صبري هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 2777 - 2009 / 9 / 22 - 00:56
المحور:
الادب والفن
إلى سنان انطوان
***
طائرٌ عطريّ ركّبَ للبرِّيَّةِ جناحين
وطارتْ
عند حافّاتِ الغيمِ ظلَّ فارسٌ سرابيٌّ
يُطاردُها كلّما كفَّ المطرُ عن المجيء
هذا زمنُ القرنفلةِ النادمةِ
هو حدّثني
ومِن فوقِنا كانت غيمةٌ عذراء
تتنهّدُ شبقاً
تتحسّرُ شوقاً
لا هُما غَيْمَتان في العَرَاء
في السّكونِ السماويّ المُطلَقِ
في الخَلاء
غَيْمَتان تباعَدَتا
تَقارَبَتا
تهامَسَتا
تعانَقَتا وقالَتا : لن نَهْطِلَ
وقالوا لن تَهْطِلا
وقالَ لي لا تَهْطِلان
أتيتَ سنان
تبتني قَصْراً للماضي
فوق رابيةٍ على تخومِ " تفّاحةِ الرّيحِ "
مِن أعمالِ نينوى العظمى وتأمرُ :
هاهنا اسكنْ أيُّها الماضي إلى الأبد
مِن فوقِنا غَيْمَتان تَرْقصان
تتباعدان
تتقاربان
تتلاحمان
وتبوحان أسراراً استوطنتِ التّرابَ
وعند ذروةِ البوحِ
في اللحظةِ الحرجةِ
تَشَجّرَ الغريبان على أرصفةِ التّيهِ
هنا واحدٌ ... شجرةٌ
هناك واحدٌ ... شجرةٌ أخرى
سوف يَهْمِسُ الزائرُ للزائرِ :
حين يُصبحان مزاراً
هما شجرتا الغريبين
ستقول الشّجرتان :
سندخلُ كتاباً للموروثِ الشّعبيّ
فلتدمعْ صفحةٌ في أرضِ السّوادِ
صفحةٌ مُحايدةٌ
تَشْهَد على أبناءٍ قضموا خبزَ الدّهشةِ
وتركوا صدرَ الخميلةِ مرعىً
لآفاتٍ تأتي على زهرةِ القلبِ
لم تبقِ لنا غيرَ أوحالٍ شرسةٍ فاجرةٍ
لم تبقِ لنا غيرَ طرقٍ حائرةٍ
لم تبقِ لنا سوى رفّةِ نورٍ في الجذورِ
هل بسقَ فوق ظهرِ النّدى برعمُ ؟
هل بَزَغَ مِن بين الحطامِ قمرُ ؟
هل بَرَقَتْ في النّشوةِ سماءُ ؟
بالقربِ مِن دوحةٍ تَخَلّت عن أطيارِها
حَطَطنا الرّحالَ
مِن هنا سنركبُ آخرَ الطرقاتِ المُغلقةِ
قالَ لي
ومِن حولِنا تتعرّى غيمتان
تنيرانِ وجهَ المدى الأزرق وتَسفّانِ
في عيونِ سماءٍ ناعسةٍ
تعبرانِ مثلَ غزالتين قادمتين نحو البرّيّةِ
مِن آخرِ الحقول
إلى أعماقِ البرّيّةِ مع آخرِ الوعول
19 ـ 09 ـ 2009 برلين
#صبري_هاشم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