط َّ عليَّ كخيمةٍ
قـُطِفـَتْ في الرياح
أو كسماءٍ
فـَقدتْ أوتادَها،
سمعتُ اللهَ ينتحِبُ
47
فإن وثـَقـْتَ
بأيّ ٍمن مدن العار
ستمضي عنك الروحُ والقرية
وعيناها اللتان
ظلـّـتا كحارسَيْن ِلساقـَيْكَ
للضمير الأولِ
لأقدام ِطفل ٍ
للحكمةِ الحافية ْ،
وسيهجرُكْ
أعزّ ُما لديكَ من غضبٍ
وترتدّ ُ منك خائبة ً
آفاقٌ إلى الأعماق
فهذي مدن الضبابِ
صخورٌ خافية ٌ خاوية
ترتقيها
كلابٌ سائبة؛
48
تأتيك ِ مني
هدايا
يا قريتي
من محبّاتِ الجنون
أرسلتُ وصايا
صارمة ً كثانيةٍ
مفصّلة ً كدقيقة
مقـْنِعة ً كتأريخ ٍ لمْ يزوّرْهُ الأغنياءْ
كارتقاءٍ في الظنون
على جناحَيَّ،
من أسبابِها الأملُ،
فلا تنازلَ
إلاّ لأحزان عينيكِ الكريمتين
فمِلْءُ حقائبي منها
سيكفي ساعديَّ ومَنـْكِبَيَّ
ولا يكفي الوفاءَ؛
كنتُ فادحَ الأحزان
لأنني الحقَّ الحقّ َ أقولُ لهم
إن أحزنـَهم عندي لأسعدُهم
ومَن كان أحزننا قد كان أوفانا،
ولم يكن ِالذهابُ في المغيبِ كريماً
فليس للوصول ليلاً في بعض ِالقرى أبواب
بل لهيبٌ في الخيام كي نبقى
وأنتِ لولا الذئاب
تركـْتِ الأبوابَ مُشْرَعة ً
لأنـّا حين الرحيل تركـْنا فتحة َالبابِ واسعة ً
وكم تحدّثـْنا عن حقائبنا الملأى،
عن الأسباب
#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