|
خيارت ميتشل وادرته !
كاظم محمد
الحوار المتمدن-العدد: 2777 - 2009 / 9 / 22 - 08:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد ان حاولت ادارة الرئيس اوباما ولا تزال ، ان تثني اسرائيل عن التوسع الشرس بالاستيطان مقابل مغريات التطبيع العربي معها ، فشلت وفشل معها لحد الان مبعوثها الخاص (ميتشل) في اقناع رئيس الوزراء الاسرائيلي بالمطالبة الامريكية والاوربية في التوقف عن البدء بمشاريع استيطانية جديدة ، وفسح المجال امام المفاوضات المقبلة مع قيادة السلطة الفلسطينية لتحريك ما يسمى (عملية السلام) على اساس حل الدولتين الاميبي ، الذي طبلت له ادارة بوش بعد مؤتمر انابوليس ، وترفع شعاره اليوم ادارة اوباما كتوجه ضمن النهج الجديد لها ، في ايجاد تسوية مقبولة للقضية الفلسطينية . فما هي خطواتها المقبلة في فرض ارادتها ، بوقف الاستيطان والبدأ في مفاوضات جدية تتناول قضايا الوضع النهائي ، وماهي الخيارات المتاحة امام اوباما ، الرئيس الذي يريد ترميم نتائج وتبعات سياسات سلفه في المنطقة .
كان زخم الفوز الذي حققه اوباما بشعاراته وخاصة بعد حروب بوش واحتلال افغانستان العراق ، وطبيعة المازق السياسي والاقتصادي الذي وجدت امريكا نفسها فيه ، قد رفع من اسهم الامال التي علقها الكثيرين على ادارة اوباما في حل مشاكل العالم وانقاذ امريكا من مازقها ، وكعادة النظام الرسمي العربي ومعه عشاق المفاوضات الماراثاونية في السلطة الفلسطينية ، كان ولا يزال اتكالهم على الادارات الامريكية في الحصول على بعض (التنازلات الاسرائيلية) ، لتمشية امور التفاوض ومحاولة الوصول لحلول تنهي الصداع المزمن الذي سببته قضية الشعب الفلسطيني لقادة هذا النظام . فرغم التنازلات الكبيرة التي قدمها هذا النظام الرسمي العربي ، العلنية منها والسرية ، واستعداده للذهاب الى اقصى الحدود مع توجهات الادارة الامريكية ، ورغم نسيج العلاقات والتفاهمات التي اقامتها بعض الانظمة مع الكيان الاسرائيلي ، وتحول السلطة الفلسطينية ومؤسساتها الامنية والمخابراتية الى اداة لحماية امن اسرائيل ومستوطنيها ، عبر مطاردة ومكافحة خلايا المقاومة المسلحة واعتقال وقتل عناصرها وكوادرها ،وضرب البنى التحتية لقوى المقاومة ، ووصول التنسيق الامني الى مستويات تبادل المعلومات حول (المخربين والارهابيين) من ابناء الشعب الفلسطيني ، فأن التعنت الاسرائيلي برفض حتى تجميد الاستيطان لأستئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني ، الذي لا زال متمسكا بموقفه بان لا مفاوضات قبل اعلان نتنياهو تجميد الاستيطان ، يؤشر الى دراية اسرائيلية ، بان حدود الضغط الامريكي عليها مرسوم بحدود طبيعة العلاقة الاستراتيجية بمكوناتها العسكرية والامنية والسياسية معها ، وبامكانيات التأثيرعلى القرار السياسي الامريكي التي تمتلكها داخل المؤسسات التشريعية والتنفيذية ، وبان يوم حسم المواقف ، هو يوم الاخراج االسياسي لصيغة ضبابية مطاطة ، تسمح بالنهاية لاسرائيل بالتحكم بسير المفاوضات وتحديد مفاصلها ومتطلباتها من العرب .
