|
السلفيةالارثوذوكسية
محمد عبد الفتاح السرورى
الحوار المتمدن-العدد: 2783 - 2009 / 9 / 28 - 12:04
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هب أن هناك شخصاً قابل شخصاً أخر وقال له معلومة ثم قابلة مرة أخرى وذكر له نفس المعلومة ثم قابله مرة ثالثة فإذا به يذكر نفس المعلومة فما هو الوصف الذي يمكن لنا ان نصف به سلوكه وعقلية هذا الشخص؟!
لم أضرب هذا المثل اعتباطا بل انني استطيع أن أؤكد انه مثال حقيقي وواقعي ... وتفضيلا لما نقول ... نقول.
هناك كم من المشكلات في المجتمع المصري أصبحت في غنى عن الرصد من شدة بيانها ووضوح معالمها وأثارها وهنالك من القضايا ما اشبع قولا وتحليلا والامر لم يتوقف على هذا الحد بل ان هذه المشكلات في مجملها لم تعد عصية على الحل بل على العكس ان لها حلول مطروحة ومنذ أمد بعيد والسؤال ما هي المشكلة إذن؟! المشكلة تكمن تحديداً في هذه السلطة الغائبة عن الوعي الاجتماعي والنفسي لهذا المجتمع المشكلة في هذه السلطة المتمرسه خلف مقاريس (النص) وحصوله أقوال الفقهاء ... المشكلة في حاله الغيبوبة الحياتية التي يحياها رجال الدين في مصر .......
لقد جف حلق جميع المشتغلين بالعمل الاجتماعي والقانوني في مصر من المطالبة بوضع حدود لحالة المعاناه التي يعانيها من الاقباط في مصر ونقصد بهذه المعاناه هي ما يعانون منه من المطالبة بحق الانفصال الزوجي إذا استحالة العشرة بينهما ورغم ان هذا الموضوع قد قتل بحثا من جميع جوانبه الاجتماعية والانسانية الا ان موقف الكنيسة الرافض لمنح حق الانفصال الا تعلن الزنا أو تغيير الديانة موقف لم يتغير وذلك على الرغم من ان المطالبين بمنحهم هذا الحق ليسوا من خصوم الدين ولا من اعداء المسيحيه ولا من كارهي الكنيسية بل هم اناس عاديين يدينون بالمسيحية ولهم من المشكلات ومن النوازع الانسانية ما يرى على البشرية جمعاء .... فالحب والكراهية واستحاله المعاشرة امروارد ولا شأن للدين به من قريب او من بعيد بل هو امر انساني بحث ان يعالج انسانيا وواقعيا نفسيا واجتماعيا ودينيا ايضا فإذا ما أصر كل طرف على رايه واتضح لهم وللجميع صعوبة الاستمرار بينهما كان الاحق ليهم احتراما لانسانيتهم ان يكون لهم حق الاختيار في استكمال بقية حياتهم دون عناء ودون حب ومعاشرة مصطنعة.
ان امتناع الكنيسة الأرثوذوكسية في مصر عن منح حق التطليق للزوجين بعد جورا على حقوق الانسان من حيث المبدأ لانه من حق كل انسان بداهه الا يفرض عليه من يمنع حقه في اختيار نوعية حياته .... اما الحجج التي تسوفها الكنيسة في مصر والادعاءات التي يدعيها انصارها في موقفها فهي حجج مردوده عليهم جميعاً.
نذكر هناك المثال الذي ذكرناه في أول حديثنا عن التكرار من ذكر وتبيان ذلك ما يلي.
أولاً:- تتحجج الكنيسة الأرثوذوكسية في مصر بأن الاناجيل الاربعة المعترف بها كنسيا في مصر لا تعطي حق الطلاق الا لعل الزنى وهو قول ان دل على شئ انما يدل على ان الامراض الفقهية التي تعاني منها الكنيسة القبطية هي نفس الامراض التي تعاني منها العقلية الاسلامية فالوقوف عند ظاهر النص وعدم التزخزح عنه يبدو هنا واضح العيان ولا يحتاج لتبيان وذلك على الرغم من مفارقة هذا النص للواقع ..... فقد يفرض الواقع حل الانفصال دون توافر شرط وقوع الزنا من احد الزوجين ... واستميح الكنيسة عذرا هنا ان تسمح لي ان اطرح فرصنية لجوء احد الزوجين الي هذا الحل كمخرج وصيد له من حالة زواج لا يبغى استمرارة.
ويتجلى المأساه في اشد صورها اذا اكتشف أحد الزوجين زنى الطرف الاخر دون أنيستطيع ان يثبت وقوع هذا الفصل قانونا ليكون له حجة على الكنيسة لكي يغطى له حق التطليق مما هو رأي الكنيسة في هذا الوضع المشين خاصة واذا كان الطرف الزاني هي الزوجة... الا يعد هذا امتهانا لكرامة الزوج الذي لا يستطيع تطليق زوجته الزانية لان كم يستطيع اثبات زناها في الحال ..... والعكس ماذا لو اكتشفت الزوجة زنى زوجها دون ان تستطيع اثباته ..... كيف تستمر الحياه بينهما .... ترضى الكنيسة عن هذا الوضع؟!!!
