أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء اللامي - الجزء 2/ خلطة من الفكاهة البريئة والتهريج والإسفاف المليشياوي والنقد الحقيقي















المزيد.....

الجزء 2/ خلطة من الفكاهة البريئة والتهريج والإسفاف المليشياوي والنقد الحقيقي


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 2785 - 2009 / 9 / 30 - 21:00
المحور: الادب والفن
    


الأعمال التلفزيونية العراقية الرمضانية بين النقد و"النق" : خلطة من الفكاهة البريئة والتهريج والإسفاف المليشياوي والنقد الحقيقي / ج2

بين الكوميديا المنعشة والإسفاف المقرف خيط أرق من الشعرة
علاء اللامي
ثمة برنامج استعراضي طريف يمكن أن يحسب على باب الفكاهة البريئة وهو " فاصوليا / تحريف فني عن السلم الموسيقي الغربي : فا صو لا" وهذا البرنامج الذي قدمه بشكل رئيسي الفنانان عبد الرحمن الراشدي ومنهي مهدي حاول جاهدا ان ينأى عن ترويج التهريج والشتائم المليشياوية والحزبية ويبدو انه نجح في ذلك إلى حد معين، وأكثر من ذلك فقد وجه البرنامج في بعض حلقاته نقدا ناجحا لبعض المظاهر والسلوكات الخاطئة لمسؤولي وموظفي حكم المحاصصة الطائفية القائم في عراق اليوم، كما تعرض في إحدى حلقاته لمأساة تجفيف نهري دجلة والفرات بواسطة السدود التركية العملاقة بشجاعة ووضوح مما يدل على الوعي الوطني بهذه المشكلة الكبيرة لدى القائمين على هذا البرنامج الطريف، والذي يحتاج إلى جهود أكبر لتخليصه مما يلحق به من إسفاف ينتج عن السهو والتكرار، خصوصا وأن بين الفكاهة والإسفاف خيط أرق من الشعرة كما تقدم.
ثمة أيضا برنامج تمثيلي يقوم على فكرة المسابقات يحمل عنوان " مَن سيربح البترول " ومع احترامنا لمواهب بعض الفنانين الذين شاركوا فيه كالممثلة الكوميدية الواعدة وذات الإمكانيات الكبيرة نادية العراقية و الممثل محمد هاشم وسلام زهرة وآخرين عرفهم الجمهور سابقا بأدوارهم وأدائهم الرصين ولكنهم أساءوا لأنفسهم ولإنجازاتهم الفنية حين ساهموا في هذا البرنامج الذي استنفذ نفسه واستهلك محتواه المضموني بعد ثلاث أو أربع حلقات على أبعد تقدير، وأصبح مملا ويكرر نفسه. فالهجوم يتكرر في هذا البرنامج على المسؤولين والموظفين في حكم المحاصصة وهم يستأهلون هذا الفضح في الحقيقة، ولكن هذا التكرار في هجاء الحرامية والفاسدين والذين جاءوا على ظهر الدبابة الأمريكية والأميين الذين يتمرغون بأموال الإيفادات والصفقات والعقود يحرق كل نقد حقيقي ويجعل المعركة وكأنها نوع من " النق " والمماكحة والتنكيد الناتج عن الحسد وضيق العين من قبل كاتب ومخرج ومنتج هذا العمل، وليس عملا إبداعيا مؤسسا على وجهة نظر نقدية عميقة تفضح السيئ والسوء والسيئين دون هوادة، وتنوع في مفرداتها النقدية وزوايا النظر إلى السلبيات التي يعج بها مجتمعنا. ثم لماذا هذا الصمت الشنيع من قبل هذا البرنامج عن مظاهر تكفير المجتمع والخصوم السياسيين وعن العنف الطائفي والديني الذي يحصد الناس، وعن مظاهر الإجرام الجنائي وخطف الأطفال واغتصاب النساء من قبل العصابات المنظمة، وعن جشع التجار والمحتكرين والمرابين و بعض رجال الدين الدجالين والتركيز فقط على جهة واحدة هي تلك التي استحوذت على كراسي الحكم وحرمت منها حكام الأمس ومناصريهم؟
