أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أمنية طلعت - كم احببت الاسلام في تركيا















المزيد.....

كم احببت الاسلام في تركيا


أمنية طلعت

الحوار المتمدن-العدد: 2785 - 2009 / 9 / 30 - 12:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما اعتلى طيب رجب أردوغان سدة الحكم في تركيا، قلت على الدولة العلمانية هناك السلام وترحمت على قيم أتاتورك التي استطاعت أن تصنع من دولة 99% من سكانها مسلمين نموذجاً متميزا في العالم كله. لم أغير اعتقادي هذا رغم كل الأخبار التي أتابعها عن تركيا إلى أن حققت إحدى أهدافي السياحية وقمت بزيارتي الأولى إلى تلك الدولة والتي لن تكون الأخيرة إنشاء الله.
أمضيت أسبوعاً هناك متنقلة بين إسطنبول وبورصة وكابادوكيا، وفي الحقيقة لن أتحدث عن المناطق السياحية والتارخية والآثار المتبقية من كثير من الحضارات والثقافات التي مرت على تلك الدولة، بل سأتحدث عن الإسلام هناك.
تشبه اسطنبول إلى حد كبير القاهرة، وتحديداً شارع الأزهر والحسين ومنطقة وسط البلد والعتبة والموسكي ووكالة البلح، وإن كانوا أنظف منا وأكثر رقياً، لكنني بكيت أكثر من مرة وأن أمشي في منطقة "بيازيت" و "لالالي" و " أكسراي" فلقد كنت أتنسم رائحة القاهرة في تلك الشوارع وأرى وجوهنا في كل الوجوه التي تخطو حولي وأشعر بدفئ شوارعنا بينما لا يراودني أي إحساس بالغربة، فتلك المرأة القادمة من بعيد تشبه أمي وهذه السيدة التي تسير جواري متأنقة في بساطة بينما شعرها الناعم يداعب وجهها تشبه أختي، أما هذه القادمة من بعيد ترتدي حجاباً بسيطاً غير متكلف ولا تلون وجهها بالأصباغ فاقعة اللون تشبه ابنة خالي، وهذا الرجل الأصلع الذي أبدى استعدادا مرحباً بالتقاط صورة لي يشبه خالي ...كلهم من حولي يذكرونني بعائلتي ، بينما مجموعات الأصدقاء على المقاهي تذكرني بأصدقائي في القاهرة حيث نجتمع على مقاهي وسط البلد لنتجادل ونتناقش وتعلو أصواتنا بصخب محبب..... إسطنبول ما أروعك فأنت برهان جديد على أن مصر احتوت الكون كله داخلها..... ولكن !
كل ما سبق يذكرني بالقاهرة في التسعينات أما القاهرة في ألفيتها الثانية تختلف كثيراً .. أعترف بأنني غادرت مصر في عام 2001، حيث تصدمني التغيرات السريعة كلما أعود إليها كل عام، فلقد ابتعدنا كثيراً عن صفاتنا الجميلة وأصبحنا مثلاً فجاً للجهامة والتعصب، بل والسفالة أيضاً. أما اسطنبول فهي مازالت بلداً اسلامية تعبر بقوة عن دينها السمح الهادئ الرهيف والذي يحب الجميع بلا تمييز، ففي الشارع تحيط بك النساء المحجبات والنساء العاديات، يسير جوارك الرجال الذين يرتدون الملابس الحديثة وهؤلاء الذين يتمسكون بملابسهم التقليدية حيث الطاقية والبنطال ذو الحجر الواسع والقميص الأبيض، الكل يسير متجاوراً بدون أن يعلق أحد على الآخر بتعليق سخيف، ولا تتعرض النساء العاديات " بدون حجاب" لأي نوع من الاستهجان أو سماع التعليقات السخيفة بل وقليلة الحياء والأدب من المتنطعين الذين ينصبون من أنفسهم حماة للفضيلة في الشارع ولا يجدون ما يفعلونه سوى شم الكلة ومضايقة النساء!
في سوق "جراند بزار" أكبر أول سوق مغطى في العالم، والذي تم بناء سوق الحميدية في دمشق وسوق خان الخليلي في مصر على غراره، يحتشد البشر من جميع الجنسيات لشراء الأنتيكات التركية والأشغال اليدوية المميزة تماما مثلما يحدث في خان الخليلي، ولكن الفرق الوحيد هو أن جميع الباعة يقفون على أبواب محلاتهم يرحبون بك سواء توقفت للشراء أم لم تتوقف، لا يمكن أن تسمع من أي منهم سوى مرحباً أو صباح الخير بينما يدعونك إلى زيارة متجرهم والتعرف على بضاعتهم. هذا ما كان يحدث في السابق لدينا بخان الخليلي لكن الآن تغير الوضع، فطبيعي جداً أن تسمع من أصحاب المحلات كلمات فاحشة بالعربية معتقدين أنكِ أجنبية طالما لا تغطين شعرك، ولا أدري لماذا لا يضعون في حسبانهم مثلاً مع ملامحك المصرية الصريحة أنك قد تكونين مسيحية، طبيعي أيضاً أن تبصرين إشارات بأصابعهم لا تعني سوى الفحش والقذارة أيضاً، ظانين أن تلك الاشارات مصرية صرفة ولن تفهمها الأجنبيات.
إضافة إلى الجراند بزار، هناك الساحة التي تتوسط الجامع الأزرق "مسجد السلطان أحمد" و متحف آيا صوفيا الذي كان كنيسة وحوله العثمانيون إلى جامع ثم حوله أتاتورك إلى متحف، طبيعي جداً أن تجد أيقونات السيد المسيح والعذراء والصلبان تباع مجاورة صور المساجد ولوحات الآيات القرآنية، رغم أن نسبة المسيحيين في تركيا لا تتخطى 1% ، وذلك في تناغم واضح لا يبعث داخلك سوى البهجة والشعور بالراحة والاحساس بالجمال يعم الأجواء من حولك. أما لدينا في مصر ورغم أن نسبة المسيحيين تصل إلى 10% وربما تزيد لا يمكن أن ترى تلك الأيقونات والصلبان تباع إلا أمام الكنيسة المعلقة وماري جرجس على استحياء شديد، إضافة إلى بعض المكتبات المسيحية النادرة في وسط البلد والتي تعرض بضاعتها بحذر وكأنها تبيع ممنوعات.
في جامع السلطان بيازيت والذي أعتقد أنه من الداخل أكثر جمالاً مقارنة بجامع السلطان أحمد، حيث عشقت الصلاة داخله، طبيعي أن ترى نساء عاديات "بدون حجاب" يحتشدن في منطقة الميضأة ويتوضأن جوار الرجال، وربما يكون هذا ما دفعني إلى أن أسرع وأجلس على أحد المقاعد الرخامية التي تحيط بالميضأة وأشمر عن أكمامي وأنظر إلى السماء وأقول بعشق "بسم الله الرحمن الرحيم نويت الوضوء" وبالفعل توضأت يجاورني طفل وأبيه فنظرت إليهما وابتسمت قائلة "السلام عليكم ..أنا مسلمة من مصر"، فابتسم الوالد قائلاً " مرحباً بك في اسطنبول" ...دخلت إلى المسجد بعد أن خلعت عني حذائي وسحبت أحد أغطية الرأس المعلقة إلى جانب الباب، ثم ولجت إلى صحن الجامع متجهة نحو القبلة المنيرة ورفعت صوتي قائلة بينما دموعي تتسابق على خدي " الله أكبر". أعترف أنني لأول مرة منذ زمن بعيد أعلن بفخر شديد أنني مسلمة ودون أن يسألني أحد، وأعترف أيضاً أنني كنت راغبة في أن أجري في الشوارع وأنا أصرخ " أنا مسلمة، أنا مسلمة، أنا مسلمة".
بقى شيئ واحد أحب أن أشير إليه، ألا وهو أن شوارع اسطنبول تعج بعناصر الشرطة التي هي في خدمة الشعب فعلاً، موجودة على مدار الساعة يضبطون الأمن في الشارع ويمنعون الشغب، وكل هذا دون أن يلحظهم أحد حيث لا يتسببون في إزعاج المارة ولا يصنعون من أنفسهم بلطجية شوارع ويفرضون إتاوات على الناس ....هم ينتشرون فقط من أجل تحقيق الأمن وضبط النظام في الشوارع...... فتحياتي إلى إسطنبول وإلى تركيا كلها وإلى طيب رجب أردوغان الذي عرفت من الأتراك هناك أنه ربما ينتهج فكر الاسلام السياسي لكنه يطبقه ضمن القيم العلمانية التي أقرها أتاتورك، بل إنه يؤمن بالقومية التركية ومتعصب لها كثيراً.