ثانيا:- ما يغيب عن فكر وعقليه الكنيسة القبطية في مصر انه لا يوجد زواج مسيحي يمكن ان يتم خارج اسوارها بمعنى انه لا يوجد زواج مدني بعقد دون ان يمر على الطقوس الكنيسية وهذا يعني ان المسيحين في مصر لا يملكون خيارا أخر نوعية الزواج بمعنى اوضح إذا كانت حجة الكنيسة ان ما جمعه الله لا يفرق انسان وذلك لان الجمع هنا يتم بسر من اسرار الكنيسة في اثناء عقد الزواج داخلها .... فليكن ذلك لمن اراد من المسيحيين على أن يكون لغيرهم الحق في عقد زواجهم بنوعية مختلفة من العقوج القانونية خارج اسوار الكنيسة حتى يستنى لهم ان يفترقا اذا اتضح لها استحالة دوام العشرة بينهما على ان تقر الكنيسة هذا النوع من الزواج المدني المتحضر.
إن الزواج حق من حقوق الانسان والطلاق ايضا حق من حقوق الانسان (من حيث المبدأ) ولكن دائما ما نحد ان رجال الدين ومؤسساته تقف حائلا بين الانسان وبين ممارسة حقوق الفطرية والانسانية فإذا ما ساق المستنيرون الحجج والوقائع المعاشة التي تبرهن على صحة رأيهم لا نجد من رجال الدين ومن مؤسساته (أو لنقل مؤسساتهم) لا نجد منهم الا كل عنت وعناد ... ومتسلحين بهذا بنصوص ثابته لا تتغير ضد واقع متحرك لا يتوقف عن التغيير .... وعن طرح مستجدات تختلف في معطياتها عن ظروف ونشاة النص المتحجج به من جهة رجال الدين.
إن الحديث عن أفقية (الانسان) المسيحي في ان يكون له حق الانفصال والتطليق ليس حديثا دينيا بل هو حديث انساني في المقام الاول والاخير وعندما تتفكك اسرة فهي لا تفكك الا اذا كنت لها القابلية للتفكيك بالفعل ويصبح هنا حق الطلاق ترسيخ لواقع حادث بالفعل دون ان يكون هذا الحق في حد ذاته هو العامل الوحيد لانفصام عرى الاسرة هذا غير انه قد تتفكك اسرة لتتكون اسرة جديدة ناجحة.
الموضوع لا يخص فقط مشكلة الطلاق عند المسيحين بقدر ما يخص مشكلة النسق العام الذي نعيش جميعاً في ظله واقع لا يؤمن بمقتضيات الواقع على الاطلاق يطرح فكرا وفقها سنفعل تماما عن حياه الناس بل انه احيانا ما يكون هو السبب في مشكلات المجتمع بما يسوقه من آلية في التعامل مع الواقع تجعل من أي محاولة من محاولات طرح الحلول تعد ما خروجا عن الكنيسة أو مروقا من الدين أو بديعة أو هرطقة أو أي معنى من المعاني التي نعرف جميعا معانيها ...
أن العذاب الذي تعاني منه كثير من الاسر المسيحية في مصر مرجعة يعود الي نفس العقلية السلفية التي تحكم وتتحكم في مجمل حياتنا وبما ان المسيحيون في مصر يعيشون في ظل هذه المنظومة السلفية مما كان منهم هم ايضا الا جاؤا بسلفيتهم لتواجه سلفيه أخرى هي اشد منها وظأة وظلما وظلاماً.
في مصر الان سلفية أرثوذوكسية
في مصر الان كهنوت إسلامي
في مصر الان غياب كامل عن الواقع وعودة تامة الي الماضي اما المستقبل فاننا سنة وارثوذوكسي نستعيج بالله منه ..... هذا إذا كانت فكره المستقبل اساسا مطروحه .... إذا وإنا لا اعتقد ان علم المستقبليات من العلوم ذات الصلة بحياتنا.
لقد تعجبت كل العجب من المداخله التي قالها الاستاذ نجيب جبرائيل مستشار الكنيسية في معد على قناة الجزيرة عندما ذكر معترضا على احد الافلام المعروضة حاليا بان الفيلم وكأنه يريد ان تقوم ثورة لطالبي الطلاق من النساء في الاقباط ..... يا سيدي الفاضل الذين يقومون بالثورات هم المظلومون والمقهورين فهل ترى سيادتك ان طالبي الطلاق يعدون من المظلومين وإذا كنت ترى ذلك ... فما هو معنى كلامك على قناة الجزيرة ..... للامانه انا لم اشاهد الفيلم حتى الان ولكني اشاهد معاناه المجتمع في كل ان وارى واسمع انين المظلومين في كل حين عندما يجئ الظلم من اهل الظلم المعتادون فلاعجب في ذلك لان هذا ما اعتادت عليه الشعوب وألفته ولكن عندما ياتي الظلم من رجال ومن المؤسسات الدينية فاس عذاب هو....
يملأون الدنيا صراخا دفاعاً عن المظلومين وهم أول الظالمين.
يدعون الدفاع عن الانسان وهم وأول من يقف ضد حقوق الانسان
محمد عبد الفتاح السرورى
#محمد_عبد_الفتاح_السرورى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرية فى الاسر
-
حول كتاب برهان غليون- محنة العقل العربى
-
عرض رواية مزرعة الحيوانات
-
نقد فكر النقل
-
الاسلام و الحداثة
-
المخيال العربي في الاحاديث المنسوبة الي الرسول
-
النقيضان
-
هذا ردنا - الرد على الدكتور محمد عمارة
-
البدونة
-
العقلية المنبرية
-
مدارس الصراخ السياسى
-
نحو إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة/ ميراث المرأة..... بي
...
-
نحو إلغاء (كافة) و(كل) و (جميع) أشكال التمييز ضد المرأة/استل
...
-
حتى (بول المرأة) سامحكم الله
المزيد.....
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|