لقد وجه بعض النقاد والملاحظين الذين يتبنون وجهات نظر حكومية رسمية أو قريبة منها نقدا عنيفا لهذا البرنامج وللبرامج المشابهة له لا لشيء إلا لأن القائمين عليه ومنفذيه هم من محازبي البعث العراقي والنظام السابق، ولا أدري ما المانع من أن يحاول عموم الحزبيين، والبعثيين من بينهم، استخدام الفن والأعمال التلفزيونية تحديدا لخدمة برامجهم والترويج لشعاراتهم فحزب البعث - شئنا أم أبينا- حزب سياسي عراقي وله أنصاره ومن حقه فعل ذلك، غير أن الخطل والخلل ليس هنا، أي: ليس في مشروعية أو عدم مشروعية الفعل بحد ذاته، بل في نوعية هذا الاستخدام، وفي النماذج المنجزة والباعثة على الأسف والشعور بالخجل التي قدمها هؤلاء والتي لا تمت للفن بأية صلة اللهم إلا من حيث كونها عرضت على شاشات التلفزيون.
الكاميرة الخفية العراقية وجدناها في برنامجين للقناتين متقدمتي الذكر : الأول هو برنامج " خل ن بوكه " على " البغدادية" وهو برنامج ثقيل الدم وسطحي ولا يتلائم مع طبيعة المجتمع والشخصية العراقيتين، ونسخة باهتة ومشوهة عن برنامج مصري مشابهة في ثقل دمه وبلادته الفنية عرض خلال شهر رمضان من العام الفائت ويدعى " حيلهم بينهم ". وقد سبب هذا البرنامج بنسخته العراقية الشوهاء حرجا وضيقا للعديد من الفنانين والمبدعين العراقيين الذي راحوا ضحيته والخلاصة فهو برنامج لا علاقة له لا بالإضحاك ولا بالإبكاء بل يقوم على استفزاز الضيف وكيل الاتهامات له بلغة غير مهذبة إطلاقا، أما الجائزة التي ينتظرها مقدم البرنامج الشبيه بشرطي فاقد الذاكرة وزميلته التي لا محل لها من الإعراب تقريبا، هي رد الفعل العصبي من الضيف وانفجار غضبه العام! والواقع، فلو نفذ هذا البرنامج في دولة أخرى تحترم نفسها وتحترم حقوق الناس وخاصة المبدعين لكان مقدماه ومعده ومنتجه عرضة للمقاضاة من قبل الضحايا.
البرنامج الثاني في هذا الباب يحمل اسم " القفاصة " والذي قدم عدة حلقات ناجحة قد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، وتدل على النباهة والطرافة، ولكن أغلب حلقاته كانت ثقيلة الدم ومبعث للإحراج والغم ومع ذلك فلم ينحدر هذا البرنامج إلى مستوى شقيقه " خل ن بوكة "ولكنه بقي بلا لون أو طعم أو رائحة في أغلب حلقاته.
المسلسلات الدرامية جاءت هذا الموسم في مستوى جيد عموما، ويمكن التوقف عند ثلاثة مسلسلات : الأول هو "هدوء نسبي" الذي كتبه الروائي السوري خالد خليفه وأخرجه المخرج التونسي الكبير شوقي الماجري وموضوعه عن عراق ما بعد الاحتلال وشاركت فيه نخبة مهمة من الممثلين العراقيين والعرب وهذا العمل يستحق وقفة أخرى مسهبة وأكثر هدوءا وتخصصا نأمل أن نقوم بها في قدم الأيام.
المسلسل الثاني هو " الساعة لثانية بعد الظهر " وهو مسلسل قائم على قصة بوليسية كتبها بالفصحى الكاتب العراقي الراحل معاذ يوسف باللغة العربية الفصحى وعرقها الممثل والمخرج العراقي الكبير حسن حسني وقامت بأدوارها نخبة من الممثلين العراقيين والسوريين من بينهم العملاق سامي قفطان وسهى سالم وسليمة خضير ومحمد هاشم وخليل إبراهيم والحسناء السورية إمارات رزق ومن سوريا أيضا عدنان أبو شامات وإيمان عبد العزيز. وكان هذا العمل وبشكل عام محافظا على سوية فنية وتقنية جيدة ورؤية إخراجية مكتملة رغم بعض الهنات الصغيرة والإطالة غير المبررة لبعض المشاهد أو ضغط بعضها الآخر واختصارها الشديد وغير المبرر أيضا.