#أمنية_طلعت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لم يصبها الدور
- خلعت كل شيئ واختفت
- أسمهان و سلاف: معزوفة نسائية مبهرة
- تسيبي ليفني في التوراة
- علي كل لون يا فتوي.. والمرأة هي الخاسر الأكبر
- نساء الدرك الأسفل وإشاعة تمكين المرأة
- بطولات نسائية في بكين ..والعربيات في خدور الحريم
- النقاب فضل وليس فرض!
- إسلامهم أم إسلامنا؟ رفض تجريم الختان ورفع سن الزواج في قانون ...
- من يمتلك جسد النساء؟
- الفاعل والمفعول به ... إنتقالا من علم النحو إلى النشاط الجنس ...
- من ذات الهمة إلى إسراء عبد الفتاح ...المرأة العربية تُبعَث م ...
- ثقافة الحور العين والخطاب الذكوري المفروض حتى على الجنة
- الحجاب حرية شخصية...... وماذا عن السفور؟
- مع الله أم ضده؟ ...مجتمع الفضيلة العربي يحرم الزنا ويعادي ال ...
- الفتاة العربية في دبي... مرفهة اقتصاديا لكنها عانس
- لماذا يعبر الرجل العربي عن الهزيمة السياسية بالفعل الجنسي مع ...
- هل كان رمضان السبب في ترهل مصراوية؟ أم أن السيناريو مترهل من ...
- الحجاب........كلاكيت مليون مرة
- يا نساء العالم العربي اتحدن...جداتنا الأوائل لم يقرن في البي ...


المزيد.....




- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة ...
- “فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور ...
- المقاومة الإسلامية تواصل ضرب تجمعات العدو ومستوطناته
- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أمنية طلعت - كم احببت الاسلام في تركيا