لذلك فان اقصى ما سيقدمه نتنياهو هو التجميد المؤقت لبناء المستوطنات في الضفة الغربية ، مقابل المطالبة بزيادة الضغط الامريكي على النظام الرسمي العربي لقبول التطبيع ، وتنشيط وتفعيل محور دول (الاعتدال العربي) زائدا اسرائيل في مواجهه (الخطر الايراني) ، وتغيير عنوان الصراع في المنطقة لصالح اسرائيل خاصة بعد فشل حروبها الاخيرة في لبنان وغزة في تحقيق اهدافها التكتيكية والاستراتيجية ، والتراجع الذي اصاب عموم المشروع الامريكي في الشرق الاوسط لهدف تحويله الى واحة تؤدي فيه الانظمة الموالية ودولها وظائف الخدمة المطلوبة للمصالح الاستعمارية والصهيونية ، والذي كان فيه للمقاومة العراقية واللبنانية والفلسطينية دورها الرئيسي في ايقافه وتصدعه . ان نتنياهو ، يحاول تغيير مسار التوجه الامريكي الجديد في التعامل مع ايران والقضية الفلسطينية من خلال الايقاع بالجميع في مصيدة الاستيطان ، مدعوما من بعض دوائر صناع القرار الامريكي ومن بقايا اليمين المحافظ في الادارة الجديدة واوساط الجمهوريين بشكل خاص في مجلسي الشيوخ والنواب ، الذين يدفعون ويدعون الى رفع (الضغط) المسلط على اسرائيل من قبل الرئيس الامريكي وادارته ، فهو إذ يحاول الاستفادة القصوى من الوضع المتخلخل عالميا وعربيا وفلسطينيا بقضم ما يمكن قضمه من الاراضي الفلسطينية وتهويد القدس بشكل كامل وتكريس حدود مستقبلية لدولة فلسطينية مسخ ، يحاول كسب الوقت لأفساح المجال لتفعيل التحرك المؤيد لاسرائيل داخل الادارة الامريكية وخارجها برفع (الضغط )عنها وتمييع المطلب الامريكي بوقف الاستيطان ، وتحويل الضغط الامريكي بالكامل على الجانب الفلسطيني والعربي في تجاوز مطلب ايقاف الاستيطان والاستعداد لتقديم تنازلات جوهرية تمس جوهر قضية الشعب االفلسطيني ، والدخول في مفاوضات بائسة تكرس هزالة واقع القوى المسيطرة على القرارالفلسطيني ، والمعروفة بمحدودية خياراتها وقدرتها وطبيعة وضعها الداخلي ، واعتمادها في بقائها على الدعم المالي واللوجستي الامريكي ، وتخليها الكامل عن خيار المقاومة الشعبية للاحتلال كبديل لفشل الحل السياسي الذي تتبناه . وربما يكون تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية بي جي كراولي بأن وقف الاستيطان ليس شرطا لأستئناف المفاوضات ، اولى مؤشرات التراجع الامريكي عن طلب وقف الاستيطان . وكذلك موافقة رئيس السلطة الفلسطينية على اللقاء بنتنياهو مع الرئيس الامريكي في نيويورك يوم الثلاثاء 22/9 على هامش انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة ، من ثمار الضغط الذي بدأت ادارة اوباما ممارسته على الحلقة الاضعف في المعادلة القائمة ، رغم محاولة صائب عريقات مسؤول ملف المفاوضات ، اسغباء العقل الفلسطيني والعربي بتصريحه بان اللقاء هو تلبية لدعوة الرئيس الامريكي ، ولا يعني استئناف المفاوضات مع اسرائيل .
وعليه فان الحديث عن ارادة وخيارات امريكية جديدة تجبر اسرائيل على الانصياع وتصب في صالح العرب ، يرتبط بشكل اساسي بارادة الطرف العربي في اجبارميتشل وادارته والرئيس اوباما ، على النظر في خيارات جديدة ، يدفع بها الجانب العربي بقوة الى طاولة التداول السياسي والتبني الامريكي لها بمساعدة وتشجيع الفلسطينين على اعلان دولة فلسطين بحدود 1967 من جانب واحد ، والدفع برفع الحصانة السياسية والدبلوماسية عن اسرائيل في مجلس الامن ، والاصرار على ان ياخذ التقرير الاممي الاخير حول حرب غزة طريقه القانوني في معاقبة مجرمي الحرب الاسرائيليين ، والطلب بتدويل القضية الفلسطينية . انها الخيارات التي من الصعب على الادارة الامريكية النظر فيها وهي مخيرة ومطمئنة بان الجانب العربي ، بانظمته الرسمية قد وضع كل بيضه في السلة الامريكية ، لذلك لا يمكن الركون لارادة امريكية صادقة في ايجاد حل عادل لقضية زاد عمرها عن الستين عاما ، وصدرت حولها مئات القرارات الدولية ولم ينفذ منها شيئ ، وبمساهمة امريكية لجميع الادارات السابقة في توفير الغطاء الدبلوماسي والسياسي والعسكري والاقتصادي لتمكن الكيان الاسرائيلي في حروبه واحتلاله للارض العربية وطرد سكانها . إلا بتغيير حقيقي في العقليات الحاكمة واستنهاض الحركة الجماهيرية واطرها التحررية الى جانب قوى المقاومة العربية في فرض الخيارات العادلة .