العمل الأخير الذي نتوقف عنده هو مسلسل " دار دور " الذي ألفه وأخرجه الفنان العراقي المبدع قاسم الملاك. والواقع فقد كان هذا العمل، رغم النقد الحقيقي الذي تضمنه ووجهه للعديد من الظواهر في عراق اليوم وبعده عن ما سميناه التهريج المليشياوي، مخيبا للآمال من الناحية الفنية والسردية . فقد أخفق الملاك، مع إقرارنا بأنه ممثل كبير، في تقديم قصة وسيناريو مقنعين. فالقصة مفككة، وفيها أحداث مفتعلة أو حشوية كثيرة، وهناك فراغات درامية عديدة يشعر فيها المشاهد وكأن الممثلين ليس لديهم ما يقولونه أو يمثلونه. أما بخصوص الحوار فقد جاء أقرب إلى الحوارات المسرحية، وربما جاء هذا بسبب كون الملاك ممثلا أو كاتبا مسرحيا قديما أيضا، فقد كانت الحوارات طويلة النصوص، وفيها ميل واضح وممل إلى المناجاة والبوح والنواح والخطابات الإنشائية ومخاطبة المشاهدين. إضافة إلى كثرة المونولوجات " الحوارات الداخلية " حتى حين لا يكون ثمة داع درامي لها، وغابت الحوارات المميزة للدراما لتلفزيونية والتي تمتاز بالرشاقة والحيوية والواقعية الشديدة إلا ما ندر. ولعل من المهم الإشارة إلى ان الإيقاع العام لهذا المسلسل كان بطيئا، بل وبطيئا جدا، حتى أنه ليذكرنا بأعمال تلفزيونية عراقية من السبعينات .وأغتنم المناسبة لتأييد ما سبقني إليه زميل ناقد آخر حول ما كتبه الفنان قاسم الملاك في هذا المسلسل، ولكني لن أشاطره مناشدته له بالتوقف عن كتابة النصوص الدراما التلفزيونية والاكتفاء بالتمثيل، بل أقترح عليه أن يراجع ما كتبه ويتأنى في اختيار مواضيعه ومفاصل مواضيعه، ويفصل ما أمكنه ذلك بين تجربته المسرحية والدرامية التلفزيونية.
ملاحظة أخير حول هذا العمل بصدد استخدام مجموعة من الأقزام في هذا العمل فقد جاء إشراكهم في هذا العمل بشكل معقول وبعيدا عن الاستخدام الشائع وغير اللائق والذي يراد به الإضحاك والسخرية من هيئات وحركات وطريقة كلام ذوي الحاجات الخاصة، وليس بقصد إدراجهم في السياق الدرامي الطبيعي وفي الهيئة المجتمعية بهدف أنسنة النظرة إليهم بغية إدماجهم اجتماعيا. ومع ذلك فإن جهدا حقيقيا مطلوبٌ بذله على هذا الصعيد للتخلص مما علق بالذاكرة من استعمالات قديمة سلبية في هذا الصدد. علما بأن هذه الطريقة الإنسانية أو النظرة الساعية لاندماجهم الاجتماعي هي التي روجت ودعت لها مؤخرا المنظمات الدولية المختصة بذوي الحاجات الخاصة و كان أحد الأعمال الدرامية المصرية قد أخذ بها أيضا منذ العام الماضي حين قدم عددا من "المتوحدين وذوي الإعاقات الذهنية والجسدية " بأدوار عادية جدا لا بقصد الإضحاك التهريجي والخادش لإنسانية هؤلاء الناس.
وأخيرا، فقد هوجمت بعض هذه البرامج والقنوات التي تقدمها والتي تعرضنا لها بالنقد لأسباب لا علاقة لها بالفن والمعايير الأدبية بل بالتكفير الديني من قبل دعاة الظلام والطائفية وعلينا هنا ان نبدي تضامننا غير المشروط مع جميع الأعمال الفنية التي قدمت، ومع مقدميها ضد التكفيريين و دعواتهم المعادية للحياة والممجدة للموت فلا مكان للقمع الفكري التكفيري أو غير التكفيري، وليكن الفكر هو السلاح الوحيد المشروع للرد على الفكر، والقلم هو السلاح الوحيد المشروع للرد على القلم.
[email protected]



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأعمال التلفزيونية العراقية الرمضانية بين النقد و-النق-:خلط ...
- علاوي ينضم إلى الائتلاف الشيعي : وأخيراً، انضم المتعوس إلى ا ...
- الحادثة الطائفية المزعومة في جامعة تكريت حول الشاعر حسب الشي ...
- ج2/ البيان الانقلابي لثلاثي دوكان : اللعب بدماء العراقيين لأ ...
- بيان ثلاثي دوكان خطوة حمقاء لإنقاذ المحاصصة الطائفية المحتضر ...
- خيار المحكمة الجنائية الدولية : آن الأوان لتدويل قضية دجلة و ...
- آن الأوان لتدويل قضية دجلة والفرات وإلا فليتحمل أقطاب حكم ال ...
- ردا على البلطجة التركية والإيرانية : آن الأوان لتدويل قضية د ...
- تخبطات حكومة المالكي ورد الفعل السوري المذعور عليها: شتائم ر ...
- القنوات الفضائية -المرائية - وإذلال الفقراء باسم التبرعات ال ...
- سؤال استفزازي موجه إلى السياسي الطائفي أيا كان: ما الفرق إذن ...
- دجلة والفرات: مرونة تركية لفظية وعدوانية إيرانية
- بعيدا عن فحيح الإعلام الطائفي - السني والشيعي-.. دعونا نفهم ...
- قضية الصحفي أحمد عبد الحسين و الفرق بين تقاليد التضامن النقد ...
- تفاصيل خطيرة عن السد التركي العملاق - أليسو - ومخاطره المدمر ...
- تفاصيل خطيرة عن السد التركي العملاق - أليسو - ومخاطره المدمر ...
- تفجير سامراء / قراءة في السياق السياسي للجريمة !
- دماء المدنيين الأبرياء في رقاب رجال الدين شيعةً وسُنة
- مقاربة المدنس لفهم المقدس في أقدم مهنة في التاريخ
- محاكمة صدام بين مأزقين ...فهل تخرجها استقالة القاضي رزكار من ...


المزيد.....




- قهوة مجانية على رصيف الحمراء.. لبنانيون نازحون يجتمعون في بي ...
- يشبهونني -بويل سميث-.. ما حقيقة دخول نجم الزمالك المصري عالم ...
- المسألة الشرقية والغارة على العالم الإسلامي
- التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة إنسانية
- التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة انسانية
- دار الكتب والوثائق تستذكر المُلهمة (سماء الأمير) في معرضٍ لل ...
- قسم الإعلام التطبيقي بكليات التقنية العليا الإماراتية والمدر ...
- نص من ديوان (ياعادل) تحت الطبع للشاعر( عادل جلال) مصر.
- إخترنا لك :نص (شكرا لطوق الياسمين )حسن فوزى.مصر.
- رحيل الممثلة البريطانية ماغي سميث عن 89 عاماً


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء اللامي - الجزء 2/ خلطة من الفكاهة البريئة والتهريج والإسفاف المليشياوي والنقد الحقيقي