ان النظام الرسمي العربي وقوى الارتداد السياسي المتلبرن، التي لم تقرأ وتستوعب بعد طبيعة المتغيرات العالمية او ترفض الاستدلال بها ، بسبب مصالحها الانانية ، لازالت اسيرة لتأثيرات سياسة بوش وطغمته ، وهي إذ عملت على تسخيف وامتهان النضال الوطني والقومي منذ عقود ، فهي حرفت طبيعة الصراع واضرت بالقضايا الوطنية والقومية ، وخاصة القضية الفلسطينية ، وبمصالح وامال الناس الحياتية واليومية ، ولم تدرك بعد ان الغول الامريكي ينزف ، وهوغير قادر حتى على ادارة الازمات التي يصنعها لخدمة اغراضه السياسية ، في اشغال العرب بلبنان واثارة ازمة مفتعلة بين حكومة الاحتلال في بغداد وسورية ، فما بالك بشن حرب جديدة . فاذا كان اوباما شخصية اخلاقية ويرتدي قفازا من حرير ، فهو ابن هذا النظام الراسمالي ومؤسساته الذي لابد ان ينتصر لمصالحه ، وان ارادته و حدود خياراته ومبعوثيه ترتبط بهذه المصالح وتاثرها سلبا او ايجابا في منطقتنا .
#كاظم_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل تطالب حكوماتنا العربية بالتحقيق الدولي
-
الاعلام الغربي وحروب الابادة
-
محطة الحرب الاخيرة !
-
غزة والنظام الرسمي العربي
-
اليسار الوطني واقعه وافاقه !
-
موضوعة ازدواجية احتلال العراق مدخل لتشويش الرؤية الوطنية وضي
...
-
وقاحة ديمقراطي !
-
مظلة بوش السياسية!
-
اتفاق المبادئ والانتداب القادم !
-
الفراغ الرئاسي والأغتيال السياسي !
-
ما بعد المأساة ! يوشكا فيشر / وزير خارجية المانية السابق
-
لبنان وانابوليس
-
اقطاعيات العراق وكانتونات بغداد / ايها الوطنيون احذرو التقسي
...
-
الحوار غير المتكافئ
-
النكبة الشاملة
-
المتغيرات الدولية والسيادة الوطنية
-
البريق الروسي الجديد !
-
حصاد القمة !
-
! المؤتمر الدولي حول العراق ) حركة التفافية فاشلة )
-
لعبة القط والفأر .. ألى اين ؟
المزيد.....
-
ماكرون يقبل استقالة الحكومة الفرنسية ويدعوها لتصريف الأعمال
...
-
ماذا تعني المشاركة في مسابقة للجمال في الصومال؟
-
وزير خارجية جنوب إفريقيا: حل النزاع في أوكرانيا دون مشاركة ر
...
-
بوروشينكو: سلطات كييف لا تتخذ أي إجراءات لاستعادة توليد الطا
...
-
مقتل 3 أطفال سوريين في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان
-
الخارجية الأمريكية: لا أحد في أوروبا يهدد روسيا
-
روسيا.. ابتكار مصدر بديل للطاقة من القش
-
لماذا أقر جيش إسرائيل بالنقص بدباباته؟
-
رصد انفجارات للصواريخ الإسرائيلية الاعتراضية في أجواء الحدود
...
-
مصر.. إغلاق ضريح مسجد الحسين.. والأوقاف تنفي ارتباطه بذكرى ع
...
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